تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من فقه المرحلة القادمة (2/3)



Om albara
06-20-2002, 07:20 PM
كنا قد تكلمنا في الحلقة الماضية عما أثارته أحداث الحادي عشر من أيلول , وعما تحتاجه الصحوة الإسلامية من ترتيب لأوراقها , ودراستها , وكانت النقطة الأولى عن : إحياء الإيمان في نفوس الناس وترسيخه في قلوبهم , والنقطة الثانية نتكلم عنها اليوم إن شاء الله .
{ ثانياً: إحياء الوعي في الأمة:

كشفت الأحداث أزمة عريضة في الفهم، وتجلَّت آيات هذه الأزمة في قراءة الأحداث بقواعد مضطربة غير متزنة، وبأبجديات سطحية لا تتجاوز النظر إلى التطبيل الإعلامي الذي يدير آلته المضللة أعداء الأمة، كما تجلَّت في الخلط العريض الذي برز في معظم الدوائر العامة والخاصة، سواء ذلك في التوصيف للواقع الذي يعيشه العالم ومعرفة أبعاده، أو في التكييف الشرعي للأحداث المتعاقبة، أو في تحديد ردود الأفعال وبناء المواقف الواجب اتخاذها.

ورأينا وقوع كثير من الصالحين في طرفي الإفراط والتفريط:

فالفـريـق الأول: غلـب علـيـه التشـنج والانفعـال، واسـتسـلم لدواعي الغضب، ولم يلجمه بلجام الشرع والعقل، ولم يقدر المصالح والمفاسد بميزان الشريعة وقواعدها المحكمة، وربَّما غلَّب النظر إلى بعض المصالح والمفاسد القريبة العاجلة، وقصَّر في دراسة المصالح والمفاسد البعيدة الآجلة.

والفـريـق الثاني: غلبت عليـه الانهزامية والضعف، واستسلم لأهواء الأقوياء، وللضغوط الإعلامية والفكرية التي علا صوتها، وراح يُفسّر النصوص الشرعية بعقلية المنكسر الضعيف، حتى أتى على بعض الثوابت الشرعية المجمع عليها.

لقد درجـت الآلة الإعلاميــة الغربيــة بكـل قنواتها وأشــكالها ـ وخاصة في الأحداث الأخيرة ـ على تزييف الوعي وإثارة اللبس وإشاعة الشبهات بكل خبث ودهاء، ووقف كثير من الناس حيارى أمام ذلك الطوفان الجارف من التحريف والتزييف.. ولقد آن الأوان لأن ننهض بجد لاستنقاذ العقول وإحياء البصيرة وإعادة الوعي تحقيقاً لقول الله ـ تعالى ـ: {قٍلً هّذٌهٌ سّبٌيلٌي أّدًعٍو إلّى اللَّهٌ عّلّى" بّصٌيرّةُ أّنّا وّمّنٌ اتَّبّعّنٌي وّسٍبًحّانّ اللَّهٌ وّمّا أّنّا مٌنّ المٍشًرٌكٌينّ} [يوسف: ا08]. وقــوله ـ عــز وجـل ـ: {وّكّذّلٌكّ نٍفّصٌَلٍ الآيّاتٌ وّلٌتّسًتّبٌينّ سّبٌيلٍ المٍجًرٌمٌينّ} [الأنعام: 55]، وقوله: {يّا أّيٍَهّا الذٌينّ آمّنٍوا خٍذٍوا حٌذًرّكٍمً} [النساء: 7ا].

