تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : التفصيل والبيان للهموم التي تشغل فكر الإنسان



أبو يونس العباسي
07-01-2010, 06:29 AM
التفصيل والبيان للهموم التي تشغل فكر الإنسان
أبو يونس العباسي
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب قيما بلا اعوجاج , وجعله عصمة لمن تمسك يبه واعتمد عليه في الاحتجاج , وأوجب فيه مقاطعة أهل الشرك بإيضاح الشرعة والمنهاج , والصلاة والسلام على محمد الذي مزق الله ظلام الشرك بما معه من النور والسراج , وعلى آله وأصحابه الذين جاهدوا الكفار ونشروا الدين في كل الأصقاع والفجاج ثم أما بعد …
[تمهيد]
في ظل هذه الأوضاع المزرية التي تمر بها أمتنا وفي وقت صارت فيه دماء المسلمين هي أرخص الدماء وأعراضهم هي أهون الأعراض ومقدساتهم أقل المقدسات احتراما بين المقدسات …
في ظل هذا الحال كان يجب على المسلمين ألا يعملوا عملا إلا وهو يصب في إنقاذ هذه الأمة من نير الذل الذي قيدت به …
ولكننا والآلام تعتصر قلوبنا نقول آسفين نقول:
بأن قلوب جل قلوب أبناء الأمة منصرفة عن هموم الأمة وقضاياها إلى هموم دنيوية فترى قلوبهم معلقة بالمسلسلات والأفلام والأغاني والمباريات والتجارات وتقليد الفاسقين والفاسقات.
قال الشاعر:
أتسبى المسلمات بكل ثغر ……… وعيش المسلمينيطيب
أما لله والإسلام حق ………. يدافع عنه شبانوشيب
فقل لذوي البصائر حيث كانوا ………. أجيبواالله ويحكم أجيبوا
[المقصود بالهم]
الهم هو:
قوة باطنية ومحرك داخلي يقف وراء كل عمل ظاهر.
وهموم الناس على ضربين:
1ـ أصحاب هموم دنيوية وهم الأكثر والسواد الأعظم ـ هدانا الله إياهم ـ .
2ـ أصحاب هموم أخروية وهم الغرباء في كل زمان.
ولقد عنف الله في نصوص الوحيين على أصحاب الهموم الدنيوية وأثنى على أصحاب الهموم الأخروية.
قال الله تعالى:
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآَخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ (20)}(الشورى)
وقال أيضا:
{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا (18) وَمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)}(الإسراء)
[كيف نميز الإنسان صاحب الهموم الدنيوية؟]
هو الإنسان الذي لا يعيش إلا لمتع الدنيا وشهواتها ونزواتها , هو إنسان يعيش ليأكل ليشرب لينام لينكح ليسكن القصور ليتابع التلفاز ويجلس على الإنترنت ….
قال الله تعالى:
{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآَبِ (14) قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (15)}(آل عمران)
إن من يحيا للدنيا وحسب فقد اتصف بصفة الكفار أو الأنعام وإني أعيذ كل موحد أن يتحلى بمثل هذه الصفات …
قال الله تعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ (12)}(محمد)
أخرج الترمذي عنابْنَ عُمَرَ قَالَ: قَلَّمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُومُ مِنْ مَجْلِسٍ حَتَّى يَدْعُوَ بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ لِأَصْحَابِهِ:
<< … وَلَا تَجْعَلْ مُصِيبَتَنَا فِي دِينِنَا وَلَا تَجْعَلْ الدُّنْيَا أَكْبَرَ هَمِّنَا وَلَا مَبْلَغَ عِلْمِنَا وَلَا تُسَلِّطْ عَلَيْنَا مَنْ لَا يَرْحَمُنَا.>>
[كيف نميز الإنسان صاحب الهموم الأخروية؟]
إن الإنسان صاحب الهم الأخروي هو:
ذلكم الإنسان الذي يسخر كل ما وهبه الله من نعم في خدمة الدين ونصرته …
هو إنسان يحيا لله ويموت لله …
قال الله تعالى:
{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163)}(الأنعام)
هو إنسان باع النفس والمال لله تعالى …
قال الله تعالى:
{ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)}(التوبة)
هو إنسان يتزوج لتحقيق مرضاة الله ومقاصد شرع الله …
أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي ذَرٍّ أن الرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
<< … وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا.>>
قال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ:
<< إني لأكره نفسي على الجماع رجاء أن يرزقني الله نسمة صالحة. >>
هو إنسان يقظته لله وإذا نام فإنما ينام لله …
أخرج البخاري في صحيحه عن أَبِي بُرْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
<< … فَقَالَ مُعَاذٌ لِأَبِي مُوسَى كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ قَالَ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَعَلَى رَاحِلَتِي وَأَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا قَالَ أَمَّا أَنَا فَأَنَامُ وَأَقُومُ فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي.>>
هو إنسان إذا أنفق فإنما ينفق نصرة دين الله قاصدا نيل الأجر من الله …
أخرج أحمد في مسنده أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال له:
<< … َا عَمْرُو نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلْمَرْءِ الصَّالِحِ.>>
أخرج البخاري من حديث سعد أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال له:
<< … وَلَسْتَ بِنَافِقٍ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إِلَّا آجَرَكَ اللَّهُ بِهَا حَتَّى اللُّقْمَةَ تَجْعَلُهَا فِي فِي امْرَأَتِكَ.>>
هو إنسان تلاصق أعماله جميعا النية الصالحة والقصد النبيل المتوافق والشرع المحمدي …
أخرج البخاري من حديث عمر قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
<< إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.>>
[كيف أعرف الهم الأكبر الذي يشغلني؟]
إذا أردت أن تعرف ما هو الهم الأكبر الذي يشغلك فلا بد أن تجيب على الأسئلة التالية؟
1ـ بماذا تفكر قبل نومك؟
أفي الأموال والتجارات والنساء المليحات وتحصيل مكاسب الأمة أم إنك تفكر في هموم الأمة وقضاياها الشائكة؟
فإن كان تفكيرك في الدنيا فهمك دنيوي وإن كان الثاني فهمك الأخروي.
