تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حـدود الأخـلاق



مجاهده
10-14-2002, 07:40 PM
للأخلاق حد متى جاوزته صارت عدواناً ، و متى قصرت عنه كان نقصاً و مهانه .

فللغضب حد و هو الشجاعة المحمودة و الأنفة من الرذائل و النقائص ، و هذا كماله . فإذا جاوز حدّه تعدى صاحبه و جار ، و إن نقص عنه جبن و لم يأنف من الرذائل .

و للحرص حد و هو الكفاية في أمور الدنيا و حصول البلاغ منها ، فمتى نقص من ذلك كان مهانة و إضاعة ، و متى زاد عليه كان شرهاً و رغبه فيما لا تحمد الرغبة فيه .

وللحسد حد وهو المنافسه في طلب الكمال و الأنفةُ أن يتقدم عليه نظيره ، فمتى تعدّى ذلك صار بغياً و ظلماً يتمنى زوال النعمه عن المحسود و يحرص على إيذائه ، و متى نقص عن ذلك كان دناءة و ضعف همّـه و صغر نفس .

و للشهوة حد و هو راحة القلب و العقل من كد الطاعه و اكتساب الفضائل و الاستعانه بقضائها على ذلك ، فمتى زادت على ذلك صارت نهمة و التحق صاحبها بدرجة الحيوانات ، و متى نقصت عنه و لم يكن فراغاً في طلب الكمال و الفضل كانت ضعفاً و عجزاً و مهانه .

و للراحة حد و هو إجمام النفس و القوى المدركه الفعّاله للإستعداد للطاعه و اكتساب الفضائل و توفرها على ذلك بحيث لا يُضعفها الكد و التعب و يضعف أثرها ، فمتى زاد على ذلك صار توانياً و كسلاً و إضاعه و فات به أكثر مصالح العبد ، و متى نقص عنه صار مُضّراً بالقوى موهناً لها و ربما انقطع به .

و الجود له حد بين طرفين ، فمتى جاوز حده صار إسرافاً و تبذيراً ، و متى نقص عنه كان بخلاً و تقتيراً .


و الغيره لها حد اذا جاوزته صارت تهمه و ظناً سيئاً بالبرئ ، و اذا قصّرت عنه كانت نغافلاً و مبادئ دياثه .

و للتواضع حد اذا جاوزه كان ذلاً و مهانه ، و من قصر عنه انحرف الى الكبر و الفخر .

و للعزِّ حد اذا جاوزه كان كبراً و خلقاً مذموماً ، و إن قصّر عنه انحرف الى الذلّ و المهانه .

و ضابط هذا كله العــــدل ، و هو الأخذ بالوســط الموضوع بين طرفي الإفراط و التفــريط .

فخير الأمــور الوســط
___________________________________ _________
الفوائــــــد
ابن قيم الجوزيه