تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تدمير وثن القوميين الجزء الأخير



islam
03-16-2004, 05:19 AM
[align=center:478f6195c2]موقف الإسلام من الدعوة إلى القومية : [/align:478f6195c2]
من المعروف أن مبادئ الإسلام ومبادئ القوميين متباينة كلياً ، فالذي يعتبره القوميون مصدر القوة ، هو مصدر الضعف والخذلان عند الأمة الإسلامية ، فقوة المسلمين على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وأوطانهم هي في وحدتهم التي توجدها آصرة الدين وليس الوطن أو النسب أو اللغة أو غير ذلك من الأمور التي يلتف حولها القوميون ، وآصرة الدين هي التي كانت سبب قوتهم وعزتهم وسيادتهم للدنيا طوال قرون عديدة ، ولذا كان من غير المعقول ولا الممكن ـ كما يقول الأستاذ المودودي ـ أن توجد في الأمة الإسلامية قوميات على أساس الألوان والأجناس واللغات والأوطان . كما لا يمكن أن توجد في داخل دولة دول كثيرة ومختلفة .
ومن كان مسلماً وأراد أن يبقى على إسلامه فلابد له أن يبطل في نفسه الشعور بأي أساس غير أساس الإسلام ، ويقطع العلاقات والروابط القائمة على أساس اللون والتراب .
ولا يمكن بقاء الرابطة الإسلامية مع نشوء الشعور بالقومية العنصرية ومن المغالطة الزعم بأن إحداها تساير الأخرى ، ولا تغايرها .
فعندما بدأ المسلمون في هذا الزمان يتغنون بالعنصرية والوطنية في كل قطر من أقطارهم متأثرين بالأوروبيين صار العربي يتغنى بالعروبة ويجعلها دينه ، والتركي يتيه إعجاباُ بتركيته ، ويحاول أن يصل يسبه إلى جنكيز خان ، وبدأ مسلمو الهند يفخرون بالانتساب إلى القومية الهندية بل منهم من يدعو للانقطاع عن ماء زمزم ، والاتصال بنهر جنجا ، وفيهم من تبعثهم أهواؤهم على اتخاذ ( نهيم ـ وأرجن ـ ورام ها ) أبطال الهندوس القدماء رموزاً قومية ، وليس هذا كله من هؤلاء السفهاء الراكبين رؤوسهم إلا لأنهم ما استطاعوا أن يملكوا من الحضارة ما يملكه الغرب .. وما تبينوا ما بينهما من الفرق الجذري ، لأن عيونهم كليلة عن المبادئ والحقائق ، فلا ينظرون إلا إلى السطح ، ويبهر عقولهم ما يجدونه بارزاً عليه من الفقاقيع والألوان الظاهرة ، ولا يعلمون أن الشيء الذي هو ماء الحياة للقومية وهو نفسه السم الزعاف للرابطة الإسلامية .
إنه يمكننا القول : إن الدعوة للقومية العربية أو غيرها من القوميات باطل ، ويكاد يكون معلوماً من دين الإسلام بالضرورة ، لأنها منكر ظاهر ، وجاهلية نكراء وكيد سافر للإسلام وأهله ، وذلك من وجوه أربعة :
أولاً ـ أنها تفرّق بين المسلمين وتفضل المسلم العجمي عن المسلم العربي ، بل تفرّق بين العرب أنفسهم وتقسمهم أحزاباً ، فهي بذلك تخالف مقاصد الإسلام التي تدعو إلى الاجتماع والوئام . قال تعالى ( واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا ) وقال ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم ) .
ثانياً ـ لأنها من أمر الجاهلية وتدعو إلى الجاهلية فهي تدعو إلى غير الإسلام ، وكل ما خرج عن دعوة الإسلام والقرآن من نسب وبلد وجنس ومذهب أو طريقة فهو عودة للجاهلية ، والرسول صلى الله عليه وسلم حين كادت أن تنشب حرب بين الأوس والخزرج غضب وقال ( أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم ) وهو القائل ( ليس منا من دعا إلى عصبية ، وليس منا من قاتل على عصبية ، وليس منا من غضب على عصبية ) .
ولا ريب أن كل ما يفعله دعاة القومية من أجل العصبية ـ وهذا يخالف الإسلام والدين ـ فهي تدعو إلى الجاهلية في كل شيء ، وهذا كله يخالف الإسلام الذي يدعو إلى التقوى والتواضع والتحاب في الله .
ثالثاً ـ القومية تؤدي إلى موالاة الكفار العرب وملاحدتهم من أبناء غير المسلمين واتخاذهم بطانة والإستنصار بهم على غير القوميين من المسلمين وغيرهم ، والقرآن يقول ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) . والقوميون يدعون إلى التكتل حول القومية العربية فيوالون لأجل ذلك كل عربي من يهود ونصارى ومجوس ووثنيين وملاحدة وغيرهم تحت لواء القومية العربية ، ويقولون : إن نظامها لا يفرق بين عربي وعربي ، وإن تفرقت أديانهم . والله عز وجل يقول ( لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادّون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم ) وقال ( أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون )
بل إن دعاة القومية يقولون : أقصوا الدين عن القومية ، وافصلوا الدين عن الدولة ، والتفوا حول قوميتكم ، حتى تدركوا مصالحكم وتستردوا أمجادكم وكأن الإسلام وقف في طريقهم وحال بينهم وبين أمجادهم ، وهذا والله هو الجهل والتلبيس وعكس القضية .
رابعاً ـ لأن الدعوة للقومية تفضي بالمجتمع إلى رفض حكم القرآن الكريم لأن القوميين ـ غير المسلمين ـ لن يرضوا بتحكيم الشرع فيوجب هذا على زعماء القومية أن يتخذوا أحكاماً وضعية تخالف القرآن حتى يستوي مجتمع القومية في تلك الأحكام .
وهذا هو الحاصل الآن فكل البلاد الإسلامية أستبدل الحكام فيها أحكام البشر بأحكام الشرع . وآخر هذا حدوثاً في اليمن عند الوحدة ونظرة واحدة في الدستور السابق والدستور الجديد كافية للدلالة على ذلك .
وعلى ظهر القومية تسلق من تسلق من غير المسلمين وتسلطوا على رقابهم فذبح من ذبح وقتل من قتل ومازال الأمر إلى اليوم على هذا النحو . وسيستمر إلى أن يُخلع هذا الرداء المهتريء العفن ونقبره تحت أقدامنا كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أربعة عشر قرناً من الزمان .
وأخيراً فهذه دعوة إلى المسلمين في كل الأرض إلى نبذ قومياتهم ، والالتفاف حول الدين وحول رابطة الإسلام فهي الوحيدة التي ترفع شأنهم عرباً وعجماً كما رفعت شأن أسلافنا من قبل فسادوا الدنيا شرقاً وغرباً