تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المستشارة ميركل والإساءة للنبي محمد



من هناك
09-23-2010, 05:50 PM
إساءة جديدة للمسلمين ولمقدساتهم وإن كانت هذه المرة بمستوى جديد، وذلك بقيام المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بتكريم رسام الكاريكاتير الدنمركي كيرت فيسترجارد والذي اعد رسوما كاريكاتيرية وضيعة تسيء للنبي محمد ونشرها في صحيفة يلاندس-بوستن الدنمركية في سبتمبر 2005. فلقد سلمت المستشارة الألمانية جائزة حرية الصحافة في ختام ندوة دولية حول وسائل الإعلام في برلين، قائلة إن مهمة فيسترجارد هي الرسم، مشددة على أن "أوروبا هي المكان الذي يسمح فيه لرسام كاريكاتير برسم شيء كهذا"، مضيفة "إننا نتحدث هنا عن حرية التعبير وحرية الصحافة". فيسترجارد حصل على جائزة التقدير "لالتزامه الراسخ بحرية الصحافة والرأي وشجاعته في الدفاع عن القيم الديمقراطية على رغم التهديدات بأعمال العنف والموت" التي يتعرض لها، بحسب المسؤولين عن الجائزة.


التكريم الألماني للرسام الدانمركي بعد هذه السنوات الطويلة وبعد أن كاد الناس أن ينسوا إساءته، فيه امتهان للمسلمين واستخفاف بالأمة العربية والإسلامية وبشكل مخجل ومخز. لو أن ميركل توقعت ولو بنسبة ضئيلة أن موقفها غير الأخلاقي ولا المنطقي هذا سيكلف بلادها مصالح اقتصادية أو أن شحنات من النفط ستتأخر لأيام عن المصانع الألمانية لما تجرأت على هذا الاستفزاز الأخرق. الحديث عن حرية الرأي والشجاعة هنا حديث كاذب ويفتقر للأخلاق بحدها الأدنى، فالشجاعة لا تكون بانتهاك الحرمات الدينية لمليار ونصف من البشر. فهل تقبل ميركل بأن يقوم رسام باستعراض حريته من خلال رسوم تعرض تساؤلات عن "المحرقة"؟


تكريم ميركل لفيسترجارد فيه تحريض وتشجيع للفنانين والأدباء الغربيين والألمان على التجرؤ على المقدسات الإسلامية والسخرية منها، لينالوا الشهرة الإعلامية والحظوة لدى القيادات السياسية. كما إن في موقف المستشارة إساءة للمسلمين الألمان والأوربيين والتعامل غير المباشر معهم كمواطنين من الدرجة الثانية، فالإساءة لدينهم من الأمور التي تحظى برعاية وعناية الدولة وعلى أعلى مستوياتها. الحديث عن الحريات الصحافة والتعبير والديمقراطية تبدو كذبة فاقعة ونحن نرى أن الحلفاء الرئيسيين للغرب في العالم الإسلامي هم الأنظمة القمعية والدكتاتورية والتي تنوء بالفساد المالي والإداري.


الأمر المستهجن في هذه المسألة وشبيهاتها المواقف الهزيلة والضعيفة لعواصم عربية وإسلامية، بل وعلى العكس فإن ميركل إذا ما زارت عاصمة عربية ومن أجل تحقيق مصالح اقتصادية لبلادها لاقت كل ترحيب وأحيطت بأعلى رعاية وأرفع عناية. فهذا ساركوزي وبعد مواقفه من الحجاب حين كان وزيرا للداخلية، ومع وصفه للفرنسيين من أصل شمال إفريقي، بالرعاع وبعد حديثه غير اللائق عن البرقع –والذي يشكل زيا تراثيا لدول عربية- وبعد إلقائه حديثا في الكنيست الإسرائيلي فيه الكثير من الغزل والدجل، يستقبل استقبال الفاتحين بعواصم عربية وكبرى ويمنح أرقى وأرفع الأوسمة.


مواقف الدول العربية وخصوصا المعتدلة، تعطي ذخيرة حية "للمتطرفين"، وخصوصا أن المواقف الصارمة ولو اللفظية منها من الإساءات والتي تلقى صدى عن رجل الشارع العربي، تأتي من تلك التيارات. وبالتالي فإن جميع الحملات الإعلامية والتثقيفية والتي تريد التنبيه لخطر الفكر "المتشدد" تنهار مع مواقف الأنظمة الضعيفة و الغائبة أمام مسلسل الإساءات والإهانات والتي تستهدف الإسلام والمسلمين.


الأمر العجيب أن ميركل وفي ذات المناسبة نددت بعزم الكنيسة الأمريكية في فلوريدا إحراق نسخ من المصحف معتبرة الخطوة "عملاً غير مقبول إطلاقاً". وقالت المستشارة الألمانية "إذا كان هناك قس متطرف في الولايات المتحدة يريد أن يحرق المصحف في 11 سبتمبر فإنني أجد في ذلك نقص احترام وعملا مشينا وخاطئا". الملاحظ أن التنديد الغربي بمسألة حرق القرآن جاءت فقط بعد أن حذر بترايوس قائد القوات الأمريكية من خطورة الحدث على حياة الجنود الأمريكيين والغربيين في أفغانستان، وكأن دافع التنديد الغربي هو الحرص على حياة جنودهم وليس على مشاعر المسلمين ولا مقدساتهم. وإلا كيف نفهم هذا التناقض الصارخ في مواقف المستشارة الألمانية؟ بالإضافة إلى أن المواقف الغربية والتي تأخذ بالحسبان المشاعر الأفغانية فيما لا تلقي بالا بحلفائها في المنطقة، تضعف كثيرا بمصداقية تلك الأنظمة وبصديقتها وتعطي ذخيرة لمعارضيها لتجنيد الأتباع والنيل من شرعيتها.


ياسر سعد