تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الزمن القادم.....



Saowt
08-28-2004, 11:45 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ، والصلاة والسلام علي حبيبي محمد صلي الله علية وسلم

الي اخواتي واحبائي في الله..
ساكتب لكم كتاب الزمن القادم للكاتب عبد الملك القاسم وهو من مؤسة الحرمين الخيرية فلا اعرف من اين تشتروه لانه كان يوزع مجانا واخذته وانا في العمرة من السعودية وسوف احاول ان اكتبه كله لكم ان شاء الله فهو كتيب لا صغير ولا كبير وسيكون علي حلقات ان شاء الله وموضوعه عن قصص من تائبين وراجعين الي الله وهي من علي لسان اصحابها ولكن بها عظة وعبرة وفيها قصص اكثر من رائعة

القصة الاولي:
الرحيل


بدت اختي شاحبة الوجه نحيلة الجسم . . . ولكنها كعاتها تقرأ القرآن الكريم . . . تبحث عنها تجدها في مصلاها . . . راكعة ساجدة رافعة يديها الي السماء . . . هكذا في الصباح وفي المساء وفي جوف الليل لا تفتر ولا تمل . . .

كنت احرص علي قراءة المجلات الفنية والكتب ذات الطابع القصصي . . . اشاهد الفيديو بكثرة لدرجة انني عرفت به . . . ومن اكثر شيء عرف به . . . لا اؤدي واجباتي كاملة ولست منضبطة في صلواتي . . .

بعد ان اغلقت جهاز الفيديو وقد شاهدت افلاما متنوعة لمدة ثلاث ساعات متواصلة . . . ها هو الاذان يرتفع من المسجد المجاور. . . عدت الي فراشي . . . تناديني من مصلاها . . . نعم ماذا تريدين يا نورة؟

قالت لي بنبرة حادة : لا تنامي قبل ات تصلي الفجر . . . اوه . . . بقي ساعة علي صلاة الفجر وما سمعتيه كان الأذان الاول . . . بنبرتها الحنونة هكذاهي حتي قبل ان يصيبها المرض الخبيث وتسقط طريحة الفراش . . . نادتني . . . تعالي يا هناء بجانبي . . .

لا استطيع اطلاقا رد طلبها . . . تشعر بصفائها وصدقها . . . لا شك طائعا ستلبي . . .
ماذا تريدين . . .
اجلسي . . .

ها قد جلست ماذا لديك . . .
بصوت عذب رخيم : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) (ال عمران 185)

سكتت برهة . . . ثم سألتني . . .
ألم تؤمني بالموت ؟
بلي مؤمنة . . .

ألم تؤمني بأنك ستحاسبين علي كل صغيرة وكبيرة . . .
بلي . . . ألا تخافين من الموت وبغتته . . .
انظري هند أصغر منك وتوفيت في حادث سيارة . . . وفلانة . . . وفلانة . . . الموت لا يعرف العمر . . . وليس مقياسا له . . .

أجبتها بصوت الخائف حيث مصلاها المظلم . . . انني أخاف من الظلام واخفتيني من الموت . . . كيف انام الان . . . كنت أظن وافقت للسفر معنا في هذه الاجازة . .

فجأة . . . تحشرج صوتها واهتز قلبي . . . لعلي هذه السنة اسافر سفرا بعيدا . . . الي مكان اخر ر ربما يا هناء . . . الاعمار بيد الله . . . وانفجرت بالبكاء. . .

تفكرت في مرضها الخبيث وان الاطباء اخبروا ابي سرا ان المرض ربما لن يمهلها طويلا . . . ولكن من اخبرها بذلك . . . ام انها تتوقع هذا الشيء . . .

ما لك تفكرين . جاءني صوتها القوي هذة المرة . . .؟
هل تعتقدين اني اقول هذا لأنني مريضة ؟

كلا . . . ربما اطول عمرا من الاصحاء . . .

وانت الي متي ستعيشين . . . ربما عشرون سنة . . . ربما اربعون . . . ثم ماذا . . . لمعت يدها في الظلام وهزتها بقوة . . .

لا فرق بيننا كلنا سنرحل وسنغادر هذة الدينا اما الي الحنة او الي نار . . . ألم تسمعي قول الله تعالي :

(فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) (ال عمران 185) ؟

تصبحين علي خير . . .

هرولت مسرعة وصوتها يطرق أذني . . . هداك الله . . . لا تنسي الصلاة . . .

الثامنة صباحا . . .

