تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : [ فتوى في حكم شرب الدخان ]



moon3000
08-13-2004, 07:10 PM
فتوى في حكم شرب الدخان لسماحة الشيخ محمد بن إبراهيم
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد : فقد سئلت عن حكم التنباك الذي أُولع بشربه كثير من الجهال والسفهاء مما يعلم كل أحد تحريمنا إياه ، نحن ، ومشايخنا، ومشايخ مشايخنا، وكافة المحققين من أئمة الدعوة النجدية وسائر المحققين سواهم من العلماء في عامة الأمصار، من لدن وجوده بعد الألف بعشرة أعوام أو نحوها حتى يومنا هذا، استنادا على الأصول الشرعية والقواعد المرعية؟. وكنت رأيت عدم إجابة السائل لذلك ، ولكن نظرا إلى أن للسائل حقا، وإلى فشو تعاطي هذا الخبيث بما لا يخطر على البال آثرت الجواب على ذلك .

فأقول : لا ريب في خبث الدخان ونتنه ، وإسكاره أحيانا وتفتيره .

وتحريمه بالنقل الصحيح ، والعقل الصريح ، وكلام الأطباء المعتبرين .

أولا: أما النقل الصحيح فقول الله تعالى: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وفي الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل مسكر خمر وكل خمر حرام ولمسلم : وكل مسكر حرام وروى أبو داود والترمذي وحسنه عن عائشة مرفوعا : كل مسكر حرام وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام وكل من الآيات الكريمة والأحاديث الصحيحة دال على تحريمه، فإنه خبيث مسكر تارة، ومفتر أخرى لا يماري في ذلك إلا مكابر للحس والواقع.

ولا ريب أيضا في إفادتها تحريم ما عداه من المسكرات والمفترات.

وروى الإمام أحمد ، وأبو داود ، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر قال الحافظ الزين العراقي : ( إسناده صحيح ، وصححه السيوطي في الجامع الصغير ) .

وفيه من إضاعة المال واستهلاك المبالغ الطائلة المسببة لضلع الدين ، الحامل على بيع كثير من ضروريات الحياة في هذا السبيل ما لا يسع أحدا إنكاره. وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات ووأد البنات ومنعا وهات وكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال يوضحه ما سنذكره من كلام العلماء من أرباب المذاهب الأربعة .

moon3000
08-13-2004, 07:11 PM
فممن ذكر تحريمه من فقهاء الحنفية الشيخ محمد العيني ذكر في رسالته تحريم التدخين من أربعة أوجه:

أحدها: كونه مضرا للصحة بإخبار الأطباء المعتبرين ؛ وكل ما كان كذلك يحرم استعماله اتفاقا.

ثانيها : كونه من المخدرات المتفق عليها عندهم المنهي عن استعمالها شرعا ؛ لحديث أحمد عن أم سلمة : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر وهو مفتر باتفاق الأطباء وكلامهم حجة في ذلك وأمثاله باتفاق الفقهاء سلفا وخلفا.

ثالثها: كون رائحته الكريهة تؤذي الناس الذين لا يستعملونه ، وعلى الخصوص في مجامع الصلاة ونحوها ، بل وتؤذي الملائكة المكرمين .

وقد روى الشيخان في صحيحيهما عن جابر مرفوعا: من أكل ثوما أو بصلا فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته ومعلوم أن رائحة التدخين ليست أقل كراهية من رائحة الثوم والبصل . وفي الصحيحين أيضا عن جابر رضي الله عنه: أن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه الناس وفي الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: من آذى مسلما فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله رواه الطبراني في الأوسط عن أنس رضي الله عنه بإسناد حسن .

رابعها: كونه سرفا ، إذ ليس فيه نفع مباح خال عن الضرر ، بل فيه الضرر المحقق بإخبار أهل الخبرة. ومنهم أبو الحسن المصري الحنفي قال ما نصه: ( الآثار النقلية الصحيحة ، والدلائل العقلية الصريحة تعلن بتحريم الدخان ).

وكان حدوثه في حدود الألف ، وأول خروجه بأرض اليهود والنصارى والمجوس ، وأتى به رجل يهودي يزعم أنه حكيم إلى أرض المغرب ودعا الناس إليه ، وأول من جلبه إلى البر الرومي رجل اسمه الاتكلين من النصارى. وأول من أخرجه ببلاد السودان المجوس ، ثم جلب إلى مصر والحجاز وسائر الأقطار.

moon3000
08-13-2004, 07:12 PM
وقد نهى الله عن كل مسكر ، وإن قيل: إنه لا يسكر ، فهو يخدر ويفتر أعضاء شاربه الباطنة والظاهرة ، والمراد بالإسكار: مطلق تغطية العقل وإن لم تكن معه الشدة المطربة ، ولا ريب أنها حاصلة لمن يتعاطاه أول مرة ، وإن لم يسلم أنه يسكر فهو يخدر ويفتر.

وقد روى الإمام أحمد ، وأبو داود ، عن أم سلمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر قال العلماء: ( المفتر: ما يورث الفتور والخدر في الأطراف ).

