تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أفغانستان.. رؤوس تدحرجت وأُخرى قد أينعت!!



من هناك
07-05-2010, 03:05 PM
أفغانستان.. رؤوس تدحرجت وأُخرى قد أينعت!!

سعود بن عبدالله المعيقلي (http://www.alukah.net/Authors/View/Culture/3204/)
تاريخ الإضافة: 4/7/2010 ميلادي - 22/7/1431 هجري

لم يكنْ "ستانلي ماكريستال" يتوقَّع أنَّه سيدفعُ منصبه كقائد للقوات الأمريكيَّة و"حِلْف الناتو" في أفغانستان؛ ثمنًا لحفلة تهكُّميَّة سَخرَ خلالها هو ومساعدوه من الرئيس الأمريكي "أوباما"، ومن كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكيَّة في حديث صحفي لمجلة "رولينغ ستون".
قالت صحيفة "الغارديان" في افتتاحيتها صبيحة إقالة "أوباما" لماكريستال: إنَّ الرؤوس التي تدحرجت في الفترة الأخيرة في أفغانستان قد لا تدلُّ على العجز الوظيفي لدى الذين استقالوا أو أُقيلوا، بقدر ما تدلُّ على فشلِ إستراتيجيَّة الحرب على أفغانستان برمَّتها، وقالت بأن "ماكريستال" ما هو إلاَّ القربان الذي تمَّت التضحية به؛ من أجل التخلُّص من الانقسامات في الإدارة الأمريكيَّة بسبب الحرب في أفغانستان.

وأضافت الصحيفة أنَّ الانتصار الذي أعلنت عنه الولايات المتحدة في مرجة بولاية "هلمند" جنوبي أفغانستان، وقُوبِل بهجمات معاكسة من جانب حركة طالبان، وأدَّى إلى إشعال حرب في الولاية بدل استقرارها - ينذر بسوء عاقبة الاستعدادات الأمريكيَّة لمهاجمة "قندهار"، أقوى حصون طالبان في الجنوب الأفغاني.

"أوباما" بدوره دافع عن إستراتيجيته الجديدة قائلاً بأنها لن تتأثر بهذه الإقالة، وأنه قام بتعيين "ديفد بترايوس" - قائد القيادة الأمريكيَّة الوسطى - الذي يتفهَّم تلك الإستراتيجيَّة جيدًا؛ حيث إنه ساهم في صياغتها، وأضاف أن ما جرى هو تغيير في الأشخاص وليس في الإستراتيجيَّة.

فما هي هذه الإستراتيجيَّة؟ وما هي حظوظ نجاحها وفشلها؟

تقوم هذه الإستراتيجيَّة على أساس القيام بحملة عسكريَّة كبيرة، تهدف بشكل عام إلى تقليل حجم وإضعاف وعَزْل حركة طالبان، ومن ثَمَّ ضَرْب المخابئ التي تنطلق منها في الهجوم على قوات التحالف؛ وذلك لمنع عودتهم إلى تلك المخابئ، وحِرْمانهم بالتالي من إمكانيَّة شنِّ هجمات جديدة، وإعطاء النظام السياسي الجديد فرصة لتثبيت نفسه هناك.

وهذا يعني أنَّ هذه الإستراتيجيَّة تسير على خُطى "إستراتيجيَّة العراق"، تلك الإستراتيجيَّة المركبة التي تضمنت زيادة عدد القوات العسكريَّة المحتلة، وعدد القوات الحكوميَّة وتدريبها، إضافة إلى الاعتماد على العصبيَّات الطائفيَّة والقوميَّة والعشائريَّة.

يواجه "أوباما" في سبيل تنفيذ هذه الإستراتيجيَّة معضلتين أساسيتين:
أوَّلهما: أنَّ حلفاءَ الولايات المتحدة يترددون في زيادة حجم قواتهم؛ نتيجة لزيادة عدد ضربات طالبان وقوَّتها؛ مما تسبب في وقوع مزيد من القَتْلى بين صفوفهم.
ثانيهما: تململ الشعب الأمريكي المتزايد مع زيادة مدة بقاء الجيش الأمريكي هناك، ومن المعلوم أنَّ إنجاز خُطةٍ كهذه يحتاج إلى وقتٍ طويل.

