تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : "عباد الرحمن" و"الارشاد والإصلاح": شبكة مؤسسات ضخمة يستحيل تمويلها من التبرعات



من هناك
06-18-2010, 09:01 PM
نموذجان من جمعيات العمل الدعوي والخيري الاسلامي في بيروت والمناطق
"عباد الرحمن" و"الارشاد والإصلاح": شبكة مؤسسات ضخمة يستحيل تمويلها من التبرعات



الجمعيات الدعوية والرعائية والخيرية الاسلامية تتزايد قوتها وتنتشر في بيروت والمناطق. هنا استقصاء جزئي عن اثنتين منها: "عباد الرحمن" و"الإرشاد والإصلاح".
إذا أردنا أن نؤرخ لحركة انشاء الجمعيات الدينية الحديثة في بيروت، فإن محمد عمر الداعوق، مؤسس جماعة "عباد الرحمن"، هو أول من افتتح العمل الدعوي لتأسيس هذه الحركة. ولد الداعوق، "أبو عمر"كما كان يحب أن ينادى، في العام 1910. ورغم أنه من عائلة بيروتية معروفة ومرموقة، عاش حياة اليتم في وقت مبكر من طفولته، إذ توفي والده وهو بعد صغير، فعرف شظف العيش وحياة الفاقة، في ظروف صعبة زادت من قساوتها ظروف الحرب العالمية الأولى. وكما درج أبناء العائلات الفقيرة في زمنه، التحق الفتى اليتيم بمدرسة الصنائع في بيروت، وحصل على شهادة فنية في الميكانيك. وفي الأثناء كان يتردد للصلاة في أحد المساجد البيروتية، فالتقى الشيخ سعدي ياسين وتتلمذ عليه، واكتسب جانبا من العلوم الدينية والتزم بها. كانت فلسطين في ذلك الوقت تستقطب اليد العاملة الفنية، فتوجه الشاب محمد الداعوق إليها، يبحث فيها عن رزقه، شأنه شأن الكثيرين من أبناء جيله من البيارتة. وفي العام 1947 حدثت نكبة فلسطين، فعاد إلى لبنان تاركا وراءه ما كان أسسه هناك في شبابه.


تأسيس "عباد الرحمن"

إثر عودته إلى بيروت، دخل " أبو عمر" في مرحلة "تأمل" باحثا عن الأسباب التي أوصلت إلى "النكبة" وضياع فلسطين. ولأنه كان ينتمي إلى عائلة فقيرة، رأى أن تفسخ المجتمعات العربية، وتفشي الظلم والفساد والعداء والكراهية وحب الذات وإيثارها، تطغى على مصلحة الجماعة، مما جعل من انعدام القيم أرضاً خصبة لـ"النكبة" التي حلت بالأمة. وسيرا على خطى النهج الإصلاحي، رأى أن الدعوة الى القيم الأخلاقية الدينية هي الكفيلة بإصلاح المجتمع وتحقيق النصر. فبدأ منفرداً بالطواف على المساجد والدعوة الى القيم الاسلامية، من تكافل وتضامن، فحظيت دعوته باستقطاب عدد متزايد من الشباب ورواد المساجد الذين صدمتهم "النكبة". كانت دعوته تتركز في مساجد علي بن أبي طالب في الطريق الجديدة، وجامع الحرش، والمسجد العمري الكبير في وسط بيروت. وفي تلك الحقبة كان يعمل في معامل "قصارجيان" للحديد في عين الرمانة، فعزم على الانتقال في دعوته من العمل الفردي إلى العمل الجماعي، فأسس "جماعة عباد الرحمن" التي ركزت في دعوتها على المثل العليا والقيم الأخلاقية، والوعظ والإرشاد، واشتقت اسمها من الآية القرآنية التي تقول: "وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما".


شبل في الكشافة

كان بيتنا في ذلك الوقت من خمسينات القرن الماضي مجاوراً لمركز جمعية أخرى، هي "جمعية مكارم الأخلاق" في البسطا الفوقا خلف المخفر. لكننا لم نكن نشعر لها بنشاط، حين تشكلت كشافة "عباد الرحمن"، التي دخلت فيها، وعهدت قيادة كشافتها إلى المرحوم عبد الودود فايد وأحمد صقر الذي هاجر مبكرا إلى أميركا بعد تخرجه مهندساً من "الجامعة الأميركية في بيروت". وما أذكره عن تلك الأيام وأنا بعد في حوالي العاشرة، أن "أبو عمر"، بعد فراغ الإمام من صلاة الجماعة، كان يعطي أحد الشبان ورقة،ليعطيها للإمام، وفيها طلب بالسماح له أن يلقي على المصلين كلمة، فيومي الإمام برأسه ليتوجه "أبو عمر" لإلقاء موعظته. ومما انطبع في ذاكرتي أن الواعظ كان فارع الطول نحيل الجسم دقيق مكونات الوجه، ترتسم على وجهه لحية خفيفة، ويتمتع بلياقة بدنية عالية جعلته قدوة بين الشبان الذين كان يهتم بتربيتهم. وكان إذا بدأ الحديث بصوته الهادىء المنساب بآيات قرآنية وأحاديث نبوية، ترى الجميع منصتين، كأن على رؤوسهم الطير،وهم يهزون رؤوسهم علامة الموافقة على ما يقول. وكان برنامج الكشفية مليئا بالحيوية والنشاط، وتنظيم الرحلات وإقامة المخيمات. ولم يقتصر نشاط محمد عمر الداعوق على بيروت، بل وسّعه الى بعض القرى اللبنانية. وعندما ذاع صيته، طلبت منه إذاعة الشارقة أن يقدم أحاديث دينية مسجلة، فتوجه إلى الشارقة والخليج، ليقوم بالدعوة في وسائل الإعلام هناك. وكانت له دروس منتظمة في تلفزيون دبي. وبعد ذلك تطور عمل الجماعة وتوسع نشاطها، فانتقلت إلى مجال الخدمات الإجتماعية والصحية التي تزايدت الحاجة إليها في الحرب الأهلية.
مؤسسة رعوية إسلامية
توفي محمد عمر الداعوق في العام 2006 عن عمر يناهز الستة والتسعين عاما، مخلفاً وراءه مركزاً للجمعية في منطقة بربور، وهو بناء من سبع طبقات، تستخدم إحدها مسجداً، والاخرى لمختلف النشاطات الإجتماعية والثقافية والصحية، إضافة إلى مكتبة غنية تحوي 33 ألف عنوان. وتعمل جماعة "عباد الرحمن" اليوم على توسيع البناء، بعدما ضمت إليه قطعة أرض ملاصقة سوف تقيم عليها مجمعا آخر متعدد النشاط.
واللافت هو نمط البناء الحديث والمكلّف ملايين الدولارات، لجمعية خيرية مهمتها مساعدة الفقراء والمحتاجين.
صودف، وأنا أجري هذا التحقيق، أن أكون شاهد عيان على بعض النشاطات والتقديمات التي أذهلتني. فالمستوصف الكائن في الطبقة الأرضية مزدحم في كل يوم، وشهدت توزيع شوالات من المواد الغذائية يفوق عددها الألف، وكذلك أكياس الألبسة المستعملة. أما المفاجأة فكانت حين أتت سيدة أنيقة تحمل كيسا ممتلئا بالألبسة المستعملة لتتبرع بها. وحين سألت محدثي عن الأمر أجابني بأنهم يتبعون نظام استقبال التبرعات الكسائية، وأثاث المنازل المستعملة، وتنظيفها وتوضيبها،وإرسال الفائض منها إلى عكار. أما المفاجأة الكبرى فكانت دخول امرأة ستينية بيدها كيس مليئ بالأدوية، فإذا المرأة مسيحية وتدعى أم نقولا، أتت من منطقة بعيدة لتقديم المعونات الطبية التي توزعها الجماعة على المحتاجين.
مع هذه الصورة لتقديمات "جماعة عباد الرحمن"، تنتقل هذه الجمعية من نطاق الجمعيات الخيرية الموسمية،إلى مؤسسة إجتماعية رعