تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإنتفاضة أرباح...فاقت خسائر العرب(1)



قلب الأسد
10-03-2002, 09:40 PM
الوقفات مع انتفاضة الأقصى نتلمس فتوحاتها وإشراقاتها وإيجابياتها :

1 ـ الخسائر البشرية الكبيرة نسبياً التي لحقت بـ 'إسرائيل':
من الصعب على المقاومة الفلسطينية على اختلاف توجهاتها إحصاء عدد القتلى والجرحى اليهود التي تخلفها عملياتها الفدائية؛ ولذا فإن أي إحصاء ولوتقريبي مرهون بإعلان السلطات الأمنية الصهيونية عنه، وهوما تتجنبه هذه السلطات بشكل مريب خلال تلك الانتفاضة، وقد أثار ذلك الشكوك لدى العديد من المراقبين العسكريين، ودفعهم إلى الظن بأن إخفاء [إسرائيل] لأعداد قتلاها وجرحاها لا يستشف منه سوى فداحتها، وهوما أكده مصدر في كتائب عز الدين القسام الذراع العسكري لحماس، وتؤكده يومياً الأنباء المتلاحقة عن تعرض دوريات احتلالية ومستوطنات لإطلاق النيران من قِبَل فدائيين فلسطينيين يستبعد أن تبوء جميع عملياتهم بالإخفاق.

الذي يمكننا تأكيده في هذا السياق أن [إسرائيل] تتعرض لحرب استنزاف حقيقية أسفرت ـ بحسب مصادر صهيونية ـ عن مقتل عشرات الجنود والمستوطنين اليهود، وعن جرح العديد منهم، وكذلك مقتل عدد كبير من عملاء [إسرائيل] منذ بدء الانتفاضة في 29/9/2000م، ولعل ما يدعم ذلك القدرة المتوافرة لهذه الانتفاضة على الصمود في وجه القمع الصهيوني، وهي لن تتأتى إذا استمر نزيف الدم من جانب واحد فقط.

2 ـ الخسائر المادية والمعنوية التي مني بها الكيان الصهيوني :
لم يكن الفلسطينيون وحدهم الخاسرين اقتصادياً بسبب انتفاضة الأقصى؛ فالصهاينة تكبدوا هم الآخرون خسائر فادحة قدرت بأكثر من 4 مليار دولار منذ بدء الانتفاضة أصابت العديد من مرافق الاحتلال ومواردها، نشير إلى جانب منها فيما يلي:
أ - أدى استمرار الانتفاضة إلى انهيار مناطق صناعية للاحتلال مثل منطقة شمال القدس الصناعية التي أصيبت بالشلل التام.
ب - ارتفعت ميزانية الجيش الصهيوني بمقدار 2 مليار شيكل سنويا، وتكبد الجيش خسائر فادحة نتيجة لزيادة عدد أيام الاحتياط فيه بمقدار مليون يوم مقارنة بالسنة قبل الماضية.
ج - تراجع معاملات الشيكل في غزة نتيجة الانتفاضة.
د - تأثر السياحة 'الإسرائيلية'[مورد أساسي من موارد الاقتصاد الصهيوني] تأثراً بالغاً من جراء تدهور الأوضاع الأمنية؛ حيث قل عدد زوار فلسطين 48 بنحو80% .

وإلى الجانب المادي، ثمة جانب يفوقه تأثيراً وهوالجانب المعنوي الذي يمثل عنصراً هاماً من عناصر الصراع تبدوأوضح ملامحه في اتساع الهوة بين التنازلات الرسمية الفلسطينية وبين الواقع الشعبي المقاوم لها. وفي السياق ذاته تأتي الانتكاسة التي منيت بها علاقة [إسرائيل] الرسمية مع الأنظمة العربية حتى أضحت [إسرائيل] كما وصفت [بلداً داخل بحيرة من الكره]، وتلقت [إسرائيل] أقوى صفعة دبلوماسية لها ـ حسب صحيفة معاريف الصهيونية ـ حينما قررت مصر استدعاء سفيرها في تل أبيب، وذلك إلى جانب إحجام الأردن عن إرسال سفير جديد في تل أبيب، وقطع كل من سلطنة عمان وتونس والمغرب علاقاتهم مع [إسرائيل]، وإغلاق مكاتب التمثيل التجاري لـ [إسرائيل] في كل من عمان وقطر.

