تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : معركة الاسلام مع أميركا لا مع روسيا وفرنسا



no saowt
09-14-2004, 05:15 AM
ناهض حتّر – عمان

اصبح الاسلام السياسي قوة دولية بلا ريب. وقوة الاسلام تشمل دائرة واسعة من البلدان والمهاجرين في كل انحاء العالم، الا ان قلب هذه القوة يظل عربيا. والاتجاهات الاسلامية الفاعلة المعتدلة والمحافظة والمتشددة و”الارهابية” كلها عربية في مصدرها ورموزها وديناميتها وقيادتها. وهذا ينطبق، بالدرجة الاولى، على الاسلام السني الغالبي، الا ان الصحوة الكفاحية المجيدة للاسلام الشيعي العراقي، متمثلة في حركة الصدر وحلفائها، سوف يكون لها آثار بعيدة المدى، تتمحور حول تعريب التشيع ايضا، وانتقال مركز الثقل الشيعي من قم والفرس الى النجف الاشرف والعرب.

وفي اطار العملية التحررية الشاملة التي يشهدها العراق، فان احدا لن يستطيع ان يمنع انتقال تأثير الوحدة الوطنية العراقية، الايجابي، على انبثاق عملية توحيد الاسلام.

وتتركز قوة الاسلام في عناصر اساسية كبرى:
الجغرافيا السياسية
النفط
الحيوية الايديولوجية
الانتشار
المهاجرين
الارهاب.

واجتماع هذه العناصر معا، ضروري لفهم كونية قوة الاسلام. لقد شهد العالم، ويشهد، حركات ارهابية عديدة، ولكن الارهاب الاسلامي، له جبروت عالمي بالنظر الى عالمية الاسلام، وحيويته وسيطرته على الاحتياطات النفطية الرئيسية المتاحة في العالم.

لا يوجد مفكر سياسي جاد، يدين الارهاب من حيث المبدأ او على اساس اخلاقي. الارهاب اداة سياسية. ويمكن الحكم عليها فقط من الناحية السياسية لا الاخلاقية. فلماذا يكون القصف الاميركي للمدن العراقية “عملا عسكريا”... بينما يكون تفجير بناية اميركية “ارهابا”. هذا السجال “الاخلاقي” كله لا معنى له. لقد اكتشفت قوة الاسلام الكونية، في الارهاب، قدرة متاحة لإحداث توازن الرعب مع الامبريالية الاميركية. والتركيز على لا اخلاقية الارهاب لا يعدو كونه خديعة للجم قوة الاسلام. المشكلة الكبرى هي في استخدام الارهاب في الاتجاه الخاطىء سياسيا، بحيث تختلط الاوراق، وتضيع الاستراتيجيا في معارك جانبية او حتى غبية. العدو الرئيسي لقوة الاسلام الكونية، هو الامبريالية الاميركية.

لماذا؟
(1) لأنها قوة كونية مضادة تسعى لمنع القوى الكونية الاخرى، كلها، من التبلور والنهوض.
(2) لأنها ذات مصلحة تكوينية في السيطرة على النفط الاسلامي سيطرة مباشرة استعمارية.
(3) لأنها ذات مصلحة في السيطرة على الجغرافيا السياسية الاسلامية. (4) لأن الايديولوجيا الاميركية ذات ميول صهيونية راسخة.

القوى الدولية الاخرى قد تتعارض مع قوة الاسلام بهذا القرار او ذاك (العلمانية الفرنسية، المسألة الشيشانية في روسيا...الخ) غير ان التناقض الرئيسي هو مع الامبريالية الاميركية التي تريد تحطيم قوة الاسلام، واستلحاق فرنسا واوروبا، وتفكيك روسيا دويلات، والتحضير لمواجهة دموية مع الصين، وكل هذه القوى هي – موضوعيا – قوى حليفة للاسلام. ومن الغباء الاستراتيجي، بل من الخيانة، الانشغال بمعارك معها، واضعافها لمصلحة العدو المشترك: الامبريالية الاميركية.

وطالما ان الاسلام قوة كونية، فهو مضطر الى ان يدير الصراع على اساس كوني. ومن هنا، يظهر التحشيد الاسلامي حول قضية منع الحجاب – من ضمن منع كل الرموز الدينية – في فرنسا، اساءة للذات واضعاف لقوة الاسلام بافتعال خلاف مع حليف رئيسي.

كذلك فان “القضية الشيشانية” تغدو في هذا السياق اداة تخدم الخطة الاميركية لتفكيك روسيا الاتحادية، ولا تخدم قضية الاسلام الطامح الى صيرورته، مرة اخرى، قوة كونية. لذلك نحن ندين بشدة النشاطات الارهابية الشيشانية في روسيا، وندعو الشيشان الى النضال السلمي من اجل حل عادل للقضية الشيشانية داخل الاتحاد الروسي. فالحفاظ على وحدة روسيا هو مصلحة اسلامية مباشرة. ومن المأمول ان تمارس الهيئات الاسلامية – خصوصا العربية – ضغوطا مثابرة على الشيشان وموسكو معا لدفع الفريقين الى مصالحة تاريخية. العالم الاسلامي وروسيا يصطفان معا في الصراع الكوني ضد الامبريالية الاميركية. ومن نافل القول ان الخلافات – مهما كانت صعبة – بين الحلفاء، لا بد من حلها سلما وتوافقا وفي اطار مصلحة التحالف.

ان اندفاع الهيئات الدينية والشعبية والسياسية والاعلامية، العربية والاسلامية، للتنديد باختطاف الصحافيين الفرنسيين في العراق، يشكل لحظة تنوير تاريخية في الوعي السياسي الذي بدأت قوة الاسلام، تحوزه، وهي تتبلور بصفتها قوة دولية مسؤولة، تدرك اهمية الحفاظ على التحالفات الدولية.

في الخلاصة، فان كل النشاطات النضالية الاسلامية، مهما كان نوعها هي ضرورية واخلاقية وصحيحة، اذا كانت موجهة ضد الاميركيين، ولكنها تلحق افدح الاضرار بقضية الاسلام، اذا استهدفت الحلفاء الموضوعيين او المحتملين لقوة الاسلام.