منير الليل
01-23-2004, 02:18 PM
كلمة لمؤتمر التقريب بن المذاهب الإسلامية
الدكتور ناصر عبد الكريم العقل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المملكة العربية السعودية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل ( واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ) والقائل سبحانه ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) وقوله ( ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) وقوله ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء ) وصلى الله وسلم على نبي الهدى والرحمة القائل ( وإياكم والفرقة ) وبعد : بعد شكر الله تعالى نشكر لمملكة البحرين الشقيقة استضافتها لهذا المؤتمر . كما نشكر لكل من أسهم باحثاً ومشاركاً ومنظماً. ثم إن واجب النصيحة في هذا المقام ، مقام الحوار والتناصح بين فرق المسلمين يستدعي التذكير بأصول ومسلمات وتنبيهات منها :
(1) أن الله تعالى أمر بالجماعة ونهى عن الفرقة وأوصى بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم.
(2) أنه ليس لنا – بعد ذلك – الخيار أن نحيد أو نتهاون بهذا الأمر وهذه الوصية.
(3) بل يجب على المسلمين جميعاً السعي إلى تحقيق الجماعة ونبذ الفرقة بكل وسيلة مشروعة وإلى الاجتماع في الدين وهو مشروط بالاعتصام بحبل الله ( وهو القرآن والسنة ) وهو الحق.
(4) أن الفرقة بين المسلمين – كسائر الأمم – حاصلة بالخبر القطعي والواقع ( قدراً وواقعاً ) كما قال تعالى ( ولا يزالون مختلفين ) وقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ) .
(5) وأن هذه الفرقة إنما هي في الأصول والعقائد ، أما الإجتهاديات فالاختلاف فيها سائغ غير مذموم إذا سلم من الهوى والعدوان ، كما نعلم أنه ليس بإمكاننا إزالة الفرقة بالكلية لكن نسعى لتخفيفها.
(6) لذا فإن دعوى أن الوفاق بين طوائف المسلمين يصل إلى 90% أو أكثر من أمور الدين قد تصح في الإجتهاديات لكنها لا تصح أبداً في العقائد . لأن هذا إنكار للواقع لا يصح عند الحوار بحال لأنه خداع لا يليق.
(7) ويتبع ذلك أن وصف مثل هذا المؤتمر بـ ( التقريب بين المذاهب ) غير مناسبة لأن المذاهب الإسلامية الفقهية لا تحتاج إلى تقريب فالخلاف بينها سائغ لا ضير فيه ، وإن كان المقصود ( الفرق ) وهو الظاهر فالخلاف بينها عقدي ويدور بين الحق والباطل ، وبين السنة والبدعة ولا يصح التقارب بين الحق والباطل بل الواجب هو الحوار والجدال بالتي هي أحسن . فكان يجب أن يكون عنوان المؤتمر ( مؤتمر الحوار بين الفرق الإسلامية ) .
(8) ينبغي أن ينبني مثل هذا الحوار على المبادىء الشرعية الكبرى ( التعاون على البر والتقوى – التناصح – الدين النصيحة ) السعي الجاد لتحصيل المصالح العظمى للأمة المسلمة كلها ، ودرء المفاسد الكبرى عن المسلمين جميعاً واجتماع الجهود على دفع الأخطار المحدقة بالأمة اليوم .
(9) ومن الأسس التي ينبغي التذكير بها في مقام الحوار أن المسلم لا يملك أن يتنازل أو يداهن فيما يعتقد أنه الحق والسنة ، ومن فعل ذلك ( لا قدّر الله ) فإن مَن خلفه من أهل الحق لن يقرو على خذلانه للحق. ويبقى يتحمل مسئولية تفريطه في حق دينه .
(10) وفي الوقت نفسه لا يملك أحدا أن يكره الآخرين على ما يعتقد ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) لكن دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالتي هي أحسن.
