تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : [حرب غزة ... إشارات غاليات وتوجيهات ساميات]



أبو يونس العباسي
01-01-2012, 11:07 AM
[حرب غزة ... إشارات غاليات وتوجيهات ساميات]




الحمد الذي يجزي بالقليل الكثير , ويغفر لمن عصى وأذنب الذنب الكبير , وأشهد أن إله إلا الله جل جلال الله العليم القدير , وأصلي وأسلم على محمد r نعم النبي ونعم الأمير , اللهم

صل عليه وعلى آله وأصحابه قدموا الآخرة على الياقوت والمرجان والحرير , ثم أما بعد …


[1ـ كشفت حرب غزة حقيقة اليهود]


كشفت حرب غزة حقيقة اليهود وأنهم لا يحلون حلالا , ولا يحرمون حراما , ولا يحترمون مبدأ , ولا يراعون قدسية لأي شيء , هم كما وصفهم الله , فاسدون مفسدون …


قال الله تعالى:


{ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (64)} [المائدة]


وواجب كل مسلم تجاه هذا الفساد العظيم أن يعد نفسه إيمانيا وعسكريا , لنكون قوة إسلامية ضارية , تردع المفسدين وعلى رأسهم اليهود والنصارى , وهذه سنة التدافع التي ذكرها الله في القرآن , فإن المفسد إذا لم نقل له: " لا " , تمادى في غيه , وفي ضلاله , وفي عدوانه …


قال الله تعالى:


{ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}[الحج]

[2ـ حرب غزة أكدت لنا على الصفات ألصقها الله باليهود في القرآن]



حرب غزة أكدت لنا على الصفات ألصقها الله باليهود في القرآن , ومن هذه الصفات الحب الشديد للدنيا , والكراهية الشديدة للموت , وهذا ما يجعلهم في أعلى درجات الجبن والخور…


قال الله تعالى:


{ قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (94) وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (95) وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)}[البقرة]


فمالي أرى أجبن الناس تفوقوا علينا , هذا يدل على أننا وصلنا إلى مستوى لا نُحسد عليه , ولا يرضى الله عنه , وهذه حقيقة لا غبار عليها …


إن المرض الذي سبب لأمتنا الهوان والتخلف والتقهقر هو حبنا للدنيا , وكراهيتنا للموت , ولقد حذرنا النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من هذا المرض تحذيرا بليغا , ورهبنا منه ترهيبا يجعل الذكي الفطن يفعل جهده ليتجنب هذا المرض …


أخرج أحمدعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ):


((يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ.))


قال خالد بن الوليد ( رضي الله عنه ) في رسالة بعثها لقائد رومي:


<< لقد جئتكم بقوم يحبون الموت , كما تحبون الحياة. >>


إلا أنني أستبشر خيرا بالأيام القادمة , لأن الثورات العربية اثبتت أن المسلمين بدأوا يتخلصون من مرض حب الحياة والخوف من الموت , لقد أثبتت الأحداث الجارية أن المسلمين بدأوا يفضلون الموت على الحياة الذليلة , وهذه علامة من علامات الحياة.


[3ـ أظهرت لنا حرب غزة مدى الضعف عند أعداء الله يهود]


أظهرت لنا حرب غزة مدى الضعف عند أعداء الله يهود , وأنهم لا يظهرون بمظهر القوة إلا بسبب تفرقنا وتشرذمنا وبعدنا عن منهج الله ربنا , فاليهود أضعف من الضعف نفسه , وهذه حقيقة لطالما نبه المولى ( سبحانه وتعالى ) عليها …


قال الله تعالى:


{ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (13) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ (14)}[الحشر]


[4ـ علمتنا حرب غزة أن النصر بيد الله وحده , وأنه لا علاقة له بعدد ولا بعدة]


علمتنا حرب غزة أن النصر بيد الله وحده , وأنه لا علاقة له بعدد ولا بعدة , ولا بكثرة ولا بقوة , فمن كان يصدق أن ينجح شراذم من المجاهدين بمنع أعداء الله يهود من التوغل في القطاع , في حين أنهم نجحوا في الانتصار سابقا على ست جيوش عربية …


لقد أكدت لي هذه المعادلة على أن النصر بيد الله , وأنه ليس بعدد ولا عدة , ولا قوة , ولا كثرة , ولكنه محض فضل ومنة , يمن الله به على من يشاء من عباده …


قال الله تعالى:


{… كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (249)}[البقرة]


لقد أعجب بعض المسلمين بكثرتهم يوم حنين , وقال بعضهم: " لن نهزم اليوم من قلة " , فقد وصل عددهم إلى 12 ألف مقاتل , ولم يكن قد وصل إلى هذا العدد مسبقا , ففاجئتهم ثقيف وهوازن بكمين , فاضطربت صفوفهم , وهرب الكثيرون , وثبت الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) , وثلة معه , وانقلبت دفة المعركة وانتصر المسلمون , فنزل القرآن يعلم المسلمين درسا غالية , وموعظة بليغة , بأن النصر بيد الله ليس إلا …


قال الله تعالى:


{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)[التوبة]


[5ـ أنواع المعارك التي تدور في الأرض]


المعارك التي تدور في الأرض على أصناف ثلاثة وهي ثلاثة:


1ـ معركة بين باطل وباطل , ويكون النصر في مثل هكذا معركة للأقوى.


