تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الحكم بغير ما انزل الله واثر ابن عباس



من خير امه
11-22-2011, 04:28 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلى اله وصحبه وسلم وبعد

ان الحديث عن الحكم متشعب وذو شجون والناس فيه صنفان فقسم اتخذ من القصر مقرا ومن حب السلطان مذهبا فهو يرقع له مالا يرقع ويبحث له في الكتب والآثار عن مخرج لكل طامة يرتكبها بل ذهب البعض إلي الكذب علي رسول الله صلي الله عليه وسلم واختلاق أحاديث حتى يرضي بها ولي نعمته كما فعل احدهم مع احد الخلفاء لما أضاف لحديث الرسول ..وجناح طائر..فلما تولي قال الخليفة اشهد الله أن قفاك قفا كذاب
وقسم اتخذ من القصر عدوا فهو يري أن كل ما فيه وما يأتي من جهته باطل بل قد حمل حتى الضعفاء مسؤولية انحراف السلطان فذهب إلي تكفير الأمة بسب أنها سكتت عن الحاكم أو رضيت به سواء رضي قبول أو رضي قهر
ومن بين المسائل التي تكلم فيها الناس كثيرا مسألة الحكم بما انزل الله
فهذه المسألة لا زالت تشغل راي المهتمين لحد ألان فالذين في صف الحاكم يقولون إن الحكم بغير ما انزل الله كفر دون كفر ويستدلون بأثر للصحابي عبد الله بن عباس وجعلوا الولاء والبراء عليه فهل يصح هذا الأثر
قبل أن نتكلم عنه نتكلم عن الحكم بغير ما انزل الله
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم.**((القضاة ثلاثة: قاضيان في النار، وقاضي في الجنة، فأما الذي في الجنة فرجل علم فقضى به، وأما اللذان في النار فرجل قضى للناس على جهل، ورجل علم الحق وقضى بخلافه]


والقاضي هو الحاكم وهو العالم فهو الذي يحكم بين البشر ويفصل في القضايا التي تعتريهم وقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

الحاكم إذا كان ديِّنًا لكنه حكم بغير علم كان من أهل النار، وإن كان عالمًا لكنه حكم بخلاف الحق الذي يعلمه كان من أهل النار، وإذا حكم بلا عدل ولا علم كان أولى أن يكون من أهل النار، وهذا إذا حكم في قضية معينة لشخص، وأما إذا حكم حكمًا عامًا في دين المسلمين، فجعل الحق باطلاً، والباطل حقًا، والسنة بدعة، والبدعة سنة، والمعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، ونهى عما أمر الله به ورسوله، وأمر بما نهى الله عنه ورسوله، فهذا لون آخر، يحكم فيه رب العالمين وإله المرسلين، مالك يوم الدين الذي {له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون}"مجموع الفتاوى 35/388
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في جواب عن مسألة الحكم بغير ما أنزل الله :

(( الحكم بغير ما أنزل الله ينقسم إلى قسمين :

القسم الأول :
أن يُبطل حكم الله ليحل محله حكم أخر طاغوتا .

بحيث يلغي الحكم بالشريعة بين الناس ، ويجعل بدله حكم آخر من وضع البشر كالذين يُنحون الأحكام الشرعية في المعاملة بين الناس ، ويحلون محلها القوانين الوضعية ، فهذا لاشك أنه استبدال بشريعة الله سبحانه وتعالى غيرها ،وهو كفر مخرج من الملة ؛ لأن هذا جعل نفسه بمنزلة الخالق حيث شرع لعباد الله ما لم يأذن به الله ، بل ما خالف حكم الله عز وجل وجعله الحكم الفاصل بين الخلق ، وقد سمى الله تعالى ذلك شركاً في قوله تعالى : {أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله } .

القسم الثاني :
أن تبقى أحكام الله عز و جل على ما هي عليه و تكون السلطة لها ، ويكون الحكم منوطاً بها ، ولكن يأتي حاكم من الحكام فيحكم بغير ما تقتضيه هذه الأحكام ، أي يحكم بغير ما أنزل الله .

