تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : [الثورة عند أهل السنة والجماعة]



أبو يونس العباسي
02-06-2011, 12:44 PM
[الثورة عند أهل السنة والجماعة]

أبو يونس العباسي

الحمد لله الذي جعل الانتماء لدينه شرفا , ومعاداة مناوئيه للتوحيد شرطا , وتحمل الأذى في سبيله علامة على صدق الإيمان والتقوى , والكفر بالعلمانية واجبا وفرضا , ونشهد أن لا إله إلا الله , وحده لا شريك له , أفلح من باع النفس والمال له بيعا , والصلاة السلام على سيدنا محمد طيب النسب أصلا وفصلا , الذي ما كان يغضب إلا إذا انتهكت محارم الله هتكا.

[مفهوم الثورة]

الثورة هي:

"التغيير الشامل والكامل لنظام ما أو وضعي جاهلي قائم"

[أقسام الثورات]

والثورات تنقسم إلى قسمين:

1ـ ثورة تنقل الوضع من حالة سيئة إلى حالة حسنة.

ومثال هذه الثورة ثورة النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث نقل العرب من أسوأ حال إلى أحسن حال…

قال الله تعالى:

{ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ …}[البقرة]

2ـ ثورة تنقل الوضع من حالة حسنة إلى حالة سيئة.

ومثالها ثورة أتاتورك ـ عليه من الله ما يستحق ـ حيث نقل الدولة من نظام الخلافة إلى نظام الدولة العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة …

قال الله تعالى:

{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257)} [البقرة]

إن بني جلدتنا أولئك الذين يستبدلون الانتماء للإسلام إلى الانتماء إلى مناهج وضعية بشرية كالديمقراطية والعلمانية والاشتراكية والقومية وغيرها من المناهج , أولئك قوم استبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير…

قال الله تعالى:

{ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ … (61)}[البقرة]

[أعظم الثوار في تاريخ البشرية]

إن أعظم الثوار في تاريخ البشرية هم الرسل والأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام ـ , فها هو إبراهيم ـ عليه السلام ـ يثور في وجه بني قومه الذين عبدوا الحجر من دون الله ـ تبارك وتعالى ـ …

قال الله تعالى:

{ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121)}[النحل]

وها هو شعيب ـ عليه السلام ـ يثور في وجه قومه وممارساتهم ويعلنها وبكل وضوح أنه ثائر مصلح لا يريد ولا يبغي شيئا إلا الإصلاح …

قال الله تعالى:

{ قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88)}[هود]

وها هو موسى ـ عليه السلام ـ يثور ومعه أخوه هارون ـ عليه السلام ـ في وجه الطاغية فرعون , في حين رضي بنو قومه من بني إسرائيل بالذل والهوان …

{ وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (104) حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لَا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (105)}[الأعراف]

ومن تتبع قصص الأنبياء ـ عليهم السلام ـ في القرآن وجد أنهم ثاروا في وجه الطغاة والطغيان , ولذلك فإني ألفت انتباه إخواني إلى تأمل الثورة المباركة التي كان يقودها أنبياء الله وذلك بالرجوع إلى كتاب الله ـ عز وجل ـ والتأمل في ألفاظه ومراميه.

ولقد أمر الله رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بالاقتداء بهؤلاء الرسل وبثوراتهم ضد الظلمة الفجرة الكفرة …

قال الله تعالى:

{ أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ (89) أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) }[الأنعام]

وأمر الله ـ عز وجل ـ المسلمين أن يقتدوا بإمامهم الأكبر محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الثورة على الجاهلية وأربابها وصانعيها ومن يحميها ….

قال الله تعالى:

{ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6)}[الممتحنة]

[علام ثار الرسل الكرام ـ عليهم السلام ـ ؟]

لقد ثار الرسل الكرام ـ عليهم السلام ـ على أمور عدة منها:

1ـ ثار الرسل الكرام ـ عليهم السلام ـ على الشرك بالله ـ سبحانه وتعالى ـ واتفقت كلمتهم في الثورة على الشرك والدعوة إلى التوحيد …

قال الله تعالى:

{ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25)}[الأنبياء]

وقال أيضا:

{ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36)}[النحل]

2ـ ثار الرسل الكرام ـ عليهم السلام ـ على الظلم السياسي الذي يمارسه المسؤولون وأصحاب المناصب , ومن أمثلته ثورة موسى ـ عليه السلام ـ على الاستبداد السياسي الذي كان يمارسه فرعون ـ عليه من الله ما يستحق ـ …

قال الله تعالى:

{ طسم (1) تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) نَتْلُو عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسَى وَفِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (3) إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (4) وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ (5)}[القصص]

3ـ ثار الرسل الكرام ـ عليهم السلام ـ على النظام الاقتصادي الجائر ومن أمثلته ثورة شعيب ـ عليه السلام ـ على الانحراف الاقتصادي الذي كان يمارسه قومه …

قال الله تعالى:

{ وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (85)}[هود]

4ـ ثار الرسل الكرام ـ عليهم السلام ـ على الشذوذ عن الفطرة , ومخالفة الطبيعة التي خلق الله الناس عليها , ومن أمثلة ذلك ثورة لوط ـ عليه السلام ـ تجاه قومه الذي كانوا يأتون الرجال شهوة دون النساء …

قال الله تعالى:

{ وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81)}[النمل]

5ـ ثار الرسل الكرام ـ عليهم السلام ـ على الجاهلية بمفهومها الشامل والكامل …

قال الله تعالى:

{ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)}[المائدة]

[من أين نبتدئ الثورة؟]

1ـ إن الثورة لا بد أن يبتدئها أصحابها من أنفسهم , فيثوروا على أنفسهم ويعدلوا من اعوجاجها ويقوموها على الحق الذي يرضي الله ـ جل وعلا ـ …

قال الله تعالى:

{ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}[الرعد]

2ـ ثم لا بد على من ثار على نفسه فأصلحها أن يثور على الانحرافات التي تمارس في مجتمعه والمسلكيات التي يفعلها قومه …

أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - ، قَالَ : سَمِعت رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول :

(( مَنْ رَأى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أضْعَفُ الإيمَانِ ))

وهل الثورة إلا تغييرا للمنكر إلى معروف , وتغييرا للباطل إلى حق وتغييرا للجاهلية إلى حكم القرآن والسنة؟!!!

3ـ ثم إذا ثرنا على الانحرافات التي تحيط بنا انتقلنا للثورة على النظام الجاهلي برمته الذي يحكمنا بالحديد والنار ويبيعنا وديننا وخيراتنا لأعداء الله ـ تبارك وتعالى ـ…

قال الله تعالى:

{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)}[آل عمران]

والآية تفيد:

أن الأمة الإسلامية كانت خير أمة أخرجت للناس لأنها أمة الثورة … لأنها أمة التغيير … ولعلكم تتأملون في قوله تعالى في الآية:{وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}وأن الثورة لا بد أن تنطلق من العقيدة … من الإيمان … وأنه لا ينبغي لنا أن نثور على طاغوت لنأتي بطاغوت آخر… بل نثور على الطاغوت لنأتي بخليفة راشد يحكم فينا بالعدل … يحكم فينا بكتاب الله وبسنة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ…

قال الله تعالى:

{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)}[التوبة]

[عوامل نجاح الثورة]

وإن الثورة حتى تنجح لا بد لها من عوامل وهي:

1ـ الجد والاجتهاد في دعوة الناس إلى هذه الثورة …

قال الله تعالى:

{ يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)}[المدثر]

2ـ الإصرار على تحقيق أهداف الثورة وعدم الاستسلام عند أول عثرة تقف في وجه الثائر .

لقد ظل نبي الله يونس يدعو إلى الله ـ عز وجل ـ ألف سنة إلا خمسين عاما دون كلل أو ملل أو فتور وبإصرار كامل …

قال الله تعالى:

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (14){[العنكبوت]

وأمر الله رسله بالصبر على دعواتهم وعلى ما يلاقونه من أذى …

قال الله تعالى:

{ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ بَلَاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ (35)}[الأحقاف]

وعند ابن هشام في سيرته أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال للمشركين لما ساوموه على ترك دينهبإعطاءه المال حتى يكون أكثرهم مالاً ، وبجعله ملكا وسيدا ًعليهم ، وبتزويجه أجمل نساء العرب، فكان رده عليهم حين وسَّطوا عمه أبي طالب :

(( والله يا عم ، لو وضعوا القمر في يميني،والشمس في شمالي على أن أترك هذا الأمر ما تركته ،حتى يُظهره الله ،أو أهلك دونه.))

3ـ البحث عن قوة تحتضن الثورة , فإن حقا بدون قوة حق ضائع…

أخرج أبو داوود في سننه عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِى الْمَوْقِفِ فَقَالَ:

«أَلاَ رَجُلٌ يَحْمِلُنِى إِلَى قَوْمِهِ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِى أَنْ أُبَلِّغَ كَلاَمَ رَبِّى».

4ـ لا بد لأي ثورة من تضحيات ولا بد من السخاء في بذل هذه التضحيات لتنجح الثورة , فإن شجرة الإسلام لا تسقى بالماء وغنما تسقى بالدماء…

قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ:

<< يا مخنث العزم أين أنت والطريق طريق تعب فيه آدم , وناح لأجله نوح , ورمى في النار الخليل , وأضجع للذبح إسماعيل , وبيع يوسف بثمن بخس ولبث في السجن بضع سنين , ونشر بالمنشار زكريا , وذبح السيد الحصور يحيى , وقاسى الضر أيوب , وزاد على المقدار بكاء داود , وسار مع الوحش عيسي , وعالج الفقر وأنواع الأذى محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ وتزهى أنت باللهو واللعب؟!!!

[أعداء الثورة]

إن من أبرز أعداء الثورة المنافقين الذي أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر …

قال الله تعالى:

{ لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)}[التوبة]

ومن أعداء الثورة أيضا علماء السلاطين الذي باعوا دينهم بدنيا غيرهم , بلاعمة العصر وذيول العلمانية …

قال الله تعالى:

{ وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ (175) وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (176) سَاءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَأَنْفُسَهُمْ كَانُوا يَظْلِمُونَ (177)}[الأعراف]

ومن أعداء الثورة أولئك المنتفعون من النظام الجاهلي والذين هم كالجراثيم التي لا تعيش إلا في الأجواء القذرة …

أقول لكل أولئك الذي يذبون عن الطاغوت وينافحون عنه …

قال الله تعالى:

{ هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا (109)}[النساء]

[بين الجهاد والثورة]

إن الجهاد صورة من صور الثورة… لا أقول صورة من صور الثورة المحلية فقط بل المحلية والعالمية …

قال الله تعالى:

{ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)}[النساء]

وقال أيضا:

{ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (29)}[التوبة]

ولقد عبر الصحابي ربعي بن عامر ـ رضي الله عنه ـ رسالة الجهاد الثورية فقال لرستم قائد الفرس العسكري:

" لقد ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ".

هذه هي مبررات وغايات التمكين والصراع والثورة عند المسلمين ؛ فهم لا يعرفون أطماعاً خاصة ولا شخصية .. كما هو الحال عند الآخرين .. بل هدفهم الأسمى تحرير العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد .. ليعيشوا جميعاً في سلم وسلام وعدل الإسلام.

[بين استرداد الحقوق والثورة]

إن الحق لا يرجع لصاحبه إلا يوم يثور على من سلبه حقه واغتصبه ملكه , فالحقوق لا تعطى ولكنها تنتزع …

قال الله تعالى:

{ وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)}[الإسراء]

فالباطل لا يزول إلا يوم يجيء الحق ليزيله وإلا فإنه لا يزول…

قال الله تعالى:

{ قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ (49)}[سبأ]

وكذلك الأمر فيما يتعلق بالفساد فإنه غير زائل إلا يوم يثور أهل الحق على هذا الفساد …

قال الله تعالى:

{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}[البقرة]

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات

ولا حول ولا قوة إلا بالله

غزة المحاصرة

عبد الله بوراي
02-06-2011, 01:16 PM
هو سؤال جال بالبال :_
هل الرسالات السماوية يمكن أن يُطلق عليها مُسمى ثورات ..........؟
قياساً على ثورة (لينين) أو( إرنستو 'تشي' رافاييل جيفارا) أو ثورة الخمينى :mad:............الخ
فنقول ثورة محمد صلى الله عليه وسلم !!!!
وثورة موسى وعيسى وإبراهيم وكااااااافة الرسل عليهم صلوات الله وسلامه ..........!!!!!
عبدالله