تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المعركة بين حزب عون وحزب الخلافة



من هناك
11-28-2010, 03:47 AM
لا زال جبران باسيل مصراً على دفع مجلس الوزراء لبحث موضوع الترخيص لحزب التحرير لأنه يمثل تهديداً للكيان اللبنانية برأيه. لكن الوزراء يتجاهلون الأمر إلى امد.

لا ادري ما هو دور حزب الله الذي يحرص على علاقات جيدة مع حزب التحرير ولكن يبدو ان الحزب يعطي باسيل هذا الهامش لغاية في نفس يعقوب.



ملاك عقيل - السفير
في غمرة انشغالاته بملفات الكهرباء «المعتمة» وبتسويق مشروع استئجار البواخر لتوليد الطاقة الكهربائية، يجد وزير الطاقة جبران باسيل الوقت الكافي للاستقصاء عن مسألة تشغل باله عبر سؤال الحكومة، قبل أن تعطلها وجبة «شهود الزور»، عن مآل طلبه بوجوب حلّ «حزب التحرير» كونه «يشكّل خطراً على النسيج الوطني اللبناني ويمسّ علاقات لبنان الخارجية».

قد تكون جولة جديدة من الكباش العلني بين وزير ينتمي الى تيار نشأ على «الفكر السيادي الكياني» وحزب لا يخفي سعيه لأن يكون لبنان «جزءاً من دولة الخلافة الاسلامية». لكن الأمر لن يكون سهلاً على باسيل، فبعد أن خاض معركة خاسرة في تموز الماضي في الدعوة الى حلّ الحزب، ومعاودته الكرّة مؤخرا، وجد نفسه أمام مشهد بالغ الواقعية. مسؤولو وأنصار «حزب التحرير» يشاركون بكثافة في «مسيرة تكبير» خرجت بعد صلاة الجمعة، متغلغلين في شوارع طرابلس.

لا تقف الأمور عند هذا الحد، فرئيس المكتب الاعلامي لـ«حزب التحرير» في لبنان أحمد القصص يؤكد لـ«السفير» «ان كلام باسيل مردود، مشكلته ليست معنا، هو يتاجر بالعداء لنا من أجل أن يكسب الشعبية في الشارع». القصص نفسه، أقام ندوة في 19 الشهر الماضي حول «أشكال الصراع بين الاسلام والغرب»، وقبلها في 12 من الشهر نفسه عقد مؤتمراً صحافياً تعليقاً «على أجواء الفتنة (السنية الشيعية) التي تطلّ برأسها على لبنان». كل ذلك من ضمن هامش العلنية الذي أتيح للحزب بعد انضمامه الى الأحزاب المرخّصة قبل نحو أربعة أعوام، ومثابرته على مخاطبة الرأي العام في لبنان والخارج «بالسياسة والفكر» وليس «بالعضلات»، في وقت يتباهى فيه «التحريريون» بأنهم لم يشاركوا يوماً في مؤامرات الفتنة والاقتتال الداخلي، على عكس غيرهم «وبينهم (رئيس «تكتل التغيير والاصلاح») ميشال عون بطل حربي التحرير والالغاء»!

«النَفس» السائد داخل الحكومة لا يسعف باسيل أيضاً. وجلسة مجلس الوزراء في 14 تموز الماضي قدّمت نموذجاً عن «مصير» طلبات من هذا النوع. إذ كان من المفترض أن يطرح المجلس خلال انعقاده في السرايا الحكومية من خارج جدول الأعمال، وبناءً على طلب مرفوع من مجلس الأمن المركزي، طلب سحب العلم والخبر المعطى لـ«حزب التحرير». «طار البند» وخرج المجتمعون من دون أن يناقشوا حتى بالموضوع. بعد ساعات، تصدّر خبر «التأجيل الايجابي للإنضاج»...

آنذاك كان الحزب يستعد لعقد أول مؤتمر إعلامي عالمي له في فندق «البريستول». ضغطت الرابية بقوة لمنع انعقاد المؤتمر (بعدما رفضت أكثر من دولة إقامة المؤتمر على أرضها) وسحب الترخيص، لكن صالة «البريستول» امتلأت بالحضور الاسلامي المحلي وبضيوف من السودان وباكستان وبريطانيا واستراليا وتركيا والعراق واندونيسيا واليابان وهولندا وماليزيا والدنمارك (الحضور لامس عتبة الألف مشارك).

أفرغ «التحريريون» ما في جعبتهم عن قضايا الأمة الاسلامية تحت مظلة «ثبات الترخيص»، وقد كان لوزير الداخلية زياد بارود موقف حاسم ومقتضب «سحب العلم والخبر يحتاج الى قرار من مجلس الوزراء»، وذلك رداً على قول باسيل بوجود تقصير من جانب وزارة الداخلية، مذكّراً بأن مجلس الأمن المركزي الذي يرأسه «هو الذي بادر الى طرح الموضوع».

يروي القصص لـ«السفير» «قبل الجلسة أجرينا اتصالات بوزراء رئيس الحكومة وقلنا لهم لمن تريدون تقدمة هذه الخدمة؟ وهل أداؤكم وصل الى هذا المستوى؟ الضغط حصل منّا ومن قواعدهم الجماهيرية أيضاً، مع العلم ان رئيس الحكومة كان وافق في البداية على طرح الموضوع على جلسة مجلس الوزراء، لكن الأمر انتهى «بتطيير» البند، خصوصاً أن الأجهزة أدركت أنه إذا تم سحب الترخيص، فسيدفعها ذلك الى القيام باعتقالات ضمن صفوفنا، وبالتالي فإن هذا الأمر سيقوّي الحزب أكثر... لقد حسبوها جيداً، وغيّروا رأيهم كي لا نوجّع رأسهم».