فهذا له ثلاث حالات :

الحال الأولى : أن يحكم بما يخالف شريعة الله معتقداً أن ذلك أفضل من حكم الله وأنفع لعباد الله ، أو معتقداً أنه مماثل لحكم الله عز وجل ، أو يعتقد أنه يجوز له الحكم بغير ما أنزل الله ، فهذا كفر .

يخرج به الحاكم من الملة، لأنه لم يرض بحكم الله عز وجل ،ولم يجعل الله حكماً بين عباده .

الحال الثانية : أن يحكم بغير ما أنزل الله معتقداً أن حكم الله تعالى هو الأفضل والأنفع لعباده ، لكنه خرج عنه ، وهو يشعر بأنه عاص لله عز وجل إنما يريد الجور والظلم للمحكوم عليه ، لما بينه وبينه من عداوة ، فهو يحكم بغير ما أنزل الله لا كراهة لحكم الله ولا استبدال به ، ولا اعتقاد بأنه أي الحكم الذي حكم به أفضل من حكم الله أو مساو له أو أنه يجوز الحكم به ، لكن من أجل الإضرار بالمحكوم عليه حكم بغير ما أنزل الله ،ففي هذه الحال لا نقول إن هذا الحاكم كافر ، بل تقول إنه ظالم معتد جائر .

الحال الثالثة : أن يحكم بغير ما أنزل الله وهو يعتقد أن حكم الله تعالى هو الأفضل والأنفع لعباد الله ، وأنه بحكمه هذا عاص لله عز وجل ، لكنه حكم لهوى في نفسه ، لمصلحة تعود له أو للمحكوم له ، فهذا فسق وخروج عن طاعة الله عز وجل ، وعلى هذه الأحوال الثلاث يتنزل قول الله تعالى في ثلاث آيات :** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } وهذا يتنزل على الحالة الأولى ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون } يتنزل على الحالة الثانية ** و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون } يتنزل على الحالة الثالثة . ))
فقه العبادات ص(60،61 ).


النقطة الثانية...هل يصح اثر ابن عباس

ما قيل عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال (( كفر دون كفر )) لا يثبت عنه .
فقد رواه المروزي في تعظيم قدر الصلاة ( 2 / 521 ) والحاكم في مستدركه ( 2 / 313 )
من طريق هشام بن حُجَير عن طاووس عن ابن عباس به .

وهشام ضعفه الإمام أحمد ويحي بن معين والعقيلي وجماعة
انظر الضعفاء للعقيلي [ 4 / 337 – 338 ] والكامل [ 7 / 2569 ] لابن عدي وتهذيب الكمال [ 30 / 179 – 180 ] وهدي الساري [ 447 – 448 ] .

وقال علي بن المديني قرأت على يحي بن سعيد حدثنا ابن جريج عن هشام ابن حجير فقال يحي بن سعيد خليق أن أدعه قلت أضربُ على حديثه ؟ قال نعم .

وقال ابن عيينة لم نكن نأخذ عن هشام بن حجير ما لا نجده عند غيره .

وهذا تفرد به هشام وزيادة على ذلك فقد خالف غيره من الثقات
فذكره عبد الله بن طاووس عن أبيه قال سئل ابن عباس عن قوله تعالى ** وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ (44)}
قال هي كفر وفي لفظ (( هي به كفر )) وآخر (( كفى به كُفْره ))
رواه عبد الرزاق في تفسيره ( 1 / 191 ) وابن جرير ( 6 / 256 )
ووكيع في أخبار القضاة ( 1/ 41 ) وغيـرهم بسند صحيح
وهذا هو الثابت عن ابن عباس رضي الله عنه، فقد أطلق اللفظ ولم يقيّد.
وطريق هشام بن حجير منكر من وجهين:-
الوجه الأول : تفرد هشام به .
الوجه الثاني : مخالفته من هو أوثق منه .



انظر : كتاب الا ان نصر الله قريب للشيخ العلوان صفحة 7
المصدر الثاني
ما صحة حديث (كفر دون كفر) لابن عباس؟
هو موقوف على ابن عباس
، ولا يثبت بهذا اللفظ، فقد أخرجه ابن أبي حاتم والحاكم في المستدرك والبيهقي في السنن والمروزي في تعظيم قدر الصلاة وابن عبدا لبر في التمهيد عن هشام بن حجير عن طاووس عن ابن عباس في قوله تعالى: (ومن لم يحكم بنا أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال: كفر دون كفر. وهشام بن حجير ضعفه أحمد وضعفه ابن معين ً وقال ابن عيينة: لم نكن نأخذ عن هشام بن حجير ما لا نجده عند غيره، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وذكره العقيلي في الضعفاء، ووثقه العجلي وابن سعد
وقال علي بن المديني: أن يحيى بن سعيد قال عن هشام بن حجير: (خليق أن أدعه)، قال علي بن المديني: (فقلت له؛ أضرب على حديثه؟)، قال: نعم
وقد رواها أي لفظة (كفر دون كفر) الحاكم [2/313] وصححها ووافقه الذهبي ورواها البيهقي [8/20]، لكن عند الحاكم و البيهقي في سند الحديث هشام بن حجير
وإنما صحت عن عطاء، من قول عطاء فقط، رواها المروزي في كتابه "تعظيم قدر الصلاة" [2/522]، وعبد الرزاق في تفسيره [1/191]، ورواها ابن جرير الطبري في تفسيره وابن بطة وغيرهم وقال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد المقري حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن حجير عن ابن طاوس عن ابن عباس في قوله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال: ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفرا ينقل عن الملة، ورواه الحاكم في مستدركه من حديث سفيان بن عيينة، وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
هشام بن حجير ، وإن كان صالحا في دينه، فقد قال فيه أحمد ابن حنبل رحمه الله: هشام ليس بالقوي، وقد ضعفه أيضا على بن المديني، وذكره العقيلي في الضعفاء، وكذا ذكره ابن عدي، وقال ابن حجر: صدوق له أوهام.
وهشام بن حجير لم يرو له أهل الصحيح إلا مقرونا مع غيره، ولم يرو له أحد من أهل الصحيح استقلالا، فقد روى له البخاري رحمه الله حديثا واحدا عن طاووس، وهو حديث سليمان عليه السلام في قوله لأطوفن الليلة على...)الحديث، أورده في كتاب كفارة الأيمان من طريقه، وفي النكاح وقد تابعه فيه عبد الله بن طاووس، وروى له مسلم في موضعين متابعا أيضا، وقد قال أبو حاتم الرازي رحمه الله: يُكتَب حديثه، وهذه من صيغ التمريض والتضعيف عند أهل الفن، ولكن حديثه يصلح في الشواهد والمتابعات، ولا يصلح استقلالا.
وقد وثق هشام هذا ابن حبان والعجلي وابن سعد والذهبي، وابن حبان الا ان ابن حبان معروف عند أهل الفن بالتساهل في التوثيق، والعجلي لعله قد تابع ابن حبان على ذلك، فقد قال المعلمي اليماني رحمه الله عنه: توثيق العجلي وجدته بالاستقراء كتوثيق ابن حبان تماما أو أوسع وقال أيضا عن توثيق ابن سعد: إن أغلب مادته من الواقدي المتروك، وقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في مقدمة الفتح في ترجمة عبد الرحمن بن شريح، وبعد أن ذكر تضعيف ابن سعد له قال: ولم يلتفت أحد إلى ابن سعد في هذا، فإن مادته من الواقدي في الغالب، والواقدي ليس بمعتمد
فالخلاصة أن هشام ضعيف الرواية إذا انفرد، وقد انفرد هنا بالرواية عن ابن طاوس عن ابن عباس، ومما يبين أن هذا الكلام مدرج من كلام ابن طاوس الأثر الذي رواه عبد الرزاق وفيه التصريح بأن هذا الكلام مدرج من كلام ابن طاوس وليس من كلام ابن عباس،
لمن يثبت هذا الاثر اذا
هذا الاثر ثابت صحيح عن عطاء
روى الثوري عن ابن جريج عن عطاء أنه قال: كفر دون كفر وظلم دون ظلم وفسق دون فسق، رواه ابن جرير، وروى وكيع عن سعيد المكي عن طاوسومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال: ليس بكفر ينقل عن الملة اما روية ابن عباس
فهذه الرواية تفرد بها هذا هشام بن حجير .
هل ثبت اثر ابن عباس هي به كفر

