تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تدمير وثن القوميين (الجزء الثاني)



islam
03-15-2004, 02:33 AM
[align=center:a602962d08]دين جديد[/align:a602962d08]
أما أنها دين جديد يريد القوميون أن يحلوه محل الإسلام ، فذلك واضح جداً في كتاباتهم ، ومن أقوالهم ، ومن ومنهم من يصرح بذلك دون مواربة .
فيقول عمر فاخوري في كتابة كيف ينهض العرب : " لا ينهض العرب إلا إذا أصبحت العروبة مبدأ يغار عليه العربي كما يغار المسلم على قرآنه " .
وفي هذا الشأن يقول لورنس أيضاً :" وأخذت أفكر طوال الطريق في سوريا وفي الحج وأتساءل : هل تتغلب القومية ذات يوم على الاعتقاد الديني ؟ وبمعنى أصح هل تحل المثل العليا السياسية محل الوحي والإلهام ؟ وتستبدل سوريا بمثلها الأعلى الديني مثلها الأعلى الوطني ؟ هذا ما كان يجول في خاطري طول الطريق " .
ويقول جُبّ ـ المستشرق المعروف ـ وبصراحة تامة " وقد كان من أهم مظاهر فَرْنَجَة العالم الإسلامي تنمية الاهتمام ببعث الحضارات القديمة التي ازدهرت في البلاد المختلفة والتي يشغلها المسلمون الآن ، فمثل هذا الاهتمام موجود في تركيا ومصر واندونيسيا والعراق وفارس ، وقد تكون أهميته محصورة الآن في تقوية شعور العداء لأوربا ، ولكن من الممكن أن يلعب في المستقبل دوراً مهماً في تقوية الوطنية الشعوبية وتدعيم مقوماتها " ومن هنا نرى أن مساعدة حكومات الاحتلال الغربية الحكومات الوطنية ـ في الشرق الإسلامي والعربي خاصة ـ في كل المشاريع التي من شأنها تقوية الشعوبية فيها ، وعمل الحدود بين البلاد ، وإبراز تاريخ هذه البلاد ما قبل الإسلام ، وتدريسه للطلاب والتفاخر بالحضارات القديمة المصرية والأشورية وغيرها ، وجعل الاختلاف حتى في الأشياء البسيطة كغطاء الرأس والزي القومي وكل ذلك يعمق فكرة القومية في نفوس الناس .
ويستمر القوميون في الدعوة لأن تحل العروبة محل الإسلام ، فيكتب بعض القوميون الذين يتسمون بأسماء المسلمين ، فيقول محمود تيمور في مجلة " العالم العربي " عدد (171) : " وأن كُتّاب العرب في أعناقهم أمانة بأن يكونوا حواريين لتلك النبوة الصادقة ـ القومية العربية ـ يزكونها بأقلامهم " .
ويقول في هذا الصدد أيضاً علي ناصر الدين في كتابه " قضية العرب " : " العروبة نفسها دين لنا نحن القوميين العرب المؤمنين العريقين من المسيحيين والمسلمين ، ولئن كان لكل عهد نبوته المقدسة فإن القومية العربية هي نبوة هذا العصر " . ويقول في مجلة العربي عدد (2) يناير (1959) : " القومية العربية يجب أن تنزل من قلوب العرب أينما كانوا منزلة وحدة الله من قلوب المسلمين " .
ويزداد التبجح والكفر في قول إبراهيم خلاص ـ البعثي السوري ـ في مجلة الجيش السوري في (25/4/1967) أي قبل الهزيمة أو النكسة بشهر ونصف تقريباً فيقول : " والطريق الوحيد لتشييد حضارة العرب وبناء المجتمع العربي هو خلق الإنسان الاشتراكي العربي ، الذي يؤمن أن الله والأديان والإقطاع ورأس المال والمتخمين وكل القيم ليست إلا دمى محنطة في متاحف التاريخ " . تعالى الله عما يقول علواً كبيرا .
فها هي أقوال وكتابات القوميين ومن أوحي لهم واضحة في أنهم يريدون أن تحل القومية محل الإسلام ، ومن هنا قامت كل الانقلابات العسكرية في المنطقة العربية منذ أول انقلاب ، تم فيها وكان في سوريا على يد حسني الزعيم ، ثم انقلاب مصر عام 1952م ، ولقد كانت الشعارات التي ترفعها هذه الانقلابات هي القومية العربية .
وأشار مايلز كوبلاند في كتابه " لعبة الأمم " إلى أنهم قرروا أن يرفع جمال عبدالناصر في مصر شعار القومية العربية على الرغم ـ على حد قولة ـ من أن الشعار الإسلامي إذا رفعه جمال سيعطيه مساحة جماهيرية أكبر ، ولكنهم خافوا من انتشاره ، ولكبح التيار الإسلامي المتنامي أملوا عليه أن يرفع شعار القومية الذي ضرب به الإسلام ضربة كبيرة .
و ها هي الايكونمست البريطانية تقول في مقال عام (1962) عنوانه " الإسلام ضد القومية " :
" لقد وضع العرب منذ الحرب العالمية الأولى القومية في المقام الأول عندما حاربوا الأتراك إلى جانب الانجليز من أجل التحرر ، باستثناء القلة الهزيلة من الإخوان المسلمين ، فليس هناك في العالم العربي اليوم أناس ذوي تفكير سياسي يضعون مجتمع الدولة الإسلامية فوق قوميتهم " .
وحتى الأحزاب التي تمخضت في أرض الواقع ، كل مؤسسيها وزعمائها من النصارى ، فظهرت أحزاب البعث العربي الأشتراكي ، وحزب القوميين العرب وحزب القوميين السوريين .
أما حزب القوميين العرب فخرج من الجامعة الأمريكية ، فلقد كان رئيس الجامعة دودج وقسطنطين زريق يشجعون الآراء القومية وسط الطلاب ويدفعون الطلاب دفعاً للقيام بمظاهرات ضد فرنسا باسم العروبة .
ورّبى قسطنطين زريق تلميذاً قاد القوميون العرب ومازال ، هو جورج حبش .
أما القوميون السوريون ، فزعيمهم أنطون سعادة الذي قُتل ثم تولت أرملته القيادة ، وبعدها جاء أسد أشقر ثم جورج عبدالمسيح .
وحزب البعث بشقيه ، صاحب الخيانات الكبيرة ، فزعيمه هو ميشيل عفلق الذي نال من البابا وساماً رفيعاً ، وقال له البابا : " لقد فعلت ما لم تفعله جميع الجمعيات التبشيرية طيلة ثلاثة قرون " . وحينما عاد إلى العراق " الإله العائد " ومن المضحكات المبكيات ما حدث عندما هلك ، فقد أقيمت عليه صلاة الجنازة في كل أرجاء العراق ، وصلى أبناؤه عليه مع المصلين ، ومن الجدير بالذكر أن صدام حسين الرئيس العراقي ـ وهو تلميذ وفيّ للهالك عفلق يقول : إن جلسة واحدة مع الاستاذ ـ كما كان يطلق عليه ـ استلهم منها مدداً لمدة ستة شهور آتية .
وجدير بالذكر كذلك أن عفلق هو الذي أوعز للانجليز بتدبير الانقلاب الذي قام به أحمد حسن البكر ، وعين صداماً نائباً له ، ثم ها هو الآن ومنذ سنوات رئيساً للعراق يطحن أهلها طحناً ، وتعدىّ الأمر هذا الحد فاتجه إلى دول الخليج ليبتر منها الأموال تحت تهديد عضلاته ، ثم تدخله السافر في الكويت وتهديده المنطقة كلها بتدخل أجنبي ، خاصة وأن جيوش هذه الدول جيوش لم تعد لقتال .
[align=center:a602962d08]عقيدة القوميين[/align:a602962d08]
ولكن لماذا كانت العقيدة الشيوعية هي عقيدة كل الأحزاب ؟
كل الأحزاب القومية العربية ذات فكر اشتراكي ، وذلك لأن القومية كما ذكرنا أنفاً جاءت لتقوض الإسلام وتخرجه من نفوس وقلوب المسلمين ، فكان لا بد من وجود فكرة عقائدية يعتنقها الناس والمجتمعات ، وذلك لأن المجتمعات لا تقبل الفراغ ، ولما كانت الرأسمالية ليس لها توجه عقائدي ، كانت الاشتراكية هي الفكرة البديلة ، ومن ثم كانت كل الأحزاب القومية أحزاباً ذات توجه شيوعي ، فطالما تغنت إذاعة البعث في سوريا ليلاً ونهاراً :
آمنت بالبعث ربا لا شريك له وبالعروبة دينا ما له ثاني
فكانت الشيوعية كعقيدة هي عقيدة كل القوميين قال شاعرهم :
سلام على كفر يوحد بيننا وأهلاً وسهلاً بعده بجهنم
وكان شباب المقاومة الفلسطينية أيام العمل الفدائي ، الذين يتبعون جورج حبش ونايف حواتمة وغيرهم من القوميين يرددون :
إن تسأل عني فهذي قيمي أنا ماركسي لينيني أممي
وهكذا كان ديدن الشباب الذين فتنوا بالقومية العربية في الخمسينات والستينات ، يتفاخرون بأنهم قوميون عرب اشتراكيون تقدميون ، وكانت الأسماء المفضلة لهم هي : كاسترو ، وجيفارا ، وهوشي منّه ، وماو ، وغيرها من أسماء زعماء الاشتراكية ، بل أن بعضهم لم يكن يسمي نفسه إلا بأبي جهل وأبي لهب ، ولعل قصة وزير الصحة الأردني الذي كنى نفسه : بأبي لهب معروفة .
ظلمات بعضها فوق بعض :
وكما اقتربت القومية العربية بالعداء للإسلام ، وكما هو واضح من كلام منظريهم ومفكريهم ، اقترنت القومية والقوميون بالعمالة للاستعمار وأعداء الأمة ، وإذا ذهبنا نستعرض خيانات القوميين وعمالاتهم التي أظهرها الله على ألسنتهم وألسنة الذين كانوا يعملون لحسابهم ، لطال المقام وطال ولكن نذكر منها طرفاً للتدليل والاستشهاد على أن شعار القوميين المرفوع ما هو إلا دهان باطنه العمالة والخسة ، وظاهرة التقدمية والثورية إلى آخر هذه الشعارات .
ففي سنة (1939) طالبت عصبة التحرر الوطني التي أنشأها الشيوعيون في فلسطين بجلاء الإنجليز ، وتشكيل حكومة مشتركة بين اليهود والعرب ، وفي حرب (1948) تحول أعضاء عصبة التحرر الوطني إلى قادة عصابات مسلحة ، يذبحون الشعب الفلسطيني ، وكان في هذه العصبة توفيق طوبي وإبراهيم بكر المحامي ، وفؤاد نصار في يافا .
أما سقوط فلسطين وإعلان دولة اليهود فقد كان للقوميين العرب دور بارز في ذلك .. من ذلك :
ـ انسحاب فوزي القاوقجي بجيش الانقاذ بعد معارك ناجحة ضد اليهود مما أدى إلى نتائج سيئة وسقوط المدن الفلسطينية تباعاً .
ـ محاكمة القائد العراقي عمر علي محاكمة عسكرية بعد عودته إلى العراق بعد أن قاوم اليهود وأحدث فيهم مقتلة عظيمة ، وكانت التهمة هي التمرد على الأوامر .
ـ ثم جاءت اتفاقيات الهدنة ، والاعتراف بدولة إسرائيل ، وكان في ذلك من العمالة والخيانة ما لا يخفى على أحد لآن :
1) الأسلحة الفاسدة للجيش المصري .