لا يرى الحزب في إعادة إثارة القضية سوى إيحاء لقرار خارجي، يقول القصص «في تموز الماضي، حصلت ضغوط أميركية وإقليمية علينا فـقرر «التيار الحر» أن «يركب الموجة» ثم خاب أمله». وفي قناعة «التحريريين» أن «الجنرال» ليس بريئاً من حملة السفارة الاميركية عليهم مستندين في ذلك الى «معلومات مؤكدة»!

لا تجد منتسباً واحداً (لا بطاقات حزبية) أو مؤيداً لـ«حزب التحرير» يكشف عن العدد الحقيقي لأعضاء الحزب. مركز الحزب الرئيسي في طرابلس، وهناك مراكز أخرى في بيروت (كورنيش المزرعة) وصيدا وأنصار للحزب في مخيمات البداوي وعين الحلوة... التمويل، بتأكيد القصص، يستند الى التبرعات والتقديمات من أعضاء الحزب ومناصريه!

«حزب التحرير» الذي يدعو الى إقامة دولة الخلافة الإسلامية، تأسّس في القدس العام 1953 على يد القاضي تقي الدين نبهاني، وقد دخل الى لبنان في العام 1978، لكنه لم يحقق الانتشار الذي حققه في بلدان أخرى.
التركيبة اللبنانية الطائفية المعقدة حالت دون تسويقه لطرح «الدولة الاسلامية»، والملاحقات التي تعرّض لها عناصره من قبل الأجهزة الأمنية خلال فترة الوجود الأمني السوري ضيّقت كثيراً من مجال تحركاته. ظلّت السرية تطبع عمله حتى منحه العلم والخبر في 11-5-2006 من قبل وزير الداخلية حينها أحمد فتفت، فثابر أكثر على إصدار بيانات باسم «حزب التحرير - ولاية لبنان».

عملياً، لم يسجّل على عناصر الحزب مشاركتهم بأي عمليات أمنية أو مخالفة للقانون، وفي تموز 2005 أصدر القاضي هاني الحجار قراراً ألغى بموجبه التعقبات بحق المدعى عليهما أحمد القصص وعثمان البخاش، لعدم توافر عناصر التجريم بحقهما.

مع ذلك، قام «حزب التحرير» بما هو أكثر حساسية في البيئة اللبنانية الحاضنة للخطاب الطائفي والمذهبي، عندما اعتبر ان مجلس الوزراء «تجاوز حدوده واقتحم أمراً ما كان ينبغي له ان يقترب منه مجرد اقتراب» حين أعلن «بشارة العذراء» عيداً موحّداً للمسيحيين والمسلمين، ومعترضاً على ما سبق أن أعلنه رئيس مجلس النواب نبيه بري حول إنشاء كتاب موحّد للتعليم الديني.

من يرصد مسار الخطاب السياسي للحزب، وبرنامج فكره العقائدي، يتوقّع أن يفاجئ الداخل اللبناني «الطري» بجولات جديدة من «الاستفزاز». أنصاره يعلنون الخصومة مع كل طرح غير إسلامي. لا يشاركون في الانتخابات البلدية. ليس هناك مانع ديني لكن القناعة غير موجودة. أما في ما يخص الانتخابات النيابية فتطبق شروط صارمة لناحية التزام المرشح بعدم موافقته على صيغة النظام وبمحاسبته السلطة من منطلق إسلامي، وعدم المشاركة في انتخاب رئيس للجمهورية، ولا إعطاء ثقة لحكومة أو المشاركة في التشريع...

«العونيون» سيخوضون جولة أخرى من التحدي مع «حزب الخلافة» الذي يتحضّر لعقد مؤتمره السادس في أحد فنادق العاصمة. يستفزّ هؤلاء لا مبالاة مسيحيي 14 آذار حيال ملف حسّاس من هذا النوع. ويضعون علامات استفهام حول العلاقة الشخصية القوية التي باتت تربط أعضاء من الحزب مع شخصيات سياسية نيابية ووزارية في «تيار المستقبل» وخارجه. لكن لـ«حزب التحرير» مقاربته المختلفة، يقول القصص «نحن نتواصل مع كل من يقبل بالاجتماع بنا ومن مختلف المذاهب، ومنفتحون على الجميع. ولا نجلس إلا مع من يرفض التقرّب منا. ونوجّه النصائح الى أصدقائنا لتجنّب النزاعات السياسية والمذهبية، مع العلم اننا نعتبر ان هناك إهانة كبيرة تلحق بالمسلمين عندما يتم تصنيفهم بطائفتين سنية وشيعية، وننكر على الحركات الاسلامية تكريسها لهذا المفهوم. هذه قمة الانحدار في العمل السياسي».

مشروع «حزب التحرير» السياسي هو نقطة الخلاف الأساسية مع الرابية، المدعومة في معركتها أيضاً من «تيار المرده». يوضح القصص «مشروعنا ليس على قياس لبنان. وأي مشروع على هذا القياس لا يؤدي الى أي نتيجة. لبنان كيان غير صالح وغير قابل للبقاء. ونعتبر عملنا فيه جزءاً من عملنا في العالم... لا نسعى الى الخلافة الاسلامية في لبنان، بل لأن يكون لبنان جزءاً من دولة الخلافة»!