تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : [الطرق المتبعة في أسباب قيام الدولة المسلمة]



أبو يونس العباسي
10-04-2011, 06:54 PM
[الطرق المتبعة في أسباب قيام الدولة المسلمة]


أبو يونس العباسي


الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , إلى يوم الدين .

يلهث بعض بني جلدتي إلى الأمم المتحدة ليحظوا باعتراف بدولة لهم على بعض الأراضي المحتلة عام 1967م , والولايات المتحدة تهدد باستخدام الفيتو للحيلولة دون إعلان قيام الدولة الفلسطينية ...

فقلت: وهل تقوم الدول بهذه الطريقة؟!!! وهل الحقوق تعطى أم تنتزع انتزاعا؟!!! وهل يمكن لإنسان إرجاع حقه دونما تضحيات؟!!!

قال الشاعر:

وَمَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِهِ *** يُهَدَّمْ وَمَنْ لا يَظْلِمْ النَّاسَ يُظْلَمِ

وسأعالج في هذا المقال أسباب قيام الدولة المسلمة من وجهة نظر إسلامية وهي كالتالي:

[1ـ لا تقوم دولة الإسلام حتى نقيم مفهوم الإيمان في واقع حياتنا]

إن من أسباب قيام دولة الإسلام والتي لا تقوم بدونها أن نقيم الإيمان في واقع حياتنا ...

قال الله تعالى:

{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55) وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (56)}[النور]

قال أحد رجالات الصحوة الإسلامية:

<< أقيموا دولة الإسلام في قلوبكم تقم لكم على أرضكم.>>

[2ـ لن تقوم دولة الإسلام حتى يكون من المسلمين من يؤمن بها ويناصرها]

لن تقوم دولة الإسلام حتى يكون من المسلمين من يؤمن بها ويناصرها ولا يرضى بديلا عنها , فعجبا لكل من يسمي نفسه مسلما ثم هو لا يؤمن بدولة الإسلام ولا يعقد العزم على مناصرتها إن قامت!!! , بل عجبا لمسلم يرضى ببديل عن دولة الإسلام !!!...

قال الله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14)}[الصف]

وأخرج أبو داوود في سنن عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِt قَالَ:

«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِى الْمَوْقِفِ فَقَالَ:

أَلاَ رَجُلٌ يَحْمِلُنِى إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِى أَنْ أُبَلِّغَ كَلاَمَ رَبِّى ».

فحمله الأنصار ونصروه وحموه وتحملوا التبعات الشداد من أجل الإسلام ودولته ...

قال الله تعالى:

{ وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (62) وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63) يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64)}[الأنفال]

قال الشاعر:

فأقولُ مبتدئاً لطاعة أحمد *** في مدح قومٍ سادةٍ أخيار

لسيوفهمْ قامَ الهدى وعلتْ بهمْ *** أنواره في رأس كلِّ منارِ

قاموا بنصرِ الهاشميَّ محمدٍ *** فازوا بهنَّ حميدةَ الآثارِ

لله آسادٌ لكلِّ كريهةٍ *** نزلتْ بدينِ اللهِ والأبرارِ

لوْ أنني صغتُ الكلامَ قلائداً *** في مدحهم ما كنت بالمكثار

وإني هنا أتساءل:

لماذا لم تقم دولة الإسلام في تونس ومصر وليبيا مع أن رؤوس الشر قد سقطوا في هذه البلدان؟

لأن أكثر الثوار لا يريدها دولة إسلامية , ودولة الإسلام لا تقوم إلا إذا وجد من يؤمن بها وينصرها ولا يرضى بديلا عنها .

[3ـ ولن تقوم دولة الإسلام حتى يتصف الكثرة الكاثرة من المسلمين بالصبر]

إن من سنن الله في قيام الدول أنها لا تقوم إلا يوم يتصف المسلمون بصفة الصبر ...

قال الله تعالى:

{ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129)}[الأعراف]

وقال أيضا:

{ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)}[البقرة]

إن الاتصاف بالصبر غاية في الأهمية في إقامة دولة الإسلام لأن الاتصاف به من أسباب الحصول على معية الله ..