لذا لجأ "أوباما" إلى تقديم تنازلات كُبْرى تتمثَّل في الإقرار بمصالح استعماريَّة للحلفاء في أفغانستان، كجزء أساس من هذه الإستراتيجيَّة كحلٍّ للمعضلة الأولى، كما لجأ إلى تحديد وقتٍ تقريبي لبَدْء الانسحاب من أفغانستان كحلٍّ للمُعْضلة الثانية.

في بداية الغزو، وعندما كانت الولايات المتحدة في أَوْج قوَّتها، وفي وضعٍ يَسْمح لها بفَرْض الأجندة التي تريد - قامت إستراتيجيتها الأولى على استثمار التناقضات الإقليميَّة والدوليَّة، ووظَّفتها لصالحها في احتلال أفغانستان؛ فقد استغلتِ الوضع المتوتر بين الهند وباكستان، واستثمرته ببراعة للضغط على باكستان للمساهمة في الحرب على طالبان، كما استغلت التناقض بين طالبان وإيران لجَعْلِ إيران تساهم مساهمة مباشرة في القضاء على طالبان، فكان أنْ تخلصت إيران من عدوٍّ إستراتيجي.

على الصعيد الدولي استغلتِ الولايات المتحدة الرغبة البريطانية والفرنسية في الحصول على مَوْطِئ قدمٍ في هذه المنطقة الحيويَّة، فحثَّتهما على المشاركة في هذا العدوان، كما استغلتْ تَخَوُّف اليابان من كوريا الشماليَّة والصين، فشاركت لوجستيًّا في المجهود الحربي، كما استغلت الرغبة الألمانيَّة في كسر القيود المفروضة عليها بعد الحرب العالمية الثانية، فسمحت بخروج قوَّاتها خارج حدودها مقابل الاشتراك في الحرب.

دوام الحال من الْمُحال:
بعد احتلال العراق، وبعد توسُّع الأعمال العسكريَّة فيه وفي وأفغانستان، سعت الولايات المتحدة لتوسيع مشاركة القُوَى الأخرى؛ نظرًا لعدم قُدْرتها على مواجهة ذلك التوسُّع، فكان أن أسهمتْ قوات من حلف "الناتو" في احتلال أفغانستان، وحتى هذه اللحظة ظلَّت الرؤية الأمريكيَّة هي المسيطرة؛ فالكل يعمل تحت إستراتيجيِّتها ولتحقيق مصلحتها.

ولكن مع تطور قدرة حركة طالبان واستطاعتها تسديد ضَرْبة قاضية للإستراتيجيَّة الأولى، ومع قطع خطوط التموين والإمداد في باكستان وأفغانستان، إضافة إلى مرور الولايات المتحدة بأزمة اقتصاديَّة حادة، كلُّ ذلك دَفَعَ الإدارة الأمريكيَّة إلى صَرْف النظر عن هذه الإستراتيجيَّة والبحث عن إستراتيجيَّة جديدة.

فكان أنْ ظهرت هذه الإستراتيجيَّة التي تتخلَّى فيها الولايات المتحدة عن قليل من كبريائها كدولة عُظْمى وحيدة، فقدَّمت تنازلات تغري بها الشركاء داخل حلف الناتو وخارجه؛ لتوسيع مشاركتهم في الحرب مقابل اعترافها لهم بمصالح استعمارية في أفغانستان، وبموجب هذا التوجُّه الجديد سمحت الولايات المتحدة لروسيا بالحصول على عقود تسليح للجيش والشرطة الأفغانيَّة، مقابل سماح روسيا لطائرات الإمداد والتموين الأمريكيَّة بالمرور عبر أجوائها؛ اتقاءً للضربات المتزايدة على قوافل الإمداد والتموين في باكستان وأفغانستان، كما سمحتْ لفرنسا وبريطانيا بلعْب بعض الأدوار السياسيَّة في أفغانستان، وقد ظهَرَ ذلك جَليًّا خلال الانتخابات الأفغانيَّة، وكذلك سمحت لحلف الناتو بمشاركتها رسم إستراتيجيَّة الحرب فيها.

