تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وشهد أسياد آل سعود دفن المعارضين في الصحراء



غسان بابتي
03-28-2004, 10:39 PM
بعد أن سلم لانجليز قادة الأخوان للملك عبد العزيز في (خباري وضحا) كان من المعتقد أن مصيرهم سيكون الهلاك في أقرب فرصة ، رغم أن الانجليز احتاطوا لأنفسهم بأن طلبوا تعهدا من الملك بعدم اعدامهم وذلك خوف أن يتجه عداء القبائل العربية في البلاد ضدهم أكثر مما كان عليه . . وحتى هذا التعهد لم يكن ذا أهمية ولم يشكل رادعا لابن سعود بعدم قتلهم " .

في الوثيقتين البريطانيتين التاليتين توضيح لمآل قادة الأخوان .

الوثيقة الاولى تحمل رقم (E 6693 – 884 – 91 ) ومؤرخة في الثاني من نوفمبر 1933 م صادرة عن المعتمدية السياسية البريطانية في الكويت .. تقول الوثيقة :

" زودني شيخ الكويت بالمعلومات التالية في 19 / 10 / 1933 .

في الثامن عشر من أكتوبر 1933 قدم أحد أفراد قبيلة العجمان يعمل في خدمة الكويت ، قدم من الرياض .. وأفاد بأنه أصبح من المؤكد أن سجناء الرياض الذين عمت شهرتهم الافاق الآن وهم : نايف بن حثلين ، وابن لأمي ، وابن حميد " سلطان بن بجاد " قد قتلوا بناء على أوامر ابن سعود . يظهر أنهم أرسلوا في ثلاث شاحنات إلى الهفوف ـ كما يبدو ـ وذلك لطلب تقدم به ابن جلوي منذ زمن طويل ، بأن يترك له أمر التصرف بالمساجين .. ولكن يبدو أن الشاحنات لم تصل الهفوف أبدا ، ولكنها عادت فارغة إلى الرياض في اليوم التالي . ولقد شاع في كل مكان في الرياض أن السجناء قد أطلق عليهم الرصاص وقتلوا ثم دفنوا في رمال (الدهناء) على يد جماعة أرسلها ابن جلوي لاستلام السجناء .

إن قصة قتل هؤلاء البؤساء سيئي الحظ قد وصلت إلى الكويت من عدد كبير من المصادر خلال شهري سبتمبر وأكتوبر 1933 إلى درجة لا يسعني معها إلا التوصل إلى النتيجة المؤسفة وهي أن هذه القصة صحيحة .

أما قبائل عجمان ومطير ـ والتي كانت ما تزال تأمل بأن قائديهما : ابن حثلين وابن لأمي ، ما يزالان على قيد الحياة ، فقد رفضت أن تصدق أن يسمح ابن سعود لنفسه باقتراف عمل جبان خسيس كهذا ، إلا أنه حتى تلك القبائل قد استسلمت لتصديق ما يبدو أنه الحقيقة مؤخرا ( أي حقيقة خبر مقتل الزعيمين ) .

ويقال أنه لم يرافق السجناء سوى حرس ابن سعود الشخصي من العبيد حين انطلقوا بالشاحنات وأنه حتى سائقي السيارات كانوا من العبيد .. ولذا لم يكن هناك شهود عيان عرب على هذه الفعلة فالعبيد لا يتكلمون أبدا .

وعلى كل حال فإن هناك ثلاثة أمور مؤكدة تأكدت أيضاً من تقارير قبائل العجمان ومطير :

أ ـ أن السجناء انطلقوا فعلا صوب الهفوف وأنهم شوهدوا .

ب ـ المرأة العجمانية المسنة والتي كانت تعد طعام السجناء وترسله اليهم في السجن يوميا أخبرت بأنه لم يعد هناك حاجة لأن تعد الطعام ، لأن السجناء قد توجهوا في اليوم السابق إلى الاحساء .

ج ـ إن السجناء لم يصلوا إلى الهفوف أبدا لقد أقسم ابن جلوي " عبد الله بن جلوي " عدة مرات وعلى مسمح من الناس بأنه سيقضي على حياة نايف بن حثلين وذلك للدور الذي لعبه في مقتل ابنه فهد بن جلوي عام 1929 وأن يعدم ابن لأمي وابن حميد إذا ما وقعا يوما في يده ".