2ـ ومعركة بين حق وحق , وهذه معركة لا تنتهي , حتى يحدث الصلح , ويرجع المتخاصمون لرشدهم.


3ـ ومعركة بين حق وباطل , فهذه المعركة لا بد أن ينتصر فيها الحق على الباطل , وهذا أمر لا يقبل الشك , ولا يقبل الظن , ولا يقبل الوهم , هذه مسألة أكيدة , إذا تواجه جند الرحمن وجند الشيطان , كان الانتصار لجند الرحمن …


قال الله تعالى:


{وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (22) سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)}[الفتح]


وانتبهوا إلى قوله تعالى: { سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (23)} لتعلموا أن انتصار الحق على الباطل أمر لا يؤثر فيه تغير الأزمنة والأمكنة , ومن الآيات التي تؤكد هذا المعنى أيضا قوله تعالى:


{… وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)}[آل عمران]


لما جمع المسلمون جموعهم لقتال التتار جزم شيخ الإسلام لجيوش المسلمين بأنهم هم المنصورون , فقال له أحدهم: "قل إن شاء الله" يا شيخ , فقال شيخ الإسلام ابن تيمية: " إن شاء الله تحقيقا لا تعليقا."


لقد لفت انتباهي ثبات المجاهدين في غزة أمام آلة الاحتلال الصهيوني إلى نهاية الحرب , وبحثت عن السر فوجدته ألا وهو:


أن شباب الإسلام يوم يحافظون على صلاة الجماعة , والورد اليومي من القرآن , وأذكار الصباح والمساء , وقيام الليل , وغيرها من الطاعات , ويعدون ما استطاعوا من العدة , ويواجهون عدوهم فإنهم سينتصرون , سينصرهم الله بجنود السموات والأرض , والله لو سلط الله البعوض على عدوهم لنصرهم …


قال الله تعالى:


{وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (173)}[الصافات]


[6ـ ساعدت حرب غزة على إعادة القضية الفلسطينية لبعدها الإسلامي]


لقد حاول التحالف الصهيوصليبي وأذنابه تقزيم القضية الفلسطينية حتى ينجح في محوها عن وجه البسيطة , فقزموها من قضية إسلامية إلى عربية ثم فلسطينية ثم قصروها على الاجئين , ولكن يأبى الله أن يتم نوره ولو كره الكافرون , فقدر الله حدوث حرب غزة فتعاطف البشر كلهم مع أهل غزة في وجه الغطرسة الصهيونية , وكان من أهم نتائج حرب غزة أنها أعادت للقضية الفلسطينية زخمها الإسلامي …


لقد ربط الله بين فلسطين والمسجد الحرام في رحلة الإسراء والمعراج ليبعث رسالة إلى كل مسلم فحواها:


أن المسلم الذي يتوجه بالصلاة إلى المسجد الحرام , لا بد أن يتوجه إلى المسجد الأقصى لتحريره …


قال الله تعالى:


{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (1) وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا (2)}[الإسراء]


[7ـ ذكرتنا حرب غزة أن النصر له معان متعددة]


ذكرتنا حرب غزة أن النصر له معان متعددة وبيان ذلك فيما يلي:


1ـ النصر العسكري , ومثاله ما جاء في قوله تعالى:


{ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ (1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا (2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا (3)}[النصر]


2ـ ونيل الشهادة نصر مؤزر , ففي الصحيحين عن أنس بن مالك ( رضي الله عنه ) أن الكفار لما طعنوا حراما ( رضي الله عنه ) وهو خاله قال:


(( فزت ورب الكعبة))


3ـ وانتصار العقيدة والإيمان نصر , ولو قتل صاحبه طبعا وهو ثابت عليه , وقصة الأخدود دليل على ذلك , فلما أعلن الغلام كفره بألوهية الملك أمر بقتله ففشلت كل المحاولات , ثم قال الغلام للملك: فقال الغلام للملك :


(( إِنَّكَ لا تقتلني حتى تصلُبني وترميَني ، وتقول : إِذا رميتني : بسم الله ربِّ هذا الغلام ، قال : فأمر به فصلب ، ثم رماه فقال بسم الله رب هذا الغلام : فوضع الغلام يده على صُدغِه حين رُمِيَ ، ثم مات ، فقال الناسُ : لقد عَلِمَ هذا الغلامُ علما ما علمه أحد ، فإِنا نؤمن برب هذا الغلام , قال : فقيل للملك : أَجَزِعْتَ أن خالَفَكَ ثلاثة ؟ فهذا العَالَمُ كلُّهم قد خالَفُوك ، قال : فخَدَّ أَخْدُودا ثم أَلَقى فيها الحطبَ والنارَ ، ثم جمع الناسَ ، فقال : مَنْ رَجَعَ عن دِينه تركناه ، ومن لم يرجع ألقيناه في النار ، فجعل يُلقيهم في تلك الأخدود ، قال: يقول الله تبارك وتعالى : {قُتِلَ أصحابُ الأخدود، النارِ ذاتِ الوَقُودِ} - حتى بلغ - : {العَزِيزِ الحميدِ} [البروج: 4 - 8] قال : فأما الغلام ، فإنه دُفن ، قال : فيذكر أنه أُخْرِجَ في زَمن عمر بن الخطاب وإصبَعُهُ على صُدْغِهِ ، كما وضعها حين قُتِلَ»


أخرجه الترمذي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب , وصححه الألباني.


