تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : امرأة تبعث أمة !!!



أم ورقة
01-29-2004, 04:16 PM
المرأة اسمها : ميسون
المكان : دمشق
الزمان : يوم من أيام سنة ( 607 ) هجرية
و المحنة : هجوم الصلبين الغزاة كالطوفان يدمر كل من يقف أمامه
محنتها : استشهاد إخوتها الأربعة في جهادهم المقدس .

ماذا يمكن أن تفعل امرأة عزلاء في مواجهة هذه الجحافل ؟
نعم . . . امرأة وحدها لا تقوى على عمل شئ ، لكنها امرأة صاغها الإيمان خلقا آخر ، فقلبت الموازين ، و أدارت دفة الأمور ، وغيرت مجرى الأحداث ، نزل الإيمان قلبها فإذا بها تحس في أن عضلاتها القوة التي تهز دمشق هزا ، وفي حنجرتها الصوت الذي يسمع الأموات ، وفي قلبها العزم الذي لا يكل والمدد الذي لا ينقطع ، والبأس الذي يفل الحديد ويدك الحصون .
جمعت النساء اللاتي حضرن يواسينها ويعزينها وقالت لهم : إننا لم نُخلق رجالا نحمل السيوف ، ولكن إذا جبن الرجال لم نعجز نحن عن العمل ، هذا والله شعري ، أثمن ما أملك ، أنزل عنه أجعله قيدا لفرس في سبيل الله ، لعلي أحرك به هؤلاء الأموات .
وأخذت المقص فجزت شعرها ، وصنع النساء صنيعها ، ثم جلسن يضفرنه لجما وقيودا لخيل المعركة الفاصلة ، لا يضفرنه ليوم زفاف أو ليلة عرس ، وأرسلن هذه القيود واللجم إلى خطيب الجامع الأموي سبط ابن الجوزي فحمله إلى الجامع يوم الجمعة ، وقعد في المقصورة ، وحبس هذا اللجم والقيود بين يديه ، والدمع يترقرق من عينيه ، ووجهه ممتقع شاحب ، والناس يلحظون ذلك كله وينظر بعضهم إلى بعض ، حتى قام وخطب خطبة حروفها من نار ، تلذغ أكباد من يسمعها وكلماتها سَجَر ، فكانت إحدى المعجزات، البلاغية التي يهدر بها كل عصر مرة لسلن محدث ، وحفظ الرواة جملا منها نقلوها إلى لسان الأرض ، وكان مما حفظوا :
" يا من أمرهم دينهم بالجهاد حتى يفتحوا العالم ويهدوا البشر إلى دينهم ، فقعدوا حتى فتح العدو بلادهم وفتنهم عن دينهم .
" يا من باع أجدادهم نفوسهم من الله بأن لهم الجنة ، وباعوا هم الجنة بأطماع نفوس صغيرة ولذائذ حياة ذليلة .
" يا أيها الناس " :
ما لكم نسيتم دينكم ، وتركتم عزتكم ، وقعدتم عن نصر الله فلم ينصركم ، وحسبتم أن العزة للمشرك ، وقد جعل الله العزة لله ولرسوله وللمؤمنين .
يا ويحكم . . . أما يؤلمكم ويشجي نفوسكم مرأى عدو الله وعدوكم ، يخطو على أرضكم التي سقاها بالدماء آباؤكم . . يذلكم ويتعبدكم . . وأنتم كنتم سادة الدنيا ؟ !!
أما يهز قلوبكم ويمي حسناتكم ، أن إخوانا لكم قد أحاط بهم العدو ، وسامهم ألوان الخسف ؟
أما في البلد عربي ؟!! أما في البلد مسلم ؟!! أما في البلد إنسان ؟!!
العربي ينصر العربي ، والمسلم يعين المسلم ، والإنسان يرحم الإنسان . .
من لم يهب لنصرة فلسطين لا يكون عربيا ولا مسلما ولا إنسانا . .
أفتأ كلون وتشربون وتنعمون وإخوانكم هناك يتسربلون باللهب ويخوضون النار ، وينامون على الجمر ؟
يا أيها الناس : إنها قد دارت رحى الحرب ، ونادى منادي الجهاد ، وتفتحت أبواب السماء ، فإن لم تكونوا من فرسان الحرب فافسحوا الطريق للنساء يدرن رحاها ، واذهبوا فخذوا المجامر والمكاحل . . يا نساء بعمم ولحى ! ! أولا . . فإلى الخيول ، وهاكم لجمها وقيودها ، يا ناس . . أتدرون مم صنعت هذه اللجم وهذه القيود ؟؟
لقد صنعتها النساء من شعورهن ، لأنهن لا يملكن غيرها يساعدن به فلسطين ، هذهه والله ضفائر المخدَّرات التي لم تكن تبصرها عين الشمس صيانة وحفظا ، قطعنها لأن تاريخ الحب قد انتهى ، وابتدأ تاريخ الحرب المقدسة . . الحرب في سبيل الله ، وفي سبيل الأرض والعرض ، فإذا لم تقدروا على الخيول تقيدونها بها فخذوها فاجعلوها لكم ذوائب وضفائر ، إنها من شعور النساء .. ألم يبق في نفوسكم شعور ؟ !!
وألقاها من فوق المنبر على رؤوس الناس وصرخ :
تصدّعي يا قبة النسر وميدي يل عمد المسجد أ وانقضي يا رجوم ، لقد أضاع الرجال رجولتهم "
فصاح الناس صيحة ما سُمع مثلها ، ووثبوا يطلبون الموت ، فجاء النصر المبين على يد امرأة واحدة أيقظت أمة نائمة .

أخوتي في الله :
إن انتصار الإسلام اليوم لا يتم إلا بإيجاد نساء شبيهات بميسون ، ورجال من أمثال سبط ابن الجوزي
فلننصر الله على أنفسنا ، ولننصر إخواننا على شياطين الإنس والجن ، ولنعمل على قانون التغيير الإلهي على أنفسنا حتى يغير الله ما بنا .

------------------------------------------------

قصص من التاريخ ص ( 143 – 145 ) علي الطنطاوي – ط المكتب الإسلامي ، وهي خطبة من إنشاء الشيخ علي رحمه الله تصور فيها ما قاله سبط ابن الجوزي وليست خطبة سبط ابن الجوزي نفسها كما أشار هو إلى ذلك في آخر طبعة من طبعات الكتاب الصادرة عن دار المنارة بجدة

منير الليل
01-31-2004, 07:21 AM
شكرا لك على نقل هذه القصة الرائعة......

هذا من تاريخ بطولات وأمجاد المسملين.... ولكن اليوم قليل منهم المرابطون..