وحسبك بهذا الحديث دليلا على تحريمه ، وأنه يضر بالبدن والروح ، ويفسد القلب ، ويضعف القوى ، ويغير اللون بالصفرة. والأطباء مجمعون على أنه مضر ، ويضر بالبدن ، والمروءة ، والعرض ، والمال ؛ لأن فيه التشبه بالفسقة ؛ لأنه لا يشربه غالبا إلا الفساق والأنذال ، ورائحة فم شاربه خبيثة. اهـ.

moon3000
08-13-2004, 07:12 PM
ومن فقهاء الحنابلة: الشيخ: عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب قدس الله أرواحهم ، قال في أثناء جوابه على التنباك بعد ما سرد نصوص تحريم المسكر وذكر كلام أهل العلم في تعريف الإسكار ما نصه: ( وبما ذكرنا من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام أهل العلم يتبين لك تحريم التتن الذي كثر في هذا الزمان استعماله ، وصح بالتواتر عندنا والمشاهدة إسكاره في بعض الأوقات ، خصوصا إذا أكثر منه أو أقام يوما أو يومين لا يشربه ثم شربه فإنه يسكر ويزيل العقل ، حتى إن صاحبه يحدث عند الناس ولا يشعر بذلك ، نعوذ بالله من الخزي وسوء البأس .

فلا ينبغي لمن يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلتفت إلى قول أحد من الناس إذا تبين له كلام الله وكلام رسوله في مثله من المسائل ؛ وذلك لأن الشهادة بأنه رسول الله تقتضي: طاعته فيما أمر ، والانتهاء عما عنه نهى وزجر ، وتصديقه فيما أخبر).

moon3000
08-13-2004, 07:13 PM
وأجاب الشيخ عبد الله أبا بطين رحمه الله عن التنباك بقوله: (الذي نرى فيه التحريم لعلتين: أحدهما: حصول الإسكار فيما إذا فقده شاربه مدة ثم شربه أو أكثر وإن لم يحصل إسكار حصل تخدير وتفتير.

وروى الإمام أحمد حديثا مرفوعا: أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر والعلة الثانية: أنه منتن مستخبث عند من لم يعتده ، واحتج العلماء بقوله تعالى: وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ

moon3000
08-13-2004, 07:14 PM
وأما من ألفه واعتاده فلا يرى خبثه ، كالجعل لا يستخبث العذرة .

ومن فقهاء الشافعية الشيخ الشهير بالنجم الغزي الشافعي قال ما نصه: ( والتوتون الذي حدث وكان حدوثه بدمشق سنة خمس عشرة بعد الألف يدعي شاربه أنه لا يسكر ، وإن سلم له فإنه مفتر وهو حرام ؛ لحديث أحمد بسنده عن أم سلمة قالت : نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر قال: ( وليس من الكبائر تناوله المرة أو المرتين ، أي بل الإصرار عليه يكون كبيرة كسائر الصغائر ).

وقد ذكر بعض العلماء : إن الصغيرة تعطى حكم الكبيرة بواحدة من خمسة أشياء : إحداهما : الإصرار عليها. والثانية : التهاون بها ، وهو الاستخفاف وعدم المبالاة بفعلها. والثالثة: الفرح والسرور بها. والرابعة: التفاخر بها بين الناس . والخامسة : صدورها من عالم ، أو ممن يقتدى به.

moon3000
08-13-2004, 07:16 PM
وأجاب الشيخ خالد بن أحمد من فقهاء المالكية بقوله : لا تجوز إمامة من يشرب التنباك ، ولا يجوز الاتجار به ولا بما يسكر . اهـ.

وممن حرم الدخان ونهى عنه من علماء مصر الشيخ أحمد السنهوري البهوتي الحنبلي . وشيخ المالكية: إبراهيم اللقاني . ومن علماء المغرب : أبو الغيث القشاش المالكي . ومن علماء دمشق : النجم الغزي العامري الشافعي .

ومن علماء اليمن: إبراهيم بن جمعان ، وتلميذه أبو بكر الأهدل . ومن علماء الحرمين : المحقق عبد الملك العصامي ، وتلميذه محمد بن علان شارح رياض الصالحين ، والسيد عمر البصري . وفي الديار الرومية : الشيخ محمد الخواجة ، وعيسى الشهادي الحنفي ، ومكي بن فروخ ، والسيد سعد البلخي المدني ، ومحمد البرزنجي المدني الشافعي .

وقال: ( رأيت من يتعاطاه عند النزع يقولون له: قل: لا إله إلا الله ، فيقول: هذا تتن حار ، كل هؤلاء من علماء الأمة وأكابر الأئمة أفتوا بتحريمه ونهوا عنه وعن تعاطيه.

moon3000
08-13-2004, 07:17 PM
ثانيا: وأما العقل الصريح فلما عُلم بالتواتر والتجربة والمشاهدة مما يترتب على شاربه غالبا من الضرر في صحته وجسمه وعقله.

وقد شوهد موت وغشي وأمراض عسرة ، كالسعال المؤدي إلى مرض السل الرئوي ومرض القلب والموت بالسكتة القلبية وتقلص الأوعية الدموية بالأطراف .

وغير ذلك مما يحصل به القطع العقلي أن تعاطيه حرام ، فإن العقل الصريح كما يقضي ولا بد بتعاطي أسباب الصحة والحصول على المنافع ، كذلك يقضي حتما بالامتناع من أسباب المضار والمهالك والمبالغة في مباعدتها ، لا يرتاب في ذلك ذو لب البتة. ولا عبرة بمن استولت الشبهة والشهوة على أداة عقله ، فاستعبدته ، وأولعته بالأوهام والخيالات حتى بقي أسيرا لهواه ، مجانبا أسباب رشده وهداه.

moon3000
08-13-2004, 07:19 PM
ثالثا: وأما كلام الأطباء فإن الحكماء الأقدمين مجمعون على التحذير من ثلاثة أشياء ، ومتفقون على ضررها:

أحدها: النتن وهو الروائح المستخبثة بجميع أجناسها وأنواعها.

الثاني: الغبار.

الثالث: الدخان ، وكتبهم طافحة بذلك.

وأما المتأخرون منهم الذين أدركوا هذا النبات الخبيث ، فنلخص ما ذكروه من أضرار وما اشتمل عليه من الأجزاء والعناصر التي نشأت عنها أضراره الفتاكة. وهذا ملخص ما ذكروه: قالوا: هو نبات حشيشي مخدر مر الطعم ، وبعد التحقيق والتجربة ظهر أن التبغ بنوعيه: التوتون والتنباك من الفصيلة الباذنجانية التي تشتمل على أشر النباتات السامة ، كالبلادونا والبرش ، والبنج ، وهما مركبان من أملاح البوتاس والنوشادر ، ومنه مادة صمغية ومادة حريفة تسمى: نيكوتين. قالوا: وهي من أشد السموم فعلا.

moon3000
08-13-2004, 07:20 PM
وله استعمالات: أحدها: استعماله مضغا بالفم ، وهو أقبح استعمالاته وأشدها ضررا ، وهو من المخدرات القوية ، فتسري مواده السامة في الأمعاء سريعا ، وتحدث تأثيرا قويا في الأعصاب البدنية .

والثانية: استعماله استنشاقا مسحوقا مع أجزاء منبهة ، وهو مضر أيضا ؛ لاحتوائه على مواد سامة.

والثالث: استعماله تدخينا من طريق السيجارة ، وهي أعظم أدوات التدخين ؛ لأن الدخان يصل إلى الفم حارا ، ومن طريق النارجيلة والقصبة المعروفة بالغليون. وقد أثبت الأطباء له مضار عظيمة ، وقالوا: إنها تكمن في الجسم أولا ثم تظهر فيه تدريجيا ، وذكروا أن الدخان الذي يتصاعد عن أوراق التنباك المحترقة يحتوي على كمية وافرة من المادة السامة هي النيكوتين فإذا دخل الفم والرئتين أثّر فيهما تأثيرا موضعيا وعموميا ؛ لأنه عند دخوله الفم تؤثر المادة الحريفة السامة التي فيه في الغشاء المخاطي فتهيجه تهييجا قويا وتسيل منه كمية زائدة من اللعاب وتغير تركيبه الكيماوي بعض التغيير بحيث تقلل فعله في هضم الطعام ، وكذلك تفعل في مفرز المعدة كما فعلت في مفرز الفم ، فيحصل حينئذ عسر الهضم ، وعند وصول الدخان إلى الرئتين عن طريق الحنجرة تؤثر فيهما المادة الحريفة فتزيد مفرزهما ، وتحدث فيهما التهابا قويا مزمنا ، فيتهيج السعال حينئذ لإخراج ذلك المفرز الغزير الذي هو البلغم ، ويتسبب عن ذلك تعطيل الشرايين الصدرية وعروض أمراض صدرية يتعذر البرء منها ، وما يجتمع على باطن القصبة من آثار التدخين الكريهة الرائحة يجتمع مثله على القلب ، فيضغط على فتحاته ، ويصد عنه الهواء ، فيحصل حينئذ عسر التنفس ، وتضعف المعدة ، ويقل هضم الطعام.

ويحصل عند المباشر له الذي لم يعتده ، دوار ، وغثيان ، وقيء وصداع ، وارتخاء للعضلات وهي الأعصاب ، ثم سبات ، وهي كناية عن حالة التخدير الذي هو من لوازم التبغ المتفق عليه وذلك لما يحويه من المادة السامة ، ومن اعتاده حصل عنده من فساد الذوق وعسر الهضم وقلة القابلية للطعام ما لا يخفى . والإكثار منه يفضي إلى الهلاك ، إما تدريجيا ، وإما في الحال ، كما وقع لأخوين تراهنا على أيهما يدخن أكثر من الآخر فمات أحدهما قبل السيجارة السابعة عشرة ومات الآخر قبل أن يتم الثامنة عشرة .

moon3000
08-13-2004, 07:21 PM
ومن مضاره: تخريب كريات الدم ، وتأثيره على القلب بتشويش انتظام ضرباته ، ومعارضته القوية لشهية الطعام ، وانحطاط القوة العصبية عامة ، ويظهر هذا بالخدر والدوار الذي يحدث عقب استعماله لمن لم يألفه.