قال الله تعالى:

{... إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153)}[البقرة]

[4ـ ولن تقوم دولة الإسلام حتى نتآمر بالمعروف ونتناهى عن المنكر]

ولن تقوم دولة الإسلام حتى نتآمر بالمعروف ونتناهى عن المنكر ...

قال الله تعالى:

{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110) لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ (111)}[آل عمران]

ولك أن تربط بين الآيتين لتصل إلى الحقيقة التالية:

إن من أسباب النجاة من شر الكفار وضررهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر , فإذا أمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر أقمنا دولة الإسلام , فإذا ما حاول الكفار أن يضرونا فشلوا إذ إن من أسباب النجاة من شر الكفار وضررهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

إن جهود المسلمين ستبوء بالخسران ما يأمر بعضهم بعضا بالمعروف وما لم يتناهوا عن المنكر , أو بمعنى آخر ما يوصي بعضهم بعضا بالحق ويصبروا عليه ...

قال الله تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

{وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)}[العصر]

ومن أمثلة التواصي بالحق ما قاله عمر بن الخطابt لسعد بن الوقاص t لما بعثه إلى القادسية:

<< لا يغرنك أنك خال رسول الله r , وإننا إنما ننتصر على عدونا بطاعتنا لله ومعصية عدونا له , فإذا استوينا في المعصية كانت الغلبة للأقوى.>>

فكان مثل هذا التواصي بالحق سببا في بقاء دولة الإسلام ردحا من الزمن.

[5ـ ولن تقوم دولة الإسلام حتى يتصف العاملون على إقامة الدولة بالحكمة]

لقد كان من حكمة النبي r وهو يعمل على إقامة دولة الإسلام وهو الذي لا ينطق عن الهوى أنه لم يواجه الكافرين في بداية دعوته مع قيام الأسباب الداعية إلى ذلك ...

قال الله تعالى:

{ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77)}[النساء]

لقد أُمر الرسول r والمؤمنون في بداية الدعوة إلى الإعراض عن الكافرين والصفح والعفو عما يقومون به من أعمال وأفعال ...

قال الله تعالى:

{ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94)}[الحجر]

وقال أيضا:

{... فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (109)}[البقرة]

ولنعلم جميعا أن من استعجل الشيء قبل أوانه عوقب بحرمانه.

[6ـ لن تقوم دولة الإسلام حتى نصدق في التوكل على الله والاعتماد عليه]

إن النصر والتمكين في القرآن لم ينسب إلى غير الله تعالى وهذا دليل على أن قيام الدولة محض فضل من الله تعالى , وجهودنا لإقامة دولة الإسلام ما هي إلا سبب من جملة أسباب كثيرة لا يعلمها إلا الله تعالى ...

والأدلة على أن النصر والتمكين في القرآن لم ينسب إلى غير الله تعالى ما يلي:

قال الله تعالى عن ذي القرنين:

{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85)}[الكهف]

وقال عن يوسف u :

{ وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (21)}[يوسف]

وقال عن قريش:

{ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57)}[القصص]

نعم ... إن الملك بيد الله يتحكم فيه دون غيره I ...

قال الله تعالى:

{ قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)}[آل عمران]

ولا تنسوا أن المسلمين يوم أعجبتهم كثرتهم وغفلوا قليلا عن الاعتماد غلى ربهم ,حدث فيهم ما قص الله علينا ...

قال الله تعالى:

{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ (25) ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)}[التوبة]

[7ـ ولن تقوم دولة الإسلام إلا بالجهاد في سبيل الله U]

ولن تقوم دولة الإسلام إلا بالجهاد في سبيل الله U ...

{ وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (250) فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251) تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (252)}[البقرة]

ويؤخذ من الآية أن داوود u ما نال الملك إلا بعد الجهاد والقتال ...

قال الشاعر:

جدر المذلة لا تدك بغير زخات الرصاصِ

والحر لا يلقي القياد لكل جبار وعاصِ

وبغير نضح الدم لا يزول الهوان عن النواصِ

فيا عجبا لمن يريد الدولة بالحلول السلمية , يريد الدولة هدية من الكفار.

