تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أكثر مُنافقي أمتي قرّاؤها



من هناك
11-26-2011, 02:15 PM
القرّاء هم العلماء، وقد يدخل فيهم: قرّاء القرآن بالفلوس في عصرنا.


قد يتعجب الناس من هذا الحديث الصحيح أو الحسن. وأيًا ما كان الأمر فمعناه صحيح. فالنفاق حالة بين نقيضين: الأول: الإسراف في الظهور بمظهر العلماء، من لباس وعمّة ولحية وزبيبة وحفظ وحديث وما إلى ذلك. والثاني: مخالفة العمل للقول. وكلما زاد الفرق بين النقيضين زاد النفاق، وكلما قلّ قلّ (تكرار الفعل مقصود)! فالمنافق يُظهر شيئًا ويُبطن خلافه. وإذا أراد إحكام نفاقه زاد في مظاهره. الشخص العادي لا يتهمه أحد بالنفاق كثيرًا، لأنه لا يدعي العلم ولا يدعي الإيمان الكثير ولا التقوى والورع. وقد لا نستنكر نفاقه لو نافق، ورياءه لو راءى. وسيكون ذلك منه قليلاً، لأنه لا يحاول الإغراق في المظاهر الخارجية، كما أنه لا يتظاهر بالعلم. كيف يكون الجاهل منافقًا؟ وكيف يكون العالم منافقًا إذا لبس لباسًا عاديًا ولم يتظاهر بالعلم والحفظ والفقه؟! لا يكون النفاق من هؤلاء إلا قليلا ً. ولهذا جاء في الحديث لفظ: (أكثر).
أما العالم فإن العوام قد يُخدعون به، ولكن العلماء لا يُخدعون به، وقد يكون نقدهم له أشد من غيره. وقد نرى أنه كلما زادت شهرته، وانخدع الناس به، وجب نقده أكثر، ذلك لأن خطأ العالم ولا سيما إذا كان مشهورًا غير مغمور خطأ يتعدى إلى غيره، بل يتعدى إلى الكثير. والعلماء الذين على شاكلته لا ريب أنهم سيقاومون النقد والجرح، لا سيما إذا كانوا من الزعماء السياسيين الذين لا يحبون أن تخدش زعامتهم بأي خطأ، ويصورون أنفسهم على أنهم أنبياء أو ملائكة! ومما يزيد الأمر تعقيدًا أن المناصب الدينية عندنا لا تعطى إلا للمترسمين والمتلبسين والملتحين! وهذا ما يخلق مناخًا خصبًا للمزيد من النفاق. فتجد العالم بلا عمّة، فإذا ما كان مرشحًا لمنصب ديني، أو صار في المنصب، لبس العمّة وارتدى ثوب العلماء! وقد تتعجب من رؤيته تارة بعمّة وتارة حاسر الرأس! تارة بلباس المشايخ وتارة بلباس الفرنجة مع ربطة عنق! وقد تتساءل: هل هذا العالم هو نفسه أم غيره؟! يتحرج بعض العلماء من هذا الحديث، وقد لا يحبّون سماعه. حدث مرة أني سألت عنه أحد علماء الحديث، فتشاغل عن الجواب، ولم أجد لفعله وجهًا، بل ربما شككت أنه من هذا الصنف. وقد يسكت الناس عن العالم تأدبًا معه، فإذا به بعد حين يرتكب الفضائح من سرقة أو اختلاس، هو أو أولاده! يعتقد بعض العلماء أنهم علماء ولكنهم يريدون أن يعيشوا مثل (قارون)! قارون ليس أحسن منهم! فإذا أمكن الجمع بينهما فهذا حسن، وإن لم يمكن فليتديّنوا في المظهر، وليتدنّوا في المخبر! قال النووي: ما أخاف على دمي إلا القرّاء والعلماء. فاستنكر الناس منه ذلك! فقال: لم أقله أنا، بل قاله إبراهيم النخعي.
وقال عطاء: احذروا القرّاء واحذروني معهم. فلو خالفت أوَدهم (اعوجاجهم) في رمانة، أنا أقول: حلوة، وهم يقولون: حامضة، ما أمنتُ أحدهم أن يسعى بدمي إلى سلطان جائر! وقال الفضيل بن عياض لأولاده: يا بَنيّ اشتروا دارًا بعيدة عن القراء! ما لي وللقوم! إن ظهرت مني زلة قتلوني! وإن ظهرت حسنة حسدوني! أول ما يجب أن نفعله هو نقد العلماء، فإذا صلح العلماء صلح الناس والحكام، وإذا فسدوا فسد الناس والحكام. قد نجد في بعض البلدان العربية الغنية تواطؤًا بين الحكام وهذا الصنف من العلماء، سواء كان هؤلاء العلماء مواطنين أو مقيمين. فيصطلح الفريقان على السكوت عن أخطاء هؤلاء الحكام، مهما كانوا فاسدين، وعلى الصراخ والزعيق والانفعال إذا تعلق الأمر بحكام آخرين يخاصمونهم. العلماء ممتحنون: إما الاستقامة وإما النفاق. ولا يمكن لأحد أن يركن إلى عالم منافق إلا إذا كان مثله وعلى شاكلته، أو كان جاهلاً مسترسلاً! السبت أول أيام السنة الهجرية 1433 الموافق 26/11/2011
رفيق يونس المصري

عبد الله بوراي
11-26-2011, 02:40 PM
جزاك الله كل خير عما قدمت و تقدم من درر تفيد قارئها وتمتع سامعها وانا لفخورون بك .وفقك الله لخدمة الاسلام والمسلمين.وجعلك من اهل الجنة ان شاء الله.., ...