وبموجبه أيضًا طلبت الولايات المتحدة من دول إقليميَّة، مثل: طاجيكستان، وأوزبكستان، وتركمانستان - التأثيرَ على المجموعات الطاجيكيَّة، والأوزبكيَّة، والتركمانيَّة في أفغانستان، وكذلك طلبتْ من إيران التأثير على الهزار الشيعة لدعم الحكومة ومواجهة طالبان، وهذا يمثِّل اعترافًا بدورٍ لها في أفغانستان، كما حدث في العراق.

أما القبائل البشتونيَّة - أكبر المجموعات العِرْقيَّة في أفغانستان ومنها تنحدر حركة طالبان - فقد ضغطت الولايات المتحدة بشدة على باكستان؛ من أجل الدخول في صراع مفتوح معها، بدَعْوَى التضييق على القاعدة وطالبان، وحرمانهم من الملاذ الآمن، ومن هنا نرى أن هذه الإستراتيجيَّة تشمل باكستان أيضًا.

وخلاصة هذه الخطة: أن الولايات المتحدة تسعى لتخفيف الأعباء الاقتصاديَّة والبشريَّة للحرب في أفغانستان؛ من خلال إنشاء تحالف عسكري دولي وإستراتيجيَّة دوليَّة تَعْترف بمصالح الجميع، إضافة إلى إنشاء تحالف جديد للحُكْم في أفغانستان يتكوَّن من مختلف الأعْراق والولاءات، يحظى بمساندة إقليميَّة ودوليَّة.

ولا شكَّ أنَّ هذا التحالف المعقَّد في تركيبته الدوليَّة والإقليميَّة سيشهد تنافرًا واحتشادًا في المصالح الإستراتيجيَّة طويلة المدى للدول والعِرْقيَّات المشكِّلة له - حتى وإن اجتمعت على مصلحة تكتيكيَّة وهي القضاء على حركة طالبان - في ظل عجز الولايات المتحدة عن السيطرة على جميع أطرافه بسبب حالة الضَّعف العامة التي تمرُّ بها؛ مما سينتج عنه - إنْ عاجلاً أو آجلاً - هزيمة أشدّ وأعقد من الهزيمة التي تلقَّتها إستراتيجيتها الأولى.

بل سيصلُ الأمرُ إلى حالة من الفَوْضى وعدم الاستقرار، حتى بعد انتهاء الاحتلال في ظلِّ تداخُل ما هو إقليمي ودولي، ولا أستطيع تفهُّم النيَّة الأمريكيَّة بالانسحاب من أفغانستان خلال العام القادم، إلا من منظور أن هناك نيَّة مسبقة لإدخال أفغانستان وباكستان في دهليز مُظْلم من الفَوْضى والحروب الأهليَّة، اعتمادًا على العصبيَّات المذْهَبيَّة والعِرْقية، خاصة وأنَّ هذه الإستراتيجيَّة تحتاج إلى وقت طويل لتنفيذها، إذا ما قُدّر لها النجاح.

على أيّة حال، لا يَعني وصول الخُطط الإستراتيجيَّة الأولى للفشل، ووصول الخُطط الإستراتيجيَّة الجدية لمأزق خطير - أن الولايات المتحدة وحلفاءها يستعدون للرحيل من أفغانستان؛ حيث إن معركة أفغانستان هي معركة ذات طابع إستراتيجي ينتج عن خسارتها تغيير في التوازنات الدوليَّة والإقليميَّة؛ إذ تتعلق أفغانستان بصراعات إقليميَّة كُبْرى بين الدول المحيطة بها، كما ينتج عن خسارتها فشل مخططات دوليَّة كُبْرى للولايات المتحدة وحلف الأطلسي، أضفْ إلى ذلك أنَّ حركة طالبان - الطرف الآخر في الصراع - ورغم قوَّتها لم تصلْ بَعْد إلى مستوى القدرة على إحراز النصر النهائي.


http://www.alukah.net/Culture/0/23308/

مقاوم
07-05-2010, 04:02 PM
أفغانستان كانت ومازالت وستبقى بإذن الله
مقبرة الغزاة