2) اعتقال الإخوان من الجبهة وإرسالهم إلى معتقل الطور .
3) حين كان بإمكان الجيش العراقي أن يضرب اليهود رد القادة العراقيون " ما كوا أوامر إلى الجيش العراقي " .
4) ثم اتفاقية رودس سنة (1949) التي سلمت بموجبها أراضي فلسطين إلى اليهود . ولعل تصريح رئيس وزراء مصر في هذه الأيام بأنه لن يتناول في محادثته مع الأنجليز موضوع فلسطين لأنه رئيس وزراء مصر وليس رئيس وزراء فلسطين . أوضح دليل .
والدليل الأوضح الذي استبان بعد حرب (1967) هو النكبة والنكسة .
فقد استيقظت الجماهير العربية في صباح الخامس من يونيو على هزيمة ما رأت البشرية لها نظيراً ، وما سجل التاريخ العسكري اندحاراً أغرب من هذا ، ثلاثة جيوش عربية ـ الجيش المصري والجيش السوري ـ ينحدرون في سويعات أمام الجيش اليهودي ، وتترك مساحات شاسعة من الأرض مازال أكثر من نصفها تحت الاحتلال اليهودي ، فعندما حوكم صلاح نصر ـ مدير المخابرات المصرية آنذاك ، سئل عن ملابسات الهزيمة ومسئولية جهاز المخابرات المصرية عن ذلك .ذكر أنهم كانوا على يقين أن الضربة الأولى ستكون للطيران يوم الاثنين الخامس من يونيو الساعة الخامسة صباحاً وقال : أبلغنا ذلك للقيادة .. وقال أيضاً : ودخلت عليه ـ يعني جمال عبدالناصر ـ فكنت أجده يقدم ويؤخر مقاطع من أغنية عبدالحليم " لأجل الربيع لأجل الحياة لأجل عشاق الحياة اضرب وقاتل " .
وقال جمال نفسه عند الاستقالة :" لقد كنا نعلم مائة في المائة أن الهجوم يوم الاثنين خمسة يونيو واتصل بي السفير الأمريكي الساعة السابعة مساء وقال لا تضرب ، واتصل بي السفير الروسي الساعة الثالثة فجراً وقال لا تضرب " . أليس عجيباً أن يطيع أوامر السفير الأمريكي على الرغم من أنه كان يقول قبل الحرب بأيام سنحارب إسرائيل ومن وراء إسرائيل ؟ وتستمر المهازل في المعركة ، فالراديو الإسرائيلي التقط برقية من عبدالناصر إلى الملك حسين قال فيها " أسقطنا ثلثي طائرات العدو ، طائراتنا فوق تل أبيب ، شد حيلك يا جلالة الملك ـ التوقيع سلمى " سلمى كان أسم عبدالناصر في الشفرة . فكانت أسلحة الجيش الأردني غنيمة لليهود ، كما كانت أسلحة الجيش المصري الذي جاءه الأمر بالانسحاب بعد إلقاء السلاح .. وغنم اليهود في ذلك أكثر من 800 دبابة لم تسر إلا من مخازن السلاح إلى سيناء ، وعرضها اليهود في يافا على العرب ، ثم باعوا أكثر من 400 دبابة لرومانيا .
والسؤال لماذا لا ينسحب الجيش بأسلحته ؟
ويذكر أكرم الحوراني ـ وهو من منظري حزب البعث ـ في كتابه أن جمال عبدالناصر قال له : مطلوب منا تسليم الضفة والقطاع ، وعندما رأى علامات الذهول في وجهه قال : لا بد أن نسلم الضفة والقطاع . وكان ذلك أيام الوحدة بين مصر وسوريا والتي انتهت بمأساة لا تخفى على أحد .
والكلام لا يحتاج إلى أي تعليق .
أما عن الخيانة البعثية السورية النصيرية فحدث ولا حرج ، ويذكر سعد جمعة ـ وكان رئيس وزراء الأردن في ذلك الوقت ـ في كتابة " المؤامرة ومعركة المصير " فقد طلبت الأردن من القيادة القطرية في سوريا الغطاء الجوي ـ كما كان متفقاً عليه ـ فاستلهموهم ساعة ساعة ثم راجعوهم بعد ساعة فاستلهموهم ساعة أخرى ، وكما يقول سعد جمعة : ومازلنا ننتظر الرد إلى الآن . ثم يقول إضافة إلى ذلك " ثم علمنا النبأ اليقين " أن إسرائيل أرسلت إلى سفير دولة كبرى في دمشق ـ أمريكا ـ تقول فيها إن إسرائيل تعطف على التجربة الاشتراكية العلوية فإذا التزمت سوريا الصمت فإن إسرائيل لا تمسها ، وأرسل السفير البرقية إلى القيادة القطرية فوافقت على الفور " .
فكان نتيجة ذلك أن توجهت الألوية اليهودية لاحتلال القدس والضفة الغربية ، ثم بعد ذلك استدارت إلى الجولان واحتلتها كذلك .د
ويقول تشرشل الحفيد في كتابه :" حرب الأيام الست " :" في الوقت الذي كانت المدفعية السورية تلقي آلاف الأطنان من المتفجرات على الأعشاش الفارغة والقش اليابس ، كانت جرافات البلدوزر الإسرائيلية تشق طريقها صاعدة إلى الجولان ، وقد حصل أن تعطل جنزير إحدى الدبابات فوجه قائد الدبابة مدفعها نحو الدبابات الصاعدة فدمّر ست دبابات إسرائيلية ، مما أعاق تقدم الجيش الإسرائيلي في هذا المحور ثماني ساعات " .
والأدهى من ذلك أن سفير سوريا في الأمم المتحدة يعلن سقوط القنيطرة بأيدي اليهود ، بينما السفير اليهودي ينكر ذلك ويقول : لا لم ندخل القنيطرة بعد .
فهذه الكوارث إنما جرها القوميون العرب على العرب والمسلمين ، بعمالتهم التي أظهرها الله على ألسنتهم وألسنة أسيادهم .
ومازال القوميون ينقلون الأمة من سيئ إلى أسوأ ، ومن تشرذم إلى تشرذم وانحطاط أكثر بالبعث العلوي يحشد القوات أكثر من مرة على حدود الأردن ، وتنسحب بعد أن يأخذ من العرب ما يريد من أموال .
البعث العربي انشق فأصبح بعثين . البعث التكريتي في العراق والبعث العلوي في سوريا وبينهما ما لا يخفى على أحد من نزاع وشقاق وقد يصل الأمر بينهما إلى حد القتال ، مع أن مؤسس الحزب ـ كما ذكرنا ـ هو ميشيل عفلق النصراني .
جرائم القوميين :
أما عمليات الإبادة والقتل التي قام بها القوميون ضد القوميون فلا يمكن سردها كاملة ، وسنكتفي بطرف منها .
