تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : د. فوز الكردي بمواجهة أهل الطاقة والبرمجة



صرخة حق
07-10-2010, 01:37 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الاصول الدينية للاستشفاء والرياضة
بقلم د\ فوز الكردى


الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، والصلاة والسلام على إمام الأولين والآخرين محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .



وبعد ، فمن المعلوم أن الله سبحانه قد اصطفى نبيه واجتباه وأرسله برسالة الإسلام التي ختم بها الرسالات وقال : ] ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين [، ومن منطلق عقيدة ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم وختم الرسالات بالإسلام الذي أكمل الله به الدين وأتم به النعمة ورضيه للبشرية منهجاً إلى يوم الدين نذكر إخواننا المسلمين بضرورة الاستمساك بالدين والاعتصام بالكتاب والسنة ، والإقبال عليهما دراسة ، وتطبيقاً ، وتدبراً ،واستشفاءً للقلوب والعقول والأرواح والأبدان ، فبالاستمساك بهما يكون الوصول لكل خير والنجاة من كل شر ، قال صلى الله عليه وسلم: " تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً كتاب الله وسنتي " . وقاعدة الكمال في الدين مطردة في كل نواحي الحياة فما زالت كثير من الأبحاث العلمية والتربوية حتى اليوم تكشف عن جوانب الإعجاز في هذا الدين ، ومصادره العظيمة ، وشعائره المقدسة ، وهدي نبيه المصطفى الذي لا ينطق عن الهوى .


هذا وإن من أخطر ما يواجه الأمة اليوم من صور الغزو ذلك الغزو الفكري الذي يستهدف الدين والعقل مبتعداً عن طريق "المواجهة والمصادمة" منتهجاً منهج "المزاحمة" ؛ فتطبيقاته ومقترحاته تظهر في بداياتها متوافقة مع الدين ، تنصره وتؤيده حتى تأخذ مكانه في حياة الأفراد وبرنامجهم الحياتي وتصوراتهم وأفكارهم وعواطفهم وقيمهم مع مرور الزمان ، حيث ينصرف أفراد هذه الأمة عن منهج الكتاب والسنة رويداً رويداً أوتصبح مصادره العظيمة في مرتبة التابع والمؤيد لا في مقام الهادي والمرشد .



وعندها تفقد الأمة هويتها وتضل عن مقومات عزها ونصرها وتميزها . ومن ثم تصبح بقوة التلبيس واستغلال الخوف والقلق من مشاكل العصر الصحية والنفسية ملتفتة إلى مصادر الأديان الأخرى متبعة لنظريات الشرق والغرب القائمة على معتقداتهم ونظرتهم للكون والحياة والتي تبرز بشكل حلول عملية لكل المشكلات الصحية والنفسية والتربوية.



ويشمل هذا الغزو اليوم في حقيقته كثير من فلسفات المنطق اليوناني القديم ، وفلسفات وتطبيقات الفكر الصيني والهندي الروحية التي وجد كثير من الغربيين المتعطشين للروحانيات فيها ضالتهم بعد انغماسهم في الفكر المادي قرون . وتختلف طريقة انتشار هذا الفكر في المجتمع المسلم اليوم عن طريقة انتشاره قديماً ، فقد انتشر اليوم بصورة طرق وتقنيات متنوعة الصور والتطبيقات لا بصورة الفكر والفلسفة ، وتحمل هذه التطبيقات معها فكرها وعقائدها الدينية - غير معروفة عند الغالبية من المسلمين عامتهم وخاصتهم[1]- ومذاهبها الفكرية التي يتعارض أكثرها مع مقدسات ديننا وثوابت عقيدتنا ، وإن ظن جماهير من المجتمع المسلم أنها بصورها التطبيقية بعيدة الصلة عن الاعتقاد والفكر والفلسفة !!لكونها تتخذ من التدريب والرياضة والتغذية والاستشفاء وأمور الحياة المادية المختلفة شعارات تنطلق من خلفها !!

صرخة حق
07-10-2010, 01:39 PM
ماهي هذه الفلسفات والعقائد ؟ وكيف تتسلل اليوم إلى بلاد المسلمين ؟

كما سبق فقد دخلت هذه الوافدات الفكرية تحت شعارات برّاقة أبرزها : الصحة والسعادة . فهما من أهم مطالب الحياة الدنيوية المادية . ومن مظلات هذا الفكر وعناوينه : الاستشفاء البديل ، الطب البديل ، الطب التكاملي[2] ، التناغم مع الطبيعة ، اكتشاف الطاقة والقدرات ، الرياضات الروحية، التأمل التنويم ، الاسترخاء . وأسمائه الصينية واليابانية والغربية الأصلية : "الريكي" ،"التشي كونغ" ،"اليوجا"،"التاي شي شوان" ، "الماكروبيوتيك" وغيرها . وهذه التطبيقات هي في حقيقتها ممارسة عملية لأصول معتقدات أديان الشرق في الهند والصين والتبت من الهندوسية والبوذية والطاوية والشنتوية وغيرها ، التي تعتمد على نظرة خاصة للوجود ولعلاقة الإنسان بالكون حسب تصور منكري النبوات في الفلسفات الإغريقية والصينية .
ما حقيقة هذا الفكر الوافد ؟ وما المراد بفلسفة الطاقة ؟
ظاهر هذه التطبيقات خير محض فهي مجرد تدريبات للصحة والرياضة !! وملخص فلسفته كما يعرضها المروجون له من المسلمين : أن الله قد جعل في الكون "طاقة كونية " وجعل في الإنسان "طاقة قوة الحياة" التي تتدفق فيه من خلال جهاز خاص للطاقة يحتاج أبداً أن يغذى بالطاقة الكونية للسلامة من الأمراض البدنية المستعصية ، والوقاية من الاضطرابات النفسية والاكتئاب ، وللحصول على سعادة الدنيا والآخرة! لذا فكل إنسان بحاجة ماسة لتعلم هذه التطبيقات التي تعينه على تجاوز مخاطر الصحة والحياة لا سيما في زماننا الذي نعيشه بكل إفرازات الحضارة المادية من الاعتماد على المصنعات والكيماويات في الأغذية، ومن أنواع التلوث البيئي بسبب الحروب والأسلحة المدمرة ومخلفات الصناعة وغيرها .

أما باطن هذه الفلسفات وحقيقتها وأصولها فشرّ محض ؛ لأن فكرة "الطاقة الكونية " تقوم على فلسفة بديلة لعقيدة الألوهية ، فهي تعتمد على تصور خاص للكون والحياة وعلاقة الإنسان بالكون حسب تصور الطاوية (دين الصين القديم ) ونستعرض فيما يلي ملخصها من خلال معرفة أسس الفلسفة الطاوية .

ما هي أسس العقيدة الطاوية ؟
اعتقد الطاويون أن الوجود "كلٌ واحد "، وكل مافي الوجود هو "الطاو" ، ، فهو أصل كل الأشياء ، وإليه مرد كل الأشياء[3]، وكان لا هيئة له ولا تجسد ، ثم انبثق منه نقيضين "الين " و"اليانغ" ، أحدها الأصل الذي انبثقت منه الأشياء المتجسدة ذات الهيئة والشكل والصفات ، وهذا انقسم إلى "ين" و"يانغ" متناقضين في الخصائص كذلك وهما الشمس والقمر ، أما الآخر (نقيض المتجسدات ) فقد بقي على صفات "الكلي الواحد" وملأ الفراغ الذي في الكون ، وأسموه "الطاقة الكونية" .

ولكل شيء متجسد – والإنسان من المتجسدات - نصيب من غير المتجسد "الطاقة الكونية" يختلف بحسب تدربه وتطبيقه للتقنيات والوسائل التي تمده بأكبر قدر من هذه الطاقة الكونية . فهم يعتقدون أن كل مافي الكون هو تمثيل للطاو "الكلي الواحد" في ثنائية "الين" و"اليانج" وكل مافي الكون يسعى للموازنة بين "الين" و"اليانج" حتى يتحقق التناغم مع "الطاو" ويبقى الكل واحد .

وتطبيقات فلسفة الطاقة عندهم كلها تشير إلى الدور الذي تلعبه القوى الثنائية المختلفة في الكون. فـ "الين" يمثل القمر والأنوثة والسكون والبرودة ، و"اليانج " يمثل الشمس والذكورة والحركة والحرارة . ويمثل "الطاو" التوازن المثالي بين هاتين القوتين والتكامل بين النقيضين الذكر والأنثى، والموجب والسالب . وتسري هذه الثنائية في كل شيء فجلد الإنسان يغلب عليه "اليانج" وداخله "ين" وهكذا كل أعضاءه الداخلية خارجها يغلب عليه "اليانج" وداخلها "ين" ، وكذلك الأغذية وسائر الموجودات يغلب عليها إما "الين" أو "اليانج" .

وتتم تغييرات قوى "الين" و"اليانج" في الكون من خلال العناصر ( الأطوار ، القوى ، مجالات الطاقة) الخمسة : الخشب والنار والأرض والمعدن والماء . فكل ما يحدث في الكون يمكن ربطه بالتوازن بين "الين" و"اليانج" أو بالعناصر الخمسة التي تعمل على شكل حلقة متكاملة كل عنصر يخلق عنصراً ويدمر آخر فيما بينها لإيجاد توازن "الين" و"اليانج".

ويزعمون أنه كلما حرص الإنسان على توازن "الين" و"اليانج" في تغذيته وفي سائر أمور حياته كان في صحة وسعادة وقوة وحيوية قد تصل به لأن يتحد بـ "الطاو" أو يتناغم معه .

ويختلف اسم "الطاو" (Tao) - أو"الطاقة الكونية" المنبثقة عنه والباقية على حالته- حسب اللهجات أو الفنون أو اللغات فيدل عليه كذلك اسم "كي" (Ki) المستخدم في تطبيقات "الريكي" ، واسم "تشي") (Chi- Qiالمستخدم في تطبيقات "تشي كونغ" وغيرها ،وهو "الماكرو" (Macro) عند مفكري الماكروبيوتيك،وهو"البرانا" Prana) (عند الهندوس وممارسي التنفس العميق . وهو "مانا " (Mana) عند معتقدي الهونا[4].

كما زعموا أن الصينيين القدماء قد اهتموا بهذه الطاقة الحيوية ، واكتشفوا جهاز الطاقة في الإنسان واستخدموا فلسفة الطاقة في طبهم ورياضتهم وغذائهم فأثبتت نتائج تدعونا _ والحكمة ضالتنا ! _ أن نسارع لتعلمها لنـزيد إلى حسن ما عندنا حسن ماعند الآخرين !

كذلك زعموا أن "جهاز الطاقة " وطاقة قوة الحياة موجودان لدى كل إنسان ولكن في جسمه الأثيري ، ومن خلال منافذ الطاقة في الجسم الأثيري يتم تدفق الطاقة الكونية الضرورية لتغذية وتنمية طاقة قوة الحياة في جسم الإنسان فيعيش سليماً من الأمراض ، روحانياً سعيداً .

صرخة حق
07-10-2010, 01:40 PM
ماهي حقيقة الجسم الأثيري ؟ وماهي الشكرات ؟ وكيف يعمل جهاز الطاقة في جسمنا ؟


هذه الفلسفات بأصولها الشرقية والإغريقية الدينية القديمة وتطبيقاتها الشرقية والغربية الحديثة تعتمد على إثبات ما يسمونه بالجسم الأثيري[5] ، وهو كما يزعمون أحد الأجسام وفق نظريتهم في الأجسام السبعة ، وفيه تقع منافذ الاتصال بالطاقة الكونية وتسمى هذه المنافذ" الشكرات"[6](Chakras) التي تكوّن مع "الناديات" مسارات الطاقة ما يسمى بجهاز الطاقة في الجسم الأثيري لكل إنسان .


وهذه "الشكرات" هي بؤرة طاقة الحياة لدينا حيث تمثل ممراً لدخول وحركة طاقات أجسامنا البدنية والعاطفية والعقلية والروحية ، ومن خلال الناديات - ( مسارات الطاقة ) الموزعة على سائر الجسم الأثيري بصورة مطابقة تقريباً لتوزيع الأعصاب في الجهاز العصبي في الجسم البدني- يتم تدفق الطاقة الكونية إلى سائر أعضاء الجسم .



ويتكون نظام الشكرات - بزعمهم- لدى كل إنسان من سبع[7] شكرات رئيسة هي مراكز للطاقة مرتبة على طول قناة الكونداليني (Kundalini) التي تمتد من قمة الرأس إلى نهاية العمود الفقري أو العصعص . وكل "شكرة "أشبة ماتكون بمكان التقاء قمع طاقة حلزوني دوار بالجسم الطبيعي (الجسد أو البدن ) ، ولهذه الطاقة خواص منها تنشيط المساحة المحيطة بها ووظائف أخرى محددة لصحة الأعضاء الرئيسة في الجسم والحالات النفسية العامة .



ولكل "شكرة" إله خاص بها ذكر أو أنثى (صنم أو طاغوت ) [8] ، ولون خاص ، ونوع من الأحجار الكريمة ، ونوع من الروائح ، ونوع خاص من المانترا ( كلمة معينة واحدة تردد نحو : سونج ...سونج ، أو أوم ...أوم .. )[9] كما أن لها خصائص أخرى إذا ما عرفها كل إنسان وراعاها أمكنه الوصول للسمو والنرفانا والنجاة بعد الممات من جولان الروح والاتحاد بالكلي الواحد !



ويزعمون أن معرفة ذلك كله تعين الإنسان على المحافظة على توازن صحته وشفائه من الأمراض المستعصية واستقراره النفسي ، ونشاطه العقلي ، وحيويته ، بل تتعدى ذلك عند أهل ديانات الشرق لتكون أمراً مهماً في خلاصه ونجاته من جولان الروح "التناسخ"‍‍ .



ولهذه الشكرات تدريبات خاصة لضمان استمرار تدفق الطاقة الكونية فيها _بزعمهم _ سواء للوقاية والسعادة والحيوية للأصحاء ، أو للمعالجة والاستشفاء والصحة للمرضى ، وتعقد من أجل التدريب عليها دورات متنوعة [10]هدفها التدريب على مهارات الاسترخاء ورياضات كل فن من هذه الفنون ، ومساعدة الناس على الاستشفاء من خلال جهاز الطاقة في أجسامهم .

صرخة حق
07-10-2010, 01:42 PM
ما علاقة "التنويم "، و"السمو" بهذه الفلسفة ؟ وما علاقتها بالعقيدة ؟



تسعى هذه التطبيقات المعتمدة على فلسفة الطاقة في كثير من تمارينها لتدريب الناس على ما يسمى بالاسترخاء أوالتنويم بهدف الوصول للراحة ، والاستشفاء ، والوقاية من الأمراض بمختلف صورها –كما يزعمون – بالإضافة إلى إمكانية تغيير قناعات "ومعتقدات" خاصة بعيداً عن سيطرة العقل!!! . كما يستخدم هذا التنويم كأسلوب علاجي للمرضى[11] ، أو وقائي للأصحاء بهدف التخلص من الضغوط والوصول لمرحلة "النرفانا " . وفي التنويم يقصد التعامل مع حالات "الوعي المغيرة" وهي الحالات التي يحدث فيها خروج عن سيطرة العقل الواعي يصل لها الشخص بطرق كثيرة منها التأمل التجاوزي والتنفس العميق واتباع حميات غذائية خاصة ، وعند أهل ديانات الشرق بالانهماك والتركيز في الرياضات الروحيه التأملية التي تؤهل صاحبها لأن يتصف بصفات لا تكون إلا " للآلهة "فيصبح الإنسان المتنور "بودا" ، وهي غاية ما يريده البوذي والهندوسي من تأملاته ”عباداته“ . وهذه المرحلة تسمى مرحلة " السمو" عند مفكري "الماكروبيوتيك "حسب مستويات حالات الإنسان التي وضعها أحد أبرز شخصيات هذا الفكر الوافد الياباني "جورج أوشاوا ". ويسميها ممارسو التنويم مرحلة "النشوة " Trance [12]، وهي عند ممارسي "التشي كونغ" مرحلة "الخلاء " Emptiness



وقد بينت دراسات علمية أن القبائل البدائية – بلا دين- كانت تسعى دائماً للدخول في حالات الوعي المغيرة بطريق ترديد ترنيمات خاصة أو الدوران بصور رتيبة . وهي التي أرادها أو وجدها المتصوفة في مرحلة ”الفناء“ أو "السكر" من خلال سماعاتهم الخاصة أو خلواتهم أو أذكارهم البدعية ، فقد كانت تعتري كثيرين منهم حالات شبه إغماء أسموه سكراً أو فناء وثبت على كثير منهم فيها شطحات أوصلت بعضهم للكفر ا.

صرخة حق
07-10-2010, 01:46 PM
كيف كان موقف مجتمعنا المسلم من هذه التطبيقات الوافدة ؟

لما كانت الأصول العقدية لهذا الفكر الوافد مجهولة لدى أغلب المسلمين ، ولما كان الظاهر منها برّاقاً يحمل الخير والحل لمشكلات الصحة المستعصية ، فقد انبرى لهذه العلوم تعلّماً وممارسة وتدريباً فريق من أهل الإسلام - ممن ظاهرهم الخير والله حسيبهم – بدعوى زيادة العلم، وتتبع الحكمة ! على حين غفلة عن المنهج الحق الذي يبينه حديث رسول الله e الذي غضب فيه على الفاروق عمر عندما ظن مثل ظن هؤلاء في القصة المشهورة التي يحكيها أحد الصحابة رضوان الله عليهم قال : كنت جالساً عند عمر إذ أتي برجل من عبد القيس مسكنه بالسوس ، فقال له عمر : أنت فلان بن فلان العبدي ؟ قال : نعم ، فضربه بعصا معه ، فقال الرجل : مالي ياأمير المؤمنين ؟ فقال له عمر : اجلس ، فجلس فقرأ عليه: بسم الله الرحمن الرحيم ] آلر .تلك آيات الكتاب المبين .إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون.نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين[ فقرأها عليه ثلاثاً وضربه ثلاثاً ، فقال الرجل : مالي يا أمير المؤمنين ؟ فقال: أنت الذي نسخت كتب دانيال ، قال : مرني بأمرك أتبعه ، قال : انطلق فامحه بالحميم والصوف الأبيض ، ثم لا تقرأه أنت ولا تقرئه أحداً من الناس ، فلئن بلغني عنك أنك قرأته أو أقرأته أحدا من الناس لأنهكنك عقوبة . ثم قال له : اجلس ، فجلس بين يديه ، قال : انطلقت أنا فانتسخت كتاباً من أهل الكتاب ، ثم جئت به في أديم ، فقال لي رسول الله e : "ماهذا الذي في يدك ياعمر؟" فقلت: يارسول الله كتاب نسخته لنـزداد علماً إلى علمنا ، فغضب رسول الله e حتى احمرت وجنتاه ، ثم نودي بالصلاة جامعة ، فقالت الأنصار : أغضب نبيكم e السلاح السلاح ، فجاؤوا حتى أحدقوا بمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال e : " ياأيها الناس ، إني قد أوتيت جوامع الكلم وخواتمه واختصر لي اختصاراً ، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية ، فلا تتهوكوا ولا يغرنكم المتهوكون " قال عمر : فقمت فقلت : رضيت بالله رباً ، وبالإسلام ديناً ، وبك رسولا ، ثم نزل رسول الله e . كما حذر عليه الصلاة والسلام من خطر تتبع وافدات الفكر فيما يروى عنه :"كفى بقوم حمقاًًًًًًًً _ أو ضلالا _ أن يرغبوا عما جاء به نبيهم إلى ما جاء به نبي غير نبيهم أو كتاب غير كتابهم "


ما الخطر العقدي لهذه الوافدات ؟ وهل يمكن الاستفادة من خيرها وتوقي شرها ؟

من خلال الدراسة المستفيضة لهذه التطبيقات والأفكار الوافدة تبين بما لايدع مجالا للشك :

صلتها بأديان الشرق عموماً ، والطاوية والهندوسية والبوذية خصوصاً . فالشكرات أصل مهم في معتقدات الهندوسية ، والبوذية ، والطاوية ، والشنتوية وكثير غيرها من أديان الهند والصين ، والتبت كما أنها أصل في كثير من التطبيقات الرياضية والاستشفائية كـ"الريكي" ، و"التشي كونغ" ، و"اليوجا" و"الماكروبيوتيك"[13]و"التاي شي". بل وتدخل فلسفتها في تطبيقات التصميم والديكور"الفونغ شوي". وعليها يعتمد مبدأ الاستشفاء بالأحجار الكريمة ،والأشكال الهندسية والألوان والروائح ، والإبر الصينية. وهذا ما جعل أستاذ علم الاجتماع
Douglas K Chung.Dr بإحدى جامعات ولاية ميتشغان الأمريكية يقول :”كثير من الناس يمارسون " الشي كونغ" والتاي شي شوان" ، والإبر الصينية يومياً دون أن يعرفوا أنهم يمارسون الطاوية “ .
كثير منها أصله فكرة وحدة الوجود التي قال بها الصوفية الغالية ، أو يوصل إليها ؛ فالدعوة للوصول للنرفانا عند ممارسي التنويم ، والدعوة للاتحاد بالعقل الكلي عند مدربي الريكي ليست بعيدة عنها وإن لم يدرك هذا مشجعوها من المسلمين .

· لفلسفتها صلة ظاهرة بكثير من أفكار ونظريات فلسفة الإغريق في نظرية العقل الكلي ، وطبائع الكواكب والنجوم الروحانية وتأثيرات قواها على الكون والإنسان .
· لكثير منها علاقة بأديان غربية حديثة: كالمهاريشية ، ودين "الموحدين الخلاصيين" و"الإنسانيين العلمانيين"[14]، واتباع مذهب "العلمولوجيا" وحركة الوثنية الجديدة (النيو إييج) "العمر-العصر- الجديد" التي تدعو في جملتها لإنكار الخالق ، وإثبات كلي واحد يتم الوصول له ، والاتحاد به بطرق منها توزان ثنائيات في الحياة ، ومنها التأمل التجاوزي الارتقائي ، وتدريبات الطاقة ونحوها .

· لها صلة وثيقة بالمعتقدات التي برزت مؤخراً في أمريكا والغرب لإحياء للتراث الفكري الوثني القديم كالهونا والويكا والدرودية والشامانية ومعتقدات الهنود الحمر ، التي تنادي بفكرة "أمنا الأرض" ، وتتمركز حولها (Earth centered religon) وتتبنى فكرة الطاقة الكونية .

· كثير منها يحمل في طياته من فكر دعاة وحدة الأديان ، ومذاهب النفعية والإلحاد شيئاً كثيراً.

· لايخلو كثير من تطبيقاتها من تشبه بعبادات أهل الجحيم وعاداتهم ، كما في وضعيات استرخاء اليوجا التي هي عصب هذه التطبيقات ، أو ادعاء القدرات الخارقة كالمشي على النار أو المسامير مما عُرف به نساك الهندوس ( الفقير الهندي ).

تهدف كثير من تطبيقاتها وملحقاتها لتعظيم شأن الإنسان وقدراته بصورة مبالغ فيها قد تصل لتربية ما يسمي عند أصحاب مذهب القوة "مذهب نيتشه"بالرجل السوبرمان الذي لا يحتاج بعد كل هذه القدرات لفكرة اعتقاد إله ، فهو وحده يملك أمر صحته ومرضه، وسعادته وشقائه .وإن مسه خير قال : إنما أوتيته على علم عندي .




رموز صلى الله عليه وسلم بعد الرسول ورضي الله عنه بعد الصحابة : لا تظهر فالسموحة لي بأني لن أعدل

صرخة حق
07-10-2010, 01:48 PM
ومن هنا فإن خطر هذه الوافدات مدلهم ، وفتنتها عظيمة . والشر الذي تجمعه وتدل عليه كثير متشعب ، وعلى الرغم من محاولات كثيرين من الحريصين استخلاص ما فيها من خير بعيداً عن لوثاتها العقدية إلا أن هذه المحاولات باءت وستبوء بالفشل - وإن لم يعترف بذلك أصحابها ومدربوها - فمصادمة هذه الفلسفات وتطبيقاتها للعقيدة إنما هو في الأصول التي تقوم عليها لا في بعض التطبيقات الهامشية التي قد يدعي البعض إمكانية التحرز منها . ثم أن المنهج النبوي الذي وعاه عمر t ووعاه الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين ؛ منهج وجوب مخالفة أصحاب الجحيم (اليهود والنصارى وغيرهم من أهل الديانات والوثنيات والمعتقدات المخالفة للدين ) يحتم علينا -إن أردنا صلاح حالنا وسلامة مآلنا - اتباعه بالإقبال على الكتاب والسنة ، فما تركا من خير إلا وفيهما دلالة عليه ولا شر إلا وفيهما تحذير منه ، واليقين بهذا من مقتضيات فهم كمال الدين وتمام بلاغ خاتم المرسلين ، فهذا حبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما يحذّر :" من أخذ رأياً ليس في كتاب الله ولم تمض به سنة رسول الله لم يدر على ماهو منته إذا لقي الله ".


وانطلاقاً من مسؤولية تخصصي العلمي كباحثة في مجال العقيدة والأديان والمذاهب المعاصرة ، ومن دراستي البحثية المقارنة المتخصصة لأصول الإيمان بالغيب ؛ أهيب بإخوة الدين بدافع الغيرة على الدين وحماية جناب التوحيد أن يحذروا خطورة هذا الطريق ومزلقه السحيق .


ما الواجب علينا بعد هذه المعرفة ؟ وماهي منهجية التعامل مع الأفكار الوافدة ؟


يمكن تلخيص الإجابة في نقاط :


أولا : الواجب علينا تتبع الحكمة ، والاستفادة من كنوزها ، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أولى بها ، ولكن حذار من الفهم السقيم لهذه المقولة الصحيحة الذي تتخذ مسوغاً لتلقف كل باطل ، فليس كل ما ادُعي أنه حكمة يكون كذلك . والحكمة ، بل معين الحكمة بين أيدينا محفوظ بحفظ الله ، مشهود له بشهادة الله ، فلنقبل عليه ، وسنجد فيه كل حكمة ونحن أولى الناس بالحكمة ؛ ولنتحرى متابعة الكتاب والسنة والتعرف على كنوزهما فمتابعة هدي رسول الله e في مأكله ومشربه وحياته واستشفائه وما زخرت به سنته من أقوال وأفعال هي الطريق الصحيح الحكيم والوحيد لسعادة الدنيا والآخرة .



ثانياً : الحذر من مخالفة الكتاب والسنة فمآل المخالفة -وإن استصغرها صاحبها- وخيم، قال ابن مسعود t : " لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ". و قال الإمام ابن تيمية : "المخالفة تجر أولا للبدعة والضلال ، وآخراً إلى الكفر والنفاق ، ويكون لصاحبها نصيب من قول الله تعالى: }ويوم يعض الظالم على يديه يقول ياليتني اتخذت مع الرسول سبيلا{ "



ثالثاً : الحذر من تشرّب هذه الوافدات حرصاً على النجاة في الآخرة واحتياطاً للدين فهو أعظم نعمة نتنعم بها ، وكل ذي نعمة محسود ، قال تعالى : } ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم { وقال سبحانه : }ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء { . ومن هذا المنطلق أوصى الإمام ابن تيمية تلميذه ابن القيم فقال : " لا تجعل قلبك للإيرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها ، فلا ينضح إلا بها ، ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة ، تمر الشبهات بظاهرها ، ولا تستقر فيها ، فيراها بصفائه ، ويدفعها بصلابته ، وإلا فإذا أشربت قلبك كل شبهة تمر عليه صار مقراً للشبهات " .

رابعاً : الصدق وإيضاح حقيقة الأمر لمن تطلب فتواهم بشأن شيء وافد مما ذكر هنا أو مما قد يستجد فأقترح أن يعرض هذا البيان على طلبة العلم الشرعي والدعاة وأئمة المساجد قبل طلب الفتوى منهم بشأن ما أشكل من هذه التطبيقات – لمن يريد التأكد أكثر!- فالحكم على الشيء فرع عن تصوره . وأذكّر بأن حقيقة الحرام وما يتبعه من إثم لا تتغير لخطأ عالم في فتوى ، وكما قيل : من تتبع زلات العلماء فقد جمع الشر كله .

خامساً : الحذر من دعاوى الانتفاع والاستفادة من مثل هذه التطبيقات فليس كل سبب ينتفع به يجوز الأخذ به ؛ ولسنا من اتباع مذهب الذرائعية النفعية ، فالربا قد يكون وسيلة تحصيل مال في الدنيا إلا أنه سبب محرم ، والخمر والميسر فيهما منافع للناس بنص كتاب الله : }يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما { فلا اعتبار لنفعهما من المنظور الشرعي .

صرخة حق
07-10-2010, 01:49 PM
ثم إنه ليس كل ما يظن أنه سبب يكون سبب على الحقيقة ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في وصف المهتدين في باب الأسباب والمسببات : "ولا يعملون بما حرمته الشريعة ، وإن ظن أن له تأثيراً ، فدعاء الله وحده لا شريك له دل الوحي المنـزل والعقول الصحيحة على فائدته ومنفعته ، ثم التجارب التي لا يحصي عددها إلا الله فتجد المؤمنين قد دعوا الله وسألوه أشياء أسبابها منتفيه في حقهم ، فأحدث الله لهم تلك المطالب على الوجه الذي طلبوه على وجه يوجب العلم تارة والظن الغالب أخرى . وبالجملة فالعلم بأن هذا كان هو السبب أو بعض السبب ، أو شرط السبب ، في هذا الأمر الحادث قد يعلم كثيراً ، وقد يظن كثيراً ، وقد يتوهم كثيراً وهماً ليس له مستند صحيح ، إلا ضعف العقل" ، وقال عن الضالين في هذا الباب : " والضالون يتوهمون من كل ما يتخيل سبباً ، وإن كان يدخل في دين اليهود والنصارى والمجوس وغيرهم والمتكايسون من المتفلسفة يحيلون ذلك على أمور فلكية، وقوى نفسانية ، وأسباب طبيعية يدورون حولها ، لا يعدلون عنها!"

وهمسة في أذن من ساروا وراء بريق شعارات تطبيقات هذا الفكر عن حسن نية ونبيل قصد : هذه حقائق هذا الفكر وأصوله فابتعدوا بأنفسكم عنه وتجنبوا استخدام ألفاظه ومصطلحاته، وقفوا عن محاولات طبع وافدات الشرق والغرب بطابع الدين (أسلمتها) عن طريق الاستدلال عليها بالنصوص الشرعية[15] فإنما هي أمور اختلط فيها الحق بالباطل ، وامتزج فيها بعض النفع الدنيوي المظنون بالضرر الديني الأخروي المتيقن ، وأدلة الشرع الحكيم لا تدعو إلا إلى الخير المحض ، كما أن الاستدلال بالآيات على معان جديدة ومصطلحات محدثة يحتاج ملكة فهم قوية ، وعلم بالأصول والمقاصد ، وقدرة على القياس وغير ذلك مما هو من شروط المفسر لكتاب الله قد لا تملكونها فيكون قولكم افتراء على الله ، قال ابن تيمية :" إذا ذكر أحد معنى صحيحاً دل عليه الكتاب والسنة وذكر له لفظاً محدثاً وزعم أن هذا اللفظ معناه ذلك المعنى الصحيح فالأمر حينئذ لايعدو أن يكون : أن يقال إن ذلك المعنى مراد بهذا اللفظ ، فهذا افتراء على الله . أو أن يجعل ذلك من باب الاعتبار والقياس لامن باب دلالة اللفظ ، وهو الذي يسميه الصوفية إشارة وهذا ينقسم إلى صحيح وباطل" والصحيح منه ماكان عن ملكة فهم وبراعة علم واجتهاد وتوفيق من الله للمراد . فاحذروا حتى لاتكونوا من حيث لا تقصدوا دعاة للشرك أو مسوغين له وقد وقع في هذا كثير من أهل الفلسفة والكلام من المسلمين في قرون مضت ، نبّه الإمام ابن تيمية لخطئهم فقال : " كذلك كانوا في ملة الإسلام لا ينهون عن الشرك ويوجبون التوحيد بل يسوغون الشرك أو يأمرون به أو لا يوجبون التوحيد ... كل شرك في العالم إنما حدث برأي جنسهم إذ بنوه على ما في الأرواح والأجسام من القوى والطبائع وإن صناعة الطلاسم والأصنام لها والتعبد لها يورث منافع ويدفع مضار فهم الآمرون بالشرك والفاعلون له ومن لم يأمر بالشرك منهم فلم ينه عنه ".

ووصية عامة للجميع : لا تغوصوا في دراسة هذه الفلسفات ولو كان لهدف تبين حقيقة الباطل فيها أو محاولة أسلمتها ، فهي معروضة في المراجع العربية بصورة مشوشة أو مدلسة ، ومليئة بأخطاء الترجمة ، وفي المراجع الغربية بصورة قد تلبس على القارئين كثيراً مما يعرفون ، ومن الصعب على غير المتخصص في الأديان أن يميز مرامي مصطلحاتهم وأبعادها العقدية .

والمنهج الصحيح في معرفة الحق من الباطل هو اتباع الكتاب والسنة فالحق ما دلا عليه والباطل ما خالفهما .

صرخة حق
07-10-2010, 01:51 PM
هذا وإنني قد بذلت جهدي - في هذا الملخص وفي دورة الفكر العقدي الوافد ومنهجية التعامل معه - لبيان الحق والتحذير من الباطل من خلال المعارف الإيمانية والحجج الشرعية من الكتاب والسنة مع بعض المناقشات العلمية بما ثبت بالمنهج التجريبي الصحيح مسترشدة بفعل السلف – رحمهم الله- فقد هجر الإمام أحمد الحارث المحاسبي عندما رد على المبتدعة بعلم الكلام وقال له : "ليس السنة أن ترد عليهم ولا يناظرون ، إنما السنة أن يخبروا بالآثار والسنن . فإن قبلوها وإلا هجروا في الله " وقال أيضا : "إذا رددت عليهم بعلم المعقول والجدل ألجأتهم إلى رد ما جئت به بالقياس والجدل فيكون سبباً لرد الحق" .كما أن دراسة هذه الأفكار قد تلبّس الحق على الدارس نفسه ، ولهذا حذر السلف من مجالسة أهل الضلالات والأهواء :"لا تجالسوا أهل الأهواء ،فإني أخشى أن يلبسوا عليكم دينكم أو يغمسوكم في ضلالتهم".

وأحسب أن بيان هذه الأصول التي أوردتها هنا كافية لتيقظ من في قلبه إيمان للفرار إلى الله توبة ، وإلى دينه اعتصاماً ، وعن أهل الجحيم خشية التشبه بهم واعتقاد فاسد دياناتهم والحشر من ثم معهم قال شيخ الإسلام ابن تيمية :”ولم أكن أظن أن من وقر الإيمان في قلبه ، وخلص إليه حقيقة الإسلام، وأنه دين الله الذي لا يقبل من أحد سواه – إذا نبه على هذه النكتة– إلا كانت حياة قلبه ، وصحة إيمانه توجب استيقاظه بأسرع تنبيه ، ولكن نعوذ بالله من رين القلوب وهوى النفوس اللذين يصدان عن معرفة الحق واتباعه ”

وفي الختام :
أحمد الله العظيم الذي يسّر كتابة هذا الملخص ، ولم يكلف عباده إلا بالبلاغ وهداية الإرشاد والدلالة أما الإقناع ، وهداية التوفيق فأسأله سبحانه أن يمن بها على إخواننا المفتونين ..

ألا هل بلغت اللهم فاشهد
وأوصي الجميع ونفسي بتقوى الله ومتابعة هدي رسول الله e .

ولنردد بقلب يملؤه التضرع والرجاء :
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك .
اللهم إنا نعوذ بك من الفتن ما ظهر منها وما بطن .
ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب .
ولنردد بقلب ملؤه الفرح بعظيم منة الله علينا بالإسلام :
رضينا بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد e رسولا ونبياً
ومع كل صباح لنتذكر أن عندنا وصفات صحيحة صادقة ، وموعودات حقة أكيدة تحتاج منا إلى تتبع والتزام ، والله سيرعانا ، ويحفظنا ، ويملأ حياتنا سعادة وحبوراً مع ما ينتظرنا عنده ...." إذاً تُكفى همك ويغفر ذنبك ". هذا وبالله المستعان وعليه التكلان.

تم نشر هذا المقال بصورته الأوليه كاملا في مجلة المجتمع في العدد ( 1550)

بتاريخ 9-15 ربيع أول 1424هـ

من هناك
07-10-2010, 03:13 PM
جزاك الله خيراً على هذا النقل المهم. إن الأمر السيء عندنا ان الناس تأخذ كل شيء كما هو بدون تمحيص او تفكر. مرة يضحكون على الناس بالبرمجة العصبية ومرة يضحكون عليهم بالريكي ومرة اخرى بأحجار تايلاند الزرقاء السحرية ومرة بالتدريب والتطوير البشري.

إن المجتمعات الفارغة رؤوسهن شوامخ

صرخة حق
07-12-2010, 10:40 PM
أشكرك أخي بلال على المرور الطيب

صرخة حق
07-12-2010, 10:42 PM
(ماحقيقة طاقة الاسماء الحسنى)
بقلم د فوز كردي
• ما رأيكم فيما يشاع كثيراً عن طاقة الأسماء الحسنى ؟

أن ما يروج من دراسات المهندس إبراهيم كريم – هداه الله - من هذه الأمور ونحوها إنما هو إحياء لفلسفة "الفينج شوي" الوثنية المستمدة من المعتقدات الفرعونية والفلسفات الشرقية الملحدة بما أسماه علم "البايوجوماتري" أو علم "الهندسة الحيوية" الذي يدعى فيه الكشف عن طاقة حيوية روحية . وهو علم قد يلبس بعض النظريات العلمية أو الحقائق الشرعية والنصوص كلباس على جسم باطل فالطاقة المقصودة ليست الطاقة الحرارية ، ولا الكهربائية وتحولاتها الفيزيائية والكيميائية المختلفة سواء الكامنة منها أوالحركية أو الموجية ، وليس كذلك ما يعبر عنه بـ"الطاقة الحيوية الانتاجية" أو"الطاقة الروحية" التي نفهمها من نشاط للعمل والعبادة واحتساب الأجر وعظيم التوكل على الله ونحو ذلك .

إن الطاقة المرادة هي "الطاقة الكونية" حسب المفاهيم الفلسفية والعقائد الشرقية ، وهي طاقة عجيبة يدّعون أنها مبثوثة في الكون وهي قوة الحياة فيه ، وهي عند مكتشفيها ومعتقديها من أصحاب ديانات الشرق متولدة منبثقة عن "الكلي الواحد" الذي منه تكوّن الكون وإليه يعود ، ولها نفس قوته وتأثيره ؛ لأنها بقيت على صفاته بعد الانبثاق عنه (لا مرئي ، ولا شكل له ، وليس له بداية ، وليس له نهاية ) بخلاف القسم الآخر الذي منه تجسّدت الكائنات والأجرام.

وهذه الفلسفة في حقيقتها هي عقيدة وحدة الوجود بتلوناتها المختلفة " العقل الكلي ، الوعي الكامل ، الين واليانج " . أما المروجون لها من أصحاب الديانات السماوية ومنهم المسلمون فيفسرونها بما يظهر عدم تعارضه مع عقيدتهم في الإله ، فيدّعون أنها طاقة عظيمة خلقها الله في الكون ، وجعل لها تأثيراً عظيماً على حياتنا وصحتنا وروحانياتنا وعواطفنا وأخلاقياتنا ، ومنهجنا في الحياة ! علماً بأنه ليس لها من علم صحيح يؤيدها ؟! ( ولازم هذا القول خطير ففيه اتهام الشريعة الخاتمة بالنقص إذ لم تخبر عن هذه الطاقة نصوصها ، أو اتهام المصطفى بالتقصير في البلاغ وحاشاه ) .

ولما كانت هذه الطاقة غير قابلة للقياس بأجهزة قياس الطاقة المعروفة ، فقد ادّعى قياسها بواسطة أجهزة خاصة مثل "البندول"، فبحسب اتجاه دورانه تُعرف الطاقة ويحدد نوعها سلبية أوإيجابية ، وبعضهم يستخدم "كاميرا كيرليان" التي تصور التفريغ الكهربائي أو التصوير "الثيرموني" ، أو تصوير شرارة "الكورونا" ، أو جهاز الكشف عن الأعصاب ويزعمون أن النتائج الظاهرة هي قياسات "الطاقة الكونية" في الجسد !! في محاولة منهم لجعل "الطاقة الكونية" الميتافيزيقية شيئاً يقاس وكأنها علم اكتشف كالطاقة الفيزيائية التي يعرفها الناس فلتلبس لبوس العلم ، وتوحي ببعدها عن المعاني الدينية والفلسفات الوثنية، مستغلين جهل أغلب الناس بهذه الأجهزة وحقيقة ما تقيس .

ومن ثم فهذه الطاقة المسماة "الطاقة الكونية" لا يعترف بها العلماء الفيزيائيون فليست هي الطاقة التي يعرفون ، ولا يعترف بها علماء الشريعة والدين ، فليست الطاقة التي قد يستخدمونها مجازاً بمعنى الهمة أو الإيمانيات العالية ونحوه ، إذ كلا الطاقتين لاعلاقة لها بطرائق الاستمداد التي يروج لها أهل "الطاقة الكونية" ، وهي عقائد أديان الشرق وبخاصة الصين والهند والتبت وهي ما يروج له حكمائهم الروحانيين وطواغيتهم قديماً وحديثاً .ويمكن متابعة تفاصيل هذا الأمر في موقع www.alfowz.com (http://www.alfowz.com/) ( الفكر العقدي الوافد ومنهجية التعامل معه ).

والمتصفح لموقع ابراهيم كريم على الشبكة العنكبوتية يجد أنواع الشرك والوثنية تحت دعاوى الطاقة الكونية : سجادة ذات طاقة خاصة لحماية أهل البيت من الأمراض ، أقراط حدوة الفرس لزيادة طاقة الجسم على مقاومة الأمراض ، الاهتمام بأسرار الأهرام والأشكال الهندسية لزيادة الطاقة الروحية لأهل المنزل وهكذا مما لم يثبت بعقل صحيح ويتنافى مع النص الصريح .

هذا وقد صدرت فتوى من اللجنة الدائمة في حكم ما ادعاه من أسرار الطاقة في الأسماء الحسنى وطرق استخدام طاقة كل اسم بحسب أسراره وأسرار حروفه في علاج الأمراض أرفق لكم نسخة منها . وقد يكون هذا المهندس يقصد نصرة الدين ، وحقيقة ما يفعله خذلانه كما ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية عن فلاسفة عصره الذين أدخلوا مفاهيم الفلسفة اليونانية بقصد خير فقال : " ومنهم من لم يقصد اتباعها ولكن تلقى عنها أشياء يظن أنها جميعها توافق الإسلام وتنصره . وكثير منها تخالفه وتخذله " ثم أكّد خطرها على الدين فقال : " كل شرك في العالم إنما حدث برأي جنسهم إذ بنوه على ما في الأرواح والأجسام من القوى والطبائع " .

ونحن بهذا لا ننفي ماللأسماء الحسنى من الفضل فقد قال تعالى ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها أما زعم طاقة شفائية خاصة لكل اسم حسب حروفه وحسب أسرار وشيفرات الكهان والمشعوذين فلا والله الموفق . ولايخفى على القراء الأفاضل أن الأمر الثاني ( أن الدعاء بها له أثر في الشفاء) حق أما الأول ( لكل اسم طاقة شفائية خاصة ) باطل في نفسه خطير فيما يقود إليه من الإيمان بهذه الطاقة الفلسفية المزعومة وتتبع فلسفاتها وطرق الحصول عليها الأخرى التي تقود إلى الإلحاد في جملتها عياذا بالله .

ونص الفتوى موجود على موقع إسلام أون لاين مع تعليق منهم وهو :

( إن ما ورد من مزاعم بأن لكل اسم من أسماء الله الحسنى طاقة لشفاء الأمراض إنما هو من باب الكذب والدجل، وليس لهذا الكلام أي أساس شرعي، ولا أدري كيف عين هذا الدكتور لكل اسم من أسماء الله الحسنى الشفاء من مرض معين،ولا أدري ما هي العلاقة التي تربط اسم الله الهادي مع المثانة، وما العلاقة التي تربط بين اسم الله الباري وبين البنكرياس، وما العلاقة بين اسم الله الجبار وبين الغدة الدرقية إلى آخر الترهات التي ذكرت في الورقة .

ويضاف إلى ذلك أن الذكر الشرعي لم يرد فيه الذكر بالأسماء المفردة كأن يقول الشخص الله الله الله ،رحيم رحيم رحيم ،رزاق رزاق رزاق . وإنما الإنسان يدعو بجملة مفيدة كأن يقول يا رب اغفر لي ، يا الله اهدني يا رحيم ارحمني .وهكذا .

وقد أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء السعودية فتوى في إبطال الورقة المذكورة جاء فيها :

[ وهذا العمل باطل لأنه من الإلحاد في أسماء الله وفيه امتهان لها . لأن المشروع في أسماء الله دعاؤه بها كما قال الله تعالى : ( فادعوه بها ) وكذلك إثبات ما تتضمنه من الصفات العظيمة لله ؛لأن كل اسم منها يتضمن صفة لله جل جلاله لا يجوز أن تستعمل في شيء من الأشياء غير الدعاء بها إلا بدليل من الشرع . ومن يزعم بأنها تفيد كذا وكذا أو تعالج كذا وكذا بدون دليل من الشرع فإنه قول على الله بلا علم وقد قال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) سورة الأعراف الآية 33 .
فالواجب إتلاف هذه الورقة، والواجب على المذكورين وغيرهم التوبة إلى الله من هذا العمل وعدم العودة إلى شيء منه مما يتعلق بالعقيدة والأحكام الشرعية).
وخلاصة الأمر أن الشرع الإسلامي قد بين طرق العلاج من الأمراض، وذلك بمراجعة أهل الاختصاص من الأطباء كما أن الرقية بالقرآن الكريم والأذكار والدعوات النبوية مشروعة بضوابطها الشرعية ولا ينبغي تصديق كل ناعق في هذا المجال ).

صرخة حق
07-12-2010, 10:45 PM
http://tthbet.com/pdf/show.php?id=319

صرخة حق
07-13-2010, 07:15 AM
حقيقة دورة الألوان وعلاجها


أصبحنا نطالع مع قوائم الدورات في كثير من المراكز : دورة الخلطة اللونية، دورة اكتشف لونك، دورة العلاج بالألوان وغيرها .
فما هي حقيقة تأثير الألوان وماذا يُقدم في هذه الدورات ؟

بداية فإن استخدام الألوان في مجال دورات التنمية البشرية والعلاج البديل انتشر مع التطبيقات التي روجتها حركة العصر الجديد "النيو اييج"
عبر مؤسسات التدريب، ومراكز الطب البديل في العالم ومنه بلاد الإسلام الغالية إما بعناوين مباشرة ودورات مستقلة أو ضمن دورات أخرى:
كدورات التأمل والتنفس والماكروبيوتيك وجميع دورات الطاقة القائمة على فلسفة الطاقة الكونية وجهاز الطاقة في الجسم الأثيري!

واستخدام الألوان في العلاج هو جزء من الأيروفيدا الهندية. والفينغ شوي الصيني فهي جزء أصيل من الفلسفة الشرقية الملحدة .

والاعتقاد بتأثير الألوان على الصحة وعلى الشخصية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بفلسفة الشاكرات الشرقية التي يعتقدون بأنها مؤثرة في جسد الإنسان ونفسه وروحه؛
إذ هي منافذ استمداده للطاقة الكونية التي يعتقدون بها وسبيل الاتحاد بالمطلق بحسب فلسفتهم،
فلكل شاكرا لون محدد لابد أن تتشبع به، وأي نقص فيه يسدّها أو يضعفها، ومن ثم تتأثر الصحة والنفسية والعقلية والروحانية لهذا الشخص.
وإذا ما روعي اللون المناسب للشاكرا في الغذاء واللباس ساهم في فتحها وتنشيطها وقدرتها لاستقبال الطاقة الكونية المزعومة ومن ثم عاش صاحبها ما ينشد في صحته وعقله ونفسه وروحه !


وقد لا يُذكر أحياناً موضوع الشكرات عند مروجي تطبيقات الألوان من المسلمين، وإنما يؤكدون فقط على أن لكل لون طاقة خاصة، وتأثير خاص.
ويشرحون ذلك مختلطاً ببعض الحقائق العلمية المثبتة عن الألوان فيجمعون بين الحقيقة والادعاء حتى يصعب التمييز بينهما لدى المستمعين ويظنون الادعاءات جزء من الحقائق المذكورة معها.

ويذكر مروجو تطبيقات الألوان التدريبية والعلاجية والنفسية تأثيرات كثيرة للألوان لم تثبت علمًا ولا عقلا؛
فاللون البنفسجي عندهم مثلا يعالج الروماتيزم والأمراض الجلدية، والأخضر مفيد لعلاج الاضطرابات العقلية، والبرتقالي ينشط البنكرياس وهكذا .

كما يعتقدون بأن لبعض الألوان تأثير على النفسية فلون يخفف الاكتئاب وآخر يجلب الخوف وثالث يمنح السكينة .
بل وأكثر من ذلك فللألوان – بحسب ادعاءاتهم- تأثير عجيب على الروحانية فمن الألوان ما يمنحك الخشوع ومنها ما يحرمك إياه!!

بل وبحسب اللون المفضل لديك تتحدد معالم شخصيتك، وطباعك وميولك وفكرك !

وتتنوع الطريقة التي يدربون على تطبيقها للاستفادة من طاقة الألوان المزعومة ويبدأ الأمر في الدورات بالتعريف بطاقة الألوان وتأثيراتها وقواها الإيجابية والسلبية،
ثم التدريب على كيفية اكتشاف ما يحتاجه كل شخص من الألوان عن طريق سؤاله عن لونه المفضل، أو عن طريق جلسات التأمل والخيال التي يكتشف فيها نفسه!
أو بالاستعانة بخبراء طاقة الألوان الذين يستطيعون بفراستهم الخاصة من خلال تحليل ما يدّعونه من الهالات الضوئية غير المرئية معرفة احتياج الشخص من الألوان،
ويخبرونه بها، ثم يقترحون عليه كيفية إشباع هذه الحاجات بطرق متنوعة
ومن هذه الطرق:

اعتماد اللون المناسب في اللباس.

اعتماد الغذاء الذي له اللون الذي يزعم المعالج حاجة الشخص إليه.

عن طريق التعرض للون عبر أجهزة أو أضواء أو البقاء في غرف مطلية بالألوان المحددة أو الالتفاف بأقمشة لها اللون المطلوب وهكذا .

بل وأكثر من ذلك فيعتقدون أنه يمكن أن تصل الفائدة من اللون بمجرد تخيله في لحظات تأمل وتركيز بحيث يتخيل المريض اللون ويتخيل أنه حوله يأكل منه ويتنفسه ويتحد معه،
ويتخيل المعالج اللون ويرسله للمريض ويجمعه حوله كلاهما في الخيال !!

ويزعمون أنه بهذه الطرق يمُنح الجسد حاجته من اللون، فيشفى من الأمراض البدنية أو النفسية أو العقلية، ويكتسب طاقة حياة جديدة، وتتفتح منافذ الطاقة لديه (شاكراته) ليسعد بصحة روحه وعقله وبدنه.

فالألوان في هذه التطبيقات الباطنية الحديثة تتعدى كونها صفات لا تدرك إلا بالبصر، جعلها الله في الكون مثيرة للبهجة ومميزة للأشياء عن بعضها، إلى فلسفة إلحادية خطيرة؛
فتوصف- عند المعتقدين بها- بأنها صفة متولدة عن المطلق، وأنها قوة بلا حد، وهي عند بعضهم وسيلة للاتحاد بالكلي بحسب معتقداتهم الضالة.



وللأسف كسائر التطبيقات الوافدة يسعى بعض المسلمين على اختلاف نيّاتهم وتوجهاتهم إلى محاولة أسلمتها بالجمع بين ما يظنون أنه يوافق الدين منها بدلالة نص أو حدث من التراث الإسلامي.
والحقيقة أنهم يقدمون مسخاً آخرًا ليس هو تلك الضلالات الفلسفية، ولا هو فكر صاف وتطبيق صحيح .
وغاية ما يصلون إليه التقريب بين الناس وبين فلسفات الضلال بما دمجوا معها من المشتبه من النصوص أو قصص التاريخ وأحداثه.



وفي الختام أذكّر بأن منهج السلف في باب الأسباب والمسببات يعصم من كثير من الضلالات والشبه في هذا الباب ويمكن تلخيصه بما يلي:


الأسباب في العلاج وسائر مطالب الحياة نوعان :
أولا : أسباب شرعية وهي ما ثبتت بالنص الشرعي عرف تأثيرها أم لم يعرف، عقلها الإنسان أو لم يعقلها
ومن الأسباب الشرعية للشفاء: القرآن الكريم، الدعاء، قيام الليل، العسل، الحبة السوداء وغير ذلك مما ثبت بالنص الصحيح.

ثانياً : أسباب كونية، وهي ما ثبت كونها في الواقع بتقدير الله، وهذه منها ماهو مباح، ومنها ماهو محرم، فهناك أسباب أرادها الله كوناً، ولكنه حذّر منها، وحرمها كالسحر والخمر وغيرها .

ولابد من تمييز الأسباب الكونية عن الأسباب الوهمية التي يتوهمها الناس ويزينها الشيطان، وليس لها تأثير عقلا ولا وصفاً .
فالأسباب الوهمية باب واسع من أبواب الشرك بالله عزوجل على درجات ترقّ وتغلظ بحسب اعتقاد الآخذ بها.



وكلمة أخيرة لأصحاب دورات الألوان نساء ورجالا
الذين يقولون أنهم يقدمون دورات ألوان إسلامية! وأنهم يستقرئون ذكر الألوان في النصوص الثابتة، ويحاولون أن يستنبطوا منها خصائص للألوان،
ومن ذلك قول بعض المدربين: اللون الأسود مذموم في النصوص فالكفار وجوههم تسود يوم القيامة، وقلب صاحب الذنوب أسود، والكلب الأسود ...و ....

أقول لهم:
لاتتبعوا خطوات الشيطان، فهناك أسباب خفية تتبُعها يُوقع في الفتن، لذا حذّر منها أهل العلم من سلفنا رضوان الله عليهم منذ القديم.
ومن وجه آخر فرسولنا صلى الله عليه وسلم حذّر من اتّباع اليهود والنصارى وبين أن نهايته جحر الضب.

وليس هناك فائدة مرجوة من وراء البحث في تأثيرات الألوان.
مع التسليم بأن للألوان تأثيرات ودلالات متنوعة، إلا أنها نسبية ومتفاوتة ومتناقضة أحياناً؛
فالأسود إضافة إلى ما ذُكر سابقاً من كونه ذكر مع العذاب والذنب إلا أنه كذلك اقترن بالمهابة، كما هو في كسوة الكعبة وفي حجاب المرأة !
والأحمر هو لون عنف ودم عند البعض، وهو لون حب وجمال عند آخرين!

لذلك يصنف العلاج بالألوان علمياً بأنه "علاج وهمي" ويسمى ما يدعى من علم الألوان "علم زائف" .

فلنتوجّه إلى ما ينفعنا من دورات التدريب ومن أساليب العلاج، ولنترك الأوهام والتشبّه بأهل الضلال والجري واللهاث وراء مخرجاتهم.
ففي الوحيين من الكنوز لتزكية النفس وعلاجها، ونشر السكينة والطمأنينة والتفاؤل بين الناس، وتربية المجتمع وتطويره، ما يكفل لنا سعادة الدارين إن توجهنا إليه وعظمنا ثقتنا واعتزازنا به .

صرخة حق
07-13-2010, 02:55 PM
فإنها بديل لهم عن الاستخارة الشرعيّة



كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يعلم صحابته الكرام رضوان الله عليهم والأمة من بعدهم دعاء الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن مربيًا إيّاهم على معانيها العظيمة فيطبقون بها معاني الذلة والفقر والانطراح بين يدي الله كلما هموا بأمر، أو عنّ لهم عارض، أو اشتبهت عليهم أحوال، أو ترددوا في مسألة؛ ليربطوا كل أمور حياتهم بالله، ويستشعروا في كل أحوالهم فقرهم، وغناه عزوجل، وضعفهم، وقوته جلّ جلاله، وجهلهم ومطلق علمه سبحانه..

قال صلى الله عليه وسلم: «إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: اللّهم إنّي أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلك العظيم فإنّك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وإنّك أنت علاّم الغيوب. اللّهم إن كنت تعلم في هذا الأمر (وتسميه) خيرًا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه، اللّهم وإن كنت تعلمه شرًا لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري فاصرفني عنه واصرفه عني واقدر لي الخير حيث كان ثم رضني به».

لنقرأ هذه الكلمات ولنتقرب إلى الله بهذه الدعوات فوالله إنّها ليست مجرد كلمات تقال.. بل هي عقيدة تترجم، وعبودية تتجسد يعترف من خلالها العبد بفقره وضعفه وذلته وحاجته ويعبر عن يقينه بكمال ربّه ووحدانيته وتفرده بالخلق والأمر وتدبير الأمور، كما يستشعر واسع فضله وعظيم رحمته وكامل قدرته وعلمه وإرادته..

والغريب أن يغفل عن هذا الهدى أصحابه وعن هذا الكنـز مالكوه، ويلهثون وراء وصفات إبليسية متجددة يخرج بها إبليس في كل عصر ويقدمها للمترددين بين خيارات متنوعة والحيارى أمام مفترق الطرق، وللمتشوفين لمعرفة الأسرار واستكناه مغيبات المستقبل وهو بذلك يصرفهم عن هدي المصطفى صلى الله عليه وسلم ويصدق عليهم وعده في إضلالهم عن الهدى...

ومن ذلك ما أصبحت تطالعنا به المجلات وتزخر به المنتديات وتعلن عنه الفضائيات..

تعرفي على أسرار الحروف فإنّ لكل حرف خصائص ولكل حرف طاقة مميزة! إنّ طاقة الحروف تجعلك تعرفين شخصيتك، طبيعتك بل وتفسر لك كثير ممّا يحدث لك وتنبئك عن كثير من مستقبلك.

إنّ معرفة الحروف الأول من اسم أي شخص ومجموع حروف اسمه تقدرك على تحليل شخصيته والوصول إلى معرفة هل من الجيد أن تصادقيه، أو هل هو الشخص المناسب لكي ترتبطي معه بزواج تظلله روح السعادة والتوافق!

تعرفي على أسرار الألوان وفكري في اللون الذي تنتمين له وأثره على شخصيتك صحتك، حياتك العاطفية، قدرتك العقلية، نجاحك...

اقرئي كتاب من (أي لون أنت) فإنّه يضع أقدامك أمام علم مثير يجعلك أكثر وعيا بنفسك وقدراتك وأكثر تحكمًا في تصرفاتك وأكثر تمتعا بصحة بدنية وعقلية وعاطفية؛ بل أنّه يتعدى بك ذلك ليجعلك قادرة على تحليل شخصيات النّاس واختيار الأنسب منهم لعلاقاتك وثقتك ويمكنك من تفسير كثير من تصرفاتهم بل والتنبؤ بكثير من الأحداث المستقبلية لك ولهم...

تعرفي على أسرار تاريخ الميلاد فالنّاس ينقسمون إلى فئات متمايزة بحسب تواريخ ميلادهم، فالصيفيون ليسوا كالشتويون ومواليد الربيع يختلفون عن مواليد الخريف، إنّ مواليد كل فصل يرتبطون ارتباطًا كليًا بطبيعة هذا الفصل وخصائصه ونجومه وأبراجه لأنّ الطاقة المتدفقة في أجسادهم تشكل طبائعهم وتصوغ شخصياتهم وتتحكم إلى حد كبير في مستقبلهم وطريقة حياتهم.

لذلك اجعلي سؤالك عن تاريخ الميلاد أساسي لتعرفك على من سترتبطين معهم بعلاقات عمل أو تجارة أو سفر أو زواج... إنّ معرفة تاريخ الميلاد تكشف لك إلى أي نوع من النجوم تنتمي وأي فئات النّاس تنسجم معها أكثر من غيرها، ومن هو الشريك المثالي لك وستكتشف أي مجال عمل أو مهنة تناسبك أكثر، ومتى وفي أي اتجاه تسافر أو لا تسافر وأي سنوات أو أشهر السنة هي الأفضل لجعل حلمك حقيقة، بالإضافة إلى ذخر من المعلومات الأخرى حول الوضع الصحي والحياة العاطفية والعلاقات العائلية والنجاح المادي.

إنّ هذه الوصفات الشيطانية ليست طرائق تجريبية ولا علوم نفسانية وإنّما هي على الحقيقة تنجيم وشرك في الربوبية.

قال بعض العلماء: "وليت شعري ما يقول المنجِّم في سفينة ركب فيها ألف إنسان على اختلاف أحوالهم وتبايُن رتبهم، مع اختلاف طوالعهم وتبايُن مواليدهم، ودرجات نجومهم فعمَّهم الغرق في ساعة واحدة فإن قال المنجم ـ قبَّحه الله ـ إنّما أغرقهم الطالع الذي ركبوا فيه، فيكون مقتضى ذلك أنّ الطالع أبطل أحكام الطوالع الأخرى على اختلافها عند ولادة كلّ واحد منهم، وما يقتضيه طالعه المخصوص به، فلا فائدة أبدًا من عمل تاريخ المواليد ولا دلالة فيه على شقيٍّ ولا سعيد ولم يبقَ إلاَّ معاندة القرآن العظيم، وفيه استحلال دمه على هذا التنجيم. وقد أحسن الشاعر حيث قال:

حكم المنجِّم أنَّ طالع مولـدي *** يقضـي عليَّ بميـتة الغرقِ!
قل للمنجم: صحبة الطوفان هل *** ولد الجميع بكوكب الغرق؟"

[الجامع لأحكام القرآن: 19/28 باختصار يسير].

ولهذا فإنَّ الاستهداء بهذه الأمور الخفيَّة إنّما يكثر عند من ليس لديهم من هدى النبوَّات حظَّ، أو ليس لهم من اتباع هدي الأنبياء نصيب، ولذا قال ابن حجر: "كانت الكهانة فاشية خصوصًا في العرب؛ لانقطاع النبوَّة فيهم". [فتح الباري: 10/216].

أمَّا الاستخارة الشرعيَّة التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلِّمها أصحابه كما يعلمهم السورة من القرآن، فهي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وهي الطريقة المرضية عند الله عزوجل، لذا فالمؤمن يستخير الله عند سفره وعند بيعه وشرائه وعند زواجه وفي كلِّ أمره ولا يحتاج إلى معرفة برجه وطالعه، وإن زعم من زعم أنّ له تأثير على حياته. وهكذا فإنّ المؤمنين الذين عرفوا هدي الأنبياء مستغنون بما جاءهم من الوحي عمَّا عند غيرهم، حاملوه للبشريَّة بفخر واعتزاز، وهكذا كان الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان وما ضلّ من ضلّ في هذا الباب إلاّ لخفاء ما جاء به الرسول عليه، وقلّة نصيبه من الفهم الذي وفِّق له أصحاب نبيِّه الذين اكتفوا بما جاء واستغنوا به عما سواه.




وتبقى كلمة في الختام: أنّ كل من زعم بلسان حاله أو مقاله "أنّ طائفة غير أهل الحديث أدركوا من حقائق الأمور الباطنة في أمر الخلق والمبدأ والمعاد وتعرف حقيقة النفس والعلوم والأخلاق التي بها تزكو النفوس وتصلح وتكمل دون أهل الحديث، فهو وإن كان من المؤمنين بالرسل فهو جاهل فيه شعبة قوية من شعب النفاق" [الفتاوى 4 / 140]، وإنّما كان أتباع النبي صلى الله عليه وسلم هم أعلم النّاس بهذا لأنّهم تلقوه عن نبيهم من الوحي ولم يكن ذلك بحدس أو تخرص أو استجابة لاستهواء الشياطين، فليحذر مروجو هذه الضلالات وليكفوا عن البحث عن أسباب السعادة بعيدًا فهي لعمر الله بين أيديهم وفيما حفظ الله لهم إنّها في الكتاب والسنة.

من هناك
07-14-2010, 04:33 AM
شكراً لك على هذه المعلومات المهمة جداً والتي نحن بحاجة إليها هذه الأيام لأن سوق التدريب الغريب العجيب رائج جداً هذه الأيام

صرخة حق
07-14-2010, 12:43 PM
ثق بربك .. لا بنفسك\


د . فوز كردي | 26/7/1427 هـ


كنت أتأمل أوراق التعريف والدعاية لكثير من الدورات التدريبية التي تجد إقبالا متزايداً في واقع عامة الناس - لكونها تنتشر تحت مظلات نفسية أو تربوية أو إدارية - ، فوجدت أن القاسم المشترك بينها هو: الوعد بإيقاد شعلة "الثقة بالنفس" بما أسموه برمجة عصبية ، أو تنويماً إيحائياً ، أو طاقة بشرية أو كونية.. والهدف من ورائها هو تحرير النفس من العجز والكسل والسلبية لتنطلق إلى مضمار الحياة بفاعلية وإيجابية، وتصل إلى النجاح والتميّز والقدرات الإبداعية..
قطع علي تأملاتي صوت ابنتي تقرأ بفاتحة الكتاب: " إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ "، عندها سألت نفسي هل ما أحتاجه للفاعلية والإيجابية والهمة الوقادة العلية هو أن أثق بنفسي، وأستعين بذاتي وقدراتي وإمكاناتي، تأملت.. وتأملت ثم كتبت أسطري هذه بعنوان "ثق بربك لا بنفسك":
الثقة بالنفس... كلمات جميلة براّقة.. كلمات يرسم لها الخيال في الذهن صورة جميلة، ظلالها بهيجة..
تعال معي أيها القارئ الكريم نتأمّل جمالها:

إنها صورة ذلك الإنسان الذي يمشي بخطوات ثابتة وجنان مطمئن..
إنها صورة ذلك الصامد في وجه أعاصير الفتن..
إنها صورة ذلك المبتسم المتفائل برغم الصعاب..
إنها صورة ذلك الذي يجيد النهوض بعد أي كبوة ..
إنها صورة ذلك الذي يمشي نحو هدفه لا يلتفت ولا يتردد..
ما أجملها من صورة!
لذلك تجد الدعوة إلى "الثقة بالنفس"منطلق لترويج كثير من التطبيقات والتدريبات.. فكل أحد يطمع في أن يمتلكها، وكل أحد يودّ لو يغير واقع حياته عليها..
ولكن.. قف معي لحظة، وتأمل هذه النصوص:
" هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُن شَيْئًا مَّذْكُورًا " [الإنسان:1].
" يأَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ " [فاطر:15].
" وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا " [النساء:28].
" وَلاَ تَقْولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذلِكَ غَدًا . إِلاَّ أَن يَشَآءَ اللَّهُ " [الكهف: 23].
" إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ " [الفاتحة:5].

وتفكّر معي في معاني هذه الدعوات المشروعة:
"اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك... أبوء بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي فاغفر لي..."
"اللهم إني أستخيرك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، فإنك تعلم ولا أعلم..."
"اللهم لا حول ولا قوة لي إلا بِك..."
" اللهم إني أبرأ من حولي وقوتي إلى حولك وقوّتك..."
" اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي وقلة حيلتي..."
"اللهم لا تكلني إلى نفسي طرفة عين ولا أقل من ذلك فأهلك..."
"اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك..."

ألا ترى معي - أيها القارئ الكريم- أن النفس فيها تتربى على أن تعترف بعجزها وفقرها، وتقرّ بضعفها وذلّها، ولكنها لاتقف عند حدود هذا الاعتراف فتعجز وتُحبط وتكسل، وإنما تطلب قوّتها من ربها، وتسعى وتعمل وتتذلل لمن بـ "كن" يُقدرها على ما يريد، ويُلين لها الحديد، ويعطيها فوق المزيد...
هذه - يا أحبّة - هي طريقة الإسلام في التعامل مع النفس، والترقّي بها، وتتلخّص في:
أولا: تعريفها بحقيقتها، فقد خلقها الله من عدم، وجبلها على ضعف، وفطرها على النقص والاحتياج والفقر.
ثانيًا: دلالتها على المنهج الذي يرفعها من هذا الضعف والفقر الذي جُبلت عليه، لتكون برغم صفاتها هذه أكرم خلق الله أجمعين!! تكريمٌ قد تجاوز به مكانة من خلقهم ربهم من نور، وجبلهم على الطاعة ونقّاهم من كل خطيئة " الملائكة الأبرار"
ثالثًا: تذكيرها بأن هناك من يريد إضلالها عن هذا الطريق بتزيين غيره مما يشتبه به لها، وحذّرها من اتّباعه، وأكد لها عداوته، وأبان لها طرق مراغمته..
إنه المنهج الذي تعترف فيه النفس بفقرها وذلّها، وتتبرأ من حولها وقوّتها، وتطلب من مولاها عونه وقوّته وتوفيقه وتسديده..فيعطيها جلَّ جلاله، ويكرمها ويُعليها..
منهج تعترف فيه بضعفها واحتياجها، وتستعين فيه بخالقها ليغنيها ويعطيها، ويقيها شر ما خلقه فيها..فيقبلها ويهديها، ويسددها ويُرضيها..
منهج تتخذ فيه النفس أهبة الاستعداد لعدوّها المتربص بها ليغويها، فتستعيذ بربها منه، وتدفعه بما شرع لها فإذا كيده ضعيف، وإذا قدراته مدحورة عن عباد الله المخلصين.. فقد أعاذهم ربهم وكفاهم وحماهم هو مولاهم، فنِعم المولى ونِعم النصير..
إنه منهج يضاد منهج قارون : " إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ".
إنه منهج ينابذ منهج الأبرص والأقرع : "إنما ملكته كابراً عن كابر".
إنه منهج يتبرّأ صاحبه أن يكون خصيماً مبيناً لربه الذي خلقه وربّاه بنعمه، أو ينازعه عظمته وكبريائه.
إنه منهج لا يتوافق مع مذهب"القوة" الذي يقول زعيمه "نيتشه": سنخرج الرجل السوبرمان الذي لا يحتاج لفكرة الإله؟!
إنه منهج يصادم منهج الثيوصوفي "وليام جيمس" ومذهبه البراجماتي، وأتباعه "باندلر وجرندر"، ومن سار على نهجهم من بعدهم: " أنا أستطيع.. أنا قادر.. أنا غني.. أنا أجذب قدري..".
تأمّل هذا - أيها القارئ الكريم - ولا يشتبه عليك قول الله _عز وجل_: " وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ "، فقد قال بعدها: " إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ "؛ فمنه يُستمد العلوّ، وبدوام الإلحاح والطلب منه تتحقق الرفعة..
احذر - أخي - ولا يشتبه عليك قول الرسول المصطفى _صلى الله عليه وسلم_: « الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَىٰ اللّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ » فالمؤمن القوي ليس قوياً من عند نفسه، ولا بمقومات شخصيّته، تدريباته وبرمجته للاواعي! وإنما هو قوي لاستعانته بربّه، وثقته في موعوداته الحقة..
تأمّل كلمات القوة من موسى -عليه السلام - أمام البحر والعدو ورائه: " قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ "...ثقته ليست في نفسه، وقد أُعطي - عليه الصلاة والسلام - من المعجزات وخوارق العادات ما أعطي!!! وإنما ثقته بتوكّله على الذي يستطيع أن يجعله فوق القدرات البشرية، بل يجعل لعصاه الخشبية قدرات لا يستطيعها أساطين الطقوس السحرية..
تأمّل - أخي الكريم - هذه الكلمات النبوية « اسْتَعِنْ بِاللّهِ. وَلاَ تَعْجِزْ »..
إنها كلمات الحبيب _صلى الله عليه وسلم_، يربّي أمّته على منهج الإيجابية والفاعلية، ليس على طريقة أهل البرمجة اللغوية العصبية..
لم يقل: تخيل قدرات نفسك..
لم يقل: أيقظ العملاق الذي في داخلك وأطلقه..
لم يقل: خاطب اللاواعي لديك برسائل ايجابية، وبرمجه برمجةً وهمية..
وإنما دعاك - عليه الصلاة والسلام - إلى الطريقة الربانية « اسْتَعِنْ بِاللّهِ. وَلاَ تَعْجِزْ »..
فاستعن به وتوكل عليه، ولا تعجزن بنظرك إلى قدراتك وإمكاناتك، فأنت بنفسك ضعيف ظلوم جهول، وأنت بالله عزيز.. أنت بالله قوي.. أنت بالله قادر.. أنت بالله غني..

ومن هذا الوجه، ومن منطلق فهم معاني العبودية، وفقه النصوص الشرعية، قال الشيخ الكريم والعلامة الجليل بكر أبو زيد - حفظه الله - في كتابه "المناهي اللفظية ": أن لفظة الثقة بالنفس لفظة غير شرعية ووراؤها مخالفة عقدية..."
فإن رجوت - في زمان تخلّف عام يعصف بالأمة - رفعة وعزة ونهضة وإيجابية... وإن أردت تواصلا -على الرغم من الصعاب - بفاعلية..
وإن رغبت في نفض الإحباط عنك، والتطلّع إلى الحياة بنظرة استشرافية تفاؤلية؛ فعليك بمنهج العبودية على الطريقة المحمدية، ودع عنك طريقة باندلر وجرندر الإلحادية؛ فوراؤها ثقة وهمية ممزوجة بطقوس سحرية، وقدرات تواصل مادية، تشهد على فشلها فضائحهم الأخلاقية، ومرافعاتهم القضائية التي ملئت سيرتهم الذاتية.
فحذار من هذه التبعية إلى جحر الضب الذي حذّرك منه نبيك في الأحاديث النبوية، وحذار من استبدال الطريقة الربانية بتقنيات البرمجة العصبية، فإنها من حيل إبليس الشيطانية وتزيينه للفلسفات الإلحادية؛ لتتكل على نفسك الضعيفة وقدراتك البشرية فيكلك لها رب البرية، ويمدك في غيك بحصول نتائج وقتية، وشعور سعادة وهمية..حتى تنسى الافتقار الذي هو لبّ العبودية، فتُحرم من السعادة الحقيقية التي تغنى بها من وجدها وبيّن أسباب حيازتها، فقال:

ومما زادني شرفـاً وتيــهًا***وكدت بأخمصي أطأ الثريا

دخولي تحت قولك ياعبادي***وأن صيّرت أحمد لي نبيـاً

صرخة حق
12-21-2010, 11:57 AM
http://fikr1424.tripod.com/fikrhome.htm

وتجد المفيد في موقع الدكتورة فوز

مقاوم
12-21-2010, 12:04 PM
جزاك الله خيرا كثيرا أختنا الفاضلة .... وأنا مستغرب جدا أنني لم أر هذا الموضوع إلا اليوم وهو في قسمي!

صرخة حق
12-21-2010, 01:12 PM
وهذا ما يدعو له الفقي والراشد

ولكم بالمثل أخي مقاوم