تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : لماذا نصنع من الشراب الحلو ليموناً حامضاً؟!!



من لبنان
03-25-2004, 06:56 PM
التقيته اكثر من مرة وهو يفسح لنا الطريق كي نمر على الممر المخصص للعربات ينتظر بهدوء وسكينة منقطعي النظير وعندما نقترب منه يسأل الله لأمي الشفاء ويمضي الى حديقة المركز حيث يمضي أكثر أيام حياته. هو شاب في مقتبل العمر، يتنقل على كرسي متحرك، ويصنع الاجهزة الاصطناعية التي يؤمنها مركز التأهيل الطبي لذوي الحاجات الخاصة. هذه المرة التقيته في قاعة النادي الرياضي التابع للمركز يتنقل بين الاجهزة لا ليبني جسداً رياضيا بل في محاولة دائبة كي يحافظ على أطرافه الضعيفة. رحت اراقب تحركه باهتمام. ولكم كانت فرحتي كبيرة عندما استطاع ان ينهض من كرسيه ويمشي بين المتوازيين وظننت ان فرحته ستكون كبيرة ايضاً فهذا انجاز مهم يالنسبة الى حالته لكنه بقي ساكناً محافظاً على رباطة جأشه وتركيزه إلى ان انتهى من اول جهاز ثم انتقل الي جهاز آخر وبقيت قلقة ارقب حركاته وأسأل الله أن يتمكن من الوقوف وكدت اصرخ مهنئة اياه على نجاحه وهو بقي صامتا ساكنا لا يظهر أي انفعال مكباً على عمله. واستمرينا هكذا طوال ثلاث ساعات انا يطير قلبي فرحاً كلما استطاع ان ينجز تمرينه وهو هادئ وكأن على راسه الطير الى ان حان وقت رحيله فأجلس جسمه النهوك واطرافه الأربعة المسدلة على كرسيه ورحل على أمل لقاء متكرر في اليوم التالي. وبقيت مذهولة لفترة افكر يا ترى ما شعور هذا الشاب وهو مجبر على أن يمضي ثلاث ساعات من عمره يوميا في محاولة لأبقاء أطرافه في حالة مقبولة. ترى كيف يتقبل وجود هذه الأطراف ويبذل جهدا كبيرا كي ينقلها وهي وجدت اساساً كي تنقله. هنا طرأت على بالي صورة المذنبين يوم القيامة وهم يحملون اوزارهم على ظهوره فقلت عسى ان يكون حمله لأطرافه في هذه الدنيا كفارة له عن حمل اوزاره يوم القيامة وبدلا من أن اشفق عليه اشفقت على نفسي ومن الأوزار التي تثقل كاهلي وأنا أحملها على ظهري. وطرأت لي فكرة أُخرى لماذا نحن نشتكي من قلة الإمكانات المتاحة لنا للقيام بأي عمل جديد وخصوصاً فيما يتعلق بالدعوة في حين هذا الشخص لم يندب حظه ولم يتحسر على حاله ولم يترك الدنيا ويعتزل الناس بل انبت حيث زرع وهو وان كان مجبرا على البقاء في مركز التأهيل فقد جعل هذا المركز مركز عمله واستمر يجاهد في سبيل بقائه. وهو مستعد ان يستمر في القدوم الى النادي يوميا وان كان يعلم جيدا انه لا أمل له بالشفاء.
ونحن اصحاب الخلقة الكاملة والنعم الزائدة لا نرى من الشراب الحلو الذي بين ايدينا الا الليمون الحامض.
اللهم ارزقنا عملا صالحا يقربنا اليك ويرضيك عنا وبلغنا جنتك.

no saowt
03-25-2004, 10:21 PM
لا يراها إلا المرضى او من القى السمع

أم ورقة
03-26-2004, 06:43 AM
الله يعافينا

منير الليل
03-27-2004, 02:47 AM
شكرا لك أختنا من لبنان على هذه الكلمات النيّرة.