تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وداع ووصايا



نجوم
01-16-2004, 04:30 PM
وداع ووصايا
جاء دور الحسين عليه السلام ليلحق بقافلة الشهداء ويودع الدنيا . في هذه اللحطات الاخيرة , كان الحسين مستبشرا بلقاء ربه وهو مخضب بدمه ولكن في قلبه لوعة الفراق لاهله واحبابه وبالاخص زينب العقيلة عليها السلام التي تربطها به روابط اخوية فريدة وذكريات خاصة منذ طفولتهما . لم يكن وداعا عاديا بل كان فراق بين روحين قد تمازجتا ونفسين قد اتحدتا في العقيدة والمبدا والمصير , ليذلك عكف الشعراء على تصوير تلك اللحظات بطريقة دراماتيكية مؤثرة تلامس المشاعر والوجدان فتنفعل النفس وتجهش بالبكاء تلقائيا لتشارك الطاهرة حزنها بكل صدق واخلاص .

في هذه اللحظات التي يتوقف فيها الزمن وتخرس السنة البلاغة ويخيم الحزن على كل العالم لم يكتف الحسين بالوداع والبكاء بل اراد ان يعطي كل القادة في العالم درسا كبيرا في الصلابة والصمود والثقة بالنفس والتسليم لمشيئة الخالق بكل اطمئنان ورضا . لقد قدم الحسين عليه السلام في هذه اللحظات الاخيرة اعظم نموذج في الشجاعة والثبات على العقيدة . رجل يفقد كل اصحابه واخوته , وهو فريد وحيد ولكنه لايتزلزل ويجلس بكل هدوء امام اخته العظيمة ليقدم لنا درسا في اخلاق الاسلام في الحزن والمصيبة وكيف يجب ان نكون كبارا في المصائب والاحزان .

فاتحا من مجلس التوديع للاحباب باب فاحتسوا من ذلك التوديع للاوصاب صاب
زينب الطهر بامر وبنهي موصى الاخت التي كانت لها دأب
نافذين
انني في هذه الارض ملاقي اخت يازينب اوصيك وصايا فاسمعي
مصرعي
فاصبري فالصبر من شيم كرام المترع كل حي سينحيه عن الاحياء
حين
في جليل الخطب يا اخت الصبر الجميل ان خير الصبر ما كان على الخطب الجليل

واتركي اللطم على الخد واعلان العويل ثم لا اكره ان يسقى دمع العين ورد الوجنتين


وعلاة على ذلك فان اهل البيت عليهم السلام يرسخون مبدأ هاما تستمر به الحياة ويقوم عليه نظم الامور , فموت عزيز علينا لايعني نهاية العالم بل لابد من الاستمرار رغم الجراح النازفة عملا بقول المصطفى صلى الله عليه واله وسلم : تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول الا ما يرضى الرب . وزينب عليها السلام هي الرعي لعائلة الحسين عليه السلام فلا بد لها ان تقوم بدورها القيادي وتتماسك شخصيتها حتى لا يتعرض البيت النبوي للتشرد والضياع .

اجمعي شمل اليتامى بعد فقدي وانظمي اطعمي من جاع منهم ثم اروى من ظمى

واذكري اني في حفظهم طل دمي يتنى بينهم كالانف
بين الحاجبين


يقول الامام الحسين عليه السلام :

اني لم اخرج اشرا ولا بطرا , ولامفسدل , ولا ظالما , وانما خرجت لطلب الاصلاح في امة جدي , اريد ان امر بالمعرف وانهي عن المنكر . فمن قبلني بقبول الحق فالله اولى بالحق , ومن رد علي هذا اصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق, وهو خير الحاكمين .