تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : العالم العربي بين خيّار الفلوجة وخيّار سوبر ستار!



ismail
04-16-2004, 09:21 PM
بقلم / يحي أبوزكريا .

على الرغم من التحديّات الكبيرة المحدقة بالعالم العربي، وعلى الرغم من سوداوية الواقع السيّاسي والإقتصادي والثقافي والأمني والحضاري فإنّ البعض يحاول القفز على هذا الواقع بخيارات لن تزيد الواقع العربي غير التراجع والإنحطاط من قبيل ثقافة سوبر ستار الذي تبثّه قناة تحمل شعار المستقبل والقادم من الأيام.

وفي الوقت الذي أعدّت فيه الأمم المتحضرة مراكز حيوية لإستشراف المستقبل وسبل تطوير كافة القطاعات في مجالات التقنيّة والصناعة والمعلوماتية، فإنّ البعض يرى المستقبل العربي أغنية ماجنة وحنجرة متعفنة ورسم مسار لشبابنا العربي بإتجّاه العفونة والترهل الفكري والكساح الثقافي. وتتمحور حول ثقافة سوبر ستار مجموعة كبيرة من النخب والأنظمة والتيارات والقوى ووسائل الإعلام والأجهزة الأمنية التي ترى أنّ العالم العربي لن ينجو إلاّ بتسفيه القيّم والدوس على كبريات القضايا ونسيان الماضي والترفع على الديماغوجيا بتعبير أصحاب نهج ثقافة الميوعة، وفي مقابل ثقافة الميوعة هناك ثقافة الفلوجة هذه الثقافة التي تستحضر موروثنا الحضاري وتنظر إلى المستقبل بعين ثاقبة قوامها الانطلاق من الذات والمقومات الحقيقية لصناعة النهضة، فالنهضة والمشروع الحضاري المتطوّر حسب ثقافة الفلوجة يبنيها أبناء الوطن العربي والإسلامي وليس أمريكا وحلفاؤها الغربيون، والمجد تصنعه الأيدي والعقول والنفوس الأبيّة لا الأغنيات الهابطة التي خدشت العفّة والحياء.
واتجاه العفونة الذي تعمل جهات رسمية وغير رسمية على ترويجه وتكريسه في العالم العربي له ما يشبهه في تاريخنا الإسلامي عندما كانت القلاع الإسلامية تدكدك والجغرافيا الإسلامية تستباح والرسميون الولاة والأمراء يتقاسمون الجواري الحسان ويستقدمون أهل المجون والطرب ليملأوا بلاطهم بأصواتهم وطبولهم التي حالت دون أن يسمع هذا الأمير أو ذاك سنابك خيل الفرنجة و"المغول" وهي تستقطع الولاية تلو الولاية حتى ضاع مجدنا التليد العتيد ومجدنا الراهن وربما مجدنا القادم!

ولولا الفلوجة ونظيراتها في العالم العربي والإسلامي ولولا ثقافة الفلوجة التي عرّت ثقافة العفونة حيث بات الطرب مدخلا إلى المجون والعهر والفساد المنظّم – لدى الأجهزة الأمنية العربية مئات الملفات التي تطاول مطربين ومطربات عرب تاجروا في المخدرات أو تعاطوها أو مارسوا الدعارة بشكل جماعي وعلى سبيل المثال فقد إعتقل جهاز أمني عربي ذات يوم مجموعة كبيرة من الفنانين والفنانات في شقة واسعة في لبنان وكان الجميع في حالة عري يمارسون الفواحش المعروفة وغير المعروفة على حدّ سواء وجرى التكتّم على الخبر حفاظا على الفنّ العربي لأنّ الأشخاص المعتقلين كما أخبرني المحررّ القضائي في الجريدة اللبنانية التي كنت أعمل فيها ثقيلة للغاية وهي في واجهة الخارطة الفنية العربية.

ولأنّ هذه الثقافة الهابطة كثيرا ما تؤدّي إلى المجون والسقوط والشهوات والملذات والربح السريع والإبتعاد عن المشقّة وعدم إزعاج الغرب الذي يتجاوب مع هذه الثقافة فإنّ القطاعات الرسمية وغيرها تمكّن لمثل هذه الثقافة وتحاصر ثقافة الفلوجّة وجنين هذه الثقافة التي تسعى لتحرير الوطن العربي من الطاغوت العالمي والطواغيت المحليين الذين ينزعجون من الثقافة الجادة، هذه الثقافة التي باطنها العزّة وظاهرها الكرامة.

وإنّه من العيب الكبير على نظمنا كما على بعض شرائحنا الشعبية وفي عصر تنحر فيه رقاب رجال ونساء في الفلوجة من قبل الآلة العسكريّة الأمريكية أن تندلع حناجر المستقبل وسوبر ستار تغنى للهوى الماجن وسط بعض الممثلين الذين يضحكون على هذه الأصوات بعد أن يغادر المطرب الموعود والفنان القادم .

إنّ الراهن العربي ليس في حاجة إلى أصوات وسوبر ستار ، إنّ الراهن العربي في حاجة إلى رجال وأشاوس وأبطال كأبطال الفلوجة وجنين ، هؤلاء وحدهم النجوم والشموس الذين بهم لا بغيرهم ينجو واقعنا العربي والإسلامي من الأمركة والصهينة والتغريب ومن الظلم والإستعباد والإستبداد، وستؤكّد الأيام القادمة أن ثقافة الفلوجّة أبقى وأخلد وأدوم وأشدّ فعاليّة من ثقافة الأصوات المزورّة التي هي أقرب إلى النهيق منه إلى الطرب!! (بتصرف...) ;)