تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حكم الله أولا ... وفوق رأي أغلبيتهم ونصوص دساتيرهم



مقاوم
10-27-2010, 06:13 AM
حكم الله أولا ... وفوق رأي أغلبيتهم ونصوص دساتيرهم
كتب أ. سامر أبو رمان*




http://ar.qawim.net/images/stories/allahakbar.jpg


مع مرور سنوات عدة من العمل في ميدان استطلاعات الرأي، تزداد كلمة " الأغلبية " تقديسا في الذهن، واستخداما في التقارير! فنزين بها نتائجنا وكأنها هي المنتصر في الدراسة، حتى لو كانت " أغلبية بسيطة "، فضلا عن الأغلبية الساحقة.

في الجذور الفلسفية لاستطلاعات الرأي، أن ثمة حكمة في رأي السواد الأعظم من الناس، وهو التحدي الذي ما زال أمام المستطلعين أن يقيسوا هذه الآراء بدقة واحترافية وحيادية.

وفي مسيرة الاستطلاعات ساهم بعض هؤلاء المتحمسين والممارسين في إفساد هذه الأداة العلمية علينا حين جعلوها حكما في كل شيء، وبالغوا في أسئلتهم عن كل شيء، والأسوأ أن منهم من اعتبرها هي الحق في كل شيء.. مثل تلك الاستطلاعات التي ما زالت تسأل الأمريكي ابن العشرين عاما عن رأيه بأن إلقاء القنبلتين على هيروشيما وناغازاكي قد أنقذ حياة الأمريكيين قبل ستين عاما!

هؤلاء بمبالغتهم هذه جعلوا الكثير من الاستطلاعات هزأة وسخرية بما يريدون أو بما يمكن تفضي إليه من خلق نمط جماهيري Populist – Style للقرارات والسياسيات، فكيف لك أن تساوي في كل المواضيع لتسأل عنها عامة الناس؟ إلا من باب الترف الاستطلاعي والنشر فقط .

بالمقابل، فإن من وعى هذه الفكرة أدرك أن ليس كل شيء يصلح لطلب رأي الناس، والأهم من ذلك ليس رأي أغلب الناس هو الحق دائما؛ فرأي الناس في اللون المفضل للسيارة أهم وأدق من رأيهم في تفاصيل نوعية ماكينات السيارات، والتي لا يعرفها إلا المتخصصون. وهذا ما يوصي به خبراء استطلاعات الرأي في ضوابط التعامل معها؛ حتى لا تحمل نتائج الاستطلاعات أكثر من طاقتها، وتأخذ أكبر من حجمها.

وإذا اتفقنا على أن هذا الموضوع يصلح لأن يسأل عنه، فإن مجموع الآراء من المتخصصين وأهل الثقة أولى وأدق من آراء ممن هب ودب من عامة الناس، ومن هذا المنبع ظهرت تطبيقات استطلاعات النخب أو قادة الرأي .

لا تختلف كثيرا فكرة انتخاب ممثلين عن الشعب في الأنظمة الديمقراطية في الفكر والممارسة عن تلك في استطلاعات الرأي، وتزيد عليها بأن حكم الأغلبية هو الحل المنقذ في مسائل الخلاف، والمرجع في إدارة الحكم.

الإشكالية التي بالغ فيها بعض المستطلعين تبقى أقل خطورة من تلك التي يعاني منها المتحمسون للانتخابات والبرلمانات حين جعلوا لأغلبيتهم القداسة والمرجع للتشريعات والفصل في كل الأمور. وفي بلادنا يتم ذلك من قبل ممثلين ونواب وصل بعضهم إلى بيع ضميره وذاته لسلطة سياسية وغيرها، أو تسلق من خلال شراء ضمائر وأصوات الآخرين.

بغض النظر عن جوانب أخرى مبررة تؤسس لرفض العملية الانتخابية في الرؤية الإسلامية أو ضبطها، إلا أني لا أعتقد أن مشكلتنا ينبغي أن تكون مع الأداة بقدر ما هي التطبيق الأعوج – أحيانا - في تقديمها على النص الديني الرباني قطعي الدلالة والثبوت، وجعلها هي الملاذ والحكم والقول الفصل في التحليل والتحريم ما دامت الأغلبية البشرية صوتت لصالحها .... مثل: التصويت على منع ( تحريم) الخمر في مجلس النواب؟

العجب أن الكثير ممن يرفضون الاحتكام إلى النص الديني بحجج خوفهم من تعدد تفسيره أو (طغيانه)، تجدهم - في ممارسات الحكم - خانعين ومبررين لحكم الفرد البشري الضعيف بمزاجه المتقلب، واعتباره الرأي الملهم والمقدس، وأهم من كل نواب البرلمانات! وفي الممارسة الغربية خانعين للدساتير المقدسة التي وضعتها عقولهم البشرية المتغيرة. ففي كلتا الحالتين هم عبيد للفرد أو للأغلبية، وإن طغت، ويرفضون الاحتكام لمن خلق فردهم وأقليتهم وأغلبيتهم، وهو اللطيف الخبير.

· مستشار وباحث في مجال استطلاعات الرأي.

"حقوق النشر محفوظة لموقع "قاوم"، ويسمح بالنسخ بشرط ذكر المصدر"

عبد الله بوراي
10-28-2010, 02:56 AM
رحم الله الإمام الفاضل إبن القيم القائل::(الطاغوت كل ما تجاوز العبد به حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع، فطاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرةٍ من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله، فهذه طواغيت العالم إذا تأملتها، وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم عدلوا عن عبادة الله إلى عبادة الطاغوت، وعن التحاكم إلى الله وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التحاكم إلى الطاغوت، وعن طاعته ومتابعة رسوله إلى طاعة الطاغوت ومتابعته). إعلام الموقعين 1/50.
وجزاك الله خيراً على موضوع الساعة الذى عزفت فيه على اوتار الجراح التي ينكأ بها جسد امتنا .
سلمتَ ناقلاً
وحكيماً موجهاً
عبدالله