تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مصر في خارطة المشروع الإسلامي!



مقاوم
02-10-2011, 07:55 AM
مصر في خارطة المشروع الإسلامي!

التاريخ:10/2/2011




بقلم : حسن أحمد الدقي


إن الحمدلله تعالى والصلاة والسلام على رسول الهدى محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين، وبعد:

فيكاد العقل الجمعي والعاطفة الجمعية للأمة أن ينبئانا ـ عند توقفهما أمام ما حصل في تونس ثم في مصرـ بأن لهذه الأيام ما بعدها من الفتح والتحول، وأن أمة الإسلام توشك أن تنسل من حالة الغثائية التي أخبرنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مقدمات مباركة من استعادة التوازن والفعل، وتوشك أن تستأصل بمبضع الإيمان ما ران على القلوب من الوهن ـ حب الدنيا وكراهية الموت ـ كما توشك الأمة بهذه النقلة المباركة أن تفارق مرحلة الجبرية إلى مرحلة الرشد بإذن الواحد الأحد.
وتذكرنا الأحداث في مصر بما قص علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم: (كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر....) إلى آخر الحديث، أما الشاهد في الحديث فهو ما أوضحه الراهب للغلام عندما جاءه يقص عليه ما حدث معه من قتل الدابة التي كانت تمنع الناس، فقال له الراهب: أي بني أنت اليوم أفضل مني قد بلغ من أمرك ما أرى وإنك ستبتلى.(انتهى) فكم في مقولة الراهب تلك من قراءة دقيقة للأحداث القادمة والتحولات الاجتماعية والسياسية الكبرى والأهم من ذلك هو تسليم الراهب القيادة للغلام من خلال قوله: أفضل مني. وكان توقع الراهب في مكانه حيث قاد الغلام المجتمع كله إلى أفياء التوحيد ولكن بعد أن قدم روحه فداء لعقيدته.
وهاهم الفتية الجدد في مجتمعات المسلمين وقد رفع الله عزوجل الوهن من قلوبهم يتهيأون للانتظام في هذه السنة الكونية (إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى) الآية، فلله دركم يا شباب وما أجمل أمهاتكم وهن يرضعنكم حليب الثورة والفداء فإنها سنة أخرى أيضا اصطفت مع بقية السنن (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه)الآية ولله در أمهاتكم اللواتي ألقين بكم في خضم الميادين تتلقون الرصاص بصدوركم العارية وهي سنة أخرى أيضا (فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين)الآية.
وفي خضم الأحداث المتوالية يحتاج قادة الأمة الفتية منهم والرهبان إلى التعرف الدقيق على هذه اللحظة التاريخية والبقعة التاريخية أين تقعان من الخارطة الكلية والسنن الجامعة؟ وما علاقة ما يجري في مصر بالمسيرة الكلية للمسلمين وبمستقبلهم؟ أو بلغة العصر أين تقع مصر في خارطة المشروع الإسلامي؟ وذلك حتى نحسن توظيف هذا الحراك لصالح المسيرة العامة وبلوغ هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، وإلا فإن السنن جاهزة لصدم من لا يريد أن يراها ومن تلك السنن الوقوع في التيه والضياع كما كان ذلك من نصيب بني إسرائيل في كل مرة يصلون فيها إلى منعطف حاسم بل بلغ بهم الأمر أن تاهوا وهم لا يزالون في مراحل الحراك الأولى وذلك عندما زادت عليهم ضغوط المجتمع الفرعوني فاتجهوا باللوم إلى نبيهم عليه السلام: (قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا)الآية فما كان من موسى عليه السلام إلا أن نقلهم إلى معالم الخارطة الكلية للمسيرة: (قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون)الآية
وحتى يمكننا أن نحدد موقع مصر الثورة على خارطة المشروع الإسلامي فإني سوف أتوقف عند المسألتين التاليتين:
أولا: معايرة ثورة مصر استراتيجيا
ثانيا: إخراج الثورة من سجونها



أولا: معايرة ثورة مصر استراتيجيا
وأقصد بالمعايرة الاستراتيجية محاولة نسبة وقياس الحدث أو الثورة إلى المشروع الإسلامي ومسطرته ذلك أني أزعم وبناء على أداء الأمة الكلي خلال القرن العشرين خصوصا بُعيد سقوط الخلافة الإسلامية فإن التقعيد النظري وهو ما يعرف بالاجتهاد وما تلا ذلك من تطبيقات عملية في الحراك الإسلامي العام وخلال مراحل مختلفة وفي كل المواقع الجغرافية في العالم قد أفضت إلى تحديد دقيق للبناء الإسلامي المأمول أو النهضة الشاملة التي تستهدف التمكين لدين الله عز وجل في الكون كل الكون، وقد حاولت أن أستشرف وأحدد ملامح ذلك البناء بوضع كتاب: ملامح المشروع الإسلامي، فإذا كان في تلك المحاولة الحد الأدنى من الدقة ونور الاستشراف فقد أصبح بإمكاننا أن نستخدم تلك المسطرة في قياس التجارب المختلفة بغية تحديد دقيق للأرضية التي تقف عليها تلك التجارب قربا وبعدا من المسطرة وتموضعا في الخارطة الكلية للمشروع الإسلامي.