أما الوثيقة الثانية فرقمها ( E 185 – 185 -25 ) ومؤرخة في 3 يناير 1934 وصادرة أيضاً من المعتمدية السياسية في الكويت . ومما جاء في الوثيقة التالي :

( " أخبرني جمعة ( جمعة محمد يحيي صومالي الاصل وهو سائق سيارة ابن سعود الثانية) في 26 نوفمبر 1933 أنه كان شخصيا حاضرا حين نقل السجناء من سجن الرياض .. الظروف كانت كالتالي :

1 ـ ست من سيارات ابن جلوي من نوع بيويك ـ 8 سلندر ـ وصلت إلى الرياض من الهفوف قبل أسبوع واحد من وصول شيخ قطر إلى الرياض في الأول من سبتمبر 1933 محضرة زوجة الأمير فيصل ـ الملك فيصل فيما بعد ـ ( وهي حفيدة ابن جلوي ).

2 ـ اغتنم ابن سعود الفرصة لارسال السجناء التالية أسماؤهم إلى الهفوف بالسيارات نفسها ، وهم : سلطان بن حميد (ابن بجاد) ونايف بن حثلين وابن لأمي وأربعة عشر شيخا عربيا آخرين من شيوخ القبائل .

3 ـ خلال عملية النقل مورست اقصى السرية المطلقة وجرت في الساعة الحادية عشرة والنصف ليلا .. ووضعت حراسة مشددة على كل الطرقات المؤدية إلى السجن كما منع السائقون من استخدام أبواق سياراتهم سواء في الرياض أو حين الوصول في الهفوف .

4 ـ حين أخرج السجناء من زنازنهم بدا عليهم المرض والاعياء الشديد . كانت ذراع ابن حثلين اليسرى ما تزال في الجبائر نتيجة ما تعرض له من الضرب والجلد حين اشتبه بأنه له ضلعا في محاولة هروب شيخ العتيبة في الصيف الماضي (سبق أن أخبرتكم عنها) .

(المقصود هنا هو شيخ (صقير) أحد أفرع قبيلة العتيبة وكان أودع في سجون الرياض ضمن قادة الأخوان وقد حاول الهرب من السجن لكن محاولته باءت بالفشل إذ انقطع الحبل الذي استخدمه للهبوط من أعلى السور ، وحينها قتل رميا بالرصاص أمام الجميع في الساحة العامة انظر الوثيقة رقم ( 88491 E 1780) والمؤرخة في 4 / 4 / 1933) .

5 ـ تحركت السيارات عند منتصف الليل تحت حراسة ثمانية عشر من العبيد المختارين بعناية ـ من عبيد ابن جلوي ـ حيث سارت سيارة الشيفروليت في المقدمة ثم السيارات الشاحنة الاربع في الوسط ثم سيارة بيويك كبيرة في المؤخرة .

6 ـ دخلت القافلة الهفوف أيضاً عند منتصف الليل (التالي على ما يبدو ـ المترجم) وبسرية تامة حيث وضع السجناء في سجن القلعة / الكوت (أو سجن العبيد كما يسمى ـ المترجم ) في زنازين تحت الأرض .

7 ـ تلقى جمعة تفاصيل اخبار الرحلة من السائق الصومالي لسيارة البيويك الكبيرة / 8 سلندر وهو صديقه والذي عاد إلى الرياض بعد ثمانية أيام من مغادرتهم لها ، وذلك برفقة عبد الله بن ثاني شيخ قطر .

8 ـ هذا السائق اخبر جمعة أن السجناء إن لم يكونوا قد أعدموا سرا من قبل ابن جلوي حتى الآن ـ ويرى الحرس من العبيد أنهم سيعدمون ـ فإنهم لن يبقوا على قيد الحياة ويتحملوا زنازن السراديب حيث لا يدخل ضوء على الاطلاق .

9 ـ يرى جمعة أن الملك اراد لهم أن يصفوا جسديا بالسر ، ولهذا ارسلهم إلى ابن جلوي.

اعتقد أن القصة التي أوردتها أعلاه هي الصحيحة من بين كل الشائعات المتناقضة التي وصلت الكويت حول اعدام سجناء الرياض . كما أنني لا أعتقد أن هؤلاء السجناء يمكن أن تتوفر لهم فرصة من الامل (في الحياة) مهما قلت بمجرد أن يقعوا بين يدي ابن جلوي امير الاحساء غير الكريمتين .

ومنذ ذلك اليوم أي منذ ظهور تلك الشائعات انقطعت أخبار قادة الأخوان الذين صفوا في سجن العبيد الرهيب أو قتلوا رميا بالرصاص ثم دفنوا في رمال صحراء (الدهناء) .