اسمع طرقا علي الباب . . . هذا ليس موعد استيقاظي . . . بكاء . . . واصوات . . . يا الهي ماذا جري . . .

لقد تردت حالة نورة . . . وذهب بها ابي الي المستشفي . . . انا لله وانا اليه راجعون . . .

لا سفر هذة السنة . . . مكتوب علي البقاء هذه السنة في بيتنا بعد انتظار طويل . . .

عند الساعة الواحدة ظهرا . . . هاتفنا ابي من المستشفي . . . تستطيعون زيارتها الان هيا بسرعة . . .

أخبرتي امي ان حديث ابي غير مطمئن وان صوته متغير . . . عباءتي في يدي . . .

اين السائق . . . ركبنا علي عجل . . . اين الطريق الذي كنت اذهب لأتمشي مع السائق فيه يبدو قصيرا . . . ماله اليوم طويل . . . طويل جدا . . .

اين ذلك الزحام المحبب الي نفسي كي التفت يمنة ويسرة . . . زحام اصبح قاتلا ومملا . . .

امي بجواري تدعو لها . . . أنها بنت صالحة ومطيعة . . . لم ارها تضيع وقتها ابدا . . .

دلفنا من الباب الخارجي للمستشفي . . .

هذا مريض يتأوه . . . وهذا مصاب بحادث سيارة وثالث عيناه غائرتان . . . لاتدري هل هو من اهل الدينا ام من اهل الاخرة . . .

منظر عجيب لم اره من قبل . . .

صعدنا درجات السلم بسرعة . . .

انها في غرفة العناية المركزة . . . وساخذكم اليها ثم واصلت الممرضة انها بنت طيبة وطمانت امي انها في تحسن بعد الغيبوبة التي حصلت لها . . .

ممنوع الدخول لأكثر من شخص واحد . . .

هذه غرفة العناية المركزة . . .

وسط زحام الاطباء وعبر النافذة الصغيرة التي في باب الغرفة اري عيني اختي نورة تنظر الي و امي واقفة بجوارها . . . بعد دقيقين خرجت امي التي لم تستطع اخفاء دموعها . . .

سمحوا لي بالدخول والسلام عليها بشرط ان لا اتحدث معها كثيرا . . . دقيقتين كافية لك . . .

كيف حالك يا نورة . . .

لقد كنت بخير مساء البارحة . . . ماذا جري لك . . .

اجابتني بعد ان ضغطت علي يدي : وانا الان ولله الحمد بخير . . .

الحمد لله ولكن يدك باردة . . .

كنت جالسة علي حافة السرير . . . ولامست ساقها . . . ابعدته عني . . .اسفة اذا ضايقتك ركلا ولكني تفكرت في قول الله تعالي :

(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30)(القيامة)

عليك يا هناء بالدعاء لي فربما استقبل عن قريب اول ايام الاخرة. . .

سفري بعيد وزادي قليل .

سقطت دمعة من عيني ان سمعت ما قالت وبكيت . . . لم اع اين انا . . .

استمرت عيناي في البكاء . . . اصبح ابي خائفا علي اكثر من نورة . . . لم يتعودوا هذا البكاء والانطواء في غرفتي . . .

مع غروب شمس ذلك اليوم الحزين . . .

ساد صمت طويل في بيتنا . . .

دخلت علي ابنة خالتي . . . ابنة عمتي . . .

احداث سريعة ر

كثر القادمون . . . اختلطت الاصوات . . . شيء واحد عرفته . . . نورة ماتت .

لم اعد اميز من جاء . . . ولا اعرف ماذا قالوا . . .

يا الله . . . اين انا وماذا يجري . . . عجزت حتي عن البكاء فيما بعد اخبروني ان ابي اخذ بيدي لوداع اختي الوداع الاخير . . . واني قبلتها . . . لم اعد اتذكر الا شيئا واحدا . . . حين نظرت اليها مسجاه . . . علي فراش الموت . . . تذكرت قولها

(وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29)) عرفت حقيقة ان ( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (30))

لم اعرف انني عدت الي مصلاها الا تلك الليلة . . .
وحينها تذكرت من قاسمتني رحم امي فنحن توأمين . . . تذكرت من شاركتني همومي . . . تذكرت من نفست عني كربتي . . . من دعت لي بالهداية ر من ذرفت دموعها ليالي طويلة وهي تحدثني عن الموت والحساب . . . الله المستعان . . .
هذة اول ليلة لها في قبرها اللهم ارحمها ونور لها قبرها . . . هذا هو مصحفها ر وهذه سجادتها ر وهذا ر وهذا . . . بل هذا هو الفستان الوردي الذي قالت لي ساخبه لزوجي . . .
تذكرتها وبكيت علي ايامي الضائعة . . . بكيت بكاء متواصلا ودعوت الله ان يرحمني ويتوب علي ويعفو عني . . دعوت الله ان يثبتها في قبرها كما مانت تحب ان تدعو . . .

