تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ما هو الحمار الذي يجب أن نبيعه جميعاً؟ الحمَّار الذي اصبح خليفة‎



من هناك
07-07-2010, 05:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

القصة حدثت تفاصيلها في الأندلس في الدولة الأموية يرويها لنا التاريخ .وهي تحكي ثلاثة من الشباب كانوا يعملون حمّارين – يحملون البضائع للناس من الأسواق إلى البيوت على الحمير –

وفي ليلة من الليالي وبعد يوم من العمل الشاق ,
تناولوا طعام العشاء وجلس الثلاثة يتسامرون
فقال أحدهم واسمه " محمد " افترضا أني خليفة .. ماذا تتمنيا ؟
فقالا يا محمد إن هذا غير ممكن . فقال : افترضا جدلاً أني خليفة ..
فقال أحدهم هذا محال وقال الآخر يا محمد أنت تصلح حمّار أما الخليفة فيختلف عنك كثيراً ..
قال محمد قلت لكما افترضا جدلاً أني خليفة , وهام محمد في أحلام اليقظة .
وتخيل نفسه على عرش الخلافة وقال لأحدهما : ماذا تتمنى أيها الرجل ؟

فقال : أريد حدائق غنّاء , وماذا بعد قال الرجل : إسطبلاً من الخيل ,
وماذا بعد , قال الرجل : أريد مائة جارية ... وماذا بعد أيها الرجل , قال مائة ألف دينار ذهب .
ثم ماذا بعد , يكفي ذلك يا أمير المؤمنين .
كل ذلك و محمد ابن أبي عامر يسبح في خياله الطموح ويرى نفسه على عرش الخلافة ,
ويسمع نفسه وهو يعطي العطاءات الكبيرة
ويشعر بمشاعر السعادة وهو يعطي بعد أن كان يأخذ ,
وهو ينفق بعد أن كان يطلب ,
وهو يأمر بعد أن كان ينفذ وبينما هو كذلك التفت إلى صاحبه الآخر وقال

ماذا تريد أيها الرجل . فقال : يا محمد إنما أنت حمّار ,
والحمار لا يصلح أن يكون خليفة .....
فقال محمد : يا أخي افترض جدلاً أنني الخليفة ماذا تتمنى ؟
فقال الرجل أن تقع السماء على الأرض أيسر من وصولك إلى الخلافة ,
فقال محمد دعني من هذا كله ماذا تتمنى أيها الرجل ,
فقال الرجل : إسمع يا محمد إذا أصبحت خليفة
فاجعلني على حمار ووجه وجهي إلى الوراء
وأمر منادي يمشي معي في أزقة المدينة
وينادي أيها النااااااا س ! أيها الناااااا س ! هذا دجال محتال
من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن
...
وانتهى الحوار ونام الجميع ومع بزوغ الفجر استيقظ محمد وصلى صلاة الفجر وجلس يفكر ..
صحيح الذي يعمل حمارا لن يصل إلى الخلافة ,
فكر محمد كثيرا ما هي الخطوة الأولى للوصول إلى الهدف المنشود .
توصل محمد إلى قناعة رائعة جداً وهي تحديد الخطوة الأولى
حيث قرر أنه يجب بيع الحمار