قبل نكبة يونيو (1967) كان النشاط الفدائي قد بدأ ولما كان أول بيان للمنظمة قد استهل بالقول " إتكالاً على الله وإيماناً منا بواجب الجهاد المقدس " . فإن ذلك كان كفيلاً بأن تضيق أنظمة دول المواجهة مع إسرائيل على الفدائيين ، وراحت تطاردهم وتعتقلهم ، لأنهم إخوان مسلمون ـ كما زعم بقض الحكام القوميون ـ ولأن هذه العمليات ستكفلهم مواجهة مع العدو الإسرائيلي وهم ليسوا مستعدين لها ولا يريدونها ، أما بعد النكسة فقد اضطرت هذه الدول أن تسمح للفدائيين بعمل قواعد لهم في بعض هذه البلدان ومن أجل ألا يتجاوز العمل الفدائي الهدف المطلوب ، سارعوا إلى تأسيس ودعم منظمات مشبوهة ، فأسس حزب البعث النصيري السوري بعد النكسة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ، فزعيمها " جورج حبش " وأسس حزب البعث العراقي سنة (1969) منظمة الصاعقة ، وأسس الشيوعيون منظمة قوات الأنصار ومنظمة فلسطين التي أسسها الناصريون ثم بعد ذلك توترت العلاقة بين هذه المنظمات ـ فبعد أن قام القوميون أنصار جورج حبش وغيره برفع شعارات مثل " عمان هانوي العرب " و " كل السلطة للمقاومة " و " تحرير فلسطين يبدأ بإسقاط الحكم الرجعي في عمان " وتحرش شباب المنظمات الفلسطينية الرهيبة فيما سمّي " بمذابح أيلول الأسود " فارتكبت أبشع أنواع القتل والإبادة للفلسطينيين وأولهم القوميون على يد الجيش الأردني في مخيمات عمان وجرش وإربد ، حتى فاق عدد القتلى من الجانبين عدد قتلى حرب (1967) . وقال حبش كلمته المشهورة :" لقد حاربت النظام الأردني بمنظمة التحرير " ولا تكاد تنتهي المأساة حتى يكتشف أن عبدالناصر هو الذي أعطى الضوء الأخضر للسلطات الأردنية للقيام بما قامت به ، ولعل أحد أسباب ذلك أن المنظمات الفلسطينية كانت قد خرجت في مظاهرات عارمة تندد بجمال عبدالناصر وسياساته بعد قبوله مبادرة روجرز في يوليو (1970) .
وبعد أن انتقلت المقاومة إلى لبنان وبدأت الحرب الأهلية في لبنان بحادث الأتوبيس في " عين الرمانة " في (3/7/1975م) . ووجد الفلسطينيون أنفسهم طرفاً في الحرب ، وبعد أن دحرت القوات الفلسطينية والقوات اللبنانية الوطنية الكتائبيين وحلفاءهم الموارنة تدخل الجيش السوري بقوات قوامها (30,000) ألف جندي في (5/6/1976م) ودحر القوات المشتركة ـ الفلسطينية واللبنانية ـ بعد أن تخلى كمال جنبلاط عن الفلسطينيين ووقف الشيعة إلى جانب القوات النصيرية ، وكانت بعد ذلك مذبحة تل الزعتر (14/8/1976م) . وانطلق الموارنة كالوحوش الكاسرة يذبحون النساء والشيوخ يبقرون الحوامل ، وينتهكون أعراض الحرائر ، وظهرت صورهم على شاشة التلفاز في معظم بلدان العالم وهم يشربون كؤوس الخمر احتفالاً بالنصر على الفلسطينيين ، كل ذلك تحت مظلة الحماية السورية وقادتها القوميين .
ناهيك عن تدمير المباني والمنشآت الحيوية فدمر الجيش السوري مصفاة البترول التي كانت تمد سوريا نفسها بالمواد البترولية .
وإذا انتقلنا إلى اليمن فسوف نجد الرفاق الحمر في عدن ينقلب بعضهم على بعض ، ويقاتل بعضهم بعضا حتى بلغ عدد القتلى (12) ألف قتيل وأكثر من (30,000) جريح ، مع أنهم جميعاً ينتمون لفكر واحد هو الفكر الشيوعي الممزوج بالقومية والتي أرسى دعائمها جورج حبش من قبل .
وعلى صعيد المغرب العربي ، لا تزال مشكلة الصحراء قائمة بين المغرب التي تدعم جبهة البوليساريو التي تقاتل من أجل استقلال الصحراء ، وكم من الضحايا قتل من أجل ذلك .
ولو ذهبنا نسرد المخازي والمساوئ لطال المقام ونحسب أن في هذا كفاية للتدليل على فساد فكرة القومية من ناحية الواقع التي يعيشه القوميون .