فجاة سالت نفسي ماذا لو كنت انا الميتة ؟ما مصيري . . . ؟
لم ابحث عن الاجابة من الخوف الذي اصابني . . . بكيت بحرقة . . .
الله اكبر . . . الله اكبر . . . ها هو أذان الفجر قد ارتفع . . . ولكن ما اعذبه هذة المرة . . .
احسست بطمانينة وراحة وانا اردد نا يقوله المؤذن . . . لفلفت ردائي وقمت واقفة اصلي صلاة الفجر . . . صليت صلاة مودع . . . كما صلتها اختي من قبل وكانت اخر صلاة لها . . .
اذا اصبحت لا انتظر المساء . . .
واذا امسيت لا انتظر الصباح . . .

Saowt
08-28-2004, 11:52 AM
القصة الثانية :

الغفلة
شيع الحسن جنازة فجلس علي شفير القبر فقال: ان امرا هذا اخره لحقيق ان يزهد في اوله (يعني الدينا) . . . وان امرا هذا اوله لحقيق ان يخاف اخره (يعني القبر) . . .

اللهم ارحمنا اذا درس قبرنا . . . ونسي اسمنا . . . وانقطع ذكرنا . . . فلم يذكرنا ذاكر . . . ولم يزرنا زائر . . .

اللهم ارحمنا اذا غسلنا اهلونا . . . اللهم ارحمنا اذا كفنونا . . . اللهم ارحمنا اذا علي اكتافهم حملونا . . .

كان الشريط يسير بسرعة . . . وكنت اتابع دعاء الامام بتركيز ولهفة اعدت هذا الدعاء . . . مرة . . . واخري . . . كل ما قاله ودعا به حق . . . ستنقع بنا الحياة . . .

وسنغسل . . . ونكفن . . . ثم نوضع في لحد تحت الارض وينسي اسمنا . . . . . . ولكن ذاك الصوت المقترن بالخشوع . . . جعلني اتوقف برهة . . . واعيد الشريط مرة ثالثة . . .

لقد كانت اختي . . . مثال الأخت الداعية . . . المجتهدة . . . لقد حاولت ان اكون محافظا علي الصلاة . . . وعلي الطاعات . . . حاولت بل ما تستطيع . . . بالكلمة . . . وبالشريط . . . والكتاب . . .

وفي احد الايام . . . عندما ركبت معي في السيارة . . . اخذ بنا الحديث . . . وعندما هممنا بالنزول . . . وضعت هذا الشريط في جهاز التسجيل .

خرجت من الغد . . . بحركة عفوية . . . لا شعورية . . . ضغطت علي الشريط ر وانا لا اذكر ما فيه ر ولكني كلاعادة اتوقع . . . كلمة مغناة . . . من التي احبها . . . ولكن شاء الله ان يكون هذا الشريط .

سمعته في صباح ذاك اليوم اليوم . . . واعدته في المساء . . . وبعد العشاء . . . سألتها ما هذا الشريط الذي وضعتيه . . . ؟

قالت . . . هل اعجبك !!
قلت لها . . . لاشك . . .

ولم تكن العادة اجابتي بهذا الترحيب . . . فرحت . . . وكان بيدها كتاب فوضعته جانبا . . . اعادت سؤالها . . .

هل اعجبك صوت الامام وقراته . . . ؟
قلت لها . . . نعم . . .

كانت هذه الاجابة مقدم لحوار طويل . . . ولقد كان مثل هذا الحوار متكررا ر ولكنه هذة المرة اختلف كثيرا

في النهاية . . . قالت لي . . .
سأقرا عليك ما قراته قبل قليل .

(مر الحسن البصري بشاب مستغرق في ضحكه وهوجالس مع قوم في مجلس . . . فقال له الحسن . . .

يا فتي . . . هل مررت علي الصراط ؟
قال . . . لا . . .

قال . . . فهل تدري الي الجنة تصير ام الي النار . . .؟
قال . . . لا . . .

قال : فما الضحك . . .
صمتنا برهة . . .

ثم التفتت الي . . . وقالت . . .
الي متي هذة الغفلة . . .