تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : [واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة]



أبو يونس العباسي
01-28-2012, 04:18 AM
[واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة]
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيما بلا اعوجاج , وجعله عصمة لمن تمسك به واعتمد عليه في الاحتجاج , وأوجب فيه مقاطعة أهل الشرك بإيضاح الشرعة والمنهاج , والصلاة والسلام على محمد الذي مزق الله ظلام الشرك بما معه من السراج , وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا الكفار وباينوهم من غير امتزاج .. ثم أما بعد …
[الواجب الأول: ضرورة إصلاح كل فرد منا لنفسه]
معلوم أن الأمة تتكون من مجموعة كبيرة من الأفراد , فلو أصلح كل فردٍ منا نفسه , لصلحت الأمة جمعاء , ولقد اعتنى القرآن بقضية إصلاح النفس أيما عناية …
قال الله تعالى:
{ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)}[الشمس]
إن مصيبتنا في أننا نضع اللوم دائما في مصائبنا على غيرنا , الواحد منا يرى القذى في عين أخيه , ولا يرى العور في عين نفسه …
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)}[المائدة]
إن التغيير الحقيقي الذي يثمر في الواقع ثمرات يانعة , إنما يبدأ من النفس …
قال الله تعالى:
{… إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}[الرعد]
[الواجب الثاني: الكفر بالمناهج الوضعية والإيمان بالإسلام وحده]
من واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة , الكفر بالمناهج الأرضية الوضعية , من عالمانية وديمقراطية واشتراكية رأسمالية وشيوعية وقومية , الكفر بها كلها , والإيمان بالإسلام وحده …
قال الله تعالى:
{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85)}[آل عمران]
وقال أيضا:
{… فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (32) كَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (33)}[يونس]
[الواجب الثالث: الكفر بالحزبيات كلها , والمسميات كلها , والانتماء للإسلام وحده]
إن من واجبات الأمة في المرحلة الراهنة , الكفر بالحزبيات كلها , والمسميات كلها , والانتماء للإسلام وحده …
قال الله تعالى:
{ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلَاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ (78)}[الحج]
وأخرج أحمد في مسنده عَنْ جَابِرٍ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :
(( كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم - فَخَطَّ خَطًّا هَكَذَا أَمَامَهُ ، فَقَالَ : هَذَا سَبِيلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَخَطَّيْنِ عَنْ يَمِينِهِ ، وَخَطَّيْنِ عَنْ شِمَالِهِ ، فَقَالَ : هَذَا سَبِيلُ الشَّيْطَانِ , ثُمَّ وَضَعَ يَدَهُ فِي الْخَطِّ الأَوْسَطِ ، ثُمَّ تَلاَ هَذِهِ الآيَةَ : {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ})).
قال سلمان الفارسي – رضي الله عنه -:
أبي الإسلام لا أب لي سواه *** وإن افتخروا بقيس أو تميم
[الواجب الرابع: محاربة الفساد]
إن من واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة , محاربة الفساد …
قال الله تعالى:
{ فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ (116) وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ (117)}[هود]
ومحاربة الفساد تساوي في الشرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , وواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , واجب الأمة بكاملها , وبه كانت أمة الإسلام خير أمة أُخرجت للناس …
قال الله تعالى:
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)}[آل عمران]
ورحم الله من قال:
<< الأمر بالمعروف يكون بمعروف , والنهي عن المنكر يكون بدون منكر.>>
فما هي الحكمة والغاية إذا من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؟
الحكمة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ أن يظل الدين صافيا نقيا بدون شوائب , كما جاء به النبي r …
أخرج أحمد في مسنده عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ عُمَرَ t أَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّا نَسْمَعُ أَحَادِيثَ مِنَ الْيَهُودِ تُعْجِبُنَا أَفَتَرَى أَنْ نَكْتُبَ بَعْضَهَا؟ فَقَالَ:
(( أَمُتَهَوِّكُونَ أَنْتُمْ كَمَا تَهَوَّكَتِ الْيَهُودُ والنَّصَارَى؟ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا بَيْضَاءَ نَقِيَّةً ، وَلَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا اتِّبَاعِي .))
إن المسلمين الذين يحرسون الحدود بتعبير الشيخ الحويني – سلمه الله – الذين يحرسون الثوابت والمبادئ , وصفهم الرسول بالمؤمنين , ووصف فعلهم بالجهاد …
أخرج مسلم في صحيحه عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
«مَا مِنْ نَبِيٍّ بَعَثَهُ اللهُ فِي أُمَّةٍ قَبْلِي إِلَّا كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ، وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ، وَيَفْعَلُونَ مَا لَا يُؤْمَرُونَ، فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ.»
وكم سمعت مشائخنا يقولون على المنابر في حق الرسول r:
<< وتركنا على المحجة البيضاء , ليلها كنهارها , لا يزيغ عنها إلا ضال هالك , والعياذ بالله تعالى.>>
[الواجب الخامس: الدعوة إلى الدين الذي جاء به الصادق الأمين r]
إن من واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة , الدعوة إلى الدين الذي جاء به الصادق الأمين r بالحكمة والموعظة الحسنة …
قال الله تعالى:
{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (125)}[النحل]
والدعوة إلى الدين الذي جاء به الصادق الأمين r , واجب على كل مسلم , كلٌّ بحسب علمه وطاقته …
قال الله تعالى:
{ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (108)}[يوسف]
وأخرج البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - : أَنَّ رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- قال :
«بلِّغُوا عني ولو آية ، وحَدِّثوا عن بني إِسرائيل ، ولا حَرَجَ ، وَمَن كَذَبَ عليَّ مُتَعمِّدا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِن النَّارِ».
[الواجب السادس: تحكيم الشريعة الإسلامية وتنحية ما سواها]
إن من واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة , تحكيم الشريعة الإسلامية وتنحية ما سواها , فالله I ما أنزل القرآن والسنة إلا ليحكما ويفصلا في النزاعات التي تحدث في دنيا الناس …
قال الله تعالى:
{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)}[النساء]
وعليه:
فالحكم في نزاعات الناس ومشاكلهم , لا بد أن يكون بالكتاب والسنة فقط لا غير , وهذا ما يعبر عنه العلماء بتوحيد الحاكمية , وهو:
أن يكون الحكم لله , وحده لا شريك الله , دون من سواه , فالحكم من صور العبادة , التي يُشترط لصحتها , إفراد الله بها …
قال الله تعالى:
{… إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)}[يوسف]
وقال أيضا:
{… وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)}[الكهف]
ومن هنا نعلم أن قولهم:
الإسلام مصدر من مصادر التشريع , شرك بالله العلي العظيم.
ويخطئ من يظن أن تحكيم الشريعة خاص بالدول والحكومات , فأنا وأنت مطالبون بتحكيم الشريعة على أنفسنا وأهلينا …
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)}[التحريم]
قال أحد الدعاة:
<< أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم , تقم لكم على أرضكم.>>
قال سفيان الثوري – رحمه الله - :
<< إذا استطعت ألا تحك رأسك إلا بدليل من القرآن والسنة فافعل.>>
[الواجب السابع: اجتثاث العداوة والبغضاء التي انتشرت في ربوع المسلمين]
إن من واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة , القضاء على العداوة والبغضاء التي انتشرت في ربوع المسلمين…
قال الله تعالى:
{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ .. (10)}[الحجرات]
فهل يليق بالأخ أن يعادي أخاه … أن يبغضه … أن يحقد عليه … وانظروا إلى العلاقة التي ينبغي أن تسود بيننا معاشر المسلمين …
أخرج البخاري في صحيحه عن النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - : قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :
«مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم : مثلُ الجسد ، إِذا اشتكى منه عضو: تَدَاعَى له سائرُ الجسد بالسَّهَرِ والحُمِّى».
وفي رواية :
«المؤمنون كرجل واحد ، إِذا اشتكى رأسُه , تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».
ولمسلم:
«المسلمون كرجل واحد ، إِن اشتكى عينُهُ اشتكى كُلُّه ، وإِن اشتكى رأسُهُ اشتكى كُلُّه.»
وحتى نتعرف على خطورة العداوة والبغضاء على المجتمع , أسرد عليكم هذا الحديث , وقد أخرجه الترمذي في سننه عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ»
قَالُوا: بَلَى، قَالَ:
«صَلَاحُ ذَاتِ البَيْنِ، فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ البَيْنِ هِيَ الحَالِقَةُ.»
وحتى نقضي على عوامل العداوة والبغضاء , لا بد من اجتناب الاختلاف , ويكون اجتنابه برد القضايا المتنازع فيها إلى القرآن والسنة , ثم الرضا بالنتائج التي تصدر عن الكتاب والسنة …
قال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}[النساء]
[الواجب الثامن: الاستعداد والإعداد للذود عن الحرمات وتحرير المقدسات]
إن من واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة , الاستعداد والإعداد ؛ للذود عن الحرمات , وتحرير المقدسات …
قال الله تعالى:
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)}[الأنفال]
لقد برز على الإعلام قضية أختنا الفاضلة عافية صديقي , وما فعله بها الأمريكان , فهل كان النبيr سيسكت عن مثل هذا لو كان بيننا ؟!!!
وها نحن نرى ما يفعله النظام النصيري الرافضي البعثي بإخواننا في سوريا , فهل كان النبيr سيسكت عن مثل هذا لو كان بيننا ؟!!!
