تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إبتسامـة أبي هــاجــر .....



مسلمة
06-21-2004, 08:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

http://free.one.picturehost.co.uk/mgrin.jpg

إبتسامة أبي هاجر

التاجر إذا رأى صفقة تجارية رابحة لم يكن له فيها يد فإنه يلوم نفسه على ذلك
ويتحسّر ويود لو أنه كان صاحبها فيفوز بذلك الربح العظيم .. كذا حالي مع تلك الإبتسامة !!


عجبا لتلك الإبتسامة !!

كلما نظرت إليها وددت أني صاحبها .. كيف لا والإنسان أخوف ما يكون عند فراق الدنيا !!
كيف لا والنفس ترتعش والقلب يضطرب لذكر الموت !! كيف لا والرصاصة قد استقرّت في
الأحشاء ومزّقت الجسد واخترقت الأمعاء وانتشر سمها في خلايا البدن !!


كيف لا أتمنى أن أكون صاحبها وأنا أرى الناس يهلكون حولي ويُصرعون
ووجه أحدهم يكاد يحجب ظلمة الليل : ظُلمة ووحشة !!



كيف لا وأنا أقرأ قول نبيي صلى الله عليه وسلم "إذا مات أحدكم عُرض عليه مقعده ، غدوة وعشية ، إما النار وإما الجنة ، فيقال : هذا مقعدك حتى تبعث إليه" (البخاري) ، فمن يا ترى يبتسم في ذلك الموقف الرهيب !!



عجبتُ من تلك الإبتسامة التي لا أدري أهي للآتي أم للباقي !!



أهي لما رأى أم لما ترك !!



وجهٌ كقطعة قمر تُنيره تلك الثنايا البيضاء .. اطمئنان وهدوء نفس عجيب .. سكون يكاد يُطفئ نار الأرض الملتهبة .. كأنه خرج من رياض إلى رياض !!



ليس من عقيدة أهل السنة والجماعة الشهادة للأفراد بالشهادة ، ولكن لهم أن يرجوا لإنسان ويدعوا له بها ..



أول ما نظرت في وجهه المتهلل تذكّرت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن للشهيد عند الله خصالاً : ... ويُرى مقعده من الجنة ...." (الحديث.. رواه أحمد وصححه الترمذي ، وقال الألباني : إسناده صحيح \ السلسلة الصحيحة 3213)



"يُرى مقعده من الجنّة" !! رصاص وضرب وقتل وحر وحصار وضيق وشرطة ومباحث وجيش !! ماذا رأى صاحبنا لكي تعلوا وجهه تلك الإبتسامة العجيبة !!



تمر بك الأبطال كلما هزيلة .... ووجهك وضّاح وثغرك باسم



كأني به رأى الفضل الذي أمامه فلسان حال ابتسامته تتلو لمن خلفه {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (الصف : 10-13)



وكأنني به وهو ينظر إلى من في الدنيا من المسلمين ويقول لهم {انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } (التوبة : 41)



رجل جاهد في سبيل الله في أفغانستان والبوسنة والجزائر والصومال وجزيرة العرب لأكثر من عقد من الزمان ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم "من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة ، وجبت له الجنة" (أبو داود\صحيح) ، وفواق الناقة : بضع ثوانٍ !!



تعساً لقاتل هذا المجاهد كيف يمشي على الأرض بين المسلمين !! كيف يلقى الله ويده قد تلطخت بدم هذا المرابط الذي لا زال يذود عن حياض المسلمين وعن حريمهم !!



أقول له إن كان مسلماً : تُب إلى الله وتضرّع إليه وابكي بين يديه فقد أحدثتَ في الإسلام ثلمة بقتلك مسلماً فرح لمقتله رؤوس الكفر من اليهود والنصارى !!



تُب فلعلّك تكون ممن قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهم "يضحك الله إلى رجلين ، يقتل أحدهما الآخر، يدخلان الجنة: يقاتل هذا في سبيل الله فيقتل ، ثم يتوب الله على القاتل، فيستشهد" (البخاري) .. تب وكفّر عن عملك هذا فإنه والله لن يسرّك أن تلقى الله بدم عبد العزيز : الذي أعز الله به الدين ..



انظر إلى صورته تعلم علم يقين أنه ليس بكذّاب .. انظر إلى وجهه المتهلل تعرف حقيقة من عاداه .. انظر إلى سكونه وسكينته واقرأ تصريحات بوش وبلير تعلم أنك كنت مجازفاً لما أقدمت على ما أقدمت عليه ..



انظر : هل تستطيع أن تلقى مسلماً واحداً بفعلتك هذه !! هل تستطيع أن تقول لمسلم في قلبه ذرة من إيمان : أنك قتلت المجاهد عبد العزيز المقرن وإخوانه !!



جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة. ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار. أنتم شهداء الله في الأرض. أنتم شهداء الله في الأرض. أنتم شهداء الله في الأرض " .. انظر كم مسلم على وجه الأرض أفجعته بقتلك سيد من سادات المسلمين !! كم مسلم يدعو عليك اليوم !!



لقد أعرض النبي صلى الله عليه وسلم عن وحشي (قاتل حمزة) حتى بعد أن أسلم وتاب ، وها هم المسلمون - الذين هم شهداء الله في خلقه ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم شاهد على أمته - يُعرضون عنك لفعلتك هذه ، فهل تتوب وتستغفر الله الذي أمرك بإغاضة الكفار وأنت قد أرضيتهم أيما إرضاء !! لقد أمرك الله أن تكون غليضاً على الكفار ، رحيما بالمؤمنين ، وها أنت تقتل المؤمنين من أجل رضى الصليبيين !! لقد قتلت أبا هاجر لقتله علج كافر حربي معتدٍ على أعراض المسلمين ، والرسول صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأنه "لا يُقتل مسلم بكافر" !!



هذه الكلمات لقاتل أبي هاجر ، ولمن شارك في قتله ، وذلك لأنه "لو أن أهل السموات والأرض اجتمعوا على قتل مسلم : لكبّهم الله جميعا على وجوههم في النار" (صحيح لغيره : صحيح الترغيب 2443) ، هذا في آحاد المسلمين ، فما بالكم فيمن يقتل المجاهدين في وقت تكالبت الأمم على الإسلام ولم يبقى إلا هذه العصابة المسلمة تذود عن حمى الدين !!





إلى أمي : أم عبد العزيز



لقد قلت هذه الكلمات لأمي أم "الخطّاب" وأقولها اليوم لأُختها .. لأمي "أم عبد العزيز" :



أبشري أماه" فـ "لا يجتمع على عبد غبار في سبيل اللَّه ودخان جهنم" (الترمذي ، وقال : حسن صحيح) ، وكم اغبرت قدما ابنك في ساحات الجهاد يا أماه !!



أبشري أم عبد العزيز فـ "عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية اللَّه ، وعين باتت تحرس في سبيل اللَّه" (الترمذي : وقال حديث حسن) ، وكم حرس ابنك ثغور الإسلام يا أماه !!



أبشري أم عبد العزيز فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "رأيت الليلة رجلين أتياني فصعدا بي الشجرة فأدخلاني داراً هي أحسن وأفضل لم أر قط أحسن منها ، قالا: أما هذه الدار فدار الشهداء" (البخاري) ، فنعم الدار تلك يا أماه ..



أبشري أم عبد العزيز فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم من مس القرصة" (الترمذي وقال : حسن صحيح) ، فلا تأسي على ما رأيتِ على جسده يا أماه ..



أبشري أم عبد العزيز فابنك لم يزل حيّا "وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ" (154 البقرة) .. اللهم اجعله منهم ..



أبشري أم عبد العزيز فليس مثل ابنك يموت "وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا ءَاتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ" (آل عمران : 169-171) .. اللهم أنعم عليه وارزقه واجعله من الفرحين ..



غاية المؤمن أن يلقى الردى ......... باسم الوجه سروراً ورضى



أبشري أم عبد العزيز فابنك أصابه من الكرامة ما ليس بعدها "ما من عبد يموت ، له عند الله خير لا يسره أن يرجع إلى الدنيا ، وأن له الدنيا وما فيها ، إلا الشهيد لما يرى من فضل الشهادة ، فإنه يسره أن يرجع إلى الدنيا ، فيُقتل مرّة أخرى" (البخاري) ، وفي لفظ "فيُقتل عشر مرات لما يرى من الكرامة" .. اللهم أكرم نزل عبدك عبد العزيز ..