(11) يجب أن نسعى جميعاً إلى درء المظالم والتجاوزات والتصرفات العدوانية التي تحدث من قبل بعض الجاهلين والمتعجلين من جميع الفرق ، وإفساح المجال للمجادلة بالحسنى والتناصح والدعوة بالحكمة وعليه:
(12) فإن إنكار المنكر من البدع والمعاصي واجب على الفرد والجماعة لكنه مشروط بالحكمة والضوابط الشرعية المعتبرة .
(13) ما أثاره البعض من خطر ظاهرة التكفير والبدع صحيح وهذه الظاهرة يستحق الاهتمام البالغ تأصيلاً ومعالجة، لكن يجب أن نعرف التفريق بين التكفير المشروع بدليله وبين التكفير غير المشروع، وكذلك التبديع والتفسيق له شروط وضوابطه التي يعرفها الراسخون ويجب أن يتجنبها الأحداث والجهلة.
(14) وأخيراً يجب أن لا ننسى أن شتات الأمة وأمراضها ووهنها ناتج عن تقصيرها في حق الله تعالى أولاً ، فقد وقعت طوائف من الأمة في غوائل البدع والشركيات ، والمعاصي والآثام ، والإعراض عن شرع الله ، ومسالك الأهواء والافتراق ، وإن سبيل الخروج من ذلك باستصطلاح القلوب والتخلص من البدع والمحدثات والاجتماع على السنة ، ثم السعي الجاد لكل ما يجمع الشمل ، وينهض بالأمة إلى سبيل العزة والقوة في جميع مناحي الحياة في العقيدة والأحكام والأخلاق ، والسياسة والاقتصاد وغيرها ، وجماع ذلك ( تقوى الله تعالى ).
أسأل الله للجميع التوفيق والسداد والرشاد وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى ، وأن يقيهم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن وصلى الله وسلم على رسولنا محمد وآله سلم.
http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?s=888c88e7d8bf4984bc 111a0bda61ab79&threadid=25675
الدكتور ناصر عبد الكريم العقل
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية المملكة العربية السعودية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل ( واعتصموا بحبل الله ولا تفرقوا ) والقائل سبحانه ( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم ) وقوله ( ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ) وقوله ( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً لست منهم في شيء ) وصلى الله وسلم على نبي الهدى والرحمة القائل ( وإياكم والفرقة ) وبعد : بعد شكر الله تعالى نشكر لمملكة البحرين الشقيقة استضافتها لهذا المؤتمر . كما نشكر لكل من أسهم باحثاً ومشاركاً ومنظماً. ثم إن واجب النصيحة في هذا المقام ، مقام الحوار والتناصح بين فرق المسلمين يستدعي التذكير بأصول ومسلمات وتنبيهات منها :
(1) أن الله تعالى أمر بالجماعة ونهى عن الفرقة وأوصى بذلك رسوله صلى الله عليه وسلم.
(2) أنه ليس لنا – بعد ذلك – الخيار أن نحيد أو نتهاون بهذا الأمر وهذه الوصية.
(3) بل يجب على المسلمين جميعاً السعي إلى تحقيق الجماعة ونبذ الفرقة بكل وسيلة مشروعة وإلى الاجتماع في الدين وهو مشروط بالاعتصام بحبل الله ( وهو القرآن والسنة ) وهو الحق.
(4) أن الفرقة بين المسلمين – كسائر الأمم – حاصلة بالخبر القطعي والواقع ( قدراً وواقعاً ) كما قال تعالى ( ولا يزالون مختلفين ) وقوله صلى الله عليه وسلم في الصحيح ( لتتبعن سنن من كان قبلكم ) .
(5) وأن هذه الفرقة إنما هي في الأصول والعقائد ، أما الإجتهاديات فالاختلاف فيها سائغ غير مذموم إذا سلم من الهوى والعدوان ، كما نعلم أنه ليس بإمكاننا إزالة الفرقة بالكلية لكن نسعى لتخفيفها.