هل كان سيسكت , وهو r من طلب من أصحابه مبايعته على الموت , لما وصلهم خبر قتل قريش لعثمان بن عفان t ؟!!! , فبايعه الصحابة على هذا , لم يلو واحد منهم , وفي هذا نزل قوله تعالى:
{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18)}[الفتح]
هل كان سيسكت , وهو الذي غزا بني قريظة , وفعل بهم الأفاعيل ؛ لأنهم كشفوا عن عورة امرأة مسلمة ؟!!! , والله ليس للمرء أن يقول في مثل هذه الأحوال:
من هذا يبكي القلب من كمد * إن كان في القلب إسلام وإيمان
نعم:
إن من واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة , الاستعداد والإعداد ؛ للذود عن الحرمات , وتحرير المقدسات …
قال الله تعالى:
{ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)}[النساء]
[الواجب التاسع: التفاعل مع قضايا الأمة وعدم الانشغال عنها بتوافه الأمور]
إن من واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة , التفاعل مع قضايا الأمة , وعدم التغافل عنها , والانشغال بتوافه الأمور , وصدق من قال:
<< من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم.>>
إن السلبية في التعامل مع القضايا المصيرية , هو صفة اليهود , الذين قالوا لموسى u لما أمرهم بالجهاد لتحرير بيت المقدس , قالوا له:
{… فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)}[المائدة]
فأين هؤلاء من أصحاب النبي r , الذين قالوا له يوم بدر , وقد استشارهم في القتال:
<< والله لا نقول لك ما قالته بنو إسرائيل لموسى: { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ (24)} , بل نقول: اذهب أنت وربك فقاتلا , إنا معكما مقاتلون.>>
إن السلبية في التعامل مع قضايا الأمة هو صفة المنافقين , الذين خذلوا النبي r في معركة أحد , وانسحبوا من أرض المعركة قبيل القتال مع الكفار , وفي هذا يقول الله U:
{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ (166) وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ (167)}[آل عمران]
إن السلبية في التعامل مع قضايا الأمة , هو صفة المنافقين , الذين كانوا يسخرون من المؤمنين إذا تصدقوا بالقليل لنصرة الجهاد , وكان هذا قبيل معركة تبوك , يسخرون من المؤمنين إذا تصدقوا بالقليل , مع أنهم ما تصدقوا بشيء لا قليل ولا كثير , مع قدرتهم على ذلك , وفي هذا يقول الله U:
{ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (79)}[التوبة]
إن من أجمل الأحاديث التي تتحدث عن تفاعل المسلم مع قضايا أمته المصيرية , ما أخرجه مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ، وَمَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا، سَهَّلَ اللهُ لَهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ، وَمَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ، لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ.»
[الواجب العاشر: لا بد أن يكون الولاء والبراء أساسا لعلاقات المسلمين مع غيرهم]
إن من واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة , أنه لا بد أن يكون الولاء والبراء أساسا لعلاقات المسلمين مع غيرهم …
أخرج أبو داوود في سننه عَنْ أَبِى أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ:
« مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ ».
ففي عالمنا هذا المؤمن يوالي المؤمن …
قال الله تعالى:
{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)}[التوبة]
والمنافق يوالي المنافق …
قال الله تعالى:
{الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (67)}[التوبة]
والكافر يوالي الكافر …
قال الله تعالى:
{وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73)}[الأنفال]
[الواجب الحادي عشر: لا بد أن يكون الالتزام بالدين والكفاءة هو معيار التفاضل والخيرية]
إن من واجبات الأمة الإسلامية في المرحلة الراهنة ,أنه لا بد أن يكون الالتزام بالدين والكفاءة هو معيار التفاضل والخيرية …
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)}[الحجرات]
أخرج الترمذي في سننه عن الحسن بن علي t قال: قَالَ : عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِى الْقُنُوتِ :
« اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ … ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ »
أخرج أبو داوود فس سننه عنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
«لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ.»
وإني أعيذكم بالله أن ترفعوا العاصي , وتخفضوا المطيع , وأن تؤمنوا الخائن , وتخونوا الأمين …
أخرج ابن ماجه عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
((سيأتي على الناس سنوات خداعات , يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق , ويؤتمن فيها الخائن , ويخون فيها الأمين , وينطق فيها الرويبضة , قيل: وما الرويبضة؟ قال: الرجل التافه في أمر العامة.))
وأخيرا أقول:
<< لا يهم من يرفع الراية , المهم أن تُرفع .>>
اللهم يسر لي ولإخواني أن نكون ممن يرفعها …
اللهم آمين , اللهم آمين
وصلى الله وسلم على الرسول الأمين r
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.