تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يا مسلمي العالم )ITAHIDOU(



no saowt
07-30-2004, 12:38 AM
أنتم أغنى الناس بالثروات التي أودعها االله ذخراً في أوطانكم·

وأنتم أقوى الناس بما تملكون من حوافز الوحدة والتضامن فيما بينكم·

وأنتم أعز الناس أوتيتم من القيم الإنسانية الراشدة ودعائم الحضارة المثلى، والعقائد الإيمانية التي يسجد لها العلم·

ولا ريب أن هذه المزايا الثلاث ترشحكم لتبوؤ مركز القيادة على مستوى الأسرة الإنسانية في العالم، لو تعاملتم معها وحفلتم بها·

غير انكم حكمتم على أنفسكم بالتخلي عن هذه المزايا الثلاث، عندما اتخذتم قراركم النافذ بأن تركنوا إلى الشقاق بدلاً من الوفاق، وبأن تؤثروا الخصام فيما بينكم على الوداد، وبأن تتلمسوا مبررات النزاع، بدلاً من التعامل مع ما هو متوافر وكثير أمامكم من موجبات الاتفاق والوئام·

لقد نسي العالم أمام النقع الذي يتعالى متزايداً من آثار خصوماتكم المهتاجة، أثر الإسلام العجيب في توحيد القبائل المتعادية، وضفر المشاعر المتنافرة، بالأمس، فلم يعد يعرف إلا ما يفرزه واقعكم (الإسلامي) اليوم من التناحر المتزايد فيما بينكم، ومن تسلط كل عضو منكم بالإتلاف على العضو الآخر، وانتم الذين كنتم يوماً ما كالجسد الواحد!!··

أما انه لثمن رخيص جداً هذا الذي اخذتموه لبيع ثرواتكم الظاهرة والباطنة، وللتخلي عن مركزكم الحضاري وعن مصدر قوتكم التي شهدت لكم بها القرون المنصرمة· ولست أدري أتئنون اليوم من الثمن البخس الذي تقاضيتموه، بل تحملتموه، أم انكم تئنون من التبعات الثقيلة التي تأخذ اليوم منكم بالخناق·

بأي منطق تتعاملون أيها المسلمون؟

إن كنتم لا تزالون تتعاملون بمنطق إسلامكم الذي عاهدتم عليه فان اسلامكم هذا ما زال يناديكم قائلاً: واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ويلاحقكم بتحذيره ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم·

وإن كنتم تتعاملون بمنطق المصالح فليس في الناس كلهم غبي لا يعلم أن مصالحكم كلها رهن باتحادكم وتضامنكم·

وإن كنتم تتعاملون بمنطق القوميات فاهنأوا بمزيد من الشقاق والتشرذم، ولتعلموا أن منطق القوميات كان ولا يزال السلاح الذي قوضت به بريطانيا وحدتكم وحطمت به طوق خلافتكم·

يا مسلمي العالم:

ليس أمامكم من علاج لما ترزحون تحته من مصائب وتئنون منه من تخلف، وما تشكون منه - على الرغم من غناكم - من الحاجة والفقر، إلا ان تعودوا إلى سابق وحدتكم وتضامنكم·

ولن تعودوا إليها إلا ان جذبكم اليها محور جامع، وليس المحور الجامع بالنسبة اليكم إلا الاخلاص والصدق في انتمائكم إلى الإسلام·

فان عز عليكم وضع هذا المحور الجامع واكتفيتم بالهتافات والشعارات عن الصدق في التعامل مع الله، فلسوف تنحطون إلى مزيد من الشقاق والتشرذم، ولسوف تبتلعكم عولمة الغرب، ولسوف تشلّكم ثم تسحقكم عجلة "نظام التجارة العالمية" ولسوف تتحولون إلى قطعة من جهاز تدور في فلك المصالح الغربية·

وبوسعكم عندئذ أن تصغوا جيداً إلى حديث الدهر وهو يترجم كلمة عمر بن الخطاب: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمهما طلبنا العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله"·


بقلم: العلامة د· الشيخ محمد سعيد رمضان البوطي