ويحكي الأستاذ : مصطفى الحمامي عن نفسه مرة أنه قال : كنت أمشي يوما مع أحد طلبة العلم فعرج على بائع دخان اشترى منه سيجارتين أشعل إحداهما وأقسم علي يمينا غليظا أن آخذها منه وأستعملها قال : فتناولت السيجارة أجذب في دخانها وأنفخه من فمي دون أن يتجاوز الفم للداخل ، رأى هو ذلك فقال : ابتلع ما تجذبه فإن قسمي على هذا ، لم أمانع وفعلت ما قال نفسا واحدا والله ما زدت عليه ، وإذ دارت الأرض حولي دورة تشبه دورة المغزل ، فبادرت إلى الجلوس على الأرض ، وظننت بنفسي أني انتهيت ، وظننت بصاحبي الظنون ، وبكل تعب وصلت إلى بيتي وأنا راكب وهو معي يحافظ علي ، وبعد ذلك مكثت إلى آخر اليوم التالي تقريبا ، حتى أحسست بخفة ما كنت أجده ، فحكيت هذا لكثير من الناس أستكشف ما كان يخبئ لي في السيجارة ، فأخبروني أن الدخان يعمل هذا العمل في كل من لم يعتده ، فقلت : إذا كان نفسا واحدا فعل بي كل هذا فماذا تفعله الأنفاس التي لا تُعد كل يوم يجتذبها معتاد الدخان خصوصا المكثر منه ؟ اهـ.

moon3000
08-13-2004, 07:22 PM
ومنها : إحداث الجنون المعروف : بالتوتوني ، وهو أن من يتركه ممن اعتاد استعماله يختل نظام سيره في أعماله وأشغاله حتى يدخنه ، فإذا دخنه سكن حاله.

وقد ذكر جمع من أكابر العلماء وجهابذة الأطباء : أن من العقل- فضلا عن الشرع- وجوب اجتناب التدخين ؛ حفظا للصحة ، ودفعا لدواعي الضعف الجالب للهلاك والدمار ، وخصوصا ضعيف البنية وكبير السن الذي ليست عنده قوة لمكافحة الأمراض وأصحاب المزاج البلغمي .

ولذلك يتركه كثير من الناس ؛ خوفا من ضرره ، وكراهية لرائحته ، وقد يعلقون طلاق نسائهم على العود إليه ، يريدون بذلك تركه نهائيا ، فإذا حمل إليهم وقت الحاجة إليه لم يستطيعوا الإعراض عنه أبدا ، بل يقبلون عليه بكلياتهم كل الإقبال ولو طلقت نساؤهم ، فله سلطان عظيم على عاشقيه وتأثير على العقل ، وذلك أن شاربه يفزع إلى شربه إذا نزل به مكدر ، فيتسلى ويذهل العقل بعض الذهول فيخف حزنه ، والله أعلم . وصلى الله على عبده ورسوله محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم .

قال ذلك وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ 4/ 6/ 1383هـ

moon3000
08-13-2004, 07:23 PM
حكم شرب الدخان فتوى للعلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي
رحمه الله

بتقديم فضيلة الشيخ عبد الرزاق عفيفي

رحمه الله

مقدمة

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ، وآله وصحبه . أما بعد : فإن العلماء في هذا العصر كثير ، ولكن قَلّ منهم من يستقي الحكم من منبعه ، ويسنده إلى أصله ، ويتبع القول العمل ، ويتحرى الصواب في كل ما يأتي ويذر ، وإن من ذلك القليل فيما أعتقد الشيخ الجليل : عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي رحمه الله ، فإن من قرأ مصنفاته وتتبع مؤلفاته وخالطه وسبر حاله أيام حياته عرف منه الدأب في خدمة العلم اطلاعا وتعليقا ، ووقف منه على حسن السيرة ، وسماحة الخلق واستقامة الحال ، وإنصاف إخوانه وطلابه من نفسه ، وطلب السلامة فيما يجر إلى شر أو يفضي إلى نزاع أو شقاق ، فرحمه الله رحمة واسعة.

وإن من مؤلفاته تلك الكلمة الوجيزة الجامعة التي كتبها جوابا عن سؤال الأخ الكريم : علي الحمد الصالحي في حكم شرب الدخان ، فهي على قصرها قد أصابت الهدف ، وصدعت بالحق ، وقامت بها الحجة على من عاند واتبع هواه بغير هدى من الله. حيث استند فيها المؤلف إلى عموم نصوص الكتاب والسنة الدالة على تحريم شرب الدخان ، وإلى ما ينشأ عن شربه من الأضرار المالية والبدنية والاجتماعية.

وليس لأحد أن يتشبث بالمطالبة بذكر دليل خاص على تحريم الدخان بخصوصه غير قانع بعموم النصوص ، إلا أن يكون قاصر النظر ، ضعيف الفكر ، جاهلا بمصادر الشريعة والاستفادة منها ، فإن الأدلة الشرعية كما تجيء جزئية أحيانا تجيء كثيرا قواعد كلية يتعرف منها أحكام الجزئيات التي تتضمنها وتندرج تحتها ، وإن طالب الحق الباحث عنه لا يقف في سبيله مثل هذه الشبهة .

إنما يتعلل بذلك من غلبته نفسه واستمكنت منه العادة فكان أسيرا لها واستهواه الشيطان فاتخذه إماما له يزين له الخبائث ويحببها إلى نفسه ويزيغ قلبه بما يلقيه من الوساوس والشبه الزائغة.

moon3000
08-13-2004, 07:24 PM
ولقد ظهر في شرب الدخان من الخطر والضرر وقرر علماء الطب ذلك.

وسأذكر لك شيئا من المنقول عنهم لا لأستدل بذلك على حكم شرب الدخان فإن الغني في دينه من أغناه الله بكتابه وسنة نبيه ، فهما المنهاج الواضح والطريق المستقيم ، وفيهما المقنع لمن رزقه الله سدادا وكان على نور من ربه .

