تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اللغة العربية - هزيمة بلا قاع



من هناك
12-02-2010, 04:45 PM
اللغة العربية - هزيمة بلا قاع


بقلم: د.خالص جلبي

إن أقرب الأشياء الثلاثة للإنسان هي: اسمه الذي به ينادى، ولغته التي بها ينطق، ودينه الذي به يعتقد، فهي أسوار الحماية الثلاثة..


والذي دفعني للكتابة أن المدير الطبي الهندي كان يتفقد ملفات المرضى عندي، فانزعج حين قرأاللسان العربي في بلد عربي أمين، فأرسل لي يحذرني من ارتكاب مثل هذه الخطيئة الشنيعة مرة أخرى.



وقلت في نفسي: تصور أن هذا الهندي الذي يرطن باللغة الإنجليزية المكسورة، كان في بلد آخر! تصور أنه في ألمانيا ويقول لطبيب ألماني أن يتجنب الكتابة باللغة الألمانية؟!



في ألمانيا لم يكن يسمح لنا بلمس المريض (الألماني) قبل التمكن من اللغة الألمانية نطقاً وكتابة، وبالنسبة لي فقد أرسلوني إلى معهد (جوته) لتعلم اللغة الألمانية، على حسابي وليس حسابهم، فمن أراد قبض راتبه عليه أن ينطق لغتهم، أما عندنا فيُسخر من لغتنا وتنهب أموالنا! وهي ضريبة التخلف على كل حال، لأمة تعاني من الهزيمة حتى قاع اللاوعي!



قصصنا مع الهنود والنيجيريين والطليان والفيليبينيين وأهل مدغشقر ونيبال… في أرض العروبة أكثر من أن تحصى. وأذكر العديد من الحالات، ونحن نفك الاشتباك بين طبيب نيجيري ومريض سعودي، حتى لا يصلح فتقاً في المكان الغلط، أو يستأصل مرارة بدون مبرر، أو يفتح على مكان الزائدة، والزائدة قد استؤصلت! وهي كوميديا تعجز عنها مسارح أثينا أيام سوفوكليس وصولون…



وحين تبدأ الأمة تتكلم بغير لغتها، فهي تفقد ذاكرتها، كما قال توينبي عن كمال أتاتورك. قال توينبي: إن ذلك الرجل لم يفعل كما فعل النازيون مع الكتب في الساحات العامة، كما هو في ليلة برلين المشهورة مع اليهود عام 1938، أو كما فعل ملك إسبانيا فيليب مع الثقافة العربية؛ بل قام بما هو أدهى وأمر فقتل الحرف العربي بدون لمسه، حين قلب الحرف التركي من العربي إلى اللاتيني، وترك باقي المهمة للغبار والرفوف كي تلتهم كل التراث العثماني المخطوط بالحرف العربي في آلاف المجلدات خلال خمسة قرون، وبذلك أصبحت تركيا بين عشية وضحاها بدون ذاكرة! ولولا الروح الصوفية الذكية والتوقد الإيماني، لدخلت تركيا العلمانية وودعت الإسلام إلى غير رجعة، لكنها روح الإيمان التي تتقد من روح الله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم…



وفي قناعتي أنه سوف يأتي اليوم الذي يبدأ الأتراك في مراجعة تاريخهم مع كارثة الانقطاع…

ولنتصور أنفسنا اليوم ونحن نرطن باللغة الإنجليزية المكسرة، فتختنق الأفكار باختناق الكلمات، ونبقى بدون ذاكرة.



إن اللغة هي ذاكرة الأمة، وهي اللاوعي العميق، وهي الذات… وصاحبنا الهندي لا يلام، لكن من يلام هو من استقدمه دون أن يشرط له استلام راتبه المغري بالنطق باللسان العربي.



إنه حتى اللغة العبرية تم أحياؤها، في الوقت الذي تقتل فيه اللغة العربية، في خيانة ما بعدها خيانة.

وابن خلدون تعرض لهذه الأزمة منذ أيامه، والفتح العربي يتقلص ويتراجع أمام حروب الاسترداد الإسبانية، فذكر أن المغلوب مولع بتقليد غالبه لاعتقاده بالكمال فيه، وهو ما يفعله الأطفال مع آبائهم، والعرب مع أميركا.



واللغة هي لسان الأمة في التاريخ فإن هانت، هانت لغتها، وإن سمت وارتفعت انتشرت لغتها فقرأها قوم آخرون، حتى الجن الذين جاؤوا يوماً ينصتون للقرآن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به..



ولولا القرآن لكان مصير العرب مثل مصير أهل الشيشان والدومينيكان، لكن القرآن منح الخلود للغة العربية، ولسوف تستعمل رغم تفاهة مناوئيها واضمحلال العقل العربي في بركة الضفادع… ويقول في هذا محمد إقبال إن من أراد أن يكتب وثيقة ويدفنها في الأرض فيقرأها الناس بعد ألف جيل، فليكتب باللغة العربية، فهي لغة الخلود من القرآن الخالد.

الظافر
12-02-2010, 08:46 PM
أحست والدتي بألم في رأسها فأسرعوا بها إلى إحدى مستشفيات الرياض , و ما ان دخلت القسم المخصص حتى استقبلتها إحداهن بوجه لكأنه لم يبتسم قط , وضعت لها آلة التخطيط و هي تتمتم بكلمات شبه مسموعة و بلغة هندو انكليزية , لم تكترث امي لقولها إذ أنها ابنت الجيل الذي تعلم الفرنسية و بينه و بين الإنكليزية "عداوة بيزنطية" . شعرت بالألم يزداد فحركت يدها نحو رأسها غير أن قوة كهربائية أجبرتها على النهوض متأثرة بالصدمة , عادت "المرعبة" إليها و قالت "ألم أقل لك أن لا تتحركي فالشريط غير محكم الربط و قد تتكهربين ؟!" قالت لها أمي (على حسب ما تذكر) "لا سامحك الله , تتكلمين العربية و رأيتني امرأة عربية فعلام تحدثين الناس بلغة لا يفهمونها ؟!" ...

ضحكت مما روت, ثم قلت لها, يا أم ما ذنبها أنها تعمل في بلد اسمه "م. العربية س." و لكن قوم هذه البلد قد ارتكنوا إلى غير لغتهم ؟!!!

------------------------

كنت جالسا في قاعة المحاضرات أنقل ما تسرع به شفاه الببغاء , عفوا الأستاذ , فنظر إلي زميلي من الأردن متعجبا ... بعد الإنتهاء من ملل المحاضرة بادرني بسؤاله "أمرك غريب, تكتب المحاضرة بالأجنبي و العربي ؟" قلت نعم , فالمحاضرة باللغة الأجنبية فأكتبها بلغتها غير أني أضع بين قوسين المهم منها و باللغة العربية لأنها أسهل في الحفظ و أسرع في الفهم و أفصح عند الشرح ... و كان هذا دأبي إلى أن انتهت الجامعة , و كلما لملمت دفاتري تعلو شفتاي ابتسامة, كم بفضل الله أسعفتني هذه الطريقة وسهلت علي الحفظ !!!

-----------------------

إن انحناء العرب للغة الأعاجم دليل نقص بهم , فاللغة العربية و بشهادة الكثر هي لغة السمو و العزة , فمن كان أقل شأنا من أن يحملها بحث عن سواها لتكون و يكون كما قيل "إن الطيور على أشكالها تقع" ....