تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ختمت حياته متفجرة في مستوعب نفايات وهو يجمع الخردوات



no saowt
06-14-2004, 12:00 AM
من قتل الشاب ناجي أحمد الفوال؟

من الذي أطاح برب عائلة من زوجة وسبعة أولاد أصغرهم في الثانية من عمره؟

من المسؤول عن المصير الذي آل اليه هذا البارع في النجارة والذي لم يجد عملاً فاضطر الى التماس رزقه من مستوعبات النفايات فتنفجر فيه قنبلة تختم حياته المنكودة؟

أسئلة لم تغادر مخيلة مشيعي الضحية ناجي أحمد الفوال ظهر يوم الخميس الماضي، وبعد أيام من اقرار مبلغ 50 مليون ليرة في مجلس الوزراء لضحايا حي السلم الخمسة، ولكن يبدو أن المسؤولين قد فاتهم ان هناك ضحية سادسة في حي السلم ولكنها هذه المرة في طرابلس، والفارق ان دواعي استشهاد الفوال لم تصل الى مجلس الوزراء الى الآن وبقيت أصداؤها رهينة أهله في "خان العسكر" الدرويش، وجارته باب التبانة والسويقة والقبة والأسواق الداخلية·

لم يعد ناجي احمد الفوال مساء الاربعاء الى منزله المتواضع في شارع لطيفة في الزاهرية بعد أن صلى العشاء في مسجد أبي القاسم، ولم يرغب في العودة الى عائلته يجمع علب الفلين والكرتون يسويها ويربطها خلف دراجته قبل أن يلمح من بعيد مستوعباً للنفايات، ظن انه سيجد فيه بعض الخردوات في باب التبانة، او يعثر على أدوات منزلية ألقاها مترفون بعد أن اشتروا اخرى جديدة·· وصدق ظنه فقد وجد المستوعب طافحاً بالنفايات المنوعة واستبشر بأنه سيحظى بصيد ثمين ينهي مأساته اليومية، ولكن ناجي الفوال لم يدرك ان نهاية مأساته الى الأبد ستكون طيّ متفجرة أطاحت به ولتضع حداً لمعاناته مع لقمة العيش المغمسة فعلاً بالدم·

أسرته المفجوعة

لا تزال سميرة دلال غير مصدقة ان زوجها لم يعد الى الآن، رغم تأكيدها على الايمان بقضاء الله وقدره، وقد بدت هادئة ساهمة وهي تسرد لـ "اللواء" - بعد أن اعتذرت عن التصوير قصة كفاح زوجها، ذلك الحرفي الماهر في النجارة والموبيليا، ولكن منذ سنوات لم يعد يجد عملاً فاضطر الى تعاطي بيع الخردوات في سوق الأحد، حريصاً على اللقمة الحلال، وكان يبيع علب الفلين والكرتون بأثمان بخسة ليؤمن قوت يومه وبعض مصاريف أولاده السبعة·

وتبدأ مآسي ناجي الفوال مع فيضان نهر أبو علي الذي أطاح بمنزل ذويه فانتقلوا الى احدى غرف خان العسكر تضيق به وبأخوته، وهو الحريص على أن يعمل ليقدم لهم أجره الزهيد، ثم تزوج في غرفة ضيقة في نفس الخان وسافر الى ليبيا ليعود بثمن منزل متواضع في شارع لطيفة·

وإذا كان ناجي فقد فرص عمل في مهنته فإنه لم يفقد الايمان بالله وظل حريصاً على صلواته ونوافل صومه يحدوه اليقين بأن الدار الآخرة خير له من الأولى، كما كان يردد دائماً أمام زوجه وأولاده·

ونتعرف الى اولاده فيحدثنا أحمد (21 سنة) عن نفسه فنعلم انه يقضي الشهر الاخير في "خدمة العلم" في معسكر عرمان، ويعرب عن قلقه في أنه لن يجد أي عمل له يساعد فيه أخوته، ويرجو عبر "اللواء" من بيدهم الخير ان يؤمنوا له فرصة عمل كي لا تزداد مأساة عائلته·

أما بقية أخوته، فهم على التوالى ابراهيم (19 سنة) لا عمل له أيضاً، ومحاسن (17 سنة) طالبة في معهد متوسط للتمريض، والاثنان يأملان بفرص عمل، ويوسف (13 سنة) لا يزال في الصف الرابع الابتدائي لكثرة تسربه من المدرسة ورسوبه بسبب انهماكه في تلمس رزق العائلة، ويونس (12 سنة) في الرابع ابتدائي أيضاً، وزينب (10 سنوات) في الصف الثالث ابتدائي·

وآخر العنقود محمود (سنتان ونصف) يقف متعلقاً بدراجة أبيه يدعو أخاه الاكبر أحمد كي يعينه على ركوبها··

كما اعتاد على ذلك مع والده الذي لن يعود·

ويقودنا شقيقه الاصغر هيثم الذي رافقنا في هذا الحوار الى المستوعب "المجرم" الذي قَضى على أخيه، ويقول: أخي كان ضحية الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعاني منه الكثيرون·· ومن مآسيه انه قضى بعد انتهاء الانتخابات البلدية حيث يخف عدد المعزين والمتجولين من المرشحين على المنازل يسألون عن أوضاع الناس··

وإننا لنرفع صوتنا عبر جريدتنا "اللواء" الى نواب طرابلس ووزرائها والى الرؤساء الثلاثة ليحملوا قضية أخي ناجي وينظروا في أمر عائلته، فنحن كلنا "على قدنا"، ونأمل ان يتم تكفل هؤلاء الاولاد القصّر وتأمين فرص عمل للراشدين، وهذا أقل تعويض لضحية البطالة والوضع الاقتصادي المتردي·

عبد القادر الاسمر




--------------------------------------------------------------------------------