إنما أذكر ذلك لأولئك الذين ابتلوا بتقليد من يرون أنهم رجال العلم والحضارة وأهل الذوق والمدنية ليتبينوا أن من يدينون لهم قد اعترفوا بضرره فيرجعون عن شربه وإن رأوهم يدمنون شربه .

وإليك النقول من كتاب البيان للشيخ : إبراهيم عبد الباقي رحمه الله ، قال الدكتور في أدب المحلى ص (122) : التنباك والدخان لحضرة النطاسي إسماعيل رشدي مفتش صحة الغربية : هو نبات سمته العرب : الطباق ، وبتحليله اتضح أنه يحتوي على مادة سامة إذا وضع منها نقطتان في فم كلب مات في الحال ، وخمس نقاط منها تكفي لقتل جمل ، والأمم المتوحشة تمضغه.

وهذه أكثر الطرق ضررا لدخوله في المعدة مع الريق ، وقد نشأ استعمال الطباق بين الأمم على ما به من ضرر. وقد أثبت الأطباء أن الطباق ، يؤثر في القلب فيحدث فيه الخفقان ، وفي الرئتين فيحدث سعالا ، وفي المعدة فينشئ فيها ضعفا في شهوة الأكل ، وفي العينين فيحدث فيهما رمدا ، وفي المجموع العصبي فتورا. اهـ.

moon3000
08-13-2004, 07:25 PM
وقال الدكتور ( دمرداش أحمد ) :

ولم أر في عيوب الناس عيبا ***** كنقص القادرين على التمام


لا أظن الجنس البشري منذ بدء الخليقة ضعف واستكان أمام عدو من أعدائه كما فعل أمام تدخين التبغ ، كما أسرته هذه العادة وأوثقته وأذلت كبرياءه ، استوى في ذلك صغار العمال الكادحين الذين يقتطعون من أقواتهم وأقوات عيالهم وكبار الأطباء والفلاسفة المفكرين الذين أضاءت الكون عبقرياتهم ، وكشفوا هذه الآفاق البعيدة في مختلف العلوم والفنون .

وقد كان السائد المعروف أن التدخين باعتدال قليل الضرر أو عديمه للشخص السليم ، ولكن البحوث العلمية المتصلة بالسنين الأخيرة أثبتت أن الضرر الذي يحدثه التدخين لم يخطر أبدا على بال مدخن. وإليك الحقائق التي أثبتتها هذه البحوث : قام الأستاذ : (ديموند بالمير) بتتبع عشرين ألف حالة منهم مسرفون ومعتدلون وممتنعون ، أنشأ لكل منهم سجلا خاصا بجامعة (جون هويكنز) أثبت فيه كل ما يتعلق بصحتهم وأمراضهم وعوائدهم ، وبدأت أبحاثه سنة 1919 م وانتهت سنة 1940 م بالنتيجة الآتية : يؤثر تدخين التبغ على حياة الإنسان أثرا بالغا فتقصر هذه الحياة قصرا بينا يتناسب مع كمية التبغ ، والممتنعون أطول أعمارا من المعتدلين ، والمعتدلون أطول من المسرفين. اهـ.

وأسأل الله سبحانه أن يهدينا سواء السبيل ، وأن يرزقنا قبول النصيحة ويجنبنا ما فيه خطر ومضرة ، وأن يرحم المؤلف وينفع بتأليفه ويجمعنا به في دار كرامته . وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه أجمعين . عبد الرزاق عفيفي "رحمه الله"

moon3000
08-13-2004, 07:27 PM
[ حكم شرب الدخان رسالة من فضيلة الشيخ عبد الرحمن الناصر السعدي ]
حكم شرب الدخان

هذه رسالة من فضيلة الشيخ : عبد الرحمن الناصر السعدي رحمه الله . كتبته إليه حينما دار البحث بيني وبين رجل من المسلمين في حكم الدخان ، وحيث لم تكن هذه الرسالة موجودة عند غيري كان لزاما عليّ إبرازها للوجود خوفا من معرة كتمان العلم ، راجيا من الله أن ينفعني بها وكاتبها والمسلمين ، إنه جواد كريم .

نص السؤال والجواب ما يلي منقولا من خط الكاتب رحمه الله :

بسم الله الرحمن الرحيم

من الولد علي بن حمد الصالحي : إلى فضيلة الشيخ المكرم : عبد الرحمن الناصر السعدي . بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . أرجوكم الإفادة عن حكم شرب الدخان والاتجار به على وجه التوضيح هل هو حرام أو مكروه أفتونا مأجورين ؟.

الجواب : وبالله التوفيق ، نسأله الهداية لنا ولإخواننا المسلمين . أما الدخان شربه والاتجار به والإعانة على ذلك فهو حرام لا يحل لمسلم تعاطيه ؛ شربا ، واستعمالا ، واتجارا ، وعلى من كان يتعاطاه أن يتوب إلى الله توبة نصوحا ، كما يجب عليه أن يتوب من جميع الذنوب ؛ وذلك أنه داخل في عموم النصوص الدالة على التحريم ، داخل في لفظها العام وفي معناها ؛ وذلك لمضاره الدينية والبدنية والمالية التي يكفي بعضها في الحكم بتحريمه ، فكيف إذا اجتمعت ؟!

moon3000
08-13-2004, 07:28 PM
[ فصل في مضار التدخين الدينية ]
فصل - أما مضاره الدينية ودلالة النصوص على منعه وتحريمه فمن وجوه كثيرة :

منها : قوله تعالى : وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وقوله تعالى : وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وقوله : وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا فهذه الآيات وما أشبهها حرم الله بها كل خبيث أو ضار ، فكل ما يستخبث أو يضر فإنه لا يحل ، والخبث والضرر يعرف بآثاره وما يترتب عليه من المفاسد ، فهذا الدخان له مفاسد وأضرار كثيرة محسوسة كل أحد يعرفها ، وأهله من أعرف الناس بها ، ولكن إرادتهم ضعيفة ، ونفوسهم تغلبهم مع شعورهم بالضرر ، وقد قال العلماء : يحرم كل طعام وشراب فيه مضرة.