[8ـ ولن تقوم دولة الإسلام إلا إذا اجتنبنا أسباب سقوط الدول]

ولن تقوم دولة الإسلام إلا إذا اجتنبنا أسباب سقوط الدول , ومن أسباب سقوط الدول الفسق ...

قال الله تعالى:

{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا (16) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا (17)}[الإسراء]

ومن أسباب سقوط الدول مزاولة الظلم ...

أخرج البخاري عن أَبي موسى - رضي الله عنه - ، قَالَ : قَالَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - :

(( إنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ ، فَإِذَا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ )) ، ثُمَّ قَرَأَ : { وكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [ هود : 102].

ومن أسباب سقوط الدول موالاة الكفرة ومناصرة المجرمين ...

قال الله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51)}[المائدة]

ومن أسباب سقوط الدول تحكيم القانون الوضعي ...

قال الله تعالى:

{ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ (65) وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ (66)}[المائدة]

ومن أسباب سقوط الدول السماح بممارسة الربا في المجتمع ..

قال الله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)}[البقرة]

[لماذا نريد دولة الإسلام أن تقوم؟]

& نريد دولة الإسلام لنقيم ديننا ...

قال الله تعالى:

{ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)}[الحج] & إن من أسباب حاجتنا لدولة الإسلام أنها تحقق لنا الأمن والطمأنينة...


فها هم الصحب الكرام ـ رضي الله عنهم ـ لما قامت لهم دولة وعلى أساس من الدين أمنوا من بعد خوف وعزوا من بعد ذل ...

قال الله تعالى:

{ وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26)}[الأنفال] & ومن أسباب لدولة الإسلام أنها المؤسسة الدينية القادرة على توحيدنا...


قال الله تعالى :

{إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ }[ الأنبياء:92] .

& ومن أسباب حاجاتنا لدولة الإسلام أنها القادرة على قيادة مشروع الجهاد...

قال الله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ ... (66)}[الأنفال]

& ومن أسباب حاجتنا للخلافة إحداث توازن بين القوى في العالم ...

قال الله تعالى:

{... وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}[البقرة]

& وإن من أسباب حاجاتنا لدولة الإسلام تفعيل الطاقات واستغلال الموارد التي حبا الله بها بلاد المسلمين ...

فانظر إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخليفة الأول كيف فعل طاقات العرب ونمى مواهبهم ووضع كلا منهم في المكان الذي هو أنفع فيه للبلاد والعباد واستغل موارد الجزيرة ووجهها وأهلها لنصرة التوحيد ...

فهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو وأمي من أرسل زيد ليتعلم السريانية والعبرانية ...

وهو ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأبي هو وأمي القائل كما في سنن البيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :

"من استعمل عاملا من المسلمين وهو يعلم أن فيهم أولى بذلك منه وأعلم بكتاب الله وسنة نبيه فقد خان الله ورسوله وجميع المسلمين ."

فالنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعل طاقات العرب واستغل موارد الجزيرة وحولهم من قوم لا شأن لهم إلى أسياد العالم الذين فتحوا العالم ونشروا الإسلام فيه...

& وإن من أسباب حاجتنا لدولة الإسلام أنها الدولة التي يأمن فيها الإنسان على دينه ويمارس جميع طقوسه ويدعوا إليه ويخدمه ويجاهد دونه بحرية وبلا مضايقات من أحد ...

ولهذا كان الرسول يطلب النصرة والمكان الذي يعبد فيه ربه ويدعوا إليه دون مضايقات وممانعات ...

أخرج أبو داوود عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:

<<كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْقِفِ فَقَالَ أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي.>>

& ونحتاج لدولة الإسلام:

1ـ لأنها ترعى الأخلاق وتغرس في الأمة السلوكيات الحسنة.

2ـ لأن الخلافة تعطى الأمة حق الاعتراض على الحكام وتصحيح سلوكياتهم .

3ـ لأن الخلافة تحقق العدل وترفض الظلم وتحاربه.

4ـ لأن الخلافة ترعى مشروع الجهاد وتحرض عليه.

5ـ لأن الخلافة تحارب الفساد والزنا.

6ـ لأن الخلافة تتخذ من الكتاب والسنة مرجعية لها في أحكامها وتصرفاتها ومسلكياتها.

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات

ولا حول ولا قوة إلا بالله.