وعليه فإن المعايرة سوف تركز على رؤية الثورة المصرية من خلال أوزان ومسطرة المشروع الكلي وهي كما يلي:
· إن الثورة المصرية لم تأت من فراغ وإنما هي نتيجة تراكمات من الرؤية الإسلامية وما ضخته تلك الرؤية من مبادئ وما بشرت به من آمال نظرية وتطبيقية وما رفعت من سقوف التطلعات في الأمة في ميدان العلم والتربية والأخلاقيات والتطبيقات الإيمانية وفي ميدان السياسة والمطالبة بالحقوق وفي ميدان الجهاد واستعادة الأمجاد، وقد لعبت كافة المدراس الإسلامية دورها في كل أو بعض هذه الميادين حتى أذن الله عز وجل بهبوب رياح التغيير وخروج الأجيال الجديدة والتي كسرت قواعد اللعبة المفروضة على الأمة.
· وجاءت الثورة المصرية لكي تنير وتستشرف مرحلة الرشد بعد أن طال ليل الجبرية وتطبيقاتها في مشرق الأمة ومغربها ولعل مما يبشر باستشراف مرحلة الرشد هو نهضة مكونات الأمة المصرية كلها وانتظامها في مواجهة الجبرية دون أن تعوقها الانتماءات الاجتهادية في المدارس الإسلامية المختلفة ودون أن تثقلها حسابات الطبقية الاجتماعية وقد جاء إجماع الشعب المصري بإشارته للطغمة الظالمة ونظامهما توبة عما أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (إذا رأيت أمتي تهاب الظالم أن تقول إنك ظالم فقد تودع منهم). وعليه فإن متطلبات إدراك صفة الرشد ومرحلتها تقتضي العمل على تقديم مبادئها للناس والمجتمعات والتبشير بها كنظام إسلامي سياسي في الحكم وشؤونه ومن ثم الالتزام بمتطلباتها من قبل الداعين إليها وهم قيادات العمل الإسلامي خاصة في ظل التشويش الكبير الذي تعانيه الديمقراطية الغربية وتطبيقاتها.[1] ولعل في تأخر بروز فئة من الإسلاميين بعينها في هذه الثورة من الآيات الشيء الكثير لعل أبرزها أن القيادة في الأمة لن تفرض فرضا وإنما ستختار اختيارا حرا.
· كما أن الثورة المصرية جاءت نتيجة تراكمات أداء المرحلة الجبرية خصوصا في ظل النظام المصري العسكري وما أدراك مالنظام المصري؟ الذي عهد له الانجليز والأمريكان بعد استقرار العالم تحت الطغاة الخمسة بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية بإدارة أخطر البقاع الإسلامية والعربية عام1952م فكان نظاما يجمع بين خليط العقائدية العرقية (القومية العربية) وضلال الاشتراكية وصنمية الناصرية وبين الجبروتية العسكرية والقبضة الاستخباراتية والتابعية للنظام الدولي والذي بدوره كان قد انتهى من تثبيت النظام اليهودي في فلسطين كأحد معالم النظام السياسي في ما أسموه بالشرق الأوسط. ففي هذه المرحلة ذاقت الأمة سياط الجبرية كأوضح ما يكون القهر والعنت وبرغم تقلب النظام السياسي بين ثلاثة رؤساء وعهود لكن المحصلة النهائية والإرث النهائي قد آل في الداخل إلى انهيار اقتصادي وزعزعة اجتماعية وفي الخارج إلى ضياع للقدس وبغداد وعزل مصر عن محيطها واستخدام النظام فيها كعصا غليظة ضد شعبها وضد عالمها العربي والإسلامي.