ومع ذلك فقد عارضه عبد الله بن طاووس، فروى عن أبيه قال: (سئل ابن عباس عن قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}؟)، قال: (هي كفر)، وفي لفظ: (هي به كفر)، وآخر: (كفى به كفر)
رواه عبد الرزاق في تفسيره وابن جرير و وكيع في "أخبار القضاة" وغيرهم، بسند صحيح
، وهذا هو الثابت عن ابن عباس
وقول ابن عباس (هي كفر) واللفظ الآخر (هي به كفر) يريد أن الآية على إطلاقها [16] والأصل في الكفر إذا عرّف باللام أنه الكفر الأكبر كما قرر هذا شيخ الإسلام رحمه الله في الاقتضاء [1/208] إلا إذا قيد أو جاءت قرينة تصرفه عن ذلك.
بل قد روى ابن جرير الطبري عن ابن عباس بإسناد صحيح في تفسير هذه الآية (6/251 وما بعدها) فقال: ثنا الحسن بن يحيى قال: أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن ابن طاووس عن أبيه قال سئل ابن عباس عن قوله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال: هي به كفر. قال ابن طاووس وليس كمن كفر بالله وملائكته ورسله ا نظر إلى الإسناد المسلسل بالثقات فانه من أصح أسانيد الدنيا فصح ان ابن عباس قال : هي به كفر و الزيادة من كلام ابن طاوس
أما روية سفيان كما في الطبري عن معمر بن راشد عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون}، قال: هي به كفر، وليس كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله
والظاهر من هذا الطريق أن الكلام كله من قول ابن عباس رضي الله عنه، وقد اغتر بها الكثير لصحة الإسناد، وخفي عليهم الإدراج الذي بينته رواية عبد الرزاق التي سبقت فقد ثبت التصريح بأن قول (وليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله)، مدرجة من قول ابن طاوس، لا من كلام ابن عباس، كما تقدم
قال الحافظ الذهبي: (المدرج؛ هو ألفاظ تقع من بعض الرواة متصلة بالمتن، لا يبين للسامع، إلا أنها من صلب الحديث، ويدل دليل على أنها من لفظ راوي، يأتي الحديث من بعض الطرق بعبارة تفصل هذا من هذا)).
وما قرره الذهبي في هذه القاعدة واضح في أثرنا هذا، وهو خير مثال لها، فطريق سفيان عن معمر؛ توهم السامع أن الكلام كله لعبد الله بن عباس، ولكن دل دليل آخر - وهو طريق عبد الرزاق عن معمر - أن هناك ألفاظ مدرجة، وهي قوله قال ابن طاوس: (وليس كمن كفر بالله وملائكته و...)، فجاءت هذه العبارة تفصل هذا من هذا.
أضف إلى ذلك؛ أن عبد الرزاق أثبت وأتقن الناس في معمر، بل القول قوله عند الاختلاف.
قال يعقوب بن شيبة: عبد الرزاق أثبت في معمر جيد الإتقان))
وقال ابن عسكر: (سمعت أحمد بن حنبل يقول: إذا اختلف أصحاب معمر، فالحديث لعبد الرزاق))


جزا الله كاتبه خيرا وغفر له