3ـ انتصار الحجة والبيان , فأهل الحق وعلى مر العصور منتصرون بإذن الله في حججهم وبراهينهم ودلائلهم التي لا يستطيع مجاراتهم فيها أحد …


قال الله تعالى مؤكدا على هذا:


{ بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ (18)}[الأنبياء]


وقصة إبراهيم مع النمرود دليل واضح على هذا…


قال الله تعالى:


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (258)}[البقرة]


وقصته مع النمرود دليل على أن من أنواع النصر نصر الحجة والبيان …


قال الله تعالى:


{ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (83)}[الأنعام]


وللشيخ الحويني ( سلمه الله ) كلام جميل في نصرة الله لأهل الحق بالحجة والبرهان :


<< فوالله ما بارز أهل الحق قَرنٌ إلا كسروا قرنه , فقرع من ندمٍ سنه ، ولا ناجزهم خصمٌ إلا بشروه بسوء منقلبه ، وسدوا عليه طريق مذهبه لمهربه ، ولا صافحهم أحد ولوكان مثل خطباء إياس إلا صفحوه وفضحوه ، ولا كافحهم مقاتل ولو كان من بقية قوم عاد إلا كبوه على وجهه وبطحوه.>>


4ـ والثبات في وجه الأعداء , وعدم السماح لهم بالتوغل في ديار الإسلام نصر مؤزر كذلك , ولقد عد العلماء ثبات الشرطة التي يشترطها المسلمون وهي قطعة من جيشهم في وجه جيش الروم في معارك آخر الزمان , عد العلماء ثباتهم بالرغم من مقتلهم جميعا على ثلاثة أيام نصرا مؤزرا , فلو لم يكن في حرب غزة إلا أن مُنع اليهود من دخول غزة لكان نصرا …


قال الله تعالى:


{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (45)}[الأنفال]


[8ـ البلاء ورسائله في حرب غزة]


إن حرب غزة كانت بلاء عظيما على أهل غزة , والبلاء له حكم كثيرة فقد يكون:


1ـ عقوبة على ذنب.


2ـ تكفير للسيئات.


3ـ رفعة للدرجات.


4ـ تمييز وتمايز بين الناس.


وعليه:


فالهدف الأبرز من البلاء تذكير الناس بالله , وضرورة الرجوع إليه , والأوبة والرجعة له ( سبحانه وتعالى ) , وترك المعاصي والذنوب , والتضرع إلى الله , وطلب الفرج منه , فإن الإنسان يكون وقت البلاء إلى الله أقرب …


قال الله تعالى:


{ فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ (44)}[الأنعام]


عن نفسي أقول في ذكرى حرب غزة:


إن تذكر الحرب ومآسيها والخطورات التي تعرضنا لها محفز كبير للعودة الصادقة إلى الله …


قال الله تعالى:


{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)}[التحريم]


[9ـ عندما يكون أهل غزة أساتذة لغيرهم بالأفعال والمواقف]


إن صبر أهل غزة في وجه الآلة الصهيونية جعلتهم أساتذة لغيرهم بأفعالهم وسلوكياتهم , وأثر الفعل أعظم من أثر القول , قالت العرب:


<< فعل رجل في ألف رجل أبلغ من قول ألف رجل لرجل.>>


فمن أهل غزة تعلم الناس كيف تكون الثورة..


ومن أهل غزة تعلم الناس كيف يكون الصبر والثبات على المواقف..


ومن أهل غزة تعلم الناس كيف تكون التضحية من أجل المقدسات…


ومن أهل غزة تعلم الناس كيف يكون الإصرار على الحقوق…


ومن أهل غزة تعلم الناس كيف تكون العزة ورفض الهوان..


ومن أهل غزة تعلم الناس كيف يكون الاستهانة بالموت ورفض حياة الذل…


قال الشاعر:


فلا تنعين إلا ليث غاب * شجاع في الحروب الثائرات


دعوني في الحروب أمت عزيزا * فموت العز خير من حياتي.


فلله دركم يا أهل غزة , وعلى الله أجركم أحييتم الأمة بجهادكم وصبركم وتضحياتكم وفدائكم فمثلكم مثل غلام الأخدود قتل فعاش بمقتله شعب كامل , مثلكم يا أهل غزة كالشمعة تذوب ولكنها تنير الأرجاء لمن حولها , فالحمد لله أولا وآخرا وفي كل وقت وحين.


والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات.


ولا حول ولا قوة إلا بالله.


http://www.alfidaa.info/vb/images/misc/progress.gif


اقرأ المزيد: http://www.alfidaa.info/vb/showthread.php?p=101448#post101448# ixzz1iCvx43pf