تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وقفة شرعية مع المظاهرات السلمية



مقاوم
02-25-2011, 10:19 AM
وقفة شرعية مع المظاهرات السلمية



بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
ففي خضم التغيرات الجارية في العالم العربي والإسلامي وحدوث الثورات والاعتصامات والتظاهرات السلمية المطالبة بحقوقها وحريتها التي وصلت في بعض الأحيان إلى الإطاحة بالأنظمة الجائرة الظالمة الطاغوتية وفي ظل مثل هذه الظروف ينبري البعض للدفاع عن هذه الأنظمة ويفتي بأن التظاهرات والاعتصامات السلمية نوع من أنواع الخروج على الحكام وأنه إهانة للحاكم ويتهم من يرى شرعية المظاهرات بأنه من الخوارج فرأيت حتى لا تعم الفوضى بين شباب الدعوة أن أكتب هذا المبحث المختصر في مسألة التظاهرات والمسيرات السلمية للمطالبة بالحقوق فأقول:
إن المظاهرات والاعتصامات السلمية، التي تخرج للمطالبة بالحقوق من غير إشهار للسلاح، ولا سفك الدماء، ولا يحدث فيها إراقة للدماء ولا قتل للأنفس ولا يعتدى فيها على الممتلكات ليس من الخروج على الحكام، ومن جعلها من باب الخروج على الحكام التي قررها الفقهاء في كتبهم أو قال بأن المظاهرات والاعتصامات تبدأ سلمية وتنتهي بالخروج فقد وقع في الخلط بين المسائل وبيان ذلك أن الخروج على الحاكم يكون بالسلاح الذي يغلب على الظن رجحان مفسدته على مفسدة الظلم الحاصل من قبله وأما المظاهرات والاعتصامات فمكفولة دستوريا وقد أقسم الحكام على المحافظة عليها والعمل بها فصار من العقد الذي بين الحاكم وبين الأمة ولا يسوغ القول بأنها تقليد للغرب لأنه ليس كل ما يأتي من قبل الغرب مرفوض شرعا فها هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقبل فكرة الخندق وهي قادمة من بلاد فارس.
إن المظاهرات والاعتصامات من القضايا التي لم يرد فيها دليل بالمنع أو الإباحة ولا تصل إلى حد البدعة بل تعد من المصالح المرسلة التي يرجع فيها للمصلحة والمفسدة فيحكم فيها بحسب ذلك وتدور فيها الأحكام الخمسة .
وتقدير المصالح والمفاسد يختلف من حال إلى حال ، ومن بلد لآخر ومن مظاهرة الى مظاهرة ومن الفروق بين البدعة والمصلحة المرسلة أن المصلحة المرسلة لم يقم المقتضي لفعلها في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كعمل الدواوين أو أن المقتضى كان موجودا لكن منع مانع من ذلك كمكبرات الصوت التي تكبر الأصوات وتوصله إلى مدى بعيد ، وأما البدعة فيقوم المقتضي وينتفي العمل كالاحتفال بليلة النصف من شعبان أو ليلة السابع والعشرين من رجب فإن المقتضي قد قام على فعل ذلك لكن لما لم يفعل دل على أن فعله بدعة منكرة .
ثم إن البلد الذي تكفل أنظمته إقامة المظاهرات والاعتصامات ليس كالبلد الذي لا يسمح بذلك؛ فالمظاهرات في البلد الذي يسمح بها صار حقا تكفله الدساتير والأنظمة وهي إذن من الحاكم وعليه فمفاسد المظاهرات في البلد الذي يكفل هذه الحريات تقل، وفي البلد الذي لا يسمح تكثر.
ثم إن المظاهرات والاعتصامات من الوسائل ومن المعلوم أن الوسائل لها أحكام المقاصد والوسائل تتجدد بتجدد الزمان ولا تتوقف مشروعيتها على ورود النص الخاص بها لأن الأدلة العامة ومقاصد الشريعة تدل على شرعيتها .
فالمظاهرات السلمية من وسائل التعبير والتغيير الحديثة ، بل هي من وسائل الضغط على الحاكم للرضوخ لرغبة الشعب. فإن كان المطلوب صوابًا ومشروعا كانت المظاهرات والاعتصامات حلالاً، بشرط ألاّ يترتب عليها مفسدة أعظم من المصلحة المطلوبة.
هذا وقد حدث في زمن الصحابة رضي الله عنهم أن خرجوا يوم الجمل مطالبين بدم عثمان رضي الله عنه وكان فيهم طلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم أجمعين وكانوا ألوفا وقد ذكرت المصادر أنهم لم يخرجوا للقتال وإنما كان خروجهم للاحتجاج ولحث أمير المؤمنين علي رضي الله عنه ليأخذ بدم عثمان رضي الله عنه وليقتص من القتلة بل قال الزبير : ( ننهض الناس فيدرك بهذا الدم لئلا يبطل )[1] (http://by152w.bay152.mail.live.com/mail/RteFrame.html?v=15.4.3057.0112&pf=pf#_ftn1) وقالت عائشة : ( إن عثمان قتل مظلوما والله لأطالبن بدمه )[2] (http://by152w.bay152.mail.live.com/mail/RteFrame.html?v=15.4.3057.0112&pf=pf#_ftn2) ويقول طلحة : ( إنه كان مني في عثمان شيء ليست توبتي إلا أن يسفك دمي في طلب دمه )[3] (http://by152w.bay152.mail.live.com/mail/RteFrame.html?v=15.4.3057.0112&pf=pf#_ftn3) وحين