أبو يونس العباسي
02-02-2011, 10:23 AM
الاحتلال الوطني
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , إلى يوم الدين .
[مناسبة المقال]
الأحداث التاريخية التي تمر بها تونس ومصر من ثورة الشعوب المقهورة على الحكام القتلة الجلادين أولياء اليهود والنصارى.
[أنواع الاحتلال]
والاحتلال ينقسم إلى قسمين:
1ـ احتلال خارجي…
2ـ احتلال وطني…
ومن أمثلة الاحتلال والتسلط الخارجي تسلط فرعون على بني إسرائيل واضطهادهم …
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)}[البفرة]
ويمثل قارون صورة للاحتلال الداخلي الوطني , فقد تسلط قارون على بني جلدته من بني إسرائيل …
قال الله تعالى:
{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)}[القصص]
[مصير الاحتلال داخليا كان أو خارجيا]
إن مصير الاحتلال داخليا كان أو خارجيا هو الهلاك والهزيمة واللعنة …
# ففرعون الذي يمثل احتلالا خارجيا قد هلك وهزم وقضي عليه …
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)}[البقرة]
# وقارون الذي كان يمثل احتلالا وطنيا داخليا أيضا هلك واندثر وقضي عليه …
قال الله تعالى:
{ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82)}[القصص]
ولا بد أن نشير هنا أن الاحتلال وطنيا كان أم خارجيا وحتى يزول لا بد من إرادة شعبية قوية تعمل على القضاء عليه , فالحق لا يضيع إذا كان وراءه مطالب , وأما إذا لم يكن للحق مطالب فإنه يضيع …
قال الشاعر:
إذا ما الشعب يوما أراد الحياة * وأراد الإله استجاب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي * ولا بد للقيد أن ينكسر
[العلاقة بين الاحتلال الوطني والاحتلال الخارجي]
# إن الاحتلال الوطني في عالمنا الإسلامي ما هو إلا فرع للاحتلال الخارجي…
# الاحتلال الوطني ينفذ أجندات الاحتلال الخارجي.
# الاحتلال الأجنبي هو الذي نصب الاحتلال الوطني.
حقا أقول:
إن الحكام أرباب الاحتلال الوطني هم منا لونا وشكلا ولغة وأسماء ولكنهم في الوقت ذاته صهيوصليبيون من حيث الباطن والأفكار والأجندات والمشاعر والتعامل مع كل ما يمت للإسلام بصلة …
ولقد جاء وصف هؤلاء الحكام في القرآن بالنفاق والمواقف المتذبذبة …
قال الله تعالى:
{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)}[النساء]
إن أقل وصف يمكن أن نصف به هؤلاء الحكام أنهم خونة …
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)}[الأنفال]
قال الشاعر عن الحكام:
رويبضات من الأنذال
على الكفر قد مردوا
هم كالذئاب إذا حلو بساحتنا
لا يرعوون إذا لم يقتلوا سجنوا
[مظاهر الاحتلال الوطني]
وللاحتلال الوطني مظاهر وأبرز هذه المظاهر:
1ـ نهب وسلب خيرات البلاد ومقدراته للمصالح الشخصية.
2ـ التخريب المتعمد للعملية التعليمية بقصد تجهيل الشعوب.
3ـ الإهمال الصحي للشعوب حتى إن الكثيرين منهم يموتون بسبب أمراض بسيطة.
4ـ قتل أحلام الشباب وإهمال قدراتهم.
5ـ الحرب على الإسلام والقرآن.
6ـ القضاء على المخالفين أيا كانوا.
وليعلم كل حاكم أن الله سيسأله عن كل نقير وقطمير سيسأله عن كل صغير وكبير في دولته …
أخرج ابن حبان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:
<< إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.>>
وأخرج مسلم في صحيحه عن عائِذ بن عمرو - رضي الله عنه - :أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُبَيْد اللهِ بن زيادٍ ، فَقَالَ لَهُ : أيْ بُنَيَّ ، إنِّي سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول :
<< (( إنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ )) فإيَاكَ أن تَكُونَ مِنْهُمْ .>>
إن هؤلاء الحكام عندما يقتلون شعوبهم ويأسرونهم ويذلونهم يفعلون فعلة بني إسرائيل في تسلط فريق منهم على آخر …
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)}
[أيهما أخطر الاحتلال الوطني أم الاحتلال الأجنبي؟]
في نظري إن الاحتلال الوطني هو أخطر بعشرات المرات من الاحتلال الأجنبي وذلك لأن الاحتلال الأجنبي لا يمكن أن يظهر في صورة الصديق ولو ظهر فلن يصدقه أحد …
أما الاحتلال الوطني فيمكنه أن يظهر في صورة الصديق وبإمكانه تلبيس الأمور على الشعوب ويظهر الأمور على عكس ما هي عليه …
إن الشيطان يوم بدر ما جاء للقرشيين في صورته الحقيقية ليحرضهم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقتاله وإنما جاء في صورة محببة لهم , جاء في صورة صديق وناصح وفي فصدقوه وعملوا بقوله ولو جاءهم بصورة الشيطان ما صدقوه وما عملوا برأيه …
قال الله تعالى:
{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)}[الأنفال]
وأخرج أحمد في مسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم :
<< إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ سِنِينَ خَوَادِعَةً يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ.>>
لقد أثبت التاريخ أن الاحتلال الأجنبي لم ينجح في تحقيق أهدافه وكان دائما يفشل ويهزم وبعد سقوط الدولة العثمانية يستخدم الصليبيون أسلوب الاحتلال غير المباشر , ينصبون على دول الإسلام شخصا منهم في الظاهر ولكنه في الباطن صليبي أكثر من الصليبيين ونجحوا في هذه الطريقة حتى الآن …
الاحتلال الوطني ومن أمثلته ما حدث في أفغانستان والعراق حيث تمثل الحكومتان الأفغانية والعراقية مجرد دمية في يد الصليب , يظهر للجمهور الدمية التي تتحرك ولا يظهر لهم اليد الخفية التي تحرك الدمية ألا وهي يد الصليب …
لقد بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الاحتلال الوطني هو أخطر على الأمة بآلاف المرات من الاحتلال الأجنبي …
أخرج البخاري ومسلم عن عامر بن سعد عن أبيه أنه أقبل مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في طائفة من أصحابه من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلاً ثم انصرف إلينا فقال:
<< سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها.>>
إن الحكام أرباب الاحتلال الوطني يصدق فيهم ما قال الشاعر:
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها * عند التقلب في أنيابها العطب
وقال آخر:
لا خير في ود امرئ متملق * حلو اللسان وقلبه يتلهب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة * ويروغ منك كما يروغ الثعلب
يلقاك يحلف أنه بك واثق * وإذا توارى عنك فهو الثعلب
[كيفية التعامل مع الاحتلال الوطني]
لا بد علينا أن نتعامل مع الاحتلال الوطني تماما كما نتعامل مع الاحتلال الأجنبي فكلاهما وجهان لعملة واحدة ومظهران لحقيقة واحدة , فمن والى التحالف الصهيوصليبي فهو منهم …
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)}
فكما نبغض الصليب لا بد أن نبغضهم وكما نقاتل الصليب لا بد أن نقاتلهم وكما نتبرأ من الصليب لا بد أن نتبرأ منهم , وهذا ما أمرنا الله به , فقد أمرنا أن نقتدي بإبراهيم ـ عليه السلام ـ ومن معه الذين تبرءوا من قومهم لأنهم كفار فجار …
قال الله تعالى:
{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)}[ الممتحنة]
وليعلم الجميع:
أنه لا يضيع حق وراءه مطالب , وأنه لا يذل إلا من يرضى لنفسه الذل والهوان …
قال الشاعر:
ومن يهن يسهل الهوان عليه * ما لجرح بميت إيلام
وقال آخر:
أخي جاوز الظالمون المدى * فحق الجهاد وحق الفدى
وإنهم بغير صليل السيوف * لا يجيبون لنا صوتا أو صدى
فحرر حسامك من غمده * فليس له اليوم أن يغمدا
أخي أيها العربي الأبي * أرى اليوم موعدنا لا الغدى
[حكم مناصرة اليهود والنصارى]
كثير من الناس يناصرون الاحتلال الوطني ولهؤلاء نقول:
& الراضي بالشيء كفاعله …
قال الله تعالى:
{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)}[النساء]
& المرء مع من أحب
عن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - : أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ :
(( المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
& من كثر سواد قوم فهو منهم
أخرج الديلمي عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، أَنَّ رَجُلاً دَعَا عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ إِلَى وَلِيمَةٍ ، فَلَمَّا جَاءَ لِيَدْخُلَ سَمِعَ لَهْوًا ، فَلَمْ يَدْخُلْ ، فَقَالَ : مَا لَكَ رَجَعْتَ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ :
<< مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فهُوَ مِنْهُمْ ، وَمَنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ كَانَ شَرِيكًا فِي عَمَلِهِمْ.>>
& الميل اليسير مع الظلمة حرام فكيف بالميل الكبير …
قال الله تعالى:
{ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)}[هود]
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
ولا حول ولا قوة إلا بالله
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , إلى يوم الدين .
[مناسبة المقال]
الأحداث التاريخية التي تمر بها تونس ومصر من ثورة الشعوب المقهورة على الحكام القتلة الجلادين أولياء اليهود والنصارى.
[أنواع الاحتلال]
والاحتلال ينقسم إلى قسمين:
1ـ احتلال خارجي…
2ـ احتلال وطني…
ومن أمثلة الاحتلال والتسلط الخارجي تسلط فرعون على بني إسرائيل واضطهادهم …
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)}[البفرة]
ويمثل قارون صورة للاحتلال الداخلي الوطني , فقد تسلط قارون على بني جلدته من بني إسرائيل …
قال الله تعالى:
{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77)}[القصص]
[مصير الاحتلال داخليا كان أو خارجيا]
إن مصير الاحتلال داخليا كان أو خارجيا هو الهلاك والهزيمة واللعنة …
# ففرعون الذي يمثل احتلالا خارجيا قد هلك وهزم وقضي عليه …
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50)}[البقرة]
# وقارون الذي كان يمثل احتلالا وطنيا داخليا أيضا هلك واندثر وقضي عليه …
قال الله تعالى:
{ فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ الْمُنْتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82)}[القصص]
ولا بد أن نشير هنا أن الاحتلال وطنيا كان أم خارجيا وحتى يزول لا بد من إرادة شعبية قوية تعمل على القضاء عليه , فالحق لا يضيع إذا كان وراءه مطالب , وأما إذا لم يكن للحق مطالب فإنه يضيع …
قال الشاعر:
إذا ما الشعب يوما أراد الحياة * وأراد الإله استجاب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي * ولا بد للقيد أن ينكسر
[العلاقة بين الاحتلال الوطني والاحتلال الخارجي]
# إن الاحتلال الوطني في عالمنا الإسلامي ما هو إلا فرع للاحتلال الخارجي…
# الاحتلال الوطني ينفذ أجندات الاحتلال الخارجي.
# الاحتلال الأجنبي هو الذي نصب الاحتلال الوطني.
حقا أقول:
إن الحكام أرباب الاحتلال الوطني هم منا لونا وشكلا ولغة وأسماء ولكنهم في الوقت ذاته صهيوصليبيون من حيث الباطن والأفكار والأجندات والمشاعر والتعامل مع كل ما يمت للإسلام بصلة …
ولقد جاء وصف هؤلاء الحكام في القرآن بالنفاق والمواقف المتذبذبة …
قال الله تعالى:
{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا (142) مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (143)}[النساء]
إن أقل وصف يمكن أن نصف به هؤلاء الحكام أنهم خونة …
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)}[الأنفال]
قال الشاعر عن الحكام:
رويبضات من الأنذال
على الكفر قد مردوا
هم كالذئاب إذا حلو بساحتنا
لا يرعوون إذا لم يقتلوا سجنوا
[مظاهر الاحتلال الوطني]
وللاحتلال الوطني مظاهر وأبرز هذه المظاهر:
1ـ نهب وسلب خيرات البلاد ومقدراته للمصالح الشخصية.
2ـ التخريب المتعمد للعملية التعليمية بقصد تجهيل الشعوب.
3ـ الإهمال الصحي للشعوب حتى إن الكثيرين منهم يموتون بسبب أمراض بسيطة.
4ـ قتل أحلام الشباب وإهمال قدراتهم.
5ـ الحرب على الإسلام والقرآن.
6ـ القضاء على المخالفين أيا كانوا.
وليعلم كل حاكم أن الله سيسأله عن كل نقير وقطمير سيسأله عن كل صغير وكبير في دولته …
أخرج ابن حبان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -:
<< إِنَّ اللَّهَ سَائِلٌ كُلَّ رَاعٍ عَمَّا اسْتَرْعَاهُ، حَفِظَ ذَلِكَ أَمْ ضَيَّعَ، حَتَّى يَسْأَلَ الرَّجُلَ عَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ.>>
وأخرج مسلم في صحيحه عن عائِذ بن عمرو - رضي الله عنه - :أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُبَيْد اللهِ بن زيادٍ ، فَقَالَ لَهُ : أيْ بُنَيَّ ، إنِّي سَمِعْتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، يقول :
<< (( إنَّ شَرَّ الرِّعَاءِ الحُطَمَةُ )) فإيَاكَ أن تَكُونَ مِنْهُمْ .>>
إن هؤلاء الحكام عندما يقتلون شعوبهم ويأسرونهم ويذلونهم يفعلون فعلة بني إسرائيل في تسلط فريق منهم على آخر …
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ (84) ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)}
[أيهما أخطر الاحتلال الوطني أم الاحتلال الأجنبي؟]
في نظري إن الاحتلال الوطني هو أخطر بعشرات المرات من الاحتلال الأجنبي وذلك لأن الاحتلال الأجنبي لا يمكن أن يظهر في صورة الصديق ولو ظهر فلن يصدقه أحد …
أما الاحتلال الوطني فيمكنه أن يظهر في صورة الصديق وبإمكانه تلبيس الأمور على الشعوب ويظهر الأمور على عكس ما هي عليه …
إن الشيطان يوم بدر ما جاء للقرشيين في صورته الحقيقية ليحرضهم على النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقتاله وإنما جاء في صورة محببة لهم , جاء في صورة صديق وناصح وفي فصدقوه وعملوا بقوله ولو جاءهم بصورة الشيطان ما صدقوه وما عملوا برأيه …
قال الله تعالى:
{ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بَطَرًا وَرِئَاءَ النَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (47) وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (48)}[الأنفال]
وأخرج أحمد في مسنده عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم :
<< إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ سِنِينَ خَوَادِعَةً يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ.>>
لقد أثبت التاريخ أن الاحتلال الأجنبي لم ينجح في تحقيق أهدافه وكان دائما يفشل ويهزم وبعد سقوط الدولة العثمانية يستخدم الصليبيون أسلوب الاحتلال غير المباشر , ينصبون على دول الإسلام شخصا منهم في الظاهر ولكنه في الباطن صليبي أكثر من الصليبيين ونجحوا في هذه الطريقة حتى الآن …
الاحتلال الوطني ومن أمثلته ما حدث في أفغانستان والعراق حيث تمثل الحكومتان الأفغانية والعراقية مجرد دمية في يد الصليب , يظهر للجمهور الدمية التي تتحرك ولا يظهر لهم اليد الخفية التي تحرك الدمية ألا وهي يد الصليب …
لقد بين النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن الاحتلال الوطني هو أخطر على الأمة بآلاف المرات من الاحتلال الأجنبي …
أخرج البخاري ومسلم عن عامر بن سعد عن أبيه أنه أقبل مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في طائفة من أصحابه من العالية حتى إذا مر بمسجد بني معاوية دخل فركع ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلاً ثم انصرف إلينا فقال:
<< سألت ربي ثلاثاً فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي ألا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها وسألته ألا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته ألا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها.>>
إن الحكام أرباب الاحتلال الوطني يصدق فيهم ما قال الشاعر:
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها * عند التقلب في أنيابها العطب
وقال آخر:
لا خير في ود امرئ متملق * حلو اللسان وقلبه يتلهب
يعطيك من طرف اللسان حلاوة * ويروغ منك كما يروغ الثعلب
يلقاك يحلف أنه بك واثق * وإذا توارى عنك فهو الثعلب
[كيفية التعامل مع الاحتلال الوطني]
لا بد علينا أن نتعامل مع الاحتلال الوطني تماما كما نتعامل مع الاحتلال الأجنبي فكلاهما وجهان لعملة واحدة ومظهران لحقيقة واحدة , فمن والى التحالف الصهيوصليبي فهو منهم …
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52)}
فكما نبغض الصليب لا بد أن نبغضهم وكما نقاتل الصليب لا بد أن نقاتلهم وكما نتبرأ من الصليب لا بد أن نتبرأ منهم , وهذا ما أمرنا الله به , فقد أمرنا أن نقتدي بإبراهيم ـ عليه السلام ـ ومن معه الذين تبرءوا من قومهم لأنهم كفار فجار …
قال الله تعالى:
{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)}[ الممتحنة]
وليعلم الجميع:
أنه لا يضيع حق وراءه مطالب , وأنه لا يذل إلا من يرضى لنفسه الذل والهوان …
قال الشاعر:
ومن يهن يسهل الهوان عليه * ما لجرح بميت إيلام
وقال آخر:
أخي جاوز الظالمون المدى * فحق الجهاد وحق الفدى
وإنهم بغير صليل السيوف * لا يجيبون لنا صوتا أو صدى
فحرر حسامك من غمده * فليس له اليوم أن يغمدا
أخي أيها العربي الأبي * أرى اليوم موعدنا لا الغدى
[حكم مناصرة اليهود والنصارى]
كثير من الناس يناصرون الاحتلال الوطني ولهؤلاء نقول:
& الراضي بالشيء كفاعله …
قال الله تعالى:
{ وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (140)}[النساء]
& المرء مع من أحب
عن أَبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - : أن النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - ، قَالَ :
(( المَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ )) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .
& من كثر سواد قوم فهو منهم
أخرج الديلمي عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ ، أَنَّ رَجُلاً دَعَا عَبْدَ الله بْنَ مَسْعُودٍ إِلَى وَلِيمَةٍ ، فَلَمَّا جَاءَ لِيَدْخُلَ سَمِعَ لَهْوًا ، فَلَمْ يَدْخُلْ ، فَقَالَ : مَا لَكَ رَجَعْتَ ؟ قَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم يَقُولُ :
<< مَنْ كَثَّرَ سَوَادَ قَوْمٍ فهُوَ مِنْهُمْ ، وَمَنْ رَضِيَ عَمَلَ قَوْمٍ كَانَ شَرِيكًا فِي عَمَلِهِمْ.>>
& الميل اليسير مع الظلمة حرام فكيف بالميل الكبير …
قال الله تعالى:
{ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)}[هود]
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
ولا حول ولا قوة إلا بالله