تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عون... فرعون الحكومة الجديدة



مقاوم
02-06-2011, 09:22 AM
عون... فرعون الحكومة الجديدة


http://www.al-akhbar.com/system/files/imagecache/465img/p20_20110204_pic1.jpg


حتى الآن «دوبل» عون حصته الوزارية وأسقط مبدأ الفيتو على توزير شربل نحاس (محمد عزاقير ــ رويترز)

لو تأخّرت طائرة الميدل إيست ثماني وأربعين ساعة قبل أسبوعين، لكان الرئيس أمين الجميّل مع صديقه حسني مبارك في سجنه الجديد. هناك من أثبت للمرة الألف عدم تمتعه بالرؤية السياسية، مقابل إثبات ميشال عون أن خلف عناده وتوتره وخياراته الاستثنائية رؤية صائبة ستجعله في الحكومة المقبلة فرعوناً

غسان سعود
يستصعب العقل العوني فهم مبرّرات الرئيس نجيب ميقاتي لتوزير كتائبيين. فالحزب الذي فرّ أمينه العام إلى باريس قبل عدة أسابيع لأسباب أمنية، يعاني خلافات متشعّبة: نديم الجميل يزداد قوة ونفوذاً داخل الحزب في مواجهة ابن عمه سامي. وينسب إلى الأخير قوله عن وزير الحزب سليم الصايغ إنه «حريريّ أكثر منه كتائبياً». فادي الهبر يعجز عن التصديق أنه سيفقد الكرسي النيابي الثمين الذي تصدّق النائب وليد جنبلاط عليه به في دائرة عاليه في الانتخابات النيابية الأخيرة.


النائب سامر سعادة يعلم أيضاً أن زمن تمثيله لطرابلس قد انتهى، في ظل الثلاثي ميقاتي ـــــ الصفدي ـــــ كرامي صديق النائب السابق جان عبيد. التوتر بين سامي وسامر دفع الأول إلى تعيين أمين عام جديد للحزب (ميشال خوري) من بلدة شكا في البترون ـــــ منطقة سامر ـــــ أقلّ ما يقال فيه إنه معاد لسامر. أما الأهم فهو عجز رئيس حزب الكتائب أمين الجميل نفسه عن الفوز برئاسة إحدى بلديات المتن (باستثناء بكفيا والقرى الصغيرة المجاورة لها) في ظل تراجع حضور حليفه الأساسي النائب ميشال المر. وبالتالي، لا يجد العوني أي قيمة يمكن أن يضيفها حزب الكتائب إلى التشكيلة الحكومية.

ويلاحظ إسقاط العونيين المبدأ القائل إن حزب الخُضر (في الشكل) يسهم في عزل القوات اللبنانية نتيجة التجارب الكثيرة التي أثبتت خشية القيادة الكتائبية من مواجهة القيادة القواتية، سواء في الخطاب السياسي أو العمل الحزبي الميداني، فضلاً عن اعتقاد العونيين أن ثمة فريقاً ربح يفترض أن يحكم وفريقاً خسر ولم يجر نقداً ذاتياً بعد، يفترض أن يعارض.


الرفض العوني لإشراك الكتائبيين أو غيرهم ممن يتمسكون بالانتماء إلى قوى 14 آذار في السلطة الجديدة هو العنوان الأول للملفات التي تناقش بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح والرئيس المكلف تأليف الحكومة. وهناك المزيد من العناوين التي وضعها الرئيسان على الطاولة أمس في منزل الرئيس ميقاتي في فردان لبحث تفاصيلها من دون تعليق أي من الرجلين على وجهة نظر محاوره. وهكذا لم يؤدّ الاجتماع الذي سبقه آخر عقد مساء أول من أمس بين عون وشقيق الرئيس ميقاتي ـــــ رجل الأعمال طه إلى تفاهم كامل، بحسب قول أحد المطّلعين على مضمونه.


ثاني العناوين الأساسية أيضاً، هو حصة تكتل التغيير والإصلاح في الحكومة المقبلة ونوعية الحقائب. وتشير المعلومات إلى ارتفاع حصة التكتل من خمسة وزراء في الحكومة الحالية (بينهم وزير مرديّ ووزير للطاشناق) إلى عشرة (بينهم وزيران للطاشناق ووزيران للمردة ووزير مستقلّ). ويشار هنا إلى حسم المعارضة السابقة أمر حصولها في الحكومة المقبلة، بغضّ النظر عن حصص الرئيسين ميشال سليمان ونجيب ميقاتي والنائب وليد جنبلاط، على أكثرية الثلثين. فالمعارضة، بحسب تعبير أحد ضباطها، تريد لميقاتي أن ينجح، من دون أن يؤدي نجاحه إلى فشلها.


ومن العدد إلى الحقائب؛ تشير المعلومات إلى اتجاه ميقاتي صوب إبقاء التوزيع الطائفي للحقائب في الحكومة المقبلة كما هو، فيحتفظ وزراء التكتل بالحقائب التي كانوا يحملونها (الطاقة والاتصالات والسياحة والصناعة) ويحصلون بالإضافة إليها على الحقائب التي يحملها وزراء تيار المستقبل المسيحيون ووزراء الكتائب والقوات اللبنانية (العمل، الإعلام، الشؤون الاجتماعية، العدل، الثقافة). أما الأهم في أكثر المعلومات الدقيقة المتوافرة، فهو حصول تكتل التغيير والإصلاح، ممثّلاً بالوزير السابق يعقوب الصراف، على وزارة سيادية هي وزارة الدفاع. وبحسب مصدر عوني مطّلع على التحضيرات الأولية للطبخة الحكومية، فإن التكتل وافق في الحكومة السابقة على إعطاء سليمان خمسة وزراء، بينهم اثنان يحملان حقائب سيادية بالرغم من سقوط معظم مرشحي الأخير في الانتخابات التي سبقت تأليف الحكومة، نظراً إلى الظروف الاستثنائية التي مرّت بها البلاد. أما اليوم فلا يجد التيار ظروفاً ولا انقساماً حكومياً ولا ثقلاً شعبياً يوجب تخصيص الرئيس بكتلة يتجاوز عددها ثلاثة وزراء، ولا سيما بعدما اتضح من خلال الياس المر، سوء اختيار سليمان للوزراء. وبالتالي بات محسوماً بالنسبة إلى العونيين حصولهم على وزارة الدفاع وحصول سليمان على حقيبة سيادية واحدة هي وزارة الداخلية.

وحتى هنا، يفترض العونيون أن لهم حق النقض تجاه بعض الأسماء. فهم يرون أن سليمان مخيّر بين الوزير زياد بارود والوزير السابق ناجي البستاني، مع تفضيلهم بارود (رغم أن البستاني أقرب إليهم سياسياً من بارود). وتجدر الإشارة إلى حسم الجنرال أمر بقاء الوزير جبران باسيل في وزارة الطاقة وشربل نحاس في وزارة الاتصالات، بينما ترتفع وتنخفض يومياً أكثر من مرة حظوظ الوزير فادي عبود في الاحتفاظ بوزارته. ومن الأسماء المرجّح انضمامها إلى التكتل بصفة وزير، لم يحسم بعد إلا النائب السابق سليم عون.


أما ثالث العناوين فهو موقع العونيين في الحكومة المقبلة، إذ يحسب التيار الوطني الحر ألف حساب لانتقاله لأول مرة منذ نشأته من المعارضة إلى الموالاة. ويعمل على تحصين موقعه الجديد عبر ما يصفه المصدر بشبكة الأمان. فبعد قبول التيار بالتخلي عن رغبته في الحصول على وزارة المال بما هي المركز الأفضل لتحقيق خروق كبيرة في الإصلاح والتغيير، قرر العماد ميشال عون عدم توزير النائب إبراهيم كنعان ليبقى متفرغاً لعمله في لجنة المال والموازنة والتدقيق في كل شؤون الحكومة المالية. ورفض الجنرال مبدأ ميقاتي بعدم توزير الاستفزازيّين لآل الحريري وفي مقدمهم الوزير شربل نحاس، ليضمن استمرار نحاس في عمله الإصلاحي من داخل مجلس الوزراء، مع تشديد الجنرال أمام المقربين منه على أهمية نحاس في حكومة، وزير المال فيها رجل أعمال. ومقابل المعارضة العنيفة التي يتوقع العونيون مواجهتها في مناطق نفوذهم في المرحلة المقبلة من القوات اللبنانية والكتائب، يتمسك هؤلاء بما أكسبهم القوة الشعبية في المرحلة السابقة: الذهاب في ملف شهود الزور حتى النهاية، ووضع خطة عملية لبدء الإصلاح المالي.


وبالتالي، حتى اليوم يكون تكتل التغيير والإصلاح قد فاز بحقيبة سيادية إلى جانب أربعة مقاعد وزارية أخرى، وأسقط الفيتو عن الوزير شربل نحاس. ويخوض التكتل اليوم معركتين، الأولى عدم التفاوض مع حزب الكتائب لإشراكه في الحكومة، والثانية عدم إعطاء سليمان أكثر من ثلاث وزارات، بينها وزارة سيادية واحدة. بينما يفترض بالتجربة العملية أن تثبت نجاح العونيين أو فشلهم في تحقيق وعودهم التغييرية.

في النتيجة، مع خمسة وزراء فعل العماد عون ما فعله في السنتين الماضيتين. اليوم، مع عشرة وزراء ورؤية صائبة، يمكن فتح باب التوقعات على مصراعيه. حزب الكتائب يرى التسونامي القادم ويبحث عن وسيلة مشرّفة لتسلّقه، بينما يمتلئ فم المسيحي الآخر في 14 آذار بالماء المالح.