3 ـ تربية جيل جهادي جديد:
أضحت الانتفاضة من أهم الأسباب التي عملت على تكوين جيل قادر على حمل الحجر والمقلاع والسلاح والمتفجرات، جيل مؤمن بقضيته إيماناً راسخاً يحيا لها ويموت في سبيلها. هذا الجيل صاغته انتفاضة الأقصى من جديد، ورسمت معالمه وأعادته إلى صدر القضية مرة أخرى، وجعلته رقمها الصعب الذي لا يمكن بحال تجاوزه بشهادة أعدائه قبل المنتصرين له.
لقد ترسخ لدى هذا الجيل الناشئ من شباب فلسطين وأطفالها أن الله ـ سبحانه ـ قد وضع الأقصى أمانة في أعناقهم وحدهم، وأنهم إن ضيعوه فلن يقوم مقامهم أحد في الدفاع عنه؛ فما لانت لهم قناة، واسترخصوا أن تزهق أرواح المئات منهم ليبقى الأقصى قائماً مطهراً.

ولئن كانت انتفاضة 1987م قد أفرزت شباباً مجاهداً وقادة ميدانيين على مستوى رفيع كيحيى عياش، ومحمد أبوالضيف، وعماد عقل؛ فلقد أضحت انتفاضة الأقصى هذه مفرخة للعشرات من هذا الطراز، ولعل كثيراً من المحللين يلحظون الخلفية الدينية التي تبدت ملامحها بصورة أكثر وضوحاً في هذا الجيل الانتفاضي الجديد مقارنة بجيل 1987م، ومن بين الذين لاحظوا بروز الخلفية الدينية بشكل لافت في الانتفاضة الأخيرة [داني روبنشتاين] الخبير الصهيوني في الشؤون الفلسطينية الذي أكد أن المتظاهرين الفلسطينيين لم يعودوا يمتثلون للسلطة؛ ملمِّحاً إلى أن أعلام الإسلام الخضراء ـ على حد وصفه ـ أصبحت هي التي تغطي جنازات الشهداء بدلاً من أعلام السلطة الوطنية الفلسطينية.
شباب الانتفاضة هوجيل جديد يستشرف النصر ويرفع شعار الانتفاضة لدحر الاحتلال دون قيد أوشرط. جيل لا يثق بالسلطة الوطنية وإنما يثق بربه وحده، وينطلق بعد ذلك مستعيناً بالحجر والمقلاع.

4 ـ تنامي الوعي بالقضية الفلسطينية لدى شعوب العالمين العربي والإسلامي وتفاعلهم معها:
أسهمت انتفاضة الأقصى بشكل لافت في تنامي الوعي الإسلامي والعربي بالقضية الفلسطينية؛ إذ لم يخلُ بلد إسلامي أوعربي بارز من مظاهر ذلك الوعي.

5 ـ بروز الإعلام الفلسطيني والعربي عبر القنوات الفضائية، والأرضية، وشبكة المعلومات الدولية إنترنت، سلاحاً مقاوماً لأول مرة في تاريخ الصراع:
غلامُ أصحاب الأخدود الذي أشار القرآن الكريم إلى قصته حينما جمع قومه ليشهدوا مقتله على نحويجعلهم يؤمنون بفكرته، هذا الغلام تذكرته جيداً وأنا أشاهد مع مئات الملايين غيري مقتل غلام فلسطين محمد الدرة على شاشات التلفزة؛ إذ لم يُعلم عن غلام في التاريخ الحديث كان لمقتله ذلك التأثير مثلما كان لهذا الغلام.

والحق كما يشهد على ذلك العديد من الإعلاميين العرب البارزين أن مشهد مقتل محمد الدرة لم يكن بدعاً في تاريخ فلسطين، ولم تكن جريمة قتله هي الأبشع بين الجرائم الصهيونية الرهيبة على مدى أكثر من نصف قرن؛ بيد أنها كانت الأبرز والأوضح على مر التاريخ الجهادي؛ حيث التقط مصور عربي وقائعها وتلقت تسجيلها المتلفز العديد من شبكات التلفزة العالمية ليتم عرضها بعد ذلك على شاشات العالم بأسره مؤذنة بنقطة غالية جداً يسجلها الإعلام العالمي، ولتفتح الطرق للإعلام العربي والإسلامي ليدخل في حلبة الصراع بعد أن غيب عنها عشرات السنين.

