تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : :: لماذا الشّر؟ ::



منير الليل
12-24-2003, 08:42 AM
بقلم: بسّام جرار



الشّر من المسائل التي خاض فيها الفلاسفة طويلاً، وهي قضية تثار أحياناً للتشكيك في حكمة الله الخالق، إذ كيف يخلق الله الشّر، وما الحكمة من ذلك؟! وبلغت هذه المسألة عند البعض درجة المعضلة التي لا حل لها. ونحن هنا نقدم وجهة نظر تبدو لنا أقرب إلى الصواب، إذ الشّر غير موجود ابتداءً، ولكنه وجد تبعاً بعد أن خُلق الإنسان وغيره من القوى المدركة، وقد تشكل هذا المفهوم في الذهن البشري كنتيجة لأمرين ينحصران في كون الإنسان مخلوق ناقص، وفي موقف الإنسان من الأمر الإلهي، وإليك تفصيل ذلك:

أولاً: الكمال لا يكون إلا لله تعالى، وكل ما خلق الله فهو ناقص ومحتاج إليه ولا مجال لان يكون المخلوق كاملاً، فعلى مستوى الوجود نجد أن نقطة البداية لمخلوق ما تجعل عمره دائماً في دائرة النهائي. ومن هنا كان الأزلي فقط هو الذي لا بداية له، وبالتالي لا نهاية له. ولا نريد هنا أن نعقّد الأمر، لذا نقول ببساطة: طالما أن المخلوق ناقص، ولا كامل إلا الله، فلا بد أن ينبثق عن هذا النقص ما نسميه بالشّر. فالموت مثلاً نوع من النقص، وهو ينهي حياة الإنسان، لذا يعتبره الإنسان نوعاً من الشّر. والإنسان أيضاً يمرض والمرض يمكن أن يؤدّي إلى الضعف أو الموت، ومن هنا كان المرض في نظر الإنسان شّراً. وفي الوقت الذي يبقى فيه الإنسان صحيحاً فلا يمرض، ويخلد فلا يموت، عندها ستتلاشى فكرة الشّر المتعلقة بالمرض والموت. وهذا يكون في الجنة لأهل الإيمان.

ثانياً: أما السبب الثاني لوجود مفهوم الشّر في الفكر البشري، فهو نزول الرسالات الإلهية، والتي هي رحمة، ونور، وهدى للناس، ويمكن تمثيلها بـ (الكاتالوج) الذي يرسله الصانع للتعريف بالمصنوع وكيفية التعامل معه. فهذه الرسالات جاءت بالتعليمات والأوامر والنواهي لتحقيق الانسجام بين الإنسان والوجود، وعندما بدأ الإنسان يتمرّد أحياناً على هذه التعليمات والأوامر تبلور في فكره مفهوم ما يسمى بالشّر.

هذا يعني أن الشّر غير موجود ابتداءً، ولكن عند وجود المخلوق الناقص، والذي سيبقى ناقصاً لأنه ليس بإله، وجد مفهوم الشّر، ثم عندما تمرد هذا الناقص على أوامر الكامل تبلور مفهوم آخر للشر.

ويقودنا هذا إلى القول بان الشّر قضية اعتبارية، فعندما يعتبر الإنسان أن الموت شّر فليس بالضرورة أن يكون الأمر كذلك على مستوى الواقع، فإذا كان وجود الإنسان ونموّه خيراً، فلماذا نعتبر فناءَهُ وتحلله شرّاً؟! قد يكون الجواب: لان الإنسان يحب الحياة ولا يريد الموت. وما الذي يدرينا أن حب الإنسان للبقاء في الدنيا هو خير حتى نقول إن الموت شر. وعليه يبقى الشّر الحقيقي والجوهري هو مخالفة الناقص لأوامر الكامل. وبذلك نكتشف أن الإنسان هو الذي يخلق الشّر، وبالتالي يفوّت على نفسه فرصة أن يُكَمِّل نقصه عن طريق هبة الخالق الكامل، والتي هي الخلود والسعادة التامّة، حيث يبلغ الإنسان درجة النفس الراضية المرضيّة.

http://www.islamnoon.com









مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ

قِيلَ : هُوَ إِبْلِيس وَذُرِّيَّته . وَقِيلَ جَهَنَّم . وَقِيلَ : هُوَ عَامّ ; أَيْ مِنْ شَرّ كُلّ ذِي شَرّ خَلَقَهُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ .
تفسير القرطبي


مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ

وَقَوْله تَعَالَى " مِنْ شَرّ مَا خَلَقَ" أَيْ مِنْ شَرّ جَمِيع الْمَخْلُوقَات وَقَالَ ثَابِت الْبُنَانِيّ وَالْحَسَن الْبَصْرِيّ جَهَنَّم وَإِبْلِيس وَذُرِّيَّته مِمَّا خَلَقَ.تفسير إبن كثير


مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ

" مِنْ شَرّ مَا خَلَقَ " مِنْ حَيَوَان مُكَلَّف وَغَيْر مُكَلَّف وَجَمَاد كَالسُّمِّ وَغَيْر ذَلِكَ
تفسير الجلالين


مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ

وَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ : { مِنْ شَرّ مَا خَلَقَ } لِأَنَّهُ أَمَرَ نَبِيّه أَنْ يَسْتَعِيذ مِنْ شَرّ كُلّ شَيْء , إِذْ كَانَ كُلّ مَا سِوَاهُ , فَهُوَ مَا خَلَقَ .
تفسير الطبري

مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ

أخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب بغلة فحادت به فحبسها وأمر رجلا أن يقرأ عليها ‏{‏قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق‏}‏ فسكنت ومضت‏.‏


وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال‏:‏ ‏"‏أهدى النجاشي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة شهباء فكان فيها صعوبة فقال للزبير‏:‏ اركبها وذللها فكأنها الزبير اتقى فقال له‏:‏ أركبها واقرأ القرآن‏.‏ قال‏:‏ ما أقرأ‏؟‏ قال‏:‏ اقرأ ‏{‏قل أعوذ برب الفلق‏}‏ فوالذي نفسي بيده ما قمت تصلي بمثلها‏"‏‏.‏

الدر المنثور في التفسير بالمأثور


{‏مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ‏}‏

وهذا يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها، ثم خص بعد ما عم، فقال‏:‏ ‏{‏وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ‏}‏ أي‏:‏ من شر ما يكون في الليل، حين يغشى الناس، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية‏.‏

تفسير السعدي (تيسير الكريم المنان في تفسير كلام الرحمن)