أبشري أم عبد العزيز فقد "قالَ صلى الله عليه وسلم لأم الحارث بنت النعمان ، وقد قُتل ابنها معه يوم بدر ، فسألته أين هو ؟ قال: إنه في الفردوس الأعلى" (البخاري) .. اللهم إن دمه اهريق في سبيلك وأنت أكرم الأكرمين ..



أبشري أم عبد العزيز فـ "إن أرواح الشهداء في جوف طير خضر ، لها قناديل معلّقة بالعرش ، تسرح من الجنّة حيث شائت ، ثم تأوي إلى تلك القناديل ..." (مسلم) .. فاسألي الله أن يكون ابنك منهم ..



أبشري أماه فإن "الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء ، يخرج عليهم رزقهم بُكرة وعشيّة " (أحمد \ صححه ابن حبان) .. اللهم ارزق عبد العزيز من تلك الأنهار والثمار ..



أبشري أماه فإن الرجال قد شهدوا لإبنك بأنه ما تأخر عن الصف الأول " أفضل الشهداء الذين إن يلقوا في الصف الأول لا يلفِتون وجوههم حتى يُقتلوا ، أولئك يتلبّطون في الغرف العلى من الجنة ، ويضحك إليهم ربك ، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا ، فلا حساب عليه" (أحمد) .. اللهم اجعل عبد العزيز ممن يدخلون الجنة بغير حساب ..



اصبري أماه واحتسبي ابنك عند الله ، فإن رحل ابنك فأبناء الأمة كلهم لك أبناء .. أماه: ان ابنك في مكان يغبطه عليه الأنبياء .. أماه: إن لإبنك من الفضل عند الله ما يسرّكِ وتقر به عيناك ، فأبشري "إإن للشهيد عند الله خصالاً :



1- أن يغفر له من أول دفعة من دمه (فاحمدي الله يا أماه)

2- ويُرى مقعده من الجنة (فقرّي عيناً يا أماه)

3- ويُحلّى حِلية الإيمان (فهذا والله العز يا أماه)

4- وَيجار من عذاب القبر (فاسألي الله من فضله يا أماه)

5- ويأمن من الفزع الأكبر (رابط الجأش في الدنيا والآخرة يا أماه)

6- ويوضع على رأسه تاج الوقار ، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها (هذا والله المُلك يا أماه)

7- ويزوّج اثنتين وسبعين من الحور العين (وهل مثل ابنك خاطِبٌ يا أماه)

8- وَيُشفعَ في سبعين من أهله (فهنيئاً لك يا أماه) . (أحمد ، وصححه الترمذي)



ابنك غادر الدنيا ولسان حاله يقول :



سأبقى في جبين الدهر ...... وشما ليس ينفصل

أشرع هامتي للنار ....... للأشواك أنتعـل

وأرقب هبة الإيمان ..... يحدوها الشذى الخضل

وكل قذيفة يشدو ....... على أنغامها الأمل



اللهم اكرم نزله ، ووسع مدخله ، وتقبله في الشهداء .. اللهم إنا نشهد له بالخير شهادة نلقاك بها فتقبل شهادتنا .. اللهم باعد بينه وبين خطاياه كما باعدت بين المشرق والمغرب ، ونقه من الخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس ، واغسله بالماء والثلج والبرَد . اللهم اجعله مع الصديقين والشهداء والصالحين وألحقنا بهم .. اللهم تقبله شهيدا .. اللهم تقبله شهيداً .. اللهم تقبله شهيداً .. اللهم ارزقنا تلك الإبتسامة حين نلقاك ..



عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إذا وقف الناس للحساب ، جاء قوم واضعو سيوفهم على عواتقهم تقطر دماً فازدحموا على باب الجنة فقيل : من هؤلاء ؟ قيل : الشهداء كانوا أحياء مرزوقين" (حسن: الطبراني في مسند الشاميين)



اللهم أحينا على الجهاد ، وأمتنا على الجهاد ، واحشرنا في زمرة المجاهدين ..



والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

كتبه

حسين بن محمود

3 جمادى الأولى 1425هـ