تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز



صقر الجزيرة
02-28-2004, 03:10 AM
خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز

د. عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر

تَوَلّي خادم الحرمين الشريفين الملك فهد الحكم قبل عشرين عاماً لا يعني بدء تأثيره على النمو والتطور الذي وصلت إليه البلاد ؛ فأول مشاركة لـه جاءت بالتأثير المهم هي توليه وزارة المعارف ؛ فالتعليم هو مفتاح باب التقدم ، ومنه يوصل إلى الغايات التي يتطلع إليها المجتمع في جميع مرافق حياته ، وقد أدرك - حفظه الله - أهمية التعليم هذه ، فالتفت التفاتة مصلح على التعليم ، وركز جهده على الكم والكيف ، فنشر المدارس في البلاد أدناها وأقصاها ، وزاد المدارس في المدن والقرى ، وفتحها في المناطق النائية ، وفي البراري ، ثم توّجها بإنشاء جامعة الملك سعود ، ففتح الباب على هذا في التوسع في التعليم العام ونشره ، وفي التعليم العالي بإيجاد النواة ، وهذه النواة لأنها وضعت في تربة صالحة ، ووقت ملائم ، نمت حتى وصلت اليوم إلى ثماني جامعات ، مع الكليات المتفرقة التي سوف تؤدي في آخر الأمر إلى توسع يوصلها إلى جامعات.
وتلا وزارة المعارف وزارة الداخلية ، وقد وضع لها الأسس ؛ لتكون أجهزتها كفيئة بمقابلة النمو السكاني ، وما يحتاجه في مجال الأفق بجميع جوانبه ، وبجميع ما يحتاجه من أجهزة بشرية وآلية ، والأسس الموضوعة بأسلوب سليم يراعي الحاضر ، ويستعد للمستقبل هي التي جعلتها مزدهرة تجاه ما عليها من واجب في مرافقها المختلفة.
وتكاد الإنجازات التي تمت على يده عندما أصبح نائباً للملك لا تحصى ؛ فهو مشارك قوي في الخطط الست التي بدئ بها عندما بدئ ، واستمرت حتى اليوم منهجاً للتنمية السليمة في ضوء حاجة البلاد ومقدرتها.
كان - حفظه الله - يخطط للمستقبل ، ويخطط بجزالة ، وتبين منهجه هذا عندما أصبح ملكاً ، وتمثل هذا في شق الطرق ذات المسارات المتعددة ، والشوارع الواسعة ، والمطارات العالمية محط الإعجاب والتقدير ، والموانئ بما تحتاجه من آليات حديثة ، وأساليب متقدمة ، وأصبح ذلك مثلاً يحتذى في كل مرفق يحتاج إلى التفات.
وجزالته - حفظه الله - وحسن تصوره للمستقبل ، واحتياجاته ، وما يلزمه من استعداد يتمثل فيما فعله في مكة المكرمة ، والمدينة المنورة من تخطيط متميز ، وما تم من تطوير للحرم المكي والمسجد النبوي من عمارة فريدة في التصميم العالمي ، والإنجاز الباهر ، وهما يشهدان بالكرم والعناية في أقدس معلمين ، هما في قلب كل مسلم.
كان - حفظه الله - حاضر الذهن في الإقدام على ما ينفع البلاد ، يتم ذلك عن طريق تخطيط متأن سليم ، يشرف عليه بنفسه ، ويتابعه في جميع دقائقه ؛ مما يجعل من يعملون معه في يقظة تامة ودائمة ، وعن طريق تنفيذ جزل ، لا ينظر إلى المال ، وإنما إلى ما أنفق فيه من عمران وبناء ، والتطوير والإضافة والتعديل يستمر تحت إشرافه ، حفظه الله وكان حاضر الذهن - حفظه الله - عندما تبرز معضلة ، أو تلوح في الأفق ، مثلما حدث وقت الطفرة من ارتفاع أجار البيوت ، وملاحظته عناء الناس ، فسارع بإنشاء صندوق التنمية العقاري ، وبإعطاء أراضٍ منحاً لمن هو محتاج . وأذكر أنه قال في مجلس الوزراء : " يجب أن نطوق المشكلة من جميع جوانبها ؛ فصندوق التنمية العقاري لا يكفي أن يقرض الأفراد لمساكنهم ، ولكن يمكنه أن يقرض أيضاً من ينوي بناء عمارة أو فندقاً " ، وتم هذا ، حتى بلغت بعض القروض أكثر من عشرة ملايين لمشروع واحد.
ولما أقبل الناس على البناء شح الأسمنت في الأسواق ؛ لأنه لم يكن هناك إلا ثلاثة مصانع ، وغير مسموح لها بالتوسع ، حتى لا يضرب أحدها الآخر ، فأمر - حفظه الله - أن تتوسع ، وأن يسمح بإنشاء مصانع جديدة ، وتعطى قروضاً سخية ولما تجمعت في البحر قرب الموانئ السفن التي تحمل شحنات إسمنت ، لم تستطع الموانئ مقابلة الضغط الذي حدث ، فبقي بعضها ستة أشهر قبل أن تتمكن من إفراغ حمولتها ، فأمر - حفظه الله - أن تنزل حمولتها على حساب الدولة عن طريق طائرات طوافة ، فقيل : " إن الموانئ ليس فيها أرصفة كافية " ، فقال : " نسمح لسيارات النقل الأجنبية [ وكانت ممنوعة ] بأن تنقل الإسمنت ؛ لأن الظرف يوجب الاستثناء " . وسمح للتجار بإنشاء أرصفة مؤقتة، تنقل عن طريقها الشحنات السائبة للإسمنت ، وهكذا تمت محاصرة الأزمة بكل وسيلة ، حتى انفرجت الأزمة في وقت مثالي ، ونزل سعر كيس الإسمنت من أربعين ريالاً إلى اثني عشر ريالاً ، فكانت النظرة صائبة ، والعمل جدياً ، ومتتابعاً وكان حريصاً - حفظه الله - على مساندة القطاع الخاص بالقروض ، والإعانات ، حتى وصل إلى القوة التي هيأته الآن أن يسهم في سياسة التخصيص التي اختارتها الدولة لمقابلة متطلبات التنمية في هذه الخطة الحاضرة.
السياسة الحكيمة التي انتهجها - حفظه الله - أبعدت عن المملكة الهزات التي تعرض لها غيرنا ، وهي سياسة تسير على ما كان وضع قواعده مؤسس الكيان الملك عبدالعزيز ، رحمه الله ، وسار عليها أبناؤه من بعده.
هذه لمحة سريعة عن بعض مظاهر الإنجاز التي أولاها خادم الحرمين الشريفين عنايته ، فآتت أكلها كما خطط لها.