وفعلاً باع الحمار


وانطلق ابن أبي عامر بكل إصرار وجد .
يبحث عن الطريق الموصل إلى الهدف .
وقرر أن يعمل في الشرطة بكل جد ونشاط –
تخيلوا .. أخواني ... أخواتي الجهد الذي كان يبذله محمد وهو حمار يبذله في عمله الجديد ..
أعجب به الرؤساء والزملاء والناس وترقى في عمله حتى أصبح رئيساً لقسم الشرطة في الدولة الأموية في الأندلس .
ثم يموت الخليفة الأموي ويتولى الخلافة بعده ابنه هشام المؤيد بالله
وعمره في ذلك الوقت عشر سنوات ,
وهل يمكن لهذا الطفل الصغير من إدارة شئون الدولة .
وأجمعوا على أن يجعلوا عليه وصياً
ولكن خافوا أن يجعلوا عليه وصياً من بني أمية فيأخذ الملك منه...
فقرروا أن يكون مجموعة من الأوصياء من غير بني أمية ,
وتم الاختيار على محمد ابن أبي عامر وابن أبي غالب والمصحفي .
وكان محمد ابن أبي عامر مقرب إلى صبح أم الخليفة واستطاع أن يمتلك ثقتها
ووشى بالمصحفي عندها وأزيل المصحفي من الوصاية
وزوج محمد ابنه بابنة ابن أبي غالب ثم أصبح بعد ذلك هو الوصي الوحيد
ثم اتخذ مجموعة من القرارات ؛ فقرر أن الخليفة لا يخرج إلا بإذنه ,
وقرر انتقال شئون الحكم إلى قصره ,
وجيش الجيوش وفتح الأمصار واتسعت دولة بني أمية في عهده
وحقق من الانتصارات ما لم يحققه خلفاء بني أمية في الأندلس .
حتى اعتبر بعض المؤرخين أن تلك الفترة فترة انقطاع في الدولة الأموية ,
وسميت بالدولة العامرية . هكذا صنع الحاجب المنصور محمد ابن أبي عامر ,
واستطاع بتوكله على الله واستغلاله القدرات الكامنة التي منحه الله إياها أن يحقق أهدافه .

أخواني ... أخواتي ..
القصة لم تنتهي بعد ففي يوم من الأيام وبعد ثلاثين سنة من بيع الحمار
والحاجب المنصور يعتلي عرش الخلافة وحوله الفقهاء والأمراء والعلماء ..
تذكر صاحبيه الحمارين فأرسل أحد الجند وقال له : اذهب إلى مكان كذا
فإذا وجدت رجلين صفتهما كذا وكذا فأتي بهما .
أمرك سيدي ووصل الجندي ووجد الرجلين بنفس الصفة وفي نفس المكان ...
العمل هو هو .. المقر هو هو .. المهارات هي هي ..
بنفس العقلية حمار منذ ثلاثين سنة .. قال الجندي : إن أمير المؤمنين يطلبكما ,
أمير المؤمنين إننا لم نذنب . لم نفعل شيئاً .. ما جرمنا ..
قال الجندي : أمرني أن آتي بكما . ووصلوا إلى القصر , دخلوا القصر نظرا إلى الخليفة ..
قالا باستغراب إنه صاحبنا محمد ...

قال الحاجب المنصور : اعرفتماني ؟
قالا نعم يا أمير المؤمنين , ولكن نخشى أنك لم تعرفنا ,
قال : بل عرفتكما ثم نظر إلى الحاشية وقال :
كنت أنا وهذين الرجلين سويا قبل ثلاثين سنة
وكنا نعمل حمارين وفي ليلة من الليالي جلسنا نتسامر
فقلت لهما إذا كنت خليفة فماذا تتمنيا ؟ فتمنيا
ثم التفت إلى أحدهما وقال : ماذا تمنيت يا فلان ؟ قال الرجل حدائق غنّاء ,
فقال الخليفة لك حديقة كذا وكذا .
وماذا بعد قال الرجل : اسطبل من الخيل
قال الخليفة لك ذلك وماذا بعد ؟
قال مائة جارية , قال الخليفة لك مائة من الجواري ثم ماذا ؟
قال الرجل مائة ألف دينار ذهب ,
قال : هو لك وماذا بعد ؟ قال الرجل كفى يا أمير المؤمنين .
قال الحاجب المنصور ولك راتب مقطوع - يعني بدون عمل – وتدخل عليّ بغير حجاب .
ثم التفت إلى الآخر وقال له ماذا تمنيت ؟
قال الرجل اعفني يا أمير المؤمنين ,
قال : لا و الله حتى تخبرهم
قال الرجل : الصحبة يا أمير المؤمنين ,
قال حتى تخبرهم . فقال الرجل
قلت إن أصبحت خليفة فاجعلني على حمار واجعل وجهي إلى الوراء
وأمر منادي ينادي في الناس
أيها الناس هذا دجال محتال من يمشي معه أو يحدثه أودعته السجن

قال الحاجب المنصور محمد ابن أبي عامر افعلوا به ما تمنى حتى يعلم
( أن الله على كل شيء قدير .. )



هل تعلم ما هو الحمار الذي يجب أن نبيعه جميعاً ,
هي تلك القناعات التي يحملها الكثير مثل – لا أستطيع – لا أصلح
أنا لا أنفع في شيء ,
وأن تستبدلها بقولنا أنا أستطيع بإذن الله ..

إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني ***** عنيت فلم أكسل ولم أتبلد

أخي .. أختي ....
هل يمكن أن تحقق أحلامك وأن تصل إلى أهدافك قل وبكل ثقة – نعم إن شاء الله وتذكر دائما
(( إن الله على كل شيء قدير ))

وقول الحبيب صلى الله عليه وسلم عن ربه في الحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء "
أخي .. أختي .. ظن بربك خيرا , ظن أن الله سيوفقك ويحقق لك آمالك فإن كنت تظن بالله حسناً تجد خيرا وإن ظننت به غير ذلك ستجد ما ظننت


علو في الحياة وفي الممات

مقاوم
07-07-2010, 05:42 PM
وقد قال المتنبي في مثل هذا:
إذا غامرت في شرف مروم *** فلا تقنع بما دون النجوم

من هناك
07-07-2010, 05:50 PM
طبعاً الموضوع منقول

إن الهدف قد يكون حلماً ولكن اصحاب الهمم فقط هم الذين يحولون الحلم للحقيقة ويعيشونها بينما اصحاب الهمم الضعيفة يعيشون لحظات احلام اليقظة بشكل رائع ثم يقضون حياتهم يتذمرون ويندمون ويعيشون على ال "لو" التي تفتح عمل الشيطان.

مقاوم
07-07-2010, 05:53 PM
ويقول أبو القاسم الشابي:
ومن لم يعانقه شوق الحياة *** تبخر في جوفها واندثر
ومن لم يعشق صعود الجبال *** يعش أبد الدهر بين الحفر

من هناك
07-07-2010, 05:56 PM
طيب كيف نعلم الشباب ان يعشقوا صعود الجبال؟

مقاوم
07-07-2010, 06:02 PM
أجيبك بمقال قديم لي وضعته سابقا في المنتدى لكني لم أجده من خلال خاصية البحث وعنوانه:

لا تقنع بما دون النجوم


إن المسلم مطالب دوما بالتطور والرقي نحو الأفضل والأسمى في كل شيء. والشواهد على هذا من كتاب الله والسنة كثيرة ومتنوعة، فقد قال تعالى :{ وقل ربي زدني علما}، وقال أيضا :{قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون}، وقال النبي صلى الله عليه وسلم :{اغتنم خمسا قبل خمس…} الحديث، وقال :{ إن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره دنيها وسفسافها}، وفي كل هذا حث واضح على الاغتراف من العلم والمعارف النافعة وتطوير القدرات وتوسعة المدارك والآفاق.



ولا يتحقق هذا إلا إذا توفرت في المرء مزايا ومواصفات معينة تتيح له طلب ذلك وتجعله في متناوله، وجماع ذلك كله: علو الهمة. قال الإمام الماوردي في أدب الدنيا والدين :{ أما علو الهمة فهو الباعث على التقدم، وداع إلى التخصيص، أنفة من خمول الضعة، واستنكارا لمهانة النقص". وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" لا تصغرن هممكم، فإني لم أر أقعد عن المكرمات من صغر الهمم".


وقال ابن الجوزي في المدهش :" إن هممت فبادر، وإن عزمت فثابر، واعلم أنه لا ينال المفاخر من رضي بالصف الآخر". وقال أبو فراس الحمداني:




سيذكرني قومي إذا جد جدهم *** وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
ونحن أناس لا توسط عندنا *** لنا الصدر دون العالمين أو القبر
تهون علينا في المعالي نفوسنا *** ومن خطب الحسناء لم يغله المهر



طلب الأسمى ينسحب على كافة جوانب حياة المسلم، إذ أنه مأمور بطلب العلم الشرعي (ما تعين على الأقل) ومطالب بالأخذ بالأسباب فيما يتعلق بموارد رزقه وعمله وأمور دنياه، ومطالب بالأعمال الصالحة التي تترجم ما وقر في القلب من الإيمان وتصدقه. لقد تفانى الصحابة رضوان الله عليهم في هذا النوع الأخير، وتنافسوا فيه أيما تنافس حتى أصبحوا مشاعل خير تنير درب السائرين على هداهم في كل زمان ومكان.



