تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : باب ما يباح من الغيبة



أم ورقة
05-22-2004, 06:44 AM
إعلم رحمك الله أن الغيبة تباح لغرض صحيح شرعي لا يمكن الوصول إليه إلا بها ، وهو بستة أسباب :‏

الأول: التظلم ، فيجوز للمظلوم أن يتظلم إلى السلطان والقاضي وغيرهما ممن له ولاية ، أو قدرة على ‏إنصافه من ظالمه ، فيقول : ظلمني فلان بكذا .‏

الثاني: الاستعانة على تغيير المنكر ، ورد العاصي إلى الصواب ، فيقول لمن يرجو قدرته على إزالة المنكر ‏‏: فلان يعمل كذا ، فازجره عنه ونحو ذلك ويكون مقصوده التوصل إلى إزالة المنكر ، فإن لم يقصد ذلك كان ‏حراماً .‏

الثالث: الاستفتاء ، فيقول للمفتي : ظلمني أبي أو أخي ، أو زوجي ، أو فلان بكذا فهل له ذلك ؟ وما ‏طريقي في الخلاص منه ، وتحصيل حقي ، ودفع الظلم ؟ ونحو ذلك ، فهذا جائز للحاجة ، ولكن ‏الأحوط والأفضل أن يقول : ما تقول في رجل أو شخص ، أو زوج ، فكان من أمره كذا ، فإنه يحصل ‏به الغرض من غير تعيين ، ومع ذلك ، فالتعيين جائز كما جاء في حديث هند [ فعن عائشة رضي ‏الله عنها قالت : قالت هند امرأة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم إن أبا سفيان رجل ‏شحيح وليس يعطيني ما يكفيني وولدي إلا ما أخذت منه ، وهو لا يعلم ؟ قال :" خذي ما يكفيك ‏وولدك بالمعروف " متفق عليه ] .‏

الرابع: تحذير المسلمين من الشر ونصيحتهم ، وذلك من وجوه : ‏
منها جرح المجروحين من الرواة والشهود وذلك جائز بإجماع المسلمين ، بل واجب للحاجة ، ومنها ‏المشاورة في مصاهرة إنسان ، أو مشاركته ، أو إيداعه ، أو معاملته ، أو غير ذلك ، أو مجاورته ، ‏ويجب على المشاور أن لا يخفي حاله ، بل يذكر المساوي التي فيه بنية النصيحة ، ومنها إذا رأي ‏متفقها يتردد إلى مبتدع ، أو فاسق يأخذ عنه العلم ، وخاف أن يتضرر المتفقه بذلك ، فعليه ‏نصيحته ببيان حاله ، بشرط أن يقصد النصيحة وهذا مما يغلط فيه . وقد يحمل المتكلم بذلك ‏الحسد ، ويلبس الشيطان عليه ذلك ، ويخيل إليه أنه نصيحة فليتفطن لذلك .

ومنها أن يكون له ولاية لا يقوم بها على وجهها : إما بأن لا يكون صالحاً لها ، وإما بأن يكون فاسقاً ، ‏أو مغفلا ، ونحو ذلك فيجب ذكر ذلك لمن له عليه ولاية عامة ليزيله ، ويولي من يصلح ، أو يعلم ‏ذلك منه ليعامله بمقتضى حاله ، ولا يغتر به ، وأن يسعى في أن يحثه على الاستقامة أو ‏يستبدل به .‏

الخامس : أن يكون مجاهراً بفسقه أو بدعته كالمجاهر بشرب الخمر ، ومصادرة الناس ، وأخذ المكس ، ‏وجباية الأموال ظلماً ، وتولي الأمور الباطلة ، فيجوز ذكره بما يجاهر به ، ويحرم ذكره بغيره من ‏العيوب ، إلا أن يكون لجوازه سبب آخر مما ذكرناه .‏

السادس : التعريف ، فإذا كان الإنسان معروفاً بلقب ، كالأعمش ، والأعرج ، والأصم ، والأعمى ، والأحوال ، ‏وغيرهم جاز تعريفهم بذلك ، ويحرم إطلاقه على جهة التنقيص ، ولو أمكن تعريفه بغير ذلك كان ‏أولى ، فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليه ، ودلائلها من الأحاديث الصحيحة ‏مشهورة ، فمن ذلك :‏

‏* عن عائشة رضي الله عنها ، أن رجلاً استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : "ائذنوا له ، ‏بئس أخو العشيرة " متفق عليه . واحتج به البخاري في جواز غيبة أهل الفساد وأهل الريب .‏

‏* وعنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما أظن فلاناً وفلاناً يعرفان من ديننا شيئاً " رواه ‏البخاري . قال : قال الليث بن سعد أحد رواة هذا الحديث : هذان الرجلان كانا من المنافقين .‏

‏* وعن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها قالت : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : إن أبا الجهم ‏ومعاوية خطباني ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أما معاوية ، فصعلوك لا مال له ، وأما أبو ‏الجهم ، فلا يضع العصا عن عاتقه " . متفق عليه . وفي رواية لمسلم " وأما أبو الجهم فضراب للنساء " . ‏وتفسير " لا يضع العصا عن عاتقه " قيل معناه كثير الأسفار .‏

‏* وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في سفر أصاب ‏الناس فيه شدة ، فقال عبدالله بن أبي : لا تنفقوا على من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ‏ينفضوا ، وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنا الأعز منها الأذل ، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ‏فأخبرته بذلك ، فأرسل إلى عبدالله بن أبي ، فاجتهد يمينه : ما فعل ، فقالوا : كذب زيد رسول الله صلى ‏الله عليه وسلم ، فوقع في نفسي مما قالوه شدة حتى أنزل الله تعالى تصديقي ، [ إذا جاءك المنافقون ] ‏ثم دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم . متفق عليه .‏

‏( هذا حسبما جاء في كتاب رياض الصالحين للإمام النووي رحمه الله تخريج محمد ناصر الدين الألباني ) .‏

أبو مُحمد
01-27-2008, 12:03 AM
تذكرة طيبة وبارك الله فيك

مقاوم
01-27-2008, 03:51 AM
موضوع مهم ومكانه في ركن الفتاوى.