ومن مضاره الدينية : أنه يثقل على العبد العبادات والقيام بالمأمورات خصوصا الصيام ، وما كرّه العبد للخير فإنه شر ، وكذلك يدعو إلى مخالطة الأرذال ، ويزهد في مجالس الأخيار كما هو مشاهد ، وهذا من أعظم النقائص أن يكون العبد مؤالفا للأشرار متباعدا عن الأخيار ، ويترتب على ذلك العداوة لأهل الخير والبغض لهم ، والقدح فيهم والزهد في طريقهم ، ومتى ابتلي به الصغار والشباب سقطوا بالمرة ودخلوا في مداخل قبيحة ، وكان ذلك عنوانا على سقوط أخلاقهم فهو باب لشرور كثيرة فضلا عن ضرره الذاتي .

moon3000
08-13-2004, 07:29 PM
[ فصل في مضار التدخين البدنية ]
فصل - وأما أضراره البدنية : فكثيرة جدا ، فإنه يوهن القوة ويضعفها ، ويضعف البصر ، وله ريان ونفوذ في البدن والعروق ، فيوهن القوى ، ويمنع الانتفاع الكلي بالغذاء ، ومتى اجتمع الأمران اشتد الخطر وعظم البلاء.

ومنها : إضعاف القلب ، واضطراب الأعصاب ، وفقد شهية الطعام .

ومنها : السعال ، والنزلات الشديدة التي ربما أدت إلى الاختناق وضيق التنفس ، فكم له من قتيل أو مشرف على الهلاك .

وقد قرر غير واحد من الأطباء المعتبرين أن لشرب الدخان الأثر الأكبر في الأمراض الصدرية ، وهي السل وتوابعه ، وله أثر محسوس في مرض السرطان ، وهذه من أخطر الأمراض وأصعبها. فيا عجبا لعاقل حريص على حفظ صحته وهو مقيم على شربه مع مشاهدة هذه الأضرار أو بعضها ! فكم تلف بسببه خلق كثير! وكم تعرض منهم لأكثر من ذلك ! وكم قويت بسببه الأمراض البسيطة حتى عظمت وعز على الأطباء دواؤها ! وكم أسرع بصاحبه إلى الانحطاط السريع من قوته وصحته !.

ومن العجب أن كثيرا من الناس يتقيدون بإرشادات الأطباء في الأمور التي هي دون ذلك بكثير ، فكيف يتهاونون بهذا الأمر الخطير ! ذلك لغلبة الهوى واستيلاء النفس على إرادة الإنسان ، وضعف إرادته عن مقاومتها وتقديم العادات على ما تعلم مضرته. ولا تستغرب حالة كثير من الأطباء الذين يدخنون وهم يعترفون بلسان حالهم أو لسان مقالهم بمضرته الطبية ، فإن العادات تسيطر على عقل صاحبها وعلى إرادته ، ويشعر كثيرا أو أحيانا بالمضرة وهو مقيم على ما يضره.

وهذه المضار أشرنا إليها إشارة ، مع ما فيه من تسويد الفم والشفتين والأسنان ، وسرعة بلائها وتحطمها وتآكلها بالسوس ، وانهيار الفم والبلعوم ومداخل الطعام والشراب حتى يجعلها كاللحم المنهار المحترق تتألم مما لا يتألم منه.

وكثير من أمراض الالتهابات ناشئة عنه ، ومن تتبع مضاره وجدها أكثر مما ذكرنا.

moon3000
08-13-2004, 07:30 PM
[ فصل في مضار التدخين المالية ]
فصل وأما مضاره المالية : فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه نهى عن إضاعة المال وأي إضاعة أبلغ من حرقه في هذا الدخان الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ، ولا نفع فيه بوجه من الوجوه ، حتى أن كثيرا من المنهمكين فيه يغرمون الأموال الكثيرة ، وربما تركوا ما يجب عليهم من النفقات الواجبة ، وهذا انحراف عظيم ، وضرر جسيم فصرف المال في الأمور التي لا نفع فيها منهي عنه ، فكيف بصرفه بشيء محقق ضرره !.

