تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مفاهيم في الجهاد والحسبة: حركات المقاومة، أبو بصير وأبو جندل نموذجاً



مقاوم
06-27-2010, 02:48 PM
مفاهيم في الجهاد والحسبة: حركات المقاومة، أبو بصير وأبو جندل نموذجاً


كتب أ. إبراهيم العسعس*
http://qawim.net/images/stories/hesba2010.jpg
ففي حين تكون المفاوضات قائمة ، تكون هناك فئات أخرى تقود حركة مقاومة على الأرض ، وتكون هذه الفئات خارج المساءلة القانونية داخل بلدها ، وخارج الملاحقة خارجياً لأنها حركة مقاومة ، وحركة المقاومة لا علاقة لها بالمفاوضات لأنها قامت من أجل هدف معين فلا تضع سلاحها قبل تحقيقه . وفي نفس الوقت لا يستطيع أحد تحميل القيادة السياسية مسؤولية أفعال المقاومة ..

-------------------------

http://qawim.net/images/stories/logoqawim/_exb.pngبعد صلح الحديبية ظهـرت حالةٌ جديدة في الدولة الإسلامية الناشئة في المدينة المنورة ، فقد اشترطت قريشٌ على رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضمن ما اشترطت أن يُرجع أبناءهم الذين أسلموا إذا هربوا من حبسهم إليه صلى الله عليه وسلم . وقد وافق الرسول صلى الله عليه وسلم على هذا الشرط .

وصورة هذه الحالة : نـشوء مجموعةٍ من المسلمين لا تخضع أعمالُهـا للـقيادة في المدينة ، ومن ثَـمَّ فالقيادة غير مسؤولة قانونياً عن أفعالها . أي إنهم وإن كانوا مسلمين لكنهم ليسوا جزءاً من الأمة الإسلامية من ناحية قانونية واجتماعية ، فقانونياً لم يكونوا ملزمين ببنود صلح الحديبية ، واجتماعياً لم يكن المجتمع المسلم في المدينة قادراً ـ بحكم بنود الصلح ـ أن يمارس معهم قواعد التكافل الإسلامي بين المسلمين ، فلم يكن يصح أن يقدم أحد المسلمين لهم حتى كسرة خبز !

فما الحكاية :

كان هناك شاب مستضعف في مكة لإسلامه ، اسمه : عتبة بن أسيد بن جارية ، حليف بني زهرة ، كنيته وشهرته التي لن يعرفه الناس إلا بها : أبو بصير .

بعد صلح الحديبية فرَّ أبو بصير من مكة ، وقطع الصحراء على قدميه إلى المدينة وما إن وصلها ودخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد حتى دخل بعده رجلان من قريش تبعانه ليرجعانه ، وما إن دخلا حتى ذكَّروا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعهد ، فما كان من الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن سلم لهما أبا بصيـر رضي الله عنـه ، فـذهب معهما ، " وجعل المسلمون يُسرون إلى أبي بصير : يا أبا بصير أبشر فإن الله جاعل لك مخرجاً ، والرجل يكون خيراً من ألف رجل ، فافعل وافعل ، يأمرونه بالذين معه ..." وفي الطريق تمكن من قتل أحد الرجلين ، وهرب الآخر راجعاً إلى المدينة لائذاً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلحقه أبو بصير ومعه ما سلبه من الرجلين .

عرض أبو بصير خُمْسَ السلب على الرسول صلى الله عليه وسلم فرفض رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلاً :" إني إذا خمَّسته رأوني لم أوف لهم بالذي عاهدتهم عليه ، ولكن شأنك بسلب صاحبك ".

فقال أبو بصير رضي الله عنه ونفسه تتقطع أسى : يا نبي الله قد أوفى الله ذمتك ... قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم ... وقد امتنعت بنفسي ... فضمني إليكم .. قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "لا " .. فصاح أبو بصير بأعلى صوته : يا رسول الله : أعطني رجالاً أفتح لك مكة ..

فالتفت صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وقال : " ويل أمِّه ، مسعر حرب لو كان له رجال "

ثم أمره بالخروج من المدينة وقال : " اذهب حيث شئت "

... فذهب ونزل بالعيص ، وكان طريقَ أهل مكة إلى الشام " وبلغ المسلمين الذين قد حُـبسوا بمكة، وأرادوا أن يلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني فلم يستطيعوا ـ قولُ النبي صلى الله عيه وسلم لأبي بصير رضي الله عنه : " ويل أمه مسعر حرب لو كان له رجال " . فجعلوا يتسللون إلى أبي بصير ....

" وكان الذي كتب بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسلمين ، عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فلما جاءهم كتاب عمر فأخبرهم أنه بالساحل على طريق عير قريش " ...

فالتحقوا به رضي الله عنهم وجعلوا يقطعون الطريق على قوافل قريش ، فيسلبون ويقتـلون ... قال الراوي : " حتى أحرقوا قريشاً " .

فأرسلت قريشٌ للرسول عليه الصلاة والسلام يناشدونه الرحم أن : ضُمَّ إليك هؤلاء ولا حرج عليك!!

... وكان سهيلُ بن عمرو قد قال عندما بلغه قتـل أبي بصير لأحد الرجلين الذين وُكِّلا بإرجاعه : والله ما صالحنا محمداً على هذا "

فردت عليه قريش : قد بريء محمدٌ منه ، قد أمكن صاحبكم فقتله بالطريق ... فما على محمد في هذا " .

.. وكان ممن لحق بأبي بصير أبو جندل بن سهيل بن عمرو رضي الله عنهما في قصة رائعة لا داعي لسردها ... المهم أنَّ هذين الرجلين أذاقا قريشاً الويل ، فكانا بحق أول حركة مقاومة في الإسلام رضي الله عنهما ، وصلى الله على رسول المقاومة ، البارع في إدارة الصراع آناء الحرب ، وآناء السلم ، وآناء المعاهدات ...

وقفات مع الوقائع :

أولاً : حديثنا هنا كما هو واضح عن جهاد الدفع ، أو عن حركات مقاومة العدوان والاستعمار .

ثانياً : الوضع الذي نتحدث عنه هو عندما يكون ولي الأمر القانوني ( الشرعي ) غائباً أو في حكم الغائب ! وهذا له حالات متعددة لا محل لذكرها الآن ... في مثل هذه الحالة يجوز لفئة من المسلمين أن ترفع لواء مقاومة المعتـدين أو الاستعمار بلغة العصر .

ثالثاً : وهذه أحب أن ينتبه لها المنبطحون ، أو الأغبياء الذين يقودون المفاوضات مع المحتـلين ... وهي كيف يدير المفاوض المحنك أدوات الضغط المتوفرة بين يديه ، وكيف يحرك أوراق اللعبة سواء كانت سياسية أو عسكرية دون أن يظهر بأنه يخالف أصول المفاوضات ..

وهذه لعبة استخدمتها كل حركات المقاومة قديماً وحديثاً ، ففي حين تكون المفاوضات قائمة ، تكون هناك فئات أخرى تقود حركة مقاومة على الأرض ، وتكون هذه الفئات خارج المساءلة القانونية داخل بلدها ، وخارج الملاحقة خارجياً لأنها حركة مقاومة ، وحركة المقاومة لا علاقة لها بالمفاوضات لأنها قامت من أجل هدف معين فلا تضع سلاحها قبل تحقيقه . وفي نفس الوقت لا يستطيع أحد تحميل القيادة السياسية ـ إن وجدت ـ مسؤولية أفعال المقاومة .. لاحظ قول قريش لسهيل بن عمرو عندما أراد تحميل رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قد بريء محمد منه ... فما على محمد في هذا " .

ولكن لاحظ كيف أدار رسول الله صلى الله عليه وسلم الصراع ، وهو المقيَّد بشروط الصلح ، فقد اشار لأبي بصير رضي الله عنه بتشكيل مقاومة بقوله : " ويل أمه مسعر حرب لو أن له رجال " ، وهذا ما فهمه الصحابة المسجونون في مكة والذين كانوا يريدون اللحاق برسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن بنود الصلح وقفت حائلاً بينهم وبين ما يريدون .

" وبلغ المسلمين الذين قد حُـبسوا بمكة ، وأرادوا أن يلحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ـ يعني فلم يستطيعوا ـ قولُ النبي صلى الله عيه وسلم لأبي بصير رضي الله عنه : " ويل أمِّه مسعر حرب لو كان له رجال " . فجعلوا يتسللون إلى أبي بصير ...

لقد فهموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحثهم على الالتحاق بأبي بصير رضي الله عنه . وقد حثهم عمر رضي الله عنه على اللحاق بأبي بصير رضي الله عنه فهماً منه لإشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وتعاطفاً مع حركة المقاومة التي يقودها أبو بصير رضي الله عنه .

رابعاً : وهذه موجهة إلى حركات المقاومة التي دخلت لعبة السياسة قبل الأوان ، وانتقلت من المقاومة إلى الحكومة في ظل ظروف جيوش لا ظروف مقاومة ، فوقعت فيما لامت به الآخرين من قبل ، وأصبحت ـ أحياناً ـ تمارس دور حرس الحدود !!

من أكبر الخطأ أن تتحول حركة مقاومة من المقاومة إلى الحكومة ، أو أن تنتقل إلى طاولة المفاوضات قبل أن تحقق أهدافها .. إنها حينئذ تحكم على نفسها بالموت ، وتـقيد نفسها بيديها لأنها ستـنتـقـل من متحكِم إلى متحكم به ، ومن قوة مستـقلة إلى أداة في يد قوى إقليمية لا مصداقية لها محكومة بالمصالح لا بالمبادئ .

وهي أيضاً تفقد القاعدة الشعبية التي تدعمها ، وتشكل لها العمق في مقاومتها ، لأنها ستقسم الشارع تجاه موقفها الجديد ، بينما وهي في خط المقاومة ستعزل أعداء المقاومة شعبياً ...

لاحظ كيف تعاطفت الأمة في المدينة مع أبي بصير ، وكيف حثته وقوة من أزره " وجعل المسلمون يُسـرُّون إلى أبي بصير : يا أبا بصير أبشر فإنَّ الله جاعل ٌلك مخرجاً ، والرجل يكون خيراً من ألف رجل ، فافعل وافعل ، يأمرونه بالذين معه ..." يأمرونه بمن معه .. يعني أن يقتل الحارسين اللذين جاءا لإرجاعه إلى مكة ..

خامساً : وبهذا نعلم خطأ ما ذهب إليه أحد المشايخ وهو يتحدث عن ضبط رسول الله صلى الله عليه وسلم لحماس أبي بصير ! نعم هو ضبطه في اتجاه معين ، ولكنه وجه ذلك الحماس في اتجاه المقاومة ولم يقمعه ، بل أشار إليه ، وتدرع به ، ووظفه ورقة في إدارته الصراع مع قريش . وفي الوقت الذي رفض فيه أخذ الخمس حتى لا يحسب أبو بصير عليه ، قال له : اذهب حيث شئت ، وقال لأصحابه : " ويل أمه ، مسعر حرب لو أن له رجال .. "

ووافقه على أخذ سلب من الكافرين ، يعني أنه أجاز تصرفه ، ولم يقل بل أرجع السلب إلى أولياء المقتول ، ولم يقل سأدفع دية المقتول ، كما فعل عندما قتل أسامة رضي الله عنه ذلك الرجل في القصة المعروفة ، وهذا يعني :

ـ أن الرسول صلى الله عليه وسلم مسؤول عن تصرفات أسامة لأنه من رعايا الدولة ، والدولة مسؤولة عن تصرفات رعاياها ، بينما أبو بصير فليس كذلك ، فالدولة ليست مسؤولة عن أفعاله .

ـ أن ما يترتب على تصرف أسامة فمردود ، أما أبو بصير فما ترتب على فعله فقد أجراه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يعني أنه صحيح .

ولم يحاول أن يتوسط لقريش لإيقاف أبي بصير ومن معه ، ولم يقم برفض حركة أبي بصير أو التشنيع عليها ، ووصفها بصفات السوء ... بل ترك الأمر بين حركة أبي بصير وبين قريش ، فقريش حاربت هؤلاء المستضعفين وهم يقومون بحقهم في الرد عليها ، وأنا لا علاقة لي بذلك ، فأنا محايد ، لكن حيادي لا يعني أن أعترض على من يطالب بحقه ، فهذا ليس من بنود الصلح ...

سادساً : وأقول لمن يحمل راية الجهاد في العالم الإسلامي ...

عليكم حصر المقاومة والجهاد ضد العدوان الخارجي ، حيث لا شبه ولا التباس ، وحيث الأمة تـقـف وراءكم دون حيرة وخلطٍ للأوراق ، وحيث العدو واضح لا يختلف عليه أحد..

وحيث من يخالف حركة المقاومة ضد الاستعمار يحرق نفسه كائناً من كان ، ولن يشفع له أي تاريخ كان قد صنعه ، لأنه عندئذ سيكون كمن يلعب بالنار ...

عليكم أن تبتعدوا عن الحرب داخل الأمة ، فالسلاح أعمى ، والمبالغة في فتوى التترس ليست من الفقه ، ومثلها المبالغة في الركون على أن من يقتـل من المسلمين فإنه سيلقى الله على نيته !

وعلى من استدرج إلى لعبة السياسة عليه أن يعود إلى ساحة المقاومة ، ويعيد ترتيب أوراقه كما كانت ، وليدع خوض المفاوضات للعملاء ، وابق أنت في خندق المقاومة ..

وبعد فهذا ما أمكن استنباطه من حركة أبي بصير رضي الله عنه ، أحببت تقديمه إلى من يقف على يمين الحركة ، ومن يقف على يسارها ، دفعني إليه ما يثيره بعض العلماء حول حركات المقاومة ، أسأل الله أن يثيب على الصواب ، وأن يتجاوز عن الخطأ ، والحمد لله رب العالمين .

* كاتب ومفكر إسلامي.

http://qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=7199&Itemid=1

من هناك
06-28-2010, 04:28 AM
يجب على ابي بصير (الحالي) ان يقرأها

سائر في رحاب الله
06-29-2010, 02:17 PM
ثالثاً : وهذه أحب أن ينتبه لها المنبطحون ، أو الأغبياء الذين يقودون المفاوضات مع المحتـلين ... وهي كيف يدير المفاوض المحنك أدوات الضغط المتوفرة بين يديه ، وكيف يحرك أوراق اللعبة سواء كانت سياسية أو عسكرية دون أن يظهر بأنه يخالف أصول المفاوضات ..



المنبطحون من أمثال محمود عباس ومن لف لفه ..... وجامعة الدول العربية ومن لف لفها ...... وكلاب الروم ومن لف لفهم ..... تركوا عقولهم جانباً فلا أمل أن يقرؤوا .....

صرخة حق
06-30-2010, 06:06 AM
كلنا يجب أن يقف عند قصة أبي بصير " ويل أمه ، مسعر حرب لو كان معه رجال "

قصة يجب أن تدرس للأبناء لنريهم كيف هو علو الهمة .. الرسول يفي بالوعد ولكنه إسلام رجل !!!!يعني كيف لا أقبل من يسلم ؟؟!!

وما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمته تلك إلا عندما وجد تصميما ليس له نظير لأبي بصير للخروج من ما كان عليه

ذلك المستضعف الذي صار أسدا ومسعر حرب .. وهذه أمتنا وهؤلاء رجالنا لا نستهين بأحد منهم إن صمموا

واليوم .. من هو الذي نراه خارج المساءلة القانونية ؟! وما رد أولياء الأمور إن قيلت لهم كلمة : أنتم إرهابيون !!

إنهم يخنسون ... ويخافون ... وحتى لا يسألون .. ما سبب التسمية ..

وسراعا يلتفتون على الشعب ليحاكموا وليصادروا الحريات وليسجنوا

ولكن ليس هناك مانع من أن يكون لدينا مثل أبي بصير وأبي جندل

و يحكي تاريخنا عن شخصيات قاومت الاستعمار بحروب العصابات ولم تركن للحكومات المحكمة من قبله




عليكم أن تبتعدوا عن الحرب داخل الأمة ، فالسلاح أعمى ، والمبالغة في فتوى التترس ليست من الفقه ، ومثلها المبالغة في الركون على أن من يقتـل من المسلمين فإنه سيلقى الله على نيته !

وعلى من استدرج إلى لعبة السياسة عليه أن يعود إلى ساحة المقاومة ، ويعيد ترتيب أوراقه كما كانت ، وليدع خوض المفاوضات للعملاء ، وابق أنت في خندق المقاومة ..





ر سالة رائعة

ولي تعليق:

أما من يقتل المسلمين فسيلقى الله على نيته .. لا تكفيه نيته بل يجب عليه أن يتحرى ألا يصيب دماء المسلمين