لا شك أن الإعلام العربي والإسلامي لا يضاهي الإعلام الغربي في إمكاناته عالمياً لكنه إقليمياً أصبح قوة لا يستهان بها، وبرغم التحفظات الكثيرة التي تسجل على الإعلام العربي وفضائياته، إلا أن الانتفاضة بفيضها الدافق أرغمت فضائيات العرب على احتلال جانب كبير من برامجها مما أسهم بشكل فعال في تعريف العرب بقضيتهم الأولى، وإلهاب حماس الشباب منهم، وكسب تعاطف الرجال والنساء والأطفال والشيوخ.

الخبير اليهودي في الشؤون الفلسطينية [داني روبنشتاين] قال من جهته: إن أحد الفوارق بين الانتفاضة السابقة والحالية وجود عشرات قنوات التلفزة العربية. مضيفاً: أن هناك 22 محطة فضائية عربية جميعها تتناول بالتفصيل أحداث انتفاضة الأقصى. مشيراً إلى أنه بواسطة انتفاضة الأقصى يكتشف الشباب الذي لم يسمع شيئاً عن فلسطين من جيل 1948م ـ الذي لم يعد معظمه على قيد الحياة ـ يكتشف الآن المشكلة الفلسطينية مجدداً؛ فالأجيال الشابة من المحيط إلى الخليج تشاهد الآن برامج عن معاناة الفلسطينيين والمجازر الإسرائيلية مثل مجازر: [دير ياسين، وكفر قاسم، وصبرا وشاتيلا]، ويشاهد كذلك بث برامج عن أوضاع اللاجئين المأساوية في لبنان وغيرها مما يعيد تعريف النشء العربي بالقضية الفلسطينية. كما نوه روبنشتاين بالبرامج الدينية التفاعلية في الفضائيات العربية الداعية إلى الجهاد ضد [إسرائيل] بالسلاح وبالمال عبر التبرع للانتفاضة، والتي لاقت تجاوباً عالياً خاصة في الخليج العربي.

ولا يفوتنا في هذا الإطار الإشارة إلى عدد كبير جداً من المواقع العربية والإسلامية على شبكة الإنترنت الداعمة إعلامياً للانتفاضة، والمنددة بالقمع اليهودي لها، والتي أعطت بدورها بعداً إعلامياً متميزاً للانتفاضة.

6 ـ النجاح الجزئي لسلاح المقاطعة للبضائع الصهيونية:
لاقت الدعوات المتواترة لمقاطعة المنتجات الصهيونية والأمريكية صدى عالياً في عدد غير قليل من الدول العربية والإسلامية ما لبث أن خبت حدته بعد ذلك بسبب اعتمادها على العاطفة وعدم التنسيق بين لجان التطبيع المتناثرة في أرجاء العالمين العربي والإسلامي؛ ووقوف العديد من الأنظمة حائلاً دون نجاحها في كثير من الأحيان؛ ورغم ذلك فقد وجهت تلك المقاطعة ضربات موجعة لعدد من الشركات العالمية في منطقة الشرق الأوسط، مثل مجموعة سوبر ماركت [سنسبري]، ومطاعم [ماكدونالدز] و[بيتزاهت]، وشركات [كوكاكولا] وإريال وغيرها، ولولم تقض تلك المقاطعة على الوجود الاقتصادي اليهودي الأمريكي في المنطقة إلا أنها أرسلت رسالة واضحة جداً تمثل الغضب الشعبي والإسلامي من ممارسات [إسرائيل] القمعية فهمتها تلك الشركات بحاستها الاقتصادية بسرعة؛ فراحت تغازل مؤيدي الانتفاضة بمشاركتهم الدعم الصحي للفلسطينيين، وفهمتها كذلك دوائر صنع القرار في الولايات المتحدة الأمريكية و[إسرائيل] من وراء تلك الشركات. وعسى أن تكون تجربة المقاطعة مدعاة لإحسان تفعيلها عند استخدامها مرة أخرى بشكل يوجع الاقتصاد الأمريكي واليهودي، ويحد من كبريائهما السياسي والعسكري

no saowt
10-04-2002, 05:17 AM
لشتركوا في قائمة [email protected]



:)