ولما كان الدخان بهذه المثابة مضرا بالدين والبدن والمال ، كانت التجارة فيه محرمة ، وتجارته بائرة غير رابحة ، وقد شاهد الناس أن كل متجر فيه وإن استدرج ونما ماله في وقت ما فإنه يبتلى بالقلة في آخر أمره وتكون عواقبه وخيمة ، ثم إن النجديين ولله الحمد جميع علمائهم متفقون على تحريمه ومنعه ، والعوام تبع للعلماء فلا يسوغ ولا يحل للعوام أن يتبعوا الهوى ويتأولوا ويتعللوا بأنه يوجد من علماء الأمصار من يحلله ولا يحرمه ، فإن هذا التأويل من العوام لا يحل باتفاق العلماء ، فإن العوام تبع لعلمائهم ليسوا مستقلين ، وليس لهم أن يخرجوا عن أقوال علمائهم وهذا واجبهم ، كما قال تعالى : فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ وما نظير هذا التأويل الفاسد الجاري على ألسنة بعض العوام - اتباعا للهوى لا اتباعا للحق والهدى - إلا كما لو قال بعضهم : يوجد بعض علماء الأمصار لا يوجبون الطمأنينة في الصلاة فلا تنكروا علينا إذا اتبعناهم ، أو يوجد من يبيح ربا الفضل فلنا أن نتبعهم ، أو يوجد من لا يحرم أكل ذوات المخالب من الطير فلنا أن نتبعهم ، ولو فتح هذا الباب فتح على الناس شر كبير ، وصار سببا لانحلال العوام عن دينهم ، وكل أحد يعرف أن تتبع مثل هذه الأقوال المخالفة ، لما دلت عليه الأدلة الشرعية ، ولما عليه أهل العلم ، من الأمور التي لا تحل ولا تجوز .

والميزان الحقيقي : هو ما دلت عليه أصول الشرع وقواعده ، وقد دلت على تحريم الدخان ؛ لما يترتب عليه من المفاسد والمضار المتنوعة ، وكل أمر فيه ضرر على العبد : في دينه ، أو بدنه ، أو ماله من غير نفع فهو محرم . فكيف إذا تنوعت المفاسد وتجمعت ، أليس من المتعين شرعا وعقلا وطبا تركه والتحذير منه ونصيحة من يقبل النصيحة ! فالواجب على من نصح نفسه وصار لها عنده قدر وقيمة أن يتوب إلى الله عن شربه ، ويعزم عزما جازما مقرونا بالاستعانة بالله لا تردد فيه ولا ضعف عزيمة ، فإن من فعل ذلك أعانه الله على تركه وهون عليه ذلك .

ومما يهون عليه الأمر أن يعرف أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وكما أن ثواب الطاعة الشاقة أعظم مما لا مشقة فيه ، فكذلك ثواب تارك المعصية إذا شق عليه الأمر وصعب أعظم أجرا وأعظم ثوابا ، فمن وفقه الله وأعانه على ترك الدخان فإنه يجد المشقة في أول الأمر ثم لا يزال يسلو شيئا فشيئا حتى يتم الله نعمته عليه ، فيغتبط بفضل الله عليه وحفظه وإعانته ، وينصح إخوانه بما ينصح به نفسه والتوفيق بيد الله ، ومن علم الله من قلبه صدق النية في طلب ما عنده بفعل المأمورات وترك المحظورات يسره لليسرى ، وجنبه العسرى ، وسهل له طرق الخير كلها ، فنسأل الله أن يأخذ بنواصينا إلى الخير ، وأن يحفظنا من الشر ، إنه جواد كريم ، رءوف رحيم .

عبد الرحمن بن ناصر بن سعدي

في ربيع الأول سنة 1376 هـ

نقله من خطه الفقير إلى الله : علي الحمد الصالحي

moon3000
08-13-2004, 07:32 PM
تقريظ فضيلة الشيخ : عبد اللطيف بن إبراهيم
آل الشيخ المدير العام للمعاهد والكليات

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد :

فقد اطلعت على ما كتبه العالم العلامة الشيخ : عبد الرحمن الناصر السعدي في جوابه لمن سأله وطلب منه الإفادة عن حكم شرب الدخان والاتجار فيه هل هو حرام أو مكروه ؟ فوجدته قد أجاب بجواب سديد مفيد ، ووضح في جوابه الأدلة الصريحة الصحيحة من القرآن العزيز ، ومن السنة النبوية ، ومن كلام أهل العلم بما يثلج الصدور ، بعبارات واضحة ظاهرة ، مبينة لضرره الديني وضرره البدني ، وما يترتب على ذلك من إضاعة المال ، وسقوط حرمة شاربه بين الناس ، وقد وضح فيما كتبه تحريمه وتحريم التجارة فيه ، وذكر أن ذلك باتفاق العلماء ، وذكر على ذلك الأدلة الإجماعية.

فجزاه الله خيرا وغفر له ورحمه. قال ذلك وأملاه الفقير إلى عفو مولاه : عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ . وصلى الله على محمد وسلم .

moon3000
08-13-2004, 07:32 PM
تقريظ فضيلة الشيخ : عبد المهيمن أبو السمح
بسم الله الرحمن الرحيم

وصلى الله على سيدنا محمد القائل : ما تركت شيئا يقرّبكم إلى الله إلا وبينته لكم وأمرتكم به وما تركت شيئا يبعدكم عن الله إلا وبينته لكم ونهيتكم عنه فما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فانتهوا أو كما قال صلى الله عليه وسلم . وبعد : فقد سمعت جواب فضيلة الشيخ عبد الرحمن بن سعدي - رحمه الله وغفر له - في حكم شرب الدخان ، والحق أنه جواب مختصر مفيد ، ولو أراد إنسان أن يتكلم في الدخان بأوسع مما تكلم به الشيخ رحمه الله لوجد مجالا للكلام وأدلة تناسب هذا المقام ، مثل قول الرسول صلى الله عليه وسلم : لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة حتى يسأل عن شبابه فيما أبلاه وعن عمره فيما أفناه وعن ماله فيما أنفقه ومن أين اكتسبه أو كما قال صلى الله عليه وسلم .

ويقول الله تعالى : وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ويقول أيضا : وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا وهذا في المباح الذي لا شبهة فيه ، فكيف بما تضافرت الأدلة النقلية والعقلية على تحريمه! مع ما فيه من الرائحة الكريهة ، وتقليل شهوة الطعام ، التي تدعو إلى تقليل شهوة الناحية الجنسية وضعف النسل وانحراف صحة الجسم إلى غير ذلك .

أملاه الفقير إلى الله الشيخ عبد المهيمن أبو السمح "رحمه الله" إمام المسجد الحرام .

moon3000
08-13-2004, 07:34 PM
حكم شرب الدخان وإمامة من يتجاهر بشربه لسماحة الشيخ
عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله
مفتي عام المملكة العربية السعودية

ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد : فقد سألني بعض الإخوان عن حكم شرب الدخان وإمامة من يتجاهر بشربه ، وذكر أن البلوى قد عمت بهذا الصنف من الناس .

والجواب : قد دلت الأدلة الشرعية على أن شرب الدخان من الأمور المحرمة شرعا ؛ وذلك لما اشتمل عليه من الخبث والأضرار الكثيرة ، والله سبحانه لم يبح لعباده من المطاعم والمشارب إلا ما كان طيبا نافعا ، أما ما كان ضارا لهم في دينهم أو دنياهم أو مغيرا لعقولهم فإن الله سبحانه قد حرمه عليهم ، وهو عز وجل أرحم بهم من أنفسهم ، وهو الحكيم العليم في أقواله وأفعاله وشرعه وقدره ، فلا يحرم شيئا عبثا ولا يخلق شيئا باطلا ، ولا يأمر بشيء ليس للعباد فيه فائدة ؛ لأنه سبحانه أحكم الحاكمين وأرحم الراحمين ، وهو العالم بما يصلح العباد وينفعهم في العاجل والآجل ، كما قال سبحانه : إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ وقال عز وجل : إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا والآيات في هذا المعنى كثيرة.

ومن الدلائل القرآنية على تحريم شرب الدخان : قوله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة المائدة : يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وقال في سورة الأعراف في وصف نبينا محمد صلى الله عليه وسلم : يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ الآية. فأوضح سبحانه في هاتين الآيتين الكريمتين أنه سبحانه لم يحل لعباده إلا الطيبات وهي : الأطعمة والأشربة النافعة ، أما الأطعمة والأشربة الضارة ؛ كالمسكرات ، والمخدرات ، وسائر الأطعمة والأشربة الضارة في الدين أو البدن أو العقل فهي من الخبائث المحرمة ، وقد أجمع الأطباء وغيرهم من العارفين بالدخان وأضراره أن الدخان من المشارب الضارة ضررا كبيرا ، وذكروا أنه سبب لكثير من الأمراض : كالسرطان ، وموت السكتة وغير ذلك ، فما كان بهذه المثابة فلا شك في تحريمه ووجوب الحذر منه ، فلا ينبغي للعاقل أن يغترّ بكثرة من يشربه ، فقد قال الله تعالى في كتابه المبين : وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلا يَخْرُصُونَ وقال عز وجل : أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا

أما إمامة شارب الدخان وغيره من العصاة في الصلاة فلا ينبغي أن يتخذ مثله إماما ، بل المشروع أن يختار للإمامة الأخيار من المسلمين المعروفين بالدين والاستقامة ؛ لأن الإمامة شأنها عظيم ؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا في السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلما الحديث رواه مسلم في صحيحه ، وفي الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمالك بن الحويرث وأصحابه : إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم

لكن اختلف العلماء رحمهم الله : هل تصح إمامة العاصي والصلاة خلفه ؟ فقال بعضهم : لا تصح الصلاة خلفه لضعف دينه ونقص إيمانه ، وقال آخرون من أهل العلم : تصح إمامته والصلاة خلفه ؛ لأنه مسلم قد صحت صلاته في نفسه فتصح صلاة من خلفه ، ولأن كثيرا من الصحابة صلوا خلف بعض الأمراء المعروفين بالظلم والفسق ، ومنهم ابن عمر رضي الله عنهما قد صلى خلف الحجاج وهو من أظلم الناس ، وهذا هو القول الراجح ، وهو صحة إمامته والصلاة خلفه ، لكن لا ينبغي أن يتخذ إماما مع القدرة على إمامة غيره من أهل الخير والصلاح.

وهذا جواب مختصر أردنا منه التنبيه على أصل الحكم في هاتين المسألتين وبيان بعض الأدلة على ذلك ، وقد أوضح العلماء حكم هاتين المسألتين ، فمن أراد بسط ذلك وجده. والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين ويوفقهم جميعا للاستقامة على دينه والحذر مما يخالف شرعه ، إنه جواد كريم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

مفتي عام المملكة

ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

moon3000
08-13-2004, 07:39 PM
تمت

هذا واسأل الله سبحانه وتعالى أن يثيبنا و يكتب لنا أجر ما نقلنا في هذا الخبيث المسمى الدخان

أخوكم موون