2ـ بماذا تفكر في أثناء تأديتك للصلاة؟
بعض الناس يأتي ليصلي في المسجد ولكن عقله خارج المسجد في الدنيا فهذا صاحب الهم الدنيوي ,والصنف الثاني هو إنسان يصلي ويستحضر الخشوع ويملأ قلبه شعور الخوف من ألا يقبل الله عبادته فهذا ذو هم أخروي …
قال الله تعالى:
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61)}(المؤمنون)
3ـ متى تفرح ومتى تحزن؟
كثير من الناس يمتلكه من الفرح على فوز فريقه في مباراة أكثر مما يمتلكه من الفرح إذا ما حقق أولياء الله انتصارا في بقعة من بقاع الأرض , فهذا الصنف من الناس همه هم دنيوي …
وكثير من الناس يمتلكه من الحزن عند خسارة فريقه أو نفوق تجارته ما لا يمتلكه إذا ما نزل بالأمة بلاء من البلاءات فهذا الصنف من الناس همه هم دنيوي …
أما الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد كان مشفقا على الناس أكثر ما يحزن لأجلهم وبسبب إعراضهم عن منهج الله ـ سبحانه وتعالى ـ ….
قال الله تعالى:
{ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)}(التوبة)
قال الله تعالى:
{ فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)}(الكهف)
4ـ مم تغضب؟
كثير من الناس لا يغضبون إلا على أمور الدنيا , ولم يعرف عنهم غضب لله ـ سبحانه وتعالى ـ فهؤلاء أصحاب همم دنيوية …
وإن من ملك قلبه الهم الأخروي تجده لا يغضب إلا لمحارم الله إذا انتهكت …
أخرج مسلم عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:
<< مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ وَلَا امْرَأَةً وَلَا خَادِمًا إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللَّهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.>>
5ـ ما هي أمنياتك؟
لو سألت الكثيرين عن أمنياته لعدد لك أمنيات دنيوية شهوانية , وأما أصحاب الهمم الأخروية فإن أمنياتهم أخروية …
في صفة الصفوة لابن الجوزي أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ قال لجلسائه تمنوا:
فتمنى كل واحد منهم أمنيته فلما حان دوره قال:
<< أتمنى أن يمتلأ هذا البيت رجالا أمثال أبي عبيدة أمين هذه الأمة. >>
أخرج البخاري في صحيه من حديث علي ـ رضي الله عنه ـ قال:
<< ارْتَحَلَتْ الدُّنْيَا مُدْبِرَةً وَارْتَحَلَتْ الْآخِرَةُ مُقْبِلَةً وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا بَنُونَ فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الْآخِرَةِ وَلَا تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْيَوْمَ عَمَلٌ وَلَا حِسَابَ وَغَدًا حِسَابٌ وَلَا عَمَلٌ.>>
[صفات من جعل الآخرة همه]
1ـ ملتزمون بالدين ظاهرا وباطنا آمرون بالمعروف ناهون عن المنكر …
قال الله تعالى:
{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)}(التوبة)
2ـ زاهدون في الدنيا راغبون عنها راغبون في الآخرة …
أخرج الترمذيعَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
<< مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ مُعَافًى فِي جَسَدِهِ عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا.>>
وكان سفيان الثوري يقوم من نومه يقول:
<< النار النار … شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات …>>
3ـ دائمو المحاسبة لأنفسهم …
ولنعلم أن محاسبة الإنسان لنفسه عمل صالح والنفس التي تحاسب صاحبها نفس شريفة , وليس أدل على ذلك من أن الله أقسم بها ولا يقسم الله إلا بما كان عظيما …
قال الله تعالى:
{ لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ (1) وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2)}(القيامة)
وقال الحسن البصري:
" المؤمن لا يرى إلا وهو محاسب لنفسه يقول: ماذ أردت بكلامي؟ ماذا أردت بأفعالي؟ والعاجز لا يحاسب نفسه؟"
4ـ يقيسون الأمور بمقاييس شرعية …
ويظهر ذلك في الحديثين التاليين:
أخرج الترمذي عَنْ عَائِشَةَ :
<< أَنَّهُمْ ذَبَحُوا شَاةً فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا بَقِيَ مِنْهَا قَالَتْ مَا بَقِيَ مِنْهَا إِلَّا كَتِفُهَا قَالَ بَقِيَ كُلُّهَا غَيْرَ كَتِفِهَ.>>
أخرج البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
