تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فن التعامل مع الزوج والزوجة @@@@@@@@@@@ الاسلام



aboumoujahed
03-21-2004, 09:15 PM
فن التعامل مع الزوجة
من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا أما بعد أيها الأحبة في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ويعلم الله كما أسلف أخي وقدم فإني أنا الذي أشعر بالسعادة والغبطة والسرور وأنا بين أخوة لي في هذه البلدة وشكر الله لأهل >الأحساء< حسن استقبالهم وترحيبهم ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجمعنا وإياهم في جنات النعيم وأن يجعلنا أخوة متحابين هذه ليلة الأحد الموافق للحادي عشر من الشهر الثاني في العام السادس عشر بعد الأربعمائة والألف وفي هذا الجامع المبارك جامع الخالدية بـ >الأحساء< نلتقي وإياكم في موضوع كما ذكر المقدم شطره الأول بعنوان فن التعامل مع الزوجة و أسال الله عز وجل أن يعيننا وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه وأن شطر هذا الموضوع الثاني الذي هو بعنوان السحر الحلال وفن التعامل مع الزوجة لا شك أيها الأحبة أن الزواج كلمة يرقص القلب لها طربا وينشرح الصدر لها طلبا وهي نعمة من أعظم نعم الله عز وجل على عباده قال تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) وركنا هذا الزواج هما الزوج والزوجة جمع الله بين هذين القلبين الغريبين وجعل بينهما مودة ورحمة وطمأنينة وسكينة وراحة واستقرارا وأنسا وسعادة وجعل القوامة بيد الرجل فقال عز وجل (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) وحديثي الليلة إلى صاحب هذه المملكة الصغيرة نعم فالزوج ملك لهذه الأسرة الصغيرة فيا أيها الملك إن أردت السعادة لهذه المملكة الصغيرة وأردت الاستقرار والراحة النفسية فلا بد من تحقيق هذه القوامة بأركانها وشروطها وآدابها الشرعية.
معنى القوامة في أسمى مراتبها
أن يحفظ المرء أنثاه ويكفيها
وإن تَخَلَّى فهل تغني قوامته
هذا الذي يرخص الأنثى ويرديها
إذاً فلا بد أن تختار من عقلت
كفئا لتحفظ مرساها ومجريها
شكا بعض الإخوة حالهم مع أزواجهم فقائل يقول: أين السعادة والراحة النفسية فإنني لم أشعر بشيء من ذلك وقائل يقول: لم أعد أطيق تصرفاتها وحنقها، وقائل آخر: أزعجتني بكثرة خروجها وزياراتها وقائل آخر يقول أرهقتني بكثرة طلباتها ومصاريفها وقائل: تعبت من كثرة هجرها للفراش وتمنعها ، وقائل: لم أعد أري ذلك الجمال ولا التجمل إلا في المناسبات والأفراح وقائل يقول: لا تهتم بأولادها وتربيتهم ومتابعتهم ، وقائل: تعبت من إلحاحها بجلب خادمة أعتورها وأفتن بها ، وقائل : لا تهتم بي ولا ترعى خاطري ، وقائل: لم اسمع منها كلمة طيبة أو عبارة رقيقة وقائل : لم أعد أطيق فسأطلق ، وغير ذلك مما تسمعون و تقرءون وتشاهدون ، وكأن حال لسان كل واحد من أولئك يلقي باللوم كله على الزوجة المسكينة ويبرئ نفسه وأنا هنا أعرف أنني أوقعت نفسي في موقف حرج فهل أنتصر لبني جنسي من الرجال فتغضب عليّ النساء ، أو أنني أميل للجنس الآخر فيغضب عليّ الرجال وبعد جهد جهيد وتفكير عميق عرفت أنه لا نجاة لي إلا بالرجوع إلى المصدر الأصلي إلى الاعتصام بالكتاب والسنة إلى الله عز وجل الذي خلق الرجال والنساء وفضل كلا منهما بفضائل ومميزات فيكمل كل منهما الآخر فخرجت أن سبب تلك المشاكل كلها يتحملها الرجل والمرأة بحد سواء فكلٌ عليه تبعات وله مهمات فإن كنت تشكو أيها الرجل فإن المرأة تشكو أيضا فقائلة تقول: الصباح في وظيفته وفي الليل مع شلته ولا نراه إلا قليلا وقائلة: لا يسمح لي بزيارة أهلي والجلوس معهم ، وقائلة: لا ينظر إلى أولاده ولا يهتم بهم ولا بمطالبهم وقائلة : لا ينظر إلى أولاده ولا يهتم بهم ولا بمطالبهم وقائلة: يشتمني ويضربني ويسيء إليّ أمام أولادي ، وقائلة: آذاني برائحة الدخان وتركه للصلاة وقائلة: كثير النقد والملاحظات والسباب واللعان، قائلة : دائما يهددني بالطلاق والزواج من أخرى ، و قائلة تقول: أتجمل وأتزين ولم أسمع منه كلمة إعجاب أو غزل وقائلة تقول : يمنعني من الدروس والمحاضرات ولم يحضر لي شريطا أو كتابا فيه خير ، وقائلة : كثير السهر والجلوس أمام الأفلام و المباريات وقائلة: لا يشاورني ولا يجلس معي ويثور لأتفه الأسباب ، وقائلة: آذاني بكثرة جلساء السوء تدخين وغناء وشقاء ، وقائلة: لا يهتم بي وبطلباتي الخاصة ، حتى ولا بالمنزل وطلباته ، وقائلة: يسافر كثيرا وليس لنا نصيب ولو عمرة في السنة ، وأقول : الحياة الزوجية تعاون وتآلف وحب ووئام وإنَّ أمثل قاعدة للسعادة والراحة أن نفهم جيدا قول الحبيب صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : "كل بنى آدم خطاء وخير الخطائين التوابون" وقول أبي ذر لزوجه إذا رأيتني غَضِبْتُ فَرَضِّنِي ، وإذا رأيتك غَضْبَى فإني رَضَّيْتُكِ وإلا لم نصطحب، وقول الشاعر:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
كما أن عين السخط تبدي المساويا
لنفهم المعنى من هذه الكلمات وعندها نعلم أن كل مشكلة سببها الزوجان وليس واحدا منهما ولذلك سيكون حديثي لكل منهما إن شاء الله تعالى أما الليلة فهو خاص بالأزواج وقد يقول الرجال: لماذا بدأت بنا ؟ فأقول لأمور ، لأن الرجال أكثر تحملا وتعقلا وصبرا ، وثانيا لقوامة الرجل على المرأة ولأنه السيد ولأنه الآمِر الناهي فلا أحد غيره يملك حق التصرف في مملكته هذه فهل يعقل الرجال هذا ؟ وسبب ثالث لأن الرجل لو عرف كيف يتعامل أي مع زوجه لعلم أن مفتاح السعادة بيده ، لو عرف الرجل كيف يتعامل مع زوجه لعلم أن مفتاح السعادة بيده ، كيف كان التعامل مع الزوجة فناً ؟ أقول نعم إن التعامل مع الزوجة فن ويجب علينا نحن معاشر الرجال أن نتعلم هذا الفن فليس الزواج مجرد متعة وشهوة وليس الزواج القيام بالبيت وتأسيسه وليس الزواج هو إنجاب الأولاد والبنات وليس الزواج هو مجرد إطعامهم الطعام أو إلباسهم الثياب فإن الكثير من الرجال قادر على ذلك والرزاق هو الله لا الزوج لكن الزواج حقوق شرعية وحسن تعاون ومسئولية فللمرأة حقوق وواجبات جاء بها الإسلام بالأدلة القرآنية والنصوص النبوية (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) لابد أن يعرفها الرجل جيدا ولا يفضُّ الخاتم إلا بحقه ، ومن أين نأخذ هذا الفن ؟ لا نأخذه عبر وسائل الإعلام ولا نأخذه من المجلات الهابطة وإنما نأخذه بالرجوع إلى سيرته صلى الله عليه وعلى آله وسلم وشتان بين الأمرين ، لما لجأ كثير من الناس إلى مثل هذه المصادر رأينا الفرقة والخصام ورأينا كثرة الأخطار التي تهدد كيان هذه الأسرة وغفلنا في خِضَمِّ هذه الحياة وشهواتها أن نرجع حقيقة إلى سيرته صلى الله عليه وسلم نستقي منها الدروس والعبر في كل شأن من شئون حياتنا (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) ولذلك كيف كان يتعامل مع أزواجه صلى الله عليه وسلم ؟ لذلك أمر الله عز وجل نساء النبي أن يخبرن بكل ما يدور في بيته صلى الله عليه وسلم حتى ولو كانت هذه الأخبار أسرارا زوجية فقال عز وجل خطاب لنساء النبي (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) أمر من الله عز وجل فلنتخذ هذه الحياة دستورا ومنهجا للتعامل مع الأزواج ، أسباب اختيار الموضوع كثيرة منها ، بيان منهج الإسلام وشرعه في حسن معاشرة الزوجة وصحبتها وبيان كثير من حقوقها مما يجهله كثير من الناس وخاصة بعض الرجال أو أن بعضهم يتجاهلون هذه الحقوق ، ثانيا: تلك الصورة السيئة والمفهوم الخاطئ عند بعض الرجال عن أن المرأة يجب الحذر منها وأن تشد عليها الوطأة من أول ليلة يدخل بها الرجل ، وقد يتواصى بعض الشباب وبعض الرجال بمثل هذه الوصية وكما يقال في المثل العامي والعود على أول ركزة. فيتناقل الناس والرجال والشباب مثل هذه الأمثال ومثل هذه الوصايا ويحدث مالا تحمد عقباه ومن الخطأ أن نقول كما قال ذاك الشاعر:
رأيت الهم في الدنيا كثيرا وأكثره يكون من النـــــساء
فلا تأمن لأنثي قط يومـا ولو قالت نزلت من السماء
ولا نقول كما قال الآخر أيضا:
إن النساء شياطين خلقن لنا نعوذ بالله من شر الشــياطين فهن أصل البليات التي ظهرت بين البرية في الدنيا وفي الدين
لا نقول كما قال هذا ولا ذاك وإنما نقول كما قال ذلك الشاعر المنصف:
إن النساء رياحين خلقن لنا وكلنا يشتهي شم الرياحين
ثالثا : شكوى كثير من النساء لسوء معاملة زوجها وقبح أخلاقه معها وقد يصل الأمر في بعض الأحايين إلى ضربها وحبسها وقد يتمنى البعض موتها كما قال أحدهم:
لقد كنت محتاجا إلى موت زوجتي ولكن قرين السوء باق معمر
فيا ليتها صارت إلى القبر عاجلا وعذبها فيه نكير ومنكــر
وكقول الآخر يخاطب زوجه :
تنحى فاجلسي منى بعيدا أراح الله منك العالمين أغربالا إذا استودعت سر وكانونا على المتحدثين
حياتك ما علمت حياة سوء وموتك قد يسر الصالحين
أقول: ليس هذا هو النهج النبوي في معاملة الزوجة وإنما كما سنعرض له بعد قليل ، ومن الأسباب أيضا الحياة الزوجية في بيته صلى الله عليه وسلم وآله وسلم نموذج رائع يذكر به الرجال للاتباع والتأسي هذه الأسباب الأربعة هي التي جعلتني أتحدث عن مثل هذا الموضوع وأبدأ الآن بعناصر فن التعامل مع الزوجة وأقول بدءا أول فن من الفنون التلطف والدلال ، التلطف مع الزوجة والدلال لها ومن صور الملاطفة والدلال نداء الزوجة بأحب الأسماء إليها أو بتصغير اسمها للتلميح أو ترخيمه يعني تسهيله و تليينه ، وهذا أيضا من حياته صلى الله عليه وسلم وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول لـ[عائشة] :" يا عائش ، يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام "والحديث متفق عليه وكان يقول لعائشة أيضا: يا حميراء والحميراء تصغير حمراء يراد بها البيضاء كما قال ذلك [ابن كثير] في النهاية وقال [الذهبي]: الحمراء في لسان أهل الحجاز البيضاء بحمرة وهذا نادر فيهم ، إذاً فقد كان صلى الله عليه وسلم يلاطف عائشة ويناديها بتلك الأسماء مصغرة مرخمة وأخرج [مسلم] من حديث عائشة في الصيام قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل إحدى نسائه وهو صائم ثم تضحك رضي الله تعالى عنها" أى تعني أنه كان يقبلها وأخرج [النسائي] في عشرة النساء أنها قالت أى عائشة: "أهوى النبي صلى الله عليه وسلم ليقبلني فقالت: إني صائمة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: وأنا صائم" وأيضا أنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يظل صائما فيقبل ما شاء من وجهي" وفي حديث عائشة أيضا أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثم ذكر كلمة معناها أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله" والحديث أخرجه النسائي و[الترمذي] و[أحمد] وفيه انقطاع، من خلال هذه الأحاديث يتبين لنا ملاحظة النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأزواجه وحسن التعامل معها أي مع عائشة رضي الله تعالى عنها ومن صور المداعبة والملاطفة أيضا إطعام الطعام فقد أخرج [البخاري] و[مسلم] من حديث [سعد بن أبي وقاص] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم ذكر الحديث إلى قوله: "وإنك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة التي ترفعها إلى فِي امرأتك" حتى اللقمة التي ترفعها بيدك إلى فم امرأتك هي صدقة ليست فقط كسباً للقلب وليست فقط حسن تعاون مع الزوجة بل هي صدقة تؤجر بها من الله عز وجل وذكر [النووي] في هذه الحديث قال: "إن وضع اللقمة في فِي الزوجة "ـ في فم الزوجة يعني ـ يقع غالبا في حال المداعبة ولشهوة النفس في ذلك مدخل ظاهر ومع ذلك إذا وجه القصد في تلك الحالة إلى ابتغاء الثواب حصل له بفضل الله ، قلت والقائل [الحافظ ابن حجر]: وجاء ما هو أصرح من ذلك وهو ما أخرجه مسلم عن [أبي ذر] فذكر حديثا فيه: "وفي بضع أحدكم صدقة قالوا: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر؟ قال: نعم ، أرأيتم لو وضعها في حرام.." إلى آخر الحديث إذاً فمن صور المداعبة والملاطفة للزوجة إطعامها للطعام وكم لذلك من أثر نفسي على الزوجة وإني أسألك أيها الأخ أيها الرجل ماذا يكلفك مثل هذا التعامل ؟ لا شيء إلا حسن التأسي والاقتداء وطلب المثوبة وحسن التعاون وبناء النفس فالملاطفة والدلال والملاعبة مأمور أنت بها شرعا بما تفضي إليه من جمع القلوب والتآلف ولذلك قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم [لجابر بن عبد الله]: "هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك" إذن فالمضاحكة والملاعبة والملاطفة والدلال للمرأة مطلوب منك شرعا.
أيضا من الفن التجاوز عن الأخطاء في الحياة الزوجية وغض البصر ، خاصة إذا كانت هذه الأخطاء في الأمور الدنيوية فأقول لا تنس أيها الأخ الحبيب أنك تتعامل مع بشر وكل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ولا تنس أنك تتعامل مع امرأة وكما قال صلى الله عليه وسلم: "قد خلقت من ضلع أعوج" لا تكن شديد الملاحظة لا تكن مرهف الحس فتجزع عند كل ملاحظة أو كل خطأ انظر لنفسك دائما فأنت أيضا تخطئ لا تنس أن المرأة كثيرة أعمالها في البيت ومع الأولاد والطعام والنظافة والملابس وغيرها ولا شك أن كثرة هذه الأعمال يحدث من خلالها كثير من الأخطاء لا تنس أن المرأة شديدة الغيرة سريعة التأثر احسب لهذه الأمور كلها حسابها واسمع لهذه الأمثلة عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها كما تحدث [أم سلمة] "أنها أتت بطعام في صحفة لها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ، من الذي جاء بالطعام ؟ أم سلمة، فجاءت عائشة متزرة الكساء ومعها فهر أي: حجر ناعم صلب ففلقت به الصحفة فجمع النبي صلى الله عليه وسلم بين فلقتي الصحفة وقال: كلوا ، يعنى أصحابه ، كلوا غارت أمكم غارت أمكم ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة عائشة فبعث بها إلى أم سلمة وأعطى صحفة أم سلمة لعائشة"، والحديث أخرجه البخاري والنسائي، واللفظ للنسائي فأقول انظر لحسن خلقه صلى الله عليه وسلم وإنصافه وحلمه وانظر لحسن تصرفه عليه الصلاة والسلام وحله لهذا الموقف بطريقة مقنعة معللا هذا الخطأ من عائشة رضي الله عنها بقوله: "غارت أمكم، غارت أمكم" فهو يقدر نفسية عائشة زوجه اعتذارا منه صلى الله عليه وسلم لعائشة هو لم يحمل عائشة نتيجة هذا الخطأ ونتيجة هذا العمل ولم يذمها صلى الله عليه وآله وسلم ولماذا ؟ لأن أم سلمة هي التي جاءت إلى بيت عائشة تقدم للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه هذا الطعام ولذلك قَدَّرَ صلى الله عليه وآله وسلم هذا الموقف وتعامل معه بلطف وحكمة صلوات الله وسلامه عليه وقدر ما يجرى عادة بين الضرائر من الغيرة لمعرفته صلى الله عليه وسلم أنها مركبة في نفس المرأة لم يؤدب النبي صلى الله عليه وآله وسلم عائشة وبين أنها غارت مع أنها كسرت الإناء ومع أنها تصرفت أيضا أمام أصحابه هذا التصرف ولكن (وإنك لعلى خلق عظيم) انظر للحكمة وانظر لحسن التعامل وتصور لو أن هذا الموقف حصل معك كيف سيكون حالك أيها الزوج ؟ بل ربما لو حصل هذا الموقف بينك وبين زوجك مثلا في المطبخ والرجال موجودون في المجلس ، كيف ستكون نفسيتك وكيف سيكون التصرف ؟ إذن فالعفو والصفح إذا قصرت الزوجة وشكرها والثناء عليها إن أحسنت كل ذلك من شيم الرجال ومن محاسن الأخلاق وبعض الأزواج قد يختلق المشاكل ويَنْفَخُ فيها وقد تنتهي هذه المشاكل بحقيقة مرة وهي الطلاق ، واسمع لهذا الموقف روي أن رجلا جاء إلى [عمر بن الخطاب] رضى الله تعالى عنه وأرضاه ليشكو سوء خلق زوجته فوقف على بابه ينتظر خروجه فسمع هذا الرجل امرأة عمر تستطيل عليه بلسانها وتخاصمه وعمر ساكت لا يرد عليها فانصرف الرجل راجعا وقال: إن كان هذا حال عمر مع شدته وصلابته وهو أمير المؤمنين فكيف حالي؟ وخرج عمر فرآه موليا عن بابه فناداه وقال: ما حاجتك أيها الرجل؟ فقال: يا أمير المؤمنين جئت أشكو إليك سوء خلق امرأتي واستطالتها عَلَيّ فسمعت زوجتك كذلك فرجعت وقلت: إذا كان هذا حال أمير المؤمنين مع زوجته فكيف حالي ؟ قال عمر ـ يا أخي اسمع لمواقفهم رضوان الله تعالى عليهم ـ يا أخي إني أحتملها لحقوق لها عليّ إنها لطباخة لطعامي، خبازة لخبزي، غسالة لثيابي، مرضعة لولدي وليس ذلك كله بواجب عليها ويسكن قلبي بها عن الحرام فأنا أحتملها لذلك ، فقال الرجل: يا أمير المؤمنين وكذلك زوجتي قال عمر: فاحتملها يا أخي فإنما هي مدة يسيرة (فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا) هذه الآية تسلية لوعد قدري لكل زوج بُلِىَ بما يكره في زوجته بأن يجعل الله لمن صبر على بليته خيرا موعودا وجزاء موفورا وحظا قادما لا يعلمه إلا هو سبحانه ، هكذا كانت حياتهم الزوجية ذكر للحسنات وغض البصر عن الأخطاء والسيئات ويقال أن بدوية جلست تحادث زوجها وتطرق الحديث إلى المستقبل كعادة الأزواج فقالت : أنها ستجمع صوفا وتغزله وتبيعه وتشترى به بكرا، فقال زوجها إذا اشتر يتيه فسأكون أنا الذي سأركبه، قالت: لا، فألح زوجها فرفضت وأصرت ولم ترجع هي حتى غضب زوجها فطلقها الأصل لا يوجد هناك مشكلة القضية قضية أماني في المستقبل لو كان تقول: أنني سأعمل صوفا وأغزله ثم أبيعه ثم أشترى به بكرا فتخاصما على هذا البَكْر من يركبه الأول فحصل الطلاق هذا المثل يوضح حقيقة حال كثير من الطلاق الذي يحصل بين الرجل والمرأة لأسباب تافهة عندما يقف أهل الخير أو القضاة أو غيرهم على بعض أسباب الطلاق يجد أن أسباب الطلاق أسبابا تافهة لا تذكر وهكذا كثير من المشكلات وهمية تافهة تنتهي بنهاية للحياة الزوجية وللأسف ، ويروى أن عائشة قالت مرة للنبي صلى الله عليه وسلم وقد غضبت عليه قالت له: "أنت الذي تزعم أنك نبي" فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتمل ذلك حلما وكرما وما أروع هذا التوجيه النبوي الذي يجعل البيت جنة فإذا غضب أحد الزوجين وجب على الآخر الحلم فحال الغضبان كحال السكران لا يدرى ما يقول وما يفعل.
يا ليت الرجل ويا ليت المرأة يسحب كل منها كلام الإساءة وجرح المشاعر والاستفزاز يا ليت أنهما يذكران الجانب الجميل المشرق في كل منهما ويغضان الطرف عن جانب الضعف البشري في كليهما.