· وإن الثورة المصرية لتنتمي إلى الملامح الاستراتيجية والجهادية في هرم ملامح المشروع الإسلامي أي في قمته وتنتمي على وجه الخصوص إلى نظرية التغيير الشاملة والتي تستتبع إدارة استراتيجية وتعبوية تضمن بإذن العزيز الرحيم ضم طاقات الأمة ونسجها في مسيرة تدافعية تؤذن باستشراف مرحلة التمكين.[2]
· وتأتي الثورة المصرية متجاوبة مع الحراك الأهم في واقع المسلمين وهو الحراك الجهادي خاصة في فلسطين لكي يحيي بها الله عز وجل الآمال ويسد بها المسلمون أهم الثغرات في أدائهم الاستراتيجي ويوازنون بها اصطراع المشاريع الأخرى على أرض الشام وفي قلب الأمة المسلمة خصوصا مع الضبابية الشديدة التي ألقاها المشروع الشيعي على حراك الأمة في فلسطين والعراق وبقية المناطق.
· وجاءت الثورة المصرية في ظل نجاح كبير للأمة المسلمة بعولمة الأداء الإسلامي وتنوع التطبيقات العالمية فعن يمين مصر يشتعل جهاد الفلسطينيين وعن شمالها ينتفض الجزائريون وعلى وقع جنازير الدبابات الأمريكية في أفغانستان والعراق تشتعل ملحمة جهادية قل نظيرها، وفي جنبات الكرة الأرضية لا يسمع إلا صوت المسلمين وحراكهم السياسي والثقافي والعلمي ورفضهم للهيمنة الأمريكية ورموز عولمتها حتى أدى ذلك إلى قيام جماهير الأمم شرقا وغربا برفع الكوفية الفلسطينية والعلم العراقي تعبيرا عن الإعجاب والتضامن.
· وجاءت الثورة المصرية كسرا لمرحلة الاستضعاف وولوجا إلى مرحلة التدافع وهي السنة التي تتحقق غالبا ـ بحسب مسطرة معادلة التمكين والاستضعاف ـ دون نذير واضح ودون تخطيط دقيق من المعنيين بإدارة المرحلة وقد تبين في مسطرة المشروع أن الأمة تقف حاليا في نهاية حلقات مرحلة الاستضعاف وتوشك أن تندفع إلى مرحلة التدافع وهي التي تفصل بين الاستضعاف والتمكين، ولهذه المرحلة أي التدافع من السنن ما ينبغي استيعابه وضبط البوصلة على اتجاهاته.[3]
· وتأتي الثورة المصرية في ظل نفض الأمة لتبعات الوهن والغثائية التي أخبرنا عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح مما يحتاج معه إلى دفع الأمة نحو استكمال هذه الأشواط لا الوقوع في دائرة الوسواس والتخذيل ونسبة الأمور دائما إلى الأصابع اليهودية أو الأمريكية الخفية كما يجيد كثير من الناس.
· وتأتي الثورة المصرية لكي تعري وتفضح النفاق وأهله ونظمه تلك التي والت الكفار بأنواعهم وأذلت الأمة واتكأت على تخديرها بأنها تمثل ولاة أمر المسلمين ونظام حكمهم وهي قد استلمت الحكم من أيدي الانجليز والفرنسيين ثم الأمريكان من بعدهم، وهي التي نظرت في المصلحة العليا للمسلمين شرقا وغربا ثم عملت على نقيضها وضربت الأمة في صميم مصلحتها، فقامت الثورة المصرية لكي تكشف الغطاء عن الأعين المغمضة والآذان المثقلة عن هذه الحقائق.
· وتأتي الثورة المصرية كإحدى القمم التي تمثل المشروع الإسلامي وآماله الكبار والتي ترسي معلما أساسيا في صراع المشروع الإسلامي ضد المشاريع الأخرى كالمشروع اليهودي والمشروع الصليبي وبقية المشاريع.


ثانيا: إخراج الثورة من سجونها
وأقصد بالسجون الانغلاق العقلي والنفسي والاجتهادي الذي يحول دون دفع الأداء الإسلامي في معارج النهضة الإسلامية الشاملة وهي ثلاثة سجون:
1- سجن القطر والوطن
2- سجن الجماعات الإسلامية
3- سجن النظام الدولي وتوابعه
والسجون الثلاثة تشكلت نتيجة الانغلاق المرحلي في الاجتهاد الإسلامي خلال العقدين الماضيين ونتيجة للضغوط التي مارسها كل من النظام الدولي متمثلا في أمريكا وفي حلفائها من الأنظمة السياسية وليست الثورة المصرية وحدها بحاجة إلى هذا الإخراج والزحزحة بل إن العمل الإسلامي والحراك الدعوي والسياسي في الأمة عموما ليحتاج مثل هذا الإخراج، وأزعم أنه بدون دفع الأمور باتجاه الخلاص والتحرر من تلك السجون فإنه لن يتمكن المسلمون من تحريك الواقع باتجاه مصالحهم فضلا عن مناوشة الأهداف الكبرى للمشروع الإسلامي، ويمكن تحديد المراد من هذه المفردة ببسط النقاط التالية:
· يعتبر سجن القطر والوطن أحد مهددات الثورة المصرية من حيث رغبة البعض واتجاههم بتأسيس الحراك العام للثورة ومتطلباتها على الحدود الجغرافية والتاريخية لمصر وحدها ونبذ الامتدادات الحيوية لها وموقعها المميز للأمة العربية والإسلامية وبالتالي يستعجل الثوار في إعادة المارد إلى قمقمه الوطني ومفرداته، خاصة وأن المثبطين يضربون على وتر عدم تعريض البلاد للمخاطر الإقليمية والدولية، ولا يعني هذا أن لا تؤخذ العوامل الوطنية في الحسبان لكن الأمر ليس بإطلاقه فينبغي أن تستثمر أجواء الثورة والدفع الذي أحدثته في إعادة تأسيس الدور التاريخي والاستراتيجي لمصر وتحمل تبعاته وإعادة زرع هذه القيم في نفوس الجيل الجديد من المصريين، ومن ذلك أن ينص في الدستور الجديد على دور مصر في تحمل تبعات استرجاع فلسطين والمسجد الأقصى من أيدي اليهود.
· أن تكسر القوالب الوطنية أو بعضا منها على أقل تقدير تلك التي ارتبطت بزيف القومية والعلمانية وأن لا يترك الأمر لسحرة المرحلة الجبرية بأن يملوا رؤاهم على الساحة من جديد، وبالمقابل فعلى الدعاة أن يسعوا لوضع الاجتهاد الجديد في المنهج السياسي الإسلامي المعاصر أو بعض معالمه ضمن المبادئ التي يحتويها الدستور خاصة في الحكم الرشيد وتحديد حقوق المسلمين السياسية وحقوق المواطنة والأقليات إلى غير ذلك من المعالم دون أن يترك المجال للأقليات أن تفرض وجودها تحت مبرر احترام حقوقها.
· ومن الفرص التاريخية التي حدثت في الثورة المصرية فرصة الإجهاز والقضاء على معالم المرحلة الجبرية في الحكم والسياسة وامتداد واستناد تلك الجبرية على النظام الدولي المعادي للمسلمين منذ نشأته عام 1945م بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وضرورة العمل على دفع مسار هذا الإجهاز على الجبرية إلى آخر الشوط وتصدير هذه الرؤية لبقية نواحي الأمة العربية والإسلامية بل وللمستضفين في العالم.
· أن يسعى الدعاة لتأكيد مبادئ التنمية وقواعد الاقتصاد الإسلامي والحد من هيمنة النظام الدولي الاقتصادي والعولمة ضمن قواعد الدستور الجديد قدر المستطاع كمقدمة لمستقبل التغيير الإسلامي.
· استدعاء كافة مفردات الخطاب الآمن والمؤلف لقلوب مختلف شرائح المجتمع دون التنازل عن أسس الرؤية الإسلامية والحقوق الاجتماعية والسياسية قدر المستطاع.
· فسح المجال للمدارس الإسلامية المختلفة لأداء أدوارها في المجتمع المصري دون الحجر والإبعاد والحذر من التوظيف الإقصائي لجماعة من الجماعات وذلك بإغرائها بالموقع المتقدم مقابل الآخرين، وضرورة اعتماد تقديم كل من يثبت كفاءته وأمانته لخدمة المجتمع.
· اعتماد الحوار المباشر والمكثف بين مختلف الجماعات الإسلامية لبلورة رؤية موحدة قدر المستطاع لإدارة المرحلة وعدم ترك الاختلاف في الاجتهادات حتى لا تعصف بالمسيرة العامة ووضع الاتفاقات التي تحدد طبيعة الساحة والمرحلة وتطبيق المبادئ التي تتناسب مع كل مرحلة فإذا اتفق على أنها ساحة صفراء فحينئذ لا يجوز إلا أن تطبق فيها أسس الصراع السياسي والفكري والتربوي ويسهم الجميع في هذا الصراع وإذا اتفق أنها ساحة حمراء وفق معطيات الشرع ونتيجة لتدخل الكفار فيها بالسلاح فحينئذ تطبق فيها أسس الجهاد والقتال وهكذا.
· ضرورة البحث عن مساحات واسعة لتحريك الثورة وتوصيلها إلى بر الأمان والتأثير الحقيقي في واقع الأمة وهذا يقتضي التخفف من انغلاق التجارب خاصة التجربة الديموقراطية في ظل النظام القطري الذي يستمد وجوده من النظام الدولي فيوشك النظام الدولي أن ينقض على إنجازات الثورة المصرية من بوابة الأداء الديموقراطي والذي يربطه بالمرجعية العسكرية والأمنية ومرجعية المعايير الغربية النصرانية التي أبانت عن وجهها في تجربة الجزائر وتجربة فلسطين وعليه فإن التسليم للنظام الدولي بوضع أسس إرساء الثورة ليهدد إنجازتها أيما تهديد، مما يقتضي غل اليد الدولية قدر المستطاع من خلال الحراك الشعبي وتفعيله كما حصل بغل النظام الجبري المصري وأن يستعد قادة الثورة لكل الاحتمالات فحبل التغيير طويل ومساره معقد وشديد.
· ضرورة قبول الدعاة للمرحلة الانتقالية والتي قد تطول والتدرج في تقديم التطبيقات الإسلامية في مختلف المجالات السياسية والقانونية والاجتماعية مع إدراك الفرق ما بين مرحلة التمكين وهذه المرحلة الانتقالية دون فسح المجال للمفسدين لكي يعاودوا نشاطهم وإفسادهم قدر المستطاع.
· تحتاج الثورة في مصر وأهلها أن يخرجوا معنويا وعقليا في المرحلة الأولى من سجن النظام الدولي ومفرداته المتمثل في أمريكا وفي القوى الإقليمية وإملاءاتها والنظم السياسية وفسادها فإن الوقوع في محاولة إرضاء واسترضاء النظام الدولي سيقود حتما إلى المربع الأول من جديد وقد يقول قائل وهل بامكان الثوار في مصر أن يخرجوا من هذا النظام؟ والجواب: نعم ويتم ذلك من حيث المبدأ من خلال تبني الرؤية الإسلامية الشاملة والتي تقضي خروجا من عباءة النظام الدولي وإن كان على المدى البعيد فإن اليهود والنصارى وهيمنتهم على النظام الدولي لا يمكن أن يترك فسحة لتطبيق الرؤى الإسلامية على الصعيد السياسي فضلا عن الصعيد الجهادي ومالم تتبع استراتيجية ممانعة ومقاومة لتبعية النظم السياسية للنظام الدولي فإن الأمر سوف يراوح مكانه، ومما يعين المصريين على هذه النقلة استعداد شعوب العالم المستضعفة من المسلمين وغيرهم للوقوف في وجه النظام الدولي الذي تقوده وتمثله أمريكا.
· وتحتاج الثورة في مصر إلى استراتيجية يوسف عليه السلام في النهضة بالمجتمع المصري من كبوته الاقتصادية وتبعيته الذليلة للنظام الاقتصادي العالمي فإذا نجح الدعاة في طمأنة الشعب المصري على أقواتهم أمكن الانتقال بهم إلى سقوف أرفع وأعلى خاصة وأن نيل يوسف عليه السلام هو هو فينبغي تدراك الموقف قبل أن يحل موعد حروب المياه التي يبشر بها اليهود.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل



[1] يراجع في هذا كتاب الحرية أو الطوفان وكتاب تحرير الإنسان وتجريد الطغيان للشيخ حاكم المطيري.
[2] يراجع الفصل الأخير في كتاب ملامح المشروع الإسلامي للمؤلف.
[3] تراجع مفردة تحديات كسر المرحلة الاستضعافية في فصل موقع المشروع الإسلامي على مسطرة التمكين. الكتاب السابق