(6) لذا فإن دعوى أن الوفاق بين طوائف المسلمين يصل إلى 90% أو أكثر من أمور الدين قد تصح في الإجتهاديات لكنها لا تصح أبداً في العقائد . لأن هذا إنكار للواقع لا يصح عند الحوار بحال لأنه خداع لا يليق.
(7) ويتبع ذلك أن وصف مثل هذا المؤتمر بـ ( التقريب بين المذاهب ) غير مناسبة لأن المذاهب الإسلامية الفقهية لا تحتاج إلى تقريب فالخلاف بينها سائغ لا ضير فيه ، وإن كان المقصود ( الفرق ) وهو الظاهر فالخلاف بينها عقدي ويدور بين الحق والباطل ، وبين السنة والبدعة ولا يصح التقارب بين الحق والباطل بل الواجب هو الحوار والجدال بالتي هي أحسن . فكان يجب أن يكون عنوان المؤتمر ( مؤتمر الحوار بين الفرق الإسلامية ) .
(8) ينبغي أن ينبني مثل هذا الحوار على المبادىء الشرعية الكبرى ( التعاون على البر والتقوى – التناصح – الدين النصيحة ) السعي الجاد لتحصيل المصالح العظمى للأمة المسلمة كلها ، ودرء المفاسد الكبرى عن المسلمين جميعاً واجتماع الجهود على دفع الأخطار المحدقة بالأمة اليوم .
(9) ومن الأسس التي ينبغي التذكير بها في مقام الحوار أن المسلم لا يملك أن يتنازل أو يداهن فيما يعتقد أنه الحق والسنة ، ومن فعل ذلك ( لا قدّر الله ) فإن مَن خلفه من أهل الحق لن يقرو على خذلانه للحق. ويبقى يتحمل مسئولية تفريطه في حق دينه .
(10) وفي الوقت نفسه لا يملك أحدا أن يكره الآخرين على ما يعتقد ( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي ) لكن دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة ، والمجادلة بالتي هي أحسن.
(11) يجب أن نسعى جميعاً إلى درء المظالم والتجاوزات والتصرفات العدوانية التي تحدث من قبل بعض الجاهلين والمتعجلين من جميع الفرق ، وإفساح المجال للمجادلة بالحسنى والتناصح والدعوة بالحكمة وعليه:
(12) فإن إنكار المنكر من البدع والمعاصي واجب على الفرد والجماعة لكنه مشروط بالحكمة والضوابط الشرعية المعتبرة .
(13) ما أثاره البعض من خطر ظاهرة التكفير والبدع صحيح وهذه الظاهرة يستحق الاهتمام البالغ تأصيلاً ومعالجة، لكن يجب أن نعرف التفريق بين التكفير المشروع بدليله وبين التكفير غير المشروع، وكذلك التبديع والتفسيق له شروط وضوابطه التي يعرفها الراسخون ويجب أن يتجنبها الأحداث والجهلة.
(14) وأخيراً يجب أن لا ننسى أن شتات الأمة وأمراضها ووهنها ناتج عن تقصيرها في حق الله تعالى أولاً ، فقد وقعت طوائف من الأمة في غوائل البدع والشركيات ، والمعاصي والآثام ، والإعراض عن شرع الله ، ومسالك الأهواء والافتراق ، وإن سبيل الخروج من ذلك باستصطلاح القلوب والتخلص من البدع والمحدثات والاجتماع على السنة ، ثم السعي الجاد لكل ما يجمع الشمل ، وينهض بالأمة إلى سبيل العزة والقوة في جميع مناحي الحياة في العقيدة والأحكام والأخلاق ، والسياسة والاقتصاد وغيرها ، وجماع ذلك ( تقوى الله تعالى ).
أسأل الله للجميع التوفيق والسداد والرشاد وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى ، وأن يقيهم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن وصلى الله وسلم على رسولنا محمد وآله سلم.
http://www.d-sunnah.net/forum/showthread.php?s=888c88e7d8bf4984bc 111a0bda61ab79&threadid=25675