تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : البنك الإسلامي مضاربًا: هل تخلى البنك الإسلامي عن المقاصد الشرعية لعقد المضاربة؟



من هناك
11-04-2011, 07:40 PM
السؤال:
من أصول المضاربة:
- أن يقوم رب المال بطرح شروطه، والحال اليوم أن المضارب (البنك الإسلامي) هو الذي يطرح شروطه، سواء في المبالغ والآجال وحصته في المضاربة وتحديد احتياطيات المخاطرة. قد يقول قائل إن رب المال (المودع) دخل على الشروط بقبولها، ولكن مهما يكن فإن المعادلة انقلبت!
- وأن يكون المضارب معدوم المال، والحال اليوم أن المضارب يملك أموالاً كثيرة من النقود والأصول الحقيقية والمالية، وهو الآمر والناهي في كل شيء كما تقدم، حيث أخذ جزءًا من صلاحيات رب المال. وأصبح المصرف هو المضارب من جهة، وهو رب مالٍ لاحق من جهة أخرى. أما رب المال الأصيل (المودع) فقد رضي بالأمر، وليس له إلا أن يرضى بالدخول مع المضارب بشروطه التي وضعها بنفسه، وهو المصرف الذي يلبس عمامتين: مضارب ورب مال. مهما يكن فإن المعادلة انقلبت هنا أيضًا.

هل أبعدت المضاربة عن حقيقتها الأصلية وعن المقاصد الشرعية؟

لماذا لا يقبل البنك الإسلامي بالمشاركة التامة بديلاً عن المضاربة؟

الحقيقة أن المضاربة تبعد المودع عن كل شيء، وتعطي المساهم كل شيء (ومن الأدلة الفرق الكبير بين عائد المودع وعائد المساهم), أما المشاركة فتدخل المودع في كل شيء، ولا تعطي للمساهم حريته التامة، بل يصبح المودع شبه مساهم.

الدكتور فلان



الجواب:

- هذا موضوع للمناقشة، وليس المراد منه الفتوى، والله أعلم.
- الآباء المؤسسون في الاقتصاد الإسلامي هم الذين اقترحوا المضاربة أو القراض بديلاً للقرض في مجال العمل الإسلامي. وسميت هذه المضاربة مضاربة مزدوجة: المضارب يضارب.
- من كلام الدكتور يفهم أن البنك الإسلامي يعتمد على ما يسميه أهل القانون: (عقد إذعان). وهذا العقد منتشر اليوم في كثير من المجالات، وليس هناك اعتراضات كبيرة عليه. ولي أنا اعتراض على تسميته، فلعل الترجمة المناسبة لهذا المصطلح القانوني: عقد انضمام. ولا يمكن القول بأن هذا العقد حرام شرعًا بكافة أنواعه. نعم يمكن هناك حالات متطرفة يمكن بل يجب منعها، ولا بأس في أن يطلق عليها: (عقود إذعان)، إشعارًا بتحريمها وعدم قبولها.
- المضاربة ليست هي العقد الوحيد في البنوك الإسلامية، فهناك المشاركة، وهناك المداينات كبيع المرابحة والإجارة المنتهية بالتمليك وغير ذلك.
- نعم غلبت المداينات في البنوك الإسلامية على عمليات القراض (= المضاربة)، وغلبت المضاربة على المشاركة، رغبة من البنك الإسلامي في تقليل مخاطره، وفي حماية المودعين.
- وكلا العقدين، المضاربة والمشاركة، حظهما قليل في التطبيق، وحظ الثانية أقل كما ذكرنا.
- عائد المودع وعائد المساهم: تحرص البنوك الإسلامية على إعطاء المودع عائدًا قريبًا من العائد (الفائدة) الذي تمنحه البنوك الأخرى التقليدية. يمكن هنا أن يوجه إليها نقد من حيث إن المودع باعتباره مخاطرًا كان يجب أن يكون عائده أعلى بما يتناسب مع المخاطرة التي يتعرض لها. لكن البنوك الإسلامية من الناحية العملية لا تعرض المودع للمخاطرة، وهناك من الخبراء والفقهاء من يطالب حتى من الناحية النظرية بضمان رأس مال المودع، بل ربما ذهب بعضهم إلى المطالبة بضمان عائد معلوم للمودع! وعندئذ لا يكون هناك أي فرق بين البنك الإسلامي وغيره من حيث الجوهر والمضمون.
- وربما يقل عائد المودع في البنك الإسلامي عن نظيره في البنك التقليدي، في بعض الحالات، على أساس أن المودع في البنك الأول مودع متدين، وقد يلتزم بالمضي مع البنك إذا انخفض عائده قليلاً، وربما حتى لو وصل هذا العائد إلى الصفر! فالمودع في البنك الإسلامي مودع لزج، وفي البنك التقليدي مرن.
- المساهم والمودع: يرى الدكتور: (أن المودع إذا دخل في البنك الإسلامي على أساس المشاركة التامة بدلاً من المضاربة يصبح شبه مساهم). أقول بل يصبح مساهمًا، غير أن المساهم ينتمي إلى شركة المساهمة المعروفة في القانون الوضعي، والمودع ينتمي إلى عقد الشركة المعروف في الفقه الإسلامي. وهذا ما أفردت له مقالاً منذ عام 1979م، بعنوان: (المساهمون والمودعون صنفان من الشركاء بالمال في شركة أموال واحدة)!
- المشاركة التامة: عبارة استخدمها الدكتور لبيان ما فيها من زيادة على المضاربة. وهذا استخدام صحيح، لأن المضاربة شركة في الربح، والشركة شركة في المال والعمل والربح والخسارة، فهي بهذا أشمل وأتم، والله أعلم.

الجمعة 4/11/2011


رفيق يونس المصري