تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : [كيف نعظم شعائر الله؟]



أبو يونس العباسي
12-09-2011, 01:36 PM
[كيف نعظم شعائر الله؟]
أبو يونس العباسي

الحمد الذي يجزي بالقليل الكثير , ويغفر لمن عصى وأذنب الذنب الكبير , وأشهد أن إله إلا الله جل جلال الله العليم القدير , وأصلي وأسلم على محمد r نعم النبي ونعم الأمير , اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه قدموا الآخرة على الياقوت والمرجان والحرير , ثم أما بعد …

[مناسبة المقال]

أصدرت قوات الاحتلال قرارا بمنع خروج صوت الأذان عن حدود المسجد في الأراضي المحتلة عام 1948م , ولما كان الأذان من شعائر الله , رأيت من المناسب التحدث عن شعائر الله وكيفية تعظيمها.

[المقصود بشعائر الله]

الشعائر والإشعار في اللغة بمعنى الإعلام , ويقصد به اللُّغويون أيضا: العلامة التي تقترن بأمر من الأمور فتميزه عن غيره.

أما شعائر الله فقد عرفها العلماء بأنها :

<< المعالم الظاهرة في دين الله , والتي يكون بعضها مكانيا وبعضها زمانيا وبعضها ظاهرا وبعضها باطنا.>>

واحترام شعائر الله دين نتعبد الله U به…

قال الله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلَائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)}[المائدة]

[أقسام شعائر الله]

وشعائر الله تنقسم إلى أربعة أقسام:

1ـ شعائر مكانية.

2ـ شعائر زمانية.

3ـ شعائر ظاهرة.

4ـ شعائر باطنة.

أولا: الشعائر المكانية , ومثالها المساجد , وتعظيمها يكون بتعميرها , والتعبد لله I فيها …

قال الله تعالى:

{إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ (18)}[التوبة]

وقال أيضا:

{ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (36)}[التوبة]

وأعظم الشعائر المكانية المساجد الثلاثة وهي: المسجد الحرام , والمسجد الأقصى , ومسجد النبي r …

أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ:



« لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ والْمَسْجِدِ الأَقْصَى ».

ثانيا: الشعائر الزمانية , ومثالها شهر رمضان , والأشهر الحرم التي يكون موسم الحج فيها …

قال الله تعالى:

{ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)}[البقرة]

وتعظيم شهر رمضان كشعيرة زمانية يكون بالاجتهاد فيه بسائر أنواع الطاعات , فإن النبي r والصحابة الكرام ما كانوا يجتهدون في شهر اجتهادهم في شهر رمضان المبارك …

قال الله تعالى متحدثا عن الأشهر الحُرم:

{ إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)}[التوبة]

وتعظيم هذه الشعيرة الزمانية بأداء فريضة الحج فيها , والتقرب لله بسائر أنواع الطاعات خاصة في العشر الأوائل من ذي الحجة وأيام التشريق , وترك المعاصي والمنكرات , فإن إثم المنكرات في هذه الأشهر أعظم , ولذلك خصص الله النهي عن ظلم النفس في هذه الأشهر.

3ـ الشعائر الظاهرة , ومثالها الأذان , وتعظيم هذه الشعيرة يكون بترداد النداء وراء المؤذن , وحضور صلاة الجماعة …

أخرج البخاري في صحيحه عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :

«إِذَا سَمِعْتُمُ النِّدَاءَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ الْمُؤَذِّنُ ».

وعند البخاري أيضا عنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-:

« مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ : اللَّهُمَّ إِنِّى أَسْأَلُكَ بِحَقِّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ ، وَابْعَثْهُ الْمَقَامَ الْمَحْمُودَ الَّذِى وَعَدْتَهُ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ إِلاَّ حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِى ».

4ـ الشعائر الباطنة , ومثالها كل عبادة شرع الله تأديتها بعيدا عن أعين الناس , ومثالها أعمال القلوب , وقيام الليل , وترك ذنوب الخلوات , وآه من ذنوب الخلوات …

أخرج ابن ماجه في سننه عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:

((لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا قَالَ ثَوْبَانُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا جَلِّهِمْ لَنَا أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ قَالَ أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا.))

قال الشاعر:

إذا ما خلوت الدهر يوما فلا تقل * خلوت ولكن قل علي رقيب

ولا تحسبن الله يغفل ساعة * ولا أن ما تخفي عليه يغيب

[لماذا نعظم شعائر الله؟]

إن أحدنا لن يكون مسلما حقا , ولن يكون عبدا لله صدقا , إلا إذا عظم من يعظمه الله , وحقر من يحقره الله , رفع من يرفعه الله , وخفض من يخفضه الله , لن يكون أحدنا ربانيا حتى تكون حركاته وسكانته تبع لمنهج الله جل في علاه …

أخرج أبو داوود عن الْحَسَنِ بْنِ عَلِىٍّ قَالَ : عَلَّمَنِى رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِى الْقُنُوتِ :

« اللَّهُمَّ اهْدِنِى فِيمَنْ هَدَيْتَ ، وَعَافِنِى فِيمَنْ عَافَيْتَ ، وَتَوَلَّنِى فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ ، وَبَارِكْ لِى فِيمَا أَعْطَيْتَ ، وَقِنِى شَرَّ مَا قَضَيْتَ ، إِنَّكَ تَقْضِى وَلاَ يُقْضَى عَلَيْكَ ، وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ ، وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ ، تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ. »

وأخرج أبو داوود عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: قال الرسول r:

((إذا قال الرجل للمنافق : يا سيد ، فقد أغضب ربه تبارك و تعالى.))

قال الفاروق عمر t مخاطبا الحجر الأسود:

<< والله إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع , ولولا أني رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك.>>

[كيف نعظم شعائر الله؟]

نعظم شعائر الله بأمر الناس بالالتزام بها , وبنهيهم عن تركها والغفلة عنها , فإننا ما كنا خير أمة أخرجت للناس إلا بذلك …

قال الله تعالى:

{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)}[آل عمران]

ولقد توعد الله الساكتين عن المعاصي , الصامتين عن انتهاك شعائر الله بالعقوبة الأليمة , والعذاب الشديد …

قال الله تعالى:

{وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25)}[الأنفال]

والمقصود من قوله تعالى: { لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً } أي: عذاب لا يخص الظالمين وحدهم , بل يشمل الظالمين والساكتين.

قال عمر بن عبد العزيز (رحمه الله):

<< إن العلم لا يندرس حتى يكون سرا.>>

[العلاقة بين الجهاد وشعائر الله]

لقد جعل الله من مسوغات الجهاد تحقيق السلامة لشعائر الله والحفاظ عليها من الزوال , فالتزام التوحيد واجتناب الشرك أبرز الشعائر التي يحب الله ظهورها في مخلوقاته , ففرض القتال من أجلها …

قال الله تعالى:

{ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (193)}[البقرة]

وذكرت آنفا أن المساجد من شعائر الله , وقد فرض الله القتال حفاظا عليها وحرصا على بقائها ووجودها …

قال الله تعالى:

{… وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}[الحج]

[متى يزداد أجر وثواب الالتزام بشعائر الله؟]

ويزداد الأجر والثواب في الالتزام بشعائر الله كلما قل فعل الناس لها , وزهدوا في أدائها …
أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة t قال: قال الرسول r:
((بدأ الإسلام غريباً وسيعود كما بدأ غريباً، فطوبى للغرباء". وفي رواية: "طوبى للغرباء"، قيلَ: ومَن الغرباء يارسول اللـه؟ قال: "ناسٌ صالحون قليل في ناسِ سوءٍ كثير، ومَن يعصيهم أكثر ممن يطيعهم". وفي رواية: "طوبى للغرباء الذين يمسكون بكتاب اللـه حين يُترَك، ويعملون بالسنة حين تُطفأ".))

ولذلك كان الاجتهاد بالطاعات وخاصة في شعبان له مزية خاصة , لأنه شهر يغفل عنه الناس …

أخرج النسائي عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ ، رَضِيَ الله عَنْهُ , قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ الله رَأَيْتُكَ تَصُومُ شَعْبَانَ صَوْمًا لاَ تَصُومُهُ فِي شَيْءٍ مِنَ الشُّهُورِ إِلاَّ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ! قَالَ:

(( ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبَ وَشَهْرِ رَمَضَانَ ، تُرْفَعُ فِيهِ أَعْمَالُ النَّاسِ ، فَأُحِبُّ أَنْ لاَ يُرْفَعَ عَمَلِي إِلاَّ وَأَنَا صَائِمٌ.))

ولهذا أيضا كان ذكر الله في السوق أعظم , لأنه مكان يغفل فيه الناس عن ذكر الله I.

[الصورة الأكمل لتعظيم شعائر الله]

إن تعظيم شعائر الله يكمل أكثر ما يكمل يوم يصل الإسلام إلى سدة الحكم , فليتزم بشعائر الله الحاكم والمحكوم , الوزير والغفير , الراعي والرعية , يلتزم بشعائر الله جميع مؤسسات الدولة والعاملين فيها , ترى الالتزام بشعائر الله في الشارع والحارة والسوق وفي كل مكان , عندها يكون لشعائر الله قوة تستند إليها , تدافع عنها , وتذود عنها …

قال عثمان بن عفان t :

<< إن الله ليزع بالسلطان ما لايزع بالقرآن.>>

والناس على دين ملوكهم كما يقال , وقبل أن أبرح هذه الفكرة أود أن أنبه تنبيهين:

1ـ إن دين الله شامل وكامل ويحتوي على خيري الدنيا والآخرة …

قال الله تعالى:

{… الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (3)}[المائدة]

2ـ إن الله أنزل الوحي لمقاصد أعظمها إدارة شؤون الحياة , والفصل في نزاعات الناس …

قال الله تعالى:

{ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105)}[النساء]

[العلاقة بين القلب وشعائر الله]

إن التزام الجوارح لشعائر الله لا يكون إلا إذا صفا القلب من الشوائب والمكدرات , وملئ بالإيمان وحشي بالتقوى …

قال الله تعالى:

{ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)}[الحج]

وأخرج البخاري عن النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :

« الْحَلاَلُ بَيِّنٌ وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لاَ يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِعِرْضِهِ وَدِينِهِ وَمَنْ وَقَعَ فِى الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِى الْحَرَامِ كَالرَّاعِى يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ ثُمَّ إِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ ألاَ وَإِنَّ فِى الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِنْ فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِىَ الْقَلْبُ ».

وأما عن الرابط بين التقوى والقلب , فإن التقوى إنما تسكن القلب , ولذلك كان ملك البدن , والأعضاء رعيته …

قال أبو هريرة t:

<< القلب ملك والأعضاء رعيته , إذا صلح الملك صلحت الرعية , وإذا فسد الملك فسدت الرعية.>>

والحمد لله رب العالمين

والصلاة والسلام على سيدنا محمد أشرف المرسلين.