والمتفرس في أحوال المسلمين اليوم يجد أنهم قد أخلدوا إلى الأرض وأخذوا بالرخص إلى أن أصبحت هي الأصل، وتركوا العزائم، فركنت نفوسهم إلى الدنيا، وخارت هممهم، وتبلد فيهم الحس والضمير وتخدر الشعور، فلا دمع اليتامى ولا نوح الحزانى، ولا استغاثات المنكوبين والمكروبين تحرك فيهم معنى الأخوة والمسؤولية، وكأن الأمر لا يعنيهم



أنفت لهذا النشء دينا نريده *** طويلا على صد الكوارث باعا
يدب إلى البلوى هزيلا كأنه *** ربيب خمول نشأة ورضاعا
فما استنهضت منه الرزايا عزائما *** ولا أحكم التجريب منه طباعا
فلا هو بالجلد المطيق احتمالها *** ولا بالشجاع المستميت ضراعا
فكم زعزع ما حركت منه ساكنا *** وكم فرص عنت له فأضاعا



لم يحركهم سقوط الخلافة، ولم ينبههم زرع السرطان "الإسرائيلي" في جنب أمتنا، ولم يوقظهم اغتصاب أراضي المسلمين في شرق الأرض وغربها، اللهم إلا حفنة ممن سمت نفوسهم، وتاقت أرواحهم إلى الجنان، فترفعوا عن ثقلة اللحم والدم، وتخطوا حواجز الوهن فسطروا بدمائهم أروع الملاحم في التضحية والتفاني والإقدام، ورسموا بأشلائهم أبدع الصور في الأخوة والمحبة والإيثار، آخذين بأعنة أفراسهم، كلما سمعوا صيحة أو فزعة طاروا إليها يبتغون الموت في سبيل الله.



هؤلاء هم نجوم هذا الزمان وكواكبه الدرية، هم الذين فهموا طبيعة هذا الدين وترجموا نصوصه إلى أعمال وأفعال، كسروا حواجز الخوف وتخطوا حدود التفرقة والاستعمار، سابحين في فلك "انفروا" وقد سئمت نفوسهم التبرير والتعليل، أتعبوا أجسادهم في مراد أنفسهم!!



وإذا كانت النفوس كبارا *** تعبت في مرادها الأجسام



إن لله سننا كونية لا تتبدل ولا تتحول، والمسلم في تعامله مع أية قضية أو حالة يجب أن ينطلق من مسلمات وثوابت هذا الدين العظيم، وإلا صرف وقته وأنفق ماله وبذل جهده فيما لا طائل منه.



قد يسيء البعض فهم هذا المبدأ وقد يظنوه دعوة إلى الإحباط والتخاذل، لكنه على العكس من ذلك تماما، إنما ندعو كل داعية مخلص وعالم عامل في أي بقعة من بقاع الأرض أن يقف مع نفسه وقفة تقويم وترشيد صادقة، نطالبه بإعادة حساباته فيما شرع فيه من أعمال ونشاطات الدعوة، نناشده الله إلا فعل!! كي نبدأ من حيث انتهى الآخرون لا من حيث بدأوا، وحتىلا نضيع فرصا ونحن نحسب أننا نحسن صنعا، ولا بد من تطوير الوسائل والأساليب والنظم والمناهج، ولكن في إطار الفهم الصحيح لأصول منهج التغيير في الإسلام.



كيف نصل إلى "العامة"؟ ما هو أسلوب الخطاب؟ كيف ننتشل الملايين من أبناء الدنيا من مستنقع الدنيا الآسن، وننهض بهممهم نحو المعالي؟ كيف نرتقي بالأمة إلى مستوى { خير أمة أخرجت للناس}، كيف نحقق نكران الذات ومعاني الأخوة والإيثار؟..لا شك أن نقطة البداية هي أنفسنا،




إذا غامرت في أمر مروم *** فلا تقنع بما دون النجوم