أيضا من الفن التزين والتجمل والتطيب للزوجة أما الجمال والزينة للرجل فبحدودها الشرعية فلا إسبال ولا حلق للحية ولا وضع للمساحيق والأصباغ كما يفعل بعض شبابنا سُئِلَتْ عائشة: "بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته؟ قالت: بالسواك" والحديث أخرجه مسلم، ذكر بعض أهل العلم فائدة ونكتة علمية دقيقة قالوا: فَلَعَلَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ليستقبل زوجاته بالتقبيل وعند البخاري أن عائشة قالت: "كنت أُطَيِّبُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأطيب ما أجد حتى أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته" وفي البخاري أيضا أن عائشة قالت: كنت أُرَجِّلُ رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أسرح شعره "كنت أُرَجِّلُ رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا حائض" وفي الصحيحين من حديث [أبي هريرة] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "خمس من الفطرة: الختان ، والاستحداد ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر، وقص الشارب" والحديث أخرجه البخاري في صحيحه في كتاب اللباس وفي البخاري أيضا من حديث [ابن عمر] أنه صلى الله عليه وسلم قال: "خالفوا المشركين ووفروا اللحى وأَحِفُّوا الشوارب" في هذه الأحاديث كلها وغيرها بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التجمل والتزين الشرعي الذي يحبه الله بخلاف ما عليه بعض الرجال اليوم من إفراط في قضية الزينة أو حتى من تفريط في قضية الزينة والتجمل للمرأة ومن مبالغة في التجمل وعجيب للمتناقضات التي يعيشها بعض الرجال فتجده يحلق لحيته للتجمل والزينة كما يقول ، ثم تشم منه رائحة كريهة عفنة وهي رائحة التدخين فأين أنت والتجمل أيها الأخ الحبيب ؟ أين أنت والتجمل الذي تريده يوم أن حلقت لحيتك وشربت الدخان ؟ وآخر وقع في تفريط عظيم وتقصير عجيب في قضية التجمل والزينة تبذل في اللباس وإهمال للشعر وترك للأظافر والشوارب والآباط وروائح كريهة والخير كل الخير في امتثال المنهج النبوي في التجمل والتزين والاهتمام بالمظهر وهو حق للمرأة هو حق شرعي للمرأة وسبب أكيد في كسب قلبها وحبها فالنفس جُبِلَتْ على حب الأفضل والأنظف والأجمل وتعال واسمع لحال السلف رضوان الله تعالى عليهم جميعا وكيف كانوا في هذا الباب، قال [ابن عباس]: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لى وما أحب أن أستطف كل حقي الذي لي عليها فتستوجب حقها الذي لها عليَّ لأن الله تعالى يقول: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وقد دخل على الخليفة عمر زوج أشعت أغبر ومعه امرأته وهي تقول: لا أنا ولا هذا لا تريده ، لا أنا ولا هذا ، ما هو السبب ؟ اسمع فعرف كراهية المرأة لزوجها فأرسل الزوج ليستحم ويأخذ من شعر رأسه ويقلم أظافره فلما حضر أمره أن يتقدم من زوجته فاستغربته ونفرت منه ثم عرفته فقبلت به ورجعت عن دعواها رجعت تراجعت إذن عن طلب الطلاق فقال عمر: وهكذا فاصنعوا لهن فوالله إنهن ليحببن أن تتزينوا لهن كما تحبون أن يتزين لكم ، وقال [يحيى بن عبد الرحمن الحنظلي]: أتيت [محمد بن الحنفية] فخرج إلى في ملحفة حمراء ولحيته تقطر من الغالية ، والغالية هي خليط الأطياب بل خليط أفضل الأطياب ، ولحيته تقطر من الغالية ، يقول يحيى فقلت له: ما هذا ؟ قال محمد : إن هذه الملحفة ألقتها على امرأتى ودهنتنى بالطيب وإنهن يشتهين منا ما نشتهيه منهن ، ذكر ذلك القرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرآن إذن فالمرأة تريد منك كما تريد أنت منها في التجمل والتزين .
فن آخر القناعة والرضا بالزوجة وعدم الاستجابة لدعاة التبرج ودعاة الفتنة والسفور وذلك بالنظر إلى النساء ، وهذا حال كثير أو حال بعض الرجال النظر إلى النساء في الأفلام وفي التلفاز والمجلات وقد زيفتها الألوان والمكاييج وغير ذلك ونفخ الشيطان في بعض الرجال فقارن وصَوَّرَ زوجته العفيفة الطاهرة بتلك السافرات العاهرات وأطق ذلك الرجل لبصره العنان في تتبع هذه النساء (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون) ولا شك أن ذلك شر مستطير وأنه سبب أكيد في تدمير كيان الأسرة وهذا أمر ملموس ومشاهد وعلاج ذلك ما أخبر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث جابر "أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى امرأة فأتي امرأته زينب وهي تمعس منيئة لها" أي: تدلك جلدا "فقضى حاجته ثم خرج إلى أصحابه فقال: إن المرأة تُقْبِلُ في صورة شيطان وتُدْبِرُ في صورة شيطان فإذا أبصر أحدكم امرأة فليأت أهله فإن ذلك يرد ما في نفسه" صلى الله عليه وآله وسلم علاج لا نبحث عنه في المجلات الطبية والمجلات الأسرية إنما نبحث عنه في سنته النبوية صلى الله عليه وآله وسلم والحديث أخرجه مسلم في صحيحه، والنفس دائما ترغب كل جديد خاصة عند الرجل النفس ترغب كل جديد وكما يقال كل ممنوع مرغوب ولو ملك أي الرجل لو ملك أجمل النساء ثم سمع بامرأة أخرى لتهافتت نفسه ولكزه شيطانه ولم أجد مثل القناعة والرضا حلا لذلك ولذلك نهى صلى الله وعليه وسلم الرجل أن يطلب عثرات زوجته فأخرج مسلم من حديث [جابر] قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا أن يتخونهم أو يلتمس عثراتهم" إنما على الزوج أن يغض الطرف وأن يقنع بما وهبه الله إياه ولينظر إلى من هو أسفل منه ليزداد قناعة ورضا وليشكر نعمة الله عز وجل عليه ثم إني أقول لك أيضا إن بليت بمثل هذه الأمور وبمثل حديث النفس هذا الجأ إلى الله عز وجل بالدعاء ولسان حالك يقول كما قال الحق عز وجل على لسان يوسف عليه السلام: (وإلا تصرف عنى كيدهن أصبُ إليهن وأكن من الجاهلين) إذن ادعُ الله عز وجل وألح عليه بالدعاء وأنت موقن بالإجابة لأن الله تكفل بها ليوسف فقال: (فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم).
فن آخر من فن التعامل مع الزوجة الجلوس مع الزوجة والتحدث إليها والشكاية لها ومشاورتها فإنه كثيرا من الأزواج كثير الترحال ،كثير الخروج ، كثير الارتباطات ، بل سمعنا عن الكثير منهم أنه يخرج للبراري والاستراحات كل يوم وليلة ، بل سمعنا أن بعض الأزواج يسهر كل ليلة إلى ساعة متأخرة من الليل فأي حياة هذه وأين حق الزوجة وحق الأولاد والجلوس معهم ؟
وانظر مثال لهذا الفن للجلوس مع الزوجة والحديث معها حديث [أم زرع] الطويل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع لعائشة تحكيه عائشة تروي هذا الحديث الطويل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع لحكاية عائشة قال ابن حجر : وفيه ـ أي وفي هذا الحديث من الفوائد ـ حسن عشرة المرء أهله بالتأنيس والمحادثة في الأمور المباحة ما لم يفض ذلك إلى ما يمنع ، انتهي كلامه رحمه الله ، والشكاية للزوجة واستشارتها فهذا مما يشعرها أيضا بقيمتها وحبها استشر المرأة ولو لم تكن أيها الأخ الحبيب بحاجة إلى هذه المشورة فإنك تشعر هذه الزوجة بقيمتها وحبك لها ولن تعدم الرأي والمشورة أبداً إن شاء الله لن تعدم الرأي والمشورة وربما فتحت عليك برأي صائب كان السبب في سعادتك ومثال ذلك انظر للنبي ولحبيبنا صلى الله عليه وسلم بأبي هو وأمي يا رسول الله كان يستشير حتى أزواجه ومن ذلك استشارته صلى الله عليه وسلم لأم سلمة في صلح الحديبية عندما أمر أصحابه بنحر الهدي وحلق الرأس فلم يفعلوا لأنه شق عليهم أن يرجعوا ولم يدخلوا مكة ، فدخل مهموما حزينا على أم سلمة في خيمتها فما كان منها إلا أن جاءت بالرأي الصائب : أخرج يا رسول الله فاحلق وانحر فحلق ونحر وإذا بأصحابه كلهم يقومون قومة رجل فيحلقوا وينحروا ، أيضا أنظر لاستشارته لـ[خديجة] رضي الله تعالى عنها في أمر الوحي ووقوفها معه وشدها من أزره رضوان الله تعالى عليها هكذا المرأة فإنها معينة لزوجها متى ؟ إذا أشعرها زوجها بقيمتها ولذلك أقول : العلاقة بين الزوجين تنمو وتتأصل كلها تجددت ودارت الأحاديث بينهما فالأحاديث وسيلة التعارف الذي يؤدي إلى التآلف وكما قال صلى الله عليه وسلم "فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تنافر منها اختلف" فالحذر من تعود الصمت الدائم بينهما فتتحول الحياة إلى روتين بغيض كأنها ثكنة عسكرية فيها أوامر من الزوج وطاعة من الزوجة خذي هاتى كلى اشربي قومي اقعدي تعالي اذهبي نامي استيقظي ماذا تريدين؟ متى تخرجين؟ أسطوانة مكرورة مكروهة تجعل الحياة الزوجية بغيضة باهتة باردة فأين الحب وأين اللطافة ؟ وأين المودة والرحمة وما بينهما ؟ أين الأحاديث الحسان منك أيها الرجل عن جمال عيونها وعذوبة ألفاظها ورقة ذوقها وحسن اختيارها للباسها وأين كلمات الشكر والثناء عند الطبخ والغسل والكنس ، وأين الحديث عن تربية الأولاد وصلاحهم ؟ وأين الحديث عن هموم المسلمين ومشاكلهم ، فيا أيها الرجل العاقل إن من فن التعامل مع الزوجة أن تخصص وقتا للجلوس معها تحدثها و تحدثك وتفضي إليك بما في نفسها بدل أن تكبت ذلك الحديث الذي في النفس اجعلها تفضفض تعطي بما يدور في نفسها بدل ذلك الكبت وسيتضح ذلك جليا على سلوكها وتصرفاتها ثم ينعكس ذلك على أولادها وأعمالها وأشغالها ثم ينعكس ذلك على تصرفاتها وسلوكها معك أنت كزوج ، أرأيت أيها الأخ الحبيب أنك تملك مفتاح السعادة وهذه المملكة الصغيرة بحسن تصرفاتك وأفعالك ، ومن فن التعامل أيضا مداراة المرأة وعدم التضييق عليها والاعتذار إليها ، فعن [أبي هريرة] قال صلى الله عليه وسلم: "واستوصوا بالنساء خيرا فإنهن خلقن من ضلع وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته" لا تطلب المحال افهم جيدا نفسية المرأة وافهم جيدا خلقة المرأة "فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوجا فاستوصوا بالنساء خيرا" والحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحهما ومعنى استوصوا؛ أي أوصيكم بهن خيرا فاقبلوا وصيتي فيهن واعملوا بها قاله [البيضاوي]، انتبه في الحديث إشارة إلى ترك المرأة على اعوجاجها في الأمور المباحة ، وألا يتركها على الاعوجاج إذا تعدت ما طبعت عليه من النقص كفعل المعاصي وترك الواجبات ، وأيضا في الحديث سياسة النساء بأخذ العفو منهن والصبر عليهن وعلى عوجهن فقال صلى الله عليه وسلم أيضا في الحديث الآخر: "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر" والحديث في صحيح مسلم ومعنى يفرك أي يبغض منها شيئا يفض به إلى تركها، وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم" انظر للتصوير أنظر للصورة الجميلة فإنما هن عوان عندكم والعوان أي هن كأسيرات عندك أيها الرجل أي المرأة كأسيرة عندك فهي أشبه بالأسير كسيرة القلب مهيضة الجناح فوجب على الرجل أن يجبر قلبها وأن يرفع من معنوياتها ويحسن إليها ويكرمها أما الاعتذار إليها عند الخطأ والاعتراف به فهو أدب جَم وخلق رفيع خاصة عند غضبها واسمع لهذه الأحاديث أرجعكم دائما إلى حياته صلى الله عليه وسلم حتى نتبين أيها الأحبة أن حياته صلى الله عليه وآله وسلم في كل شئون الحياة هي قدوة ونبراس ومرجع يجب أن نرجع إليه وأن ندرسه أي حياته صلى الله عليه وآله وسلم (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا) روى النسائي في كتابه عِشْرَة النساء عن أنس قال: "كانت صفية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وكان ذلك يومها فأبطأت في المسير" تأخرت في المسير عنهم "فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكى وتقول "ـ اسمع الذنب الذي وقع به النبي صلى الله عليه وسلم ـ "حملتني على بعير بطئ "فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر التصرف ماذا فعل؟ قال والله أيش أسوى السيارة هذه وضعها وهذه خربانة ؟ لا، ما ناقش صلى الله عليه وسلم "وإنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح بيديه عينيها ويسكتها فأبت إلا بكاء" يعني كأنها طورت فأبت إلا بكاء فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركها فقدمت فأتت عائشة" أي صفية ذهبت إلى عائشة فقالت: "يومي هذا لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أنت أرضيتيه عنى" فماذا فعلت عائشة ؟ انظر أيضا واسمعي أيتها المرأة أنت وإن كان هذا الحديث سيأتيك بمشيئة الله لكن انظري إلى عقل عائشة رضي الله تعالى عنها وانظري إلى تصرفها كيف تملكين أيتها المرأة مفتاح قلب الزوج ، أو اعلمي أيتها الأخت أنك ساحرة لقلب الرجل ولذلك قلت: إن موضوع الدرس القادم سيكون بعنوان السحر الحلال ، لأن المرأة تملك فعلا هذا السحر بما وهبها الله عز وجل من عذوبة ورقة ونعومة فماذا فعلت عائشة ، تقول: "فعمدت عائشة إلى خمارها وكانت صبغته بورس وزعفران فنضحته بشيء من ماء حتى تخرج رائحته ثم جاءت حتى قعدت عند رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها: مالك هذا اليوم ليس لك ، فقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث فرضي عن صفية" وانظر أيضا واسمع لمثال آخر في حياته صلى الله عليه وسلم، فعن [النعمان بن بشير] رضي الله تعالى عنهما قال جاء [أبو بكر] رضي الله عنه يستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن له أي الرسول أذن لأبى بكر بالدخول فدخل فقال أي أبو بكر: يا ابنة أم رومان ؟ يعني كأنه يهددها أو يغضب عليها يا ابنة أم رومان ؟ وتناولها ، أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنظر لتصرف النبي صلى الله عليه وسلم قال:" فحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينهما" يعنى كأنه جعلها خلفه يريد أن يخلصها من أبيها ، رضي الله تعالى عنه ، فلما خرج أبو بكر جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها يقول لها: "ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك ؟ قال: ثم جاء أبو بكر فاستأذن عليه فوجده يضاحكها" رجعت العلاقة مرة أخرى بملاطفة النبي، بحسن مداراته لزوجه بالاعتذار منه صلى الله عليه وسلم انظر لقمة الأخلاق (وإنك لعلى خلق عظيم) صلوات الله وسلامه عليه" فرجع أبو بكر فوجد العلاقة قد رجعت ووجد النبي صلى الله عليه وسلم يضاحكها فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم بالدخول فقال أبو بكر: يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما "، وفي الحديث بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الحلم والتواضع وحسن معاشرة زوجه فلم تدفعه مكانته أو قوامته للتكبر أو المكابرة عن الاعتذار ، وأن يكون هو البادئ بالإصلاح صلى الله عليه وسلم إذاً فأقول لك أيها الرجل عليك بكسر حاجز المعاندة والمكابرة وإنك إن فعلت هذا فإنك أنت بنفسك تعود زوجك على هذا العمل تعودها على هذا التصرف ، عودتها على هذا الأدب إذا أخطأت وكان الخطأ منك ذهبت إليها واعتذرت منها فإنها ستأخذ هذا التصرف فإن قصرت وإن أخطأت فستذهب هي وترجع إليك بالاعتذار ونذكر هنا مرة أخرى بقاعدة [أبي الدرداء] رضي الله تعالى عنه وأرضاه مع [أم الدرداء] بقوله: إذا رأيتني غضبت فرضني وإذا رأيتك غضبي رضيتك وإلا لم نصطحب ، تعامل بهذه القاعدة في بيتك.
ومن الفن أيضا إظهار المحبة والمودة للزوجة وذلك بالقول والفعل أما القول فقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث أم زرع الطويل قال لعائشة : "كنت لك كأبي زرع لأم زرع" والحديث عند البخاري أي في الوفاء والمحبة فقالت عائشة واسمع أيضا لحكمة عائشة واسمع لعقل هذه المرأة رضى الله عنها وأرضاها لما قال لها النبي: كنت لك كأبي زرع لأم زرع يعني في الوفاء والمحبة قالت عائشة بأبي وأمي لأنت خير لي من أبي زرع لأم زرع، وأما الفعل أي إظهار المحبة بالفعل فكثير في حياته صلى الله عليه وسلم ومن ذلك ففي صحيح مسلم في كتاب الحيض عن عائشة قالت: "كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فِيَّ" اسمع انظر للتصرف "فيضع فاه على موضع فِيَّ فيشرب، وأتعرق العَرْقَة وأنا حائض ثم أناوله النبي فيضع فاه على موضع فِيَّ" والعَرْق: العظم عليه بقية من اللحم وأتعرق أي آخذ عنه اللحم بأسناني ونحن ما نسميه بالعرمشة فكان النبي صلى الله عليه وسلم يضع فمه مكان فم عائشة رضى الله تعالى عنها في المأكل أو المشرب يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم وعائشة حائض وهنا نكتة أيضا أشار إليها بعض أهل العلم قالوا : لم يكن يفعل ذلك لشهوة صلى الله عليه وسلم وإنما إظهار المودة والمحبة لأن المرأة حائض وإنما إظهار المودة والمحبة ثم لا بأس أيضا من تقديم الزوجة عليك بالشرب والأكل قبلك كل ذلك إظهارا للمودة والمحبة ومن ذلك أيضا حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن" انظر للتصرف يتكئ في حجري وأنا حائض فيقرأ القرآن وذكر ابن كثير في البداية والنهاية هذا الموقف الجميل [للمهدي] قال: حدث [الخيزران] زوجة المهدي في حياة المهدي فكتب إليها وهي بمكة كتب إليها يستوحش لها ويتشوق إليها بهذا الشعر ، قال المهدي:
نحن في غاية السرور ولكن
ليس إلا بكم يتم السرور
عيب ما نحن فيه يا أهل ودي
أنكم غُيَّبُ ونحن حضور
فأجدوا في السير بل إن قدرتم
أن تطيروا مع الرياح فطيروا
تصور هذه الكلمات لما يقولها الرجل لزوجه كيف ستكون الزوجة ولذلك لما وصلت هذه الأبيات للخيزران أجابته أو أمرت كما يقول ابن كثير أجابته بهذه الأبيات:
قد أتانا الذي وصفت من
الشوق فكدنا وما قدرنا نطير
ليت أن الرياح كن يؤدين
إليكم ما قد يكن الضمير
لم أزل صبةً فإن كنت بعدي
في سرور فدام ذاك السرور
هذا من المواقف التي تبين كيف كان التعامل أيضا مع الأزواج وإظهار المحبة والشوق لها.
ومن الفن أيضا بل من أعظم وسائل السعادة للبيت المسلم تعاون الزوجين على العبادات والنوافل والأذكار ففي ذلك مرضاة لله وفي ذلك إحياء للبيت وطرد لروتين الحياة الممل فما أحلى أن ترى زوجين صالحين يتعاونا على طاعة الله فالدنيا متاع وخير متاعها الزوجة الصالحة ومثال ذلك ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما عن أم المؤمنين [جويرية بنت الحارث] رضي الله عنها "أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: مازلت على الحال التي فارقتك عليها؟ قالت: نعم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: لقد قلت بعدك أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ، ورضا نفسه ، وزنة عرشه ، ومداد كلماته " والحديث عند مسلم في صحيحه وأخرجه أيضا [الإمام أحمد] في مسنده. الشاهد انظر لحرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم على إرشاد وتعليم زوجه وأسألكم بالله أيها الأحبة من منا وقف مع زوجه ساعات أو لحظات يعلمها ويذكرها في بعض الأذكار أو النوافل أو العبادات ؟ وأيضا أخرج البخاري في كتاب الوتر في صحيحه باب إيقاظ النبي صلى الله عليه وسلم أهله في الوتر اسمع للباب اسمع للترجمة، عن عائشة قالت "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى وأنا راقدة معترضة على فراشه فإذا أراد أن يوتر أيقظني فأوترت" وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت فإن أبت نضح في وجهها الماء ، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فإن أبي نضحت في وجهه الماء" والحديث أخرجه [أبو داود] وقال [الألباني] عنه: حسن صحيح وانظر قضية مبادلة إن قصرت الزوجة فإذا بالزوج يذكر ويعين وإن قصر الزوج فإذا بالزوجة تذكر وتعين فكل منهما مطالب بتذكير الآخر فنحن مطالبون بالتعاون التعاون بين الزوجين في العبادات والنوافل ، وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضى الله تعالى عنهما قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته وصليا ركعتين جميعا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات" وأيضا الحديث أخرجه أبو داود في سننه وقال الألباني: صحيح، صلاة النافلة في البيت نغفل عنها كثيرا صلاة النافلة في البيت بعض الرجال يحرص كثيرا أن يصلى النافلة في المسجد مع أن السنة أن تصلى النوافل في البيت والسنن الرواتب في البيت ولذلك قال صلى الله عليه وسلم "فإن أفضل صلاة الرجل في بيته إلا المكتوبة" لماذا ؟ ليذكر الأهل ويشجعهم بل ويربى أولاده وصغاره على هذه الأفعال وما أجمل البيت يوم أن تغيب الشمس ذلك اليوم وقد استعد الزوجان للجلوس لجلسة الإفطار معا ما أحلى هذه الجلسة وما أسعد هذين الزوجين في التعاون على مثل هذه العبادات ، وقل مثل ذلك في قراءة القرآن وفي حضور على الأقل ولو درس أسبوعي أو محاضرة ، القيام على الفقراء والمساكين في الحي وغيرها من الأعمال الصالحة والخيرة التي لو تعاون الزوجان على مثل هذه الأمور لكان ذلك عماد السعادة الزوجية وحلاوتها وروحها ومن جرب هذا وجد طعم هذه الحياة (من عمل صالحا من ذكر أو أنثي وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
من الفن الممازحة والمرح مع الأهل ومن هذا ما أخرج النسائي أيضا في كتابة عشرة النساء من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها قالت: "زارتنا سودة يوما" اسمع لهذا الموقف وهذه القصة الجميلة زارتنا سودة يوما تعنى أم المؤمنين "فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينهما" ضرتين "جلس النبي صلى الله عليه وسلم بيني وبينها إحدى رجليه في حجري والأخرى في حجرها ، فعملت لها حريرة أو قال خزيرة" والخزيرة أو الحريرة: لحم مع دقيق مع ماء يخلط في بعضه وهو نوع من أنواع الطعام، تقول عائشة: فعملت لها حريرة أو قال: خزيرة، فقلت: كلى أى لسودة ، فأبت فقلت: لتأكلي أو لألطخن وجهك فأبت" تقول عائشة: "فأخذت من القصعة شيئا فلطخت به وجهها، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجله من حجرها تستقيد منى" أي تأخذ حقها مني "فأخذت من القصعة شيئا فلطخت به وجهي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك فإذا عمر يقول: يعني عند الباب يا عبد الله بن عمر يا عبد الله بن عمر فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما فاغسلا وجوهكما فلا أحسب عمر إلا داخلا" هذا موقف وانظر لحياته صلى الله عليه وسلم والممازحة بين الأزواج وأيضا أخرج النسائي في عشرة النساء من حديث عائشة رضى الله تعالى عنها و[ابن ماجة] أيضا في كتاب النكاح "أنها كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي جارية فقال لأصحابه: تقدموا ، ثم قال: تعالى أسابقك فسابقته فسبقته ، تقول : فَسَبَقْتُهُ على رجلي فلما كان بعد خرجت معه في سفر فقال لأصحابه: تقدموا" ما أشغله ما كان فيه صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال" تعالى أسابقك، ونسيت الذي كان وقد حملت اللحم فقلت: كيف أسابقك يا رسول الله وأنا على هذه الحال فقال: لتفعلن، فسابقته فسبقني فقال: هذه بتلك السبقة" (وإنك لعلى خلق عظيم) وأيضا أخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء بيني وبينه تختلف أيدينا عليه فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي، قالت: وهما جُنُبَان" فالمزاح والمرح حتى أثناء الغسل من الجنابة فينبغي للزوج أن ينمي في نفسه صفات الفكاهة والمرح في بعض الأحايين مع زوجة لتقوية أواصر المحبة ، و[علي بن أبي طالب] يروى عنه رضي الله تعالى عنه أنه كان يمازح زوجه فدخل عليها في يوم من الأيام فوجد في فيها عود أراك فأراد أن يمازحها فنظر إلى عود الأراك يخاطبه بهذين البيتين الجميلين قال
قضيت يا عود الأراك بثغرها أما خفت يا عود الأراك أراكا
لو كنت من أهل القتال قتلتك ما فاز منى يا سواك سواكا وهذا يبين حالهم التي كانوا عليها مع أزواجهم رضوان الله تعالى عليهم ، فلا بأس أن ينظم الزوج أوقاتا خاصة للعب والمرح مع الزوجة فهذه سنة فهي تضفي على الحياة الزوجية البهجة والسعادة وتقطع الروتين البغيض في الحياة الزوجية وصدق صلى الله عليه وسلم يوم أن قال لجابر كما أسلفنا "هلا أخذتها بكرا تلاعبها وتلاعبك".
أيضا من الفن في التعامل مع الزوجة إعانتها ومساعدتها إذا تعبت ، فالزوجة بشر تمرض وتتعب فعلى زوجها أن يراعي ذلك فيقوم بمساعدتها وقضاء حوائجها والقيام ببعض أعمال المنزل عنها فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم على خدمة أهله بنفسه يخصف نعله ويرقع ثوبه ويكنس الدار حتى إذا أذن المؤذن كأنه لا يعرفنا كما تقول عائشة إذاً فالتواضع والبساطة مع شريكة العمر من أسباب السعادة ، والمرأة في البيت ليست هَمَلاً أو متاعا بل هي إنسان كالرجل تشاركه وتشاطره الأفراح والأتراح فعلى الزوج أن يقف مع زوجه ويعينها واسمع لهذه المرأة وهي تمدح زوجها الوفي المخلص فقالت : زوجي لما عناني كاف ولما أسقمني شاف ، عرقه كالمسك ، ولا يمل طول العهد ، إذا غضبت لطف ، وإذا مرضت عطف ، أنيسي حين أفرد ، صفوح حين أحفد ، إذا دخل الدار دخل بساما ، وإن خرج خرج ضحاكا ما غضب عليَّ مرة ولا حقد ، يأكل ما وجد ويدرك ما قصد ، ويفي بما وعد ولا يأسي على ما فقد ، أديب أريب حسيب نسيب ، كسوب خجول لا كسول ولا ملول ، إذا طلبت منه أعطاني وإن سكتُّ عنه ابتداني ، وإذا رأى مني خيرا ذكر ذلك ونشر ، أو رأى تقصيرا ستر ذلك وغفر" فهنيئا لهذه المرأة بزوجها .
أيضا من الفن مراعاة شعورها ونفسيتها ، عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني لأعلم إذا كنت عنى راضية " اسمع لكلامه صلى الله عليه وسلم "إني لأعلم إذا كنت عني راضية وإذا كنت على غضبي ، قالت : فقلت : من أين تعرف ذلك ؟ قال : أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين لا ورب محمد وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم ، قالت : قلت : أجل والله يا رسول الله ، ما أهجر إلا اسمك " والحديث عند البخاري ومسلم في صحيحيهما وهذا الحديث يتبين لنا كيف كان صلى الله عليه وسلم بدقة ملاحظته ومراعاة شعور نفسية زوجه حتى عرف عنها هذا الأمر فإذا استقر الزوجان واستقر حال كل منهما عرف كل منهما ما يغضب الآخر وما يرضيه وأسباب كل ذلك فقد تمكنا بإذن الله من توطيد أسس العلاقة الزوجية والسير بها في الدروب الآمنة المفروشة بالورود والرياحين وأمكنهما أيضا تجنيب أسرتها مسالك العسر ومواضع الزلل والنكد ونلحظ في هذا الحديث دقة عناية رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشاعر عائشة رضي الله تعالى عنها حتى صار يعلم رضاها وغضبها عند مجرد حلفها ، إذاً فمراعاة النفسيات أمر مهم لدوام المحبة ، والزوج الذكي يحرص على احترام نفسية زوجته فيغض الطرف ولا يكثر العتاب إلا في التجاوزات الشرعية فلابد أن يأخذ على يدها أما ما عداها فالكمال عزيز ، وبعض الخصال جبلة في المرأة يصعب تغييرها فاصبر ، واحتسب (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب). ومن الفن أيضا الحذر من شتمها أو ضربها والإساءة إليها قال الله تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك الآيات لقوم يتفكرون) وقال سبحانه وتعالى آمراً الزوج بحسن عشرة زوجته فقال: (وعاشروهن بالمعروف) وكلمة العشرة هنا مشتقة من المعايشة والمخالطة والمعروف كلمة جامعة شاملة لكل خير وقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن رجالا يضربون زوجاتهم ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : "وما أولئك من خياركم خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " وقال صلى الله عليه وسلم: "أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خياركم لنسائهم" والحديث أخرجه أبو داود في سننه وأحمد في مسنده وهو صحيح كما في صحيح الجامع فإن احتجت لشيء من الضرب أو من تأديب المرأة فأقول: بحقه الشرعي فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح كما قال صلى الله عليه وآله وسلم والحديث عند الترمذي وعند النسائي وروى لـ[شريح] أنه قال:
رأيت رجالا يضربون نساءهم فشلت يميني حين أضرب زينبا.
وزينب شمس والنساء كواكب إذا طلعت لـم تبق منهن كوكبا
ومن الفن أيضا التوسيع على الزوجة في المطعم والملبس والنفقة قال تعالى (أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) وقال صلى الله عليه وسلم: "فاتقوا الله في النساء فإنكم أخذ تموهن بكلمة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله" إلى أن قال صلى الله عليه وسلم: " ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف"
والحديث أخرجه مسلم في صحيحه ، وقال صلى الله عليه وسلم: "كفي بالمرء إثما أن يضيع من يعول" وهو متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنك إن شاء الله لا تنفق نفقة إلا أجرت حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك" والحديث أيضا متفق عليه، فأقول: التوسيع عليها في بعض المباحات أمر مطلوب وانظر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان إذا هويت زوجه شيئا لا محذور فيه تابعها عليه أي وافقها، فعن عائشة زوج النبي أنها قالت: "دخل الحبشة المسجد يوما يلعبون فقال لي: يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم؟ فقالت: نعم، فقام بالباب وجئته فوضعت ذقني على عاتقه فأسندت وجهي إلى خده قالت: ومن قولهم يومئذ أبا القاسم طيبا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسبك، فقلت: يا رسول الله لا تعجل فقال لي قال: حسبك فقلت: لا تعجل يا رسول الله، قالت: وما بي حب النظر إليهم ولكنى أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه" والحديث أخرجه أيضا النسائي في عشرة النساء وصححه الحافظ ابن حجر في الفتح وتابعه أيضا على تصحيحه الشيخ الألباني في آداب الزفاف، وأصل الحديث في الصحيحين، وأخرج النسائي أيضا في السنن الكبرى أنه قال صلى الله عليه وسلم: "أفضل دينار دينار ينفقه الرجل على عياله" إلى آخر الحديث وروى [ابن أبي الدنيا] في كتاب العيال أن [ابن عائشة] قال: حدثت أن أيوب كان يقول لأصحابه كثيرا: تعاهدوا أولادكم وأهليكم بالبر والمعروف ولا تدعوهم تطمع أبصارهم إلى أيدي الناس، قال وكان له زنبيل يغدو به إلى السوق في كل يوم فيشترى فيه الفواكه والحوائج لأهله وعياله هكذا كانوا في التوسيع على الزوجة والأولاد في المطعم والملبس والنفقة ، ومن الفن أيضا وهو آخرها عدم التساهل مع الزوجة فيما يغضب الله (لُعِنَ الذين كفروا من بنى إسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون) قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون) والله عز وجل يقول: (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم) وبعض الرجال وللأسف تنازل عن هذه القوامة وضعف أمام إغراءات المرأة وأمثلة ذلك تبرج زوجته أو بناته في المناسبات والأفراح ولبس الملابس الضيقة والمفتوحة والبنطلونات وغير ذلك مما نسمعه ويتناقله الناس وأيضا من ذلك خروج نسائه إلى الأسواق بدون محرم فتخاطب البائع وتجادله وربما تكثرت بكلماتها وقد يحدث هذا والزوج الضعيف موجود وأيضا من ذلك إدخال الأجهزة والأفلام والمجلات وغير ذلك من وسائل الإعلام الهابطة لبيته بدون أن يحرك ساكنا أو أن يفعل تجاه ذلك شيئا وغير ذلك من المحرمات التي استهان بها كثير من الأزواج فغلبته نساؤه عليها وكل ذلك مما جعل حياته جحيما والدليل فمن أرضى الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط الناس لا زوجته ولا أولاده ولا هو راضى حتى عن نفسه فهو في هم وغم وانتبهوا واسمع أيها الزوج واسمعي أيتها الزوجة لهذه الكلمة أقول: كل خلاف يجرى بين الزوجين كبر الخلاف أم صغر إنما هو بمعصية الله تعالى، وقال سبحانه وتعالى (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير) واسمع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان يتعامل مع أزواجه ففي صحيح مسلم عن عائشة قالت "دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا متسترة بقرام فيه صورة فتلون وجهه" لم يرض "فتلون وجهه ثم تناول الستر فهتكه ثم قال: إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله" فيا سبحان الله كم من صورة وكم من تمثال في بيوت المسلمين اليوم كم من صورة في بيوتنا أيها الأحبة؟ وقد أخبر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال: "لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة" كما في حديث [أبي طلحة] عند مسلم والبيت إن لم تدخله الملائكة دخلته الشياطين ثم نعرف بعد ذلك سبب كثرة المشاكل في كثير من البيوت لماذا؟ عشعش الشيطان في هذا البيت بسبب كثرة الصور وكثرة المشاكل وكثرة وسائل الإعلام والفساد في البيت ؛عشعش الشيطان فلم يكن هناك وجود للملائكة ولم يكن هناك تطهير لهذا البيت فلا شك حلت المصائب والهم والغم بين الزوجين، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول أيضا: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" إلى قوله "والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته" وقال أيضا صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من عبد يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" والحديث متفق عليه اسمع لهذا الحديث مخيف مرعب "ما من عبد يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة" أليس من الغش إدخال وسائل الإعلام والأفلام والمجلات الهابطة أو حتى السماح بدخولها والله إن لم يكن من الغش فما ندري ما هو الغش، أليس من الغش عدم مراقبة الزواج للباس زوجه وبناته وأولاده عند الخروج للمناسبات والأسواق إن لم يكن هذا من الغش فلا ندري والله ما هو الغش، وأيضا في الحديث السابق الذي ذكرناه عن صفية "أن النبي صلى الله عليه وسلم انطلق إلى زينب فقال لها: إن صفية قد أعيا بها بعيرها فما عليك أن تعطيها بعيرك، قالت زينب: أتعمد إلى بعيري فتعطيه ليهودية "، كلمة منها فماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم انظر عدم الرضا فيما يغضب الله عز وجل " فهاجرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر فلم يقرب بيتها، وعطرت زينب نفسها وعطرت بيتها وعمدت إلى السرير فأسندته إلى مؤخرة البيت وأيست أن يأتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبين هي ذات يوم إذ بوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بخياله فدخل البيت فوضع السرير موضعه فقالت زينب: يا رسول الله جاريتي فلانة قد طهرت من حيضتها اليوم هي لك فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها" وفي حديث أيضا أخرجه مسلم في صحيحه رواه [عبد الله بن مسعود] في حديث أيضا أخرجه مسلم في صحيحه رواه عبد الله بن مسعود في حديث الواشمة والمستوشمة واللعن لهما والمتنمصة والمتفلجة إلى آخر الحديث قال في آخر الحديث: فقالت المرأة: فإني أرى شيئا من هذا على امرأتك تقصد عبد الله بن مسعود الآن قال اذهبي فانظري قال: فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئا فجاءت إليه فقالت: لم أر شيئا، قال: أما لو كان ذلك لم أجامعها أي لم أصاحبها ولم نجتمع نحن وهي بل كنا نطلقها ونفارقها هكذا كانوا رضوان الله تعالى عليهم لم يكونوا يرضون عن فعل المرأة إن كان فعلها يغضب الله عز وجل (ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى).
وأخيرا أقول خلاصة هذا الموضوع : اعلم أيها الأخ الحبيب يا أيها الرجل إني أخاطب فيك الرجولة والعقل والحكمة والتروي وحسن الخلق فإن السعادة مفتاحها بيدك فلا تضيعه فأنت القادر أن تجعل حياتك نعيما أو أن تجعلها جحيما متى؟ إذا علمت أن التعامل مع الزوجة فن، وأخيرا تنبيه للمرأة فأقول أيتها المرأة إني أعلم أنك ستحرصين على سماع هذا الموضوع وهو خاص بالرجل وكما أسلفنا كل ممنوع مرغوب وستعلمين كيف نخاطب الرجل بمثل هذه الكلمات فإذا حرصت وسمعت هذه الكلمات فإني أذكرك أيضا بأن لهذا الدرس بقية وجزء لا يتجزأ عنه فكما حرصت وسمعت هذا فاحرصي واسمعي بقيته حتى تتكامل سعادتك فإن السعادة لا تتحقق للبيت إلا بالتعاون وقيام كل من الزوجين بحقوقه تجاه الآخر وكما أن التعامل معك فن فإن التعامل مع زوجك فن آخر ستسمعينه بمشيئة الله في الدرس القادم بعنوان السحر الحلال، أسأل الله عز وجل أن ينفع بما قلنا الجميع وأن يجمع بين قلبي كل زوجين وأن يوفق بيوت المسلمين وأن يحفظ بيوتهم وأن يحفظ أحوال المسلمين مع أزواجهم اللهم يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام اللهم من على بيوت المسلمين بعيشة هنية راضية ترضيك يا حي يا قيوم وفق المسلمين لكل ما تحبه وترضاه اللهم من أراد بهم سوءا فأشغله بنفسه واجعل كيده في نحره واجعل تدبير تدميرا عليه يا حي يا قيوم أنت ولي ذلك والقادر عليه سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .