تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ساركوزي عدو الديمقراطية اللدود



من هناك
01-17-2011, 10:56 AM
أن يعشق ساركوزي اليهود والإسرائيليين وأن يكون لهم الحليف الأوثق والمحب الأكبر، وأن يحمل مشاعر غير ودية تجاه المسلمين بل ويزدري بهم، فهذا شأنه وأمر متعلق به، وإن كان من المستغرب والمستهجن أن يلقى الرجل الترحاب والحفاوة في عواصم عربية وأن يستلم أعلى الأوسمة والنياشين من قادة عرب ومسلمين. غير أنه من المعيب وغير اللائق أن يتخذ ساركوزي مواقف معادية للديمقراطية ومساندة للدكتاتورية في بلادنا وهو الذي يقدم نفس كمدافع عن الديمقراطية وأحد حراسها.

في خطابه أمام الكنيست الإسرائيلي في صيف 2008 تحدث ساركوزي عن الطريقة التي أثرت فيها اليهودية وغذت وأغنت الثقافة الفرنسية، واعتبر الكنيست من أكثر الجمعيات في العالم أصالة في الديمقراطية، وشدد في خطابه غير مرة على يهودية إسرائيل فتذكر "تأسيس دولة يهودية في بلد إسرائيل"، وقال بأن وجود دولة يهودية في العالم تبلغ هذا المستوى من النجاح الباهر، لهو مصدر فخر واعتزاز لجميع اليهود، وحرص على التنويه بأن جدّه الذي رباه كان يهودياً. وقال ساركوزي أمام الكنيست إن بإمكانكم الاعتماد على أوروبا لمساعدتكم في اتفاق نهائي يشمل تعويض اللاجئين.

ساركوزي عارض في حملته الانتخابية للرئاسة بشدة انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي مبرراً ذلك بأن انضمام تركيا سيزيد مشكلة الوجود الإسلامي في أوروبا. وفي 19-11-2007 كشفت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية أن ساركوزي تكلم في اجتماعين منفصلين مع كل من رئيسي الحكومةالأيرلندية والسويدية بألفاظ فيها عداء صارخ للمسلمين معبرا عن استيائه من عددهم الزائد عن حده في أوروبا وعن صعوبات اندماجهم, كما تعرض في سياق أحاديثه إلى صدام الحضارات بعبارات عنيفة للغاية. وأشارت الصحيفة بأن ساركوزي استرسل مرة في خطاب غريب طيلة نحو عشرين دقيقة بلهجة قاسية جدا وبتعابير فظة بعيدة عن اللغة الدبلوماسية, مما صدم وأدهش مستمعيه.ولا حاجة للتذكير باضطهاد ساركوزي للطالبات المحجبات في فرنسا وحرمانهن من حقهن في التعليم بالإضافة إلى نيله السبق في مسألة حظر النقاب أوربيا.

في حملته الانتخابية قطع نيكولا ساركوزي الوعود الجازمة بتبني دبلوماسية جديدة لبلاده تراعي حقوق الإنسان في المقام الأساسي. وفي خطابه الأول بعد انتخابه رئيسا لفرنسا تعهد بان يجعل حماية حقوق الإنسان على قمة أولويات الدبلوماسيةالفرنسية. وأمام البرلمان الأوروبي قال ساركوزي بأن كل من خاضوا تجربة التخلي عن حقوق الإنسان من اجل الاستفادة من عقود, لم يحصلوا علي العقود وخسروا في ساحة القيم. وفي خطابه أمام الكونجرس الأمريكي في نوفمبر 2007 قال ساركوزي "اليوم كما كانت الحال بالأمس، في تلك البداية من القرن الحاديوالعشرين، ينبغي أن نخوض معاً المعارك من أجل الدفاع عن قيم ومثل الحريةوالديمقراطية وتدعيمهما".

ساركوزي وفي سياق دفاعه عن زيارة القذافي لفرنسا والمثيرة للجدل عام 2007, صرح لصحيفة "لونوفيل أوبزرفاتور" بأن الرئيس الليبي لا ينظر إليه كديكتاتور في العالم العربي وأن "الرئيس الليبي هو أقدم حاكم عربي في المنطقة، وهذا أمر له حسابه في العالم العربي". وفي رده على منتقدي سياسته الذين لاموه على إتمام زيارته للجزائر ومصر، دعا ساركوزي إلى دعم بوتفليقة والحكومة الجزائرية. وقال: "نعم. يجب دعم حكومة بوتفليقة، لأنه لا أحد يريد حكم طالبان في الجزائر". وفي السياق عينه، طالب الرئيس الفرنسي، بدعم الرئيس مبارك الذي زاره مؤخرا, وقال "نعم, يجب دعم الرئيس مبارك في مصر، هل نريد في مصر حكومة للإخوان المسلمين؟".

وفي زيارته لتونس عام 2008 والتي عاد منها ساركوزي بصفقات فاقت ملياري يورو, وبإشادة واسعة بسجل تونس في مجالي مكافحة الإرهاب والحريات، ترك وراءه جدلا عاصفا في الأوساط الديمقراطية والحقوقية. ساركوزي رد على مَـن طالبه بالتعرّض لملف الديمقراطية وحقوق الإنسان، بقوله "لا أجد من مبرِّر يسمح لي بأن أمنح نفسي الحقّ بإعطاء الدّروس في بلد أزوره كصديق ويستقبلني كصديق"، مضيفا بأن في تونس "تشهد مساحة الحريات تقدّما ملحوظا، وأنه على ثقة برغبة بن علي في مواصلة توسيع مساحة الحريات". وبرر ساركوزي دعمه للنظام التونسي بقوله "إذا أقيم غدا نظام حُـكم على غِـرار طالبان في إحدى دول شمال إفريقيا، فمَـن يصدِّق أن أوروبا أو فرنسا يُـمكن أن تشعرا بالأمان". وقال إن الرئيس التونسي يحارب الإرهاب "الذي هو العدو الحق للديمقراطية". وفي خطاب أمام طلبة تونسيين, جدد ساركوزي دعمه للرئيس التونسي بقوله "استحق بن علي الثناء لأنه لم يفسح المجال للمتطرفين والظلاميين والمستبدين الذين يحاولون جر البلاد إلى الخلف". وحين أشتعلت إنتفاضة الغضب في تونس إلتزمت فرنسا صمت طويلا على أمل أن ينجح حليفها بقمع المحتجين وإسكاتهم بعد ايام طويلة خرجت من صمتها لتعبر عن قلقها داعية للحوار والهدوء.

وبقيت فرنسا ساركوزي في موقف سلبي حتى هرب طاغوت تونس فإضطرت لتغير موقفها استنادا لموزايين القوى والمصالح وليس لعوامل القيم والمبادئ ولعلها تنجح في إختراق الواقع التونسي الجديد خصوصا وأن كثير من رموز النظام السابق ما زالو في واجهة المشهد، فأعلن ساركوزي في بيان "منذاسابيع عدة والشعب التونسي يعبر عن رغبته في الديمقراطية. ان فرنسا التي تربطهابتونس علاقات صداقة كثيرة، تقدم له دعما كبيرا". ونبذت باريس بن علي ورفضت إستقباله وطردت عائلته وأعلنت عن إتخاذ الإجراءات الضرورية لتجميد التحويلات المالية "المشبوهة" لأرصدة تونسية فيها، والتي كانت قبل ساعات أرصدة شرعية تحظي بالحماية الرسمية.

عينات ونماذج من مواقف الرئيس الفرنسي من الديمقراطية في بلادنا مع التنويه برفضه الشديد لنتائج الانتخابات الفلسطينية النزيه، لتظهر عداء الرجل ومحاربته لحريات شعوبنا وحقها في تقرير مصيرها دون أن ينجح موقفه الأخير من تونس وعباراته الرنانة من إخفاء عوراته السياسية، لا بل أضافت إليها خصلة جديدة وفاقعة، ألا وهيانعدام الوفاء لحلفائه وأصدقائه.

ياسر سعد