انظر مثلاً إلى الهمجية اليهودية في الأراضي الفلسطينية كيف يصورها الإعلام العربي؛ فكثير منهم يفسر هذه الأحداث بناء على تطرف شخصي من (شارون)، وربما ازداد الأفق قليلاً عند بعضهم فعده تطرفاً من حزب الليكود، وهذه قضية يرسخها العلمانيون من بني جلدتنا من أجل تبرئة حزب العمل وغيره من الأحزاب الديمقراطية المعتدلة بزعمهم، وتسويغ دعوات السلام التي يبشرون بها، مع أن وزير الدفاع (بنيامين إليعازر) الذي يباشر بنفسه أعمال الإبادة الوحشية من أبرز قادة حزب العمل، ووزير الخارجية العمالي (شمعون بيريز) هو الذي ينافح عن هذه الوحشية في المحافل الدولية ويدافع عنها؛ فهم جميعاً من صناع الحرب والخيانة.

ثم انظر أيضاً إلى التفسير العلماني للعلاقات الأمريكية اليهودية؛ فهي بزعمهم علاقات اقتصادية ومصالح سياسية فحسب أملتها ظروف المرحلة، مع تغييبهم المتعمد للبعد الديني العميق الذي يرسخ العلاقة بين اليهود والصهاينة الإنجيليين!!

أوَ ليس عجيباً أن يبقى كثير منا أسرى لحملات التضليل وتغييب الوعي بسذاجة مفرطة؟!

أَوََ ليس عجيباً أن نبقى نفكر بطريقة بدائية خارج نطاق الواقع الذي نعيشه على الرغم من الأعاصير والرياح العاتية التي تحاول أن تقتلع كثيراً من خصوصياتنا وثوابتنا العقدية والفكرية..؟!

أَوَ ليس عجيباً أن تفتقر كثير من فصائل الصحوة الإسلامية إلى مراكز متخصصة للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية، ومراكز الأبحاث السياسية التي تعين في استكشاف مكامن القوة والضعف، وترصد خطوات المكر والكيد، وتستشرف آفاق المستقبل برؤية علمية ناضجة؟!

إنَّ إحياء الوعي الشرعي والفكري والسياسي يتطلب رؤية شاملة محددة الأهداف، واستقراء دقيقاً للمعطيات المتاحة، والعقبات المحتملة، ومن ثم تُرسم خطط بعيدة المدى تخاطب شتى شرائح المجتمع الفكرية والاجتماعية. ولا بد أن ندرك أن الصحوة الإسلامية مقبلة على مرحلة حرجة شديدة التعقيد، فيجب علينا أن نتجاوز العشوائية والاجتهادات المرتجلة؛ لنتخذ المنهج العلمي أساساً في هذا السبيل. يصف المفكر الاستراتيجي الدكتور حامد ربيع حالة الغيبوبة التي نعاني منها بقوله: "نحن قد مضى علينا وقت لم نقتصر فيه على عدم القدرة على التوقع، بل وأضحينا نتهرب من رؤية الواقع، بل ونصل في بعض الأحيان إلى الكذب على أنفسنا والتضليل في حقيقة ذلك الواقع. نريد الحقيقة كما هي دون أي مغالطة ودون تغليف الحقيقة بما يجردها من مضمونها الواقعي".
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة بإذن الله

no saowt
06-20-2002, 10:10 PM
السلام عليكم
أختنا الكريمة، مقالك هذا يتكلم عن الواقع الأليم، ولم يأني على ذكر مستقبل الأمة.
ولا أظن أن هناك أحدا ممن يتشدقون بالذود عن حما الأمة قد وضع دراسة موضوعية لا خيالية دراسة بالأرقام والمقاييس، دراسة يأخذ بعين الإعتبار فيها كل العوامل السياسية والتقنية والجغرافيا. كل ما نفعله هو تأميل الأمة بأننا منصورون وأننا سنهزمهم وأننا على الحق، أين دورنا إذا.؟؟؟؟
نحن لا نحتاج إلى من يأملنا أو يحبط من عزائمنا، نحن نحتاج إلى أناس تحسن التخطيط لهذه الأمة لتظهر الطبقة الشابة المخلصة العاملة وتبدأ بالتنفيذ. هذا ما نحتاجه.
نصرت بالشباب.
ولا أظن غيرهم.