أرسل عثمان بن حنيف – وهو والي البصرة من قبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب- يسألها عن سبب قدومها قالت : ( والله ما مثلي يسير بالأمر المكتوم، ولا يغطى لبنية الخبر، إن الغوغاء من أهل الأمصار، ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحدثوا فيه الأحداث، وآووا فيه المحدثين، واستوجبوا فيه لعنة الله ولعنة رسوله مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا ترة ولا عذر؛ فاستحلوا الدم الحرام فسفكوه، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام، والشهر الحرام، ومزقوا الأعراض والجنود، وأقاموا في دار قوم كانوا كارهين لمقامهم، ضارين مضرين غير نافعين ولا متقين، ولا يقدرون على امتناع ولا يأمنون، فخرجت في المسلمين أُعلمهم ما أتى هؤلاء القوم وما فيه الناس وراءنا، وما ينبغي لهم أن يأتوا في إصلاح هذا، وقرأت "لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ" [النساء:114]، فنهض في الإصلاح ممن أمر الله عز وجل وأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الصغير والكبير والذكر والأنثى، فهذا شأننا إلى معروف نأمركم به وتحضكم عليه ومنكر ننهاكم عنه ونحثكم على تغييره )[4] (http://by152w.bay152.mail.live.com/mail/RteFrame.html?v=15.4.3057.0112&pf=pf#_ftn4) .
فهذا الخروج السلمي لم ينكر عليه أحد من الصحابة ولم يقل أحد منهم أن ذلك من الخروج على الحاكم ولا إهانة له بل إن أمير المؤمنين عليا لم ينكر عليهم وهو الخليفة رضي الله عنه .
ومما ينبغي على الحكومات أن تشرع في قوانينها إباحة المظاهرات والاعتصامات لأن ذلك يعد صمام أمان من انحراف الحاكم واستبداده وظلمه ومن المعلوم لدينا قول أبي بكر الصديق رضي الله عنه؛ بعد تولّيه الخلافة: (أيها الناس، فإني قد وُليتُ عليكم، ولست بخيركم. فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوّموني...) إلى آخر هذه الخطبة الثابتة. وقال الفاروق رضي الله عنه عندما نُصح " لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لن نسمعها " وهما اعدل الأمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فها هما يأمران بتقويمهما من قبل الأمة إن أساءا، كي يقوم اعوجاجهما وهذا ما يسمى ب ـ (الرقابة الشعبية).
ولقد تصدى علماء الأمة وأئمة الهدى رحمهم الله للجور والظلم وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتحملواالأذى في سبيل الله كسعيد بن جبير والإمام مالك والإمام احمد بن حنبل إمام أهل السنة والجماعة وشيخ الإسلام ابن تيمية الذي مات مسجونا لأنه صدع بالحق وعبر عن رأيه.
والخلاصة :أن المظاهرات والاعتصامات من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يقوم به الفرد أو الجماعة وهي داخلة في قوله عليه الصلاة والسلام (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر) وقوله:
( سيد الشهداء حمزة " ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقام فقتله) .
والأصل في المظاهرات والاعتصامات السلمية الإباحة وقد تكون مستحبة بل قد تكون واجبة وذلك في حال ما إذا كانت المفاسد لا تزول إلا بها ولا تكون محرمة إلا إذا كانت مفاسدها أعظم من مصالحها، والقول بأن مفاسدها أعظم من مصالحها على سبيل الإطلاق لا يشهد له دليل ولا واقع ، بل الواقع يدل على خلاف ذلك كما حدث في تونس ومصر وغيرها من الدول .
أرجو أن أكون قد قدمت رؤيا معتدلة في هذه القضايا مع علمي أن ثمت باحثين يخالفونني فيما توصلت إليه وأنا أحترم وجهة نظرهم لكنني آمل منهم ألا يسفهوا من خالفهم وأن تبقى القضية من مسائل الاجتهاد التي يعذر فيها المخالف .
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين .


د/ عقيل بن محمد المقطري

سائر في رحاب الله
02-25-2011, 11:37 AM
وفي ظل مثل هذه الظروف ينبري البعض للدفاع عن هذه الأنظمة ويفتي بأن التظاهرات والاعتصامات السلمية نوع من أنواع الخروج على الحكام وأنه إهانة للحاكم ويتهم من يرى شرعية المظاهرات بأنه من الخوارج


من يقول ذلك هم إما مشايخ سلاطين .... أو مشايخ المال .... أو أنهم ما زالوا يعيشون في شرنقتهم .....

وصل الحد إلى أن يتمسح القذافي بالسلفيين .... هو يقصد السلفية العوراء بالتأكيد .... سلفية ولي الأمر المطلق ..... حتى لو جاء البرادعي حاكماً على مصر لكانوا وصفوه بولي أمر ....