<< قَالَ مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ.>>
5ـ يدافعون عن الإسلام دون أن يطلب منه احد ذلك …
كما فعل الرجل الذي سعى ناصحا لموسى ـ عليه السلام ـ سعى دون أن يطلب منه أحد ذلك …
قال الله تعالى:
{ وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ (20) فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (21)}(القصص)
6ـ لا يلهيهم عن الله مله ولا يصرفهم عن الدين صارف ولا يشغلهم عن الله شاغل …
قال الله تعالى:
{ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (37) لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (38)}(النور)
أخرج الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
<< مَا رَأَيْتُ مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا وَلَا مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا.>>
[السبب الذي أوصل الأمة إلى ما هي عليه]
لعل من أبرز الأسباب التي أوصلتنا إلى هذا الحال هو أننا رجحنا همومنا الدنيوية على الأخروية …
أخرج أحمد في مسندهعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
<< يُوشِكُ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ أُفُقٍ كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ عَلَى قَصْعَتِهَا قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَمِنْ قِلَّةٍ بِنَا يَوْمَئِذٍ قَالَ أَنْتُمْ يَوْمَئِذٍ كَثِيرٌ وَلَكِنْ تَكُونُونَ غُثَاءً كَغُثَاءِ السَّيْلِ يَنْتَزِعُ الْمَهَابَةَ مِنْ قُلُوبِ عَدُوِّكُمْ وَيَجْعَلُ فِي قُلُوبِكُمْ الْوَهْنَ قَالَ قُلْنَا وَمَا الْوَهْنُ قَالَ حُبُّ الْحَيَاةِ وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ.>>
أخرج أبو داوود في سننه عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
<< إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ.>>
ولنعلم أن من جعل الآخرة همه كفاه الله هموم الدنيا …
أخرج الترمذي في سننه عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
<< مَنْ كَانَتْ الْآخِرَةُ هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَجَمَعَ لَهُ شَمْلَهُ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ وَمَنْ كَانَتْ الدُّنْيَا هَمَّهُ جَعَلَ اللَّهُ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَفَرَّقَ عَلَيْهِ شَمْلَهُ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا قُدِّرَ لَهُ.>>
أخرج ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
<< مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ آخِرَتِهِ كَفَاهُ اللَّهُ هَمَّ دُنْيَاهُ وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا لَمْ يُبَالِ اللَّهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ.>>
[أبرز هموم أمتنا ومدى تفاعلنا منهم]
ولعل أبرز هموم أمتنا ما يلي:
1ـ فلسطين والقدس والأقصى.
2ـ سقوط دولة الإسلام التي تحكم الشريعة وتحفظ للمسلمين كرامتهم.
3ـ الغزو الفكري
4ـ جرح الأمة النازف في بلاد الأفغان وباكستان والعراق والشيان والعراق وغيرها من البلدان.
5ـ الحرب على المرأة المسلمة.
6ـ الحرب الأخلاقية على الشباب.
7ـ فرقة المسلمين واختلافهم
8ـ الأسرى
9ـ استيطان المشركين للجزيرة العربية.
ولقد اعترض على صلاح الدين أنه لا يبتسم فكان جوابه:
<< كيف لي أن أبتسم والمسجد الأقصى بين براثن الصليبيين… >>
وأنا هنا أقول لأن الحديث بالحديث يذكر …
كيف لنا أن نبتسم والمسجد الأقصى بين براثن الصهاينة؟!!!
كيف لنا أن ننشغل بالمباريات والمسلسلات والأفلام والأغاني والمسرحيات وأسرانا يملئون سجون الكفار الصهيوصليبيون؟!!!
وكيف لنا أن نغفل أو أن نلهو أو أن نمارس أنواع المتع وهذا هو حال أمتنا …
إن امرأ القيس وقد سمع نبأ مقتل أبيه قال:
<< اليوم لهو وغدا غزو >>
فما بالكم بأمة تذبح بسكين حافية أليس من واجباتنا أن ننتفض لنخرج بها من هذا التيه …
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
أبو يونس العباسي
الجمعة
13 رجب 1431هـ
الموافق لـ 25|6 |2010م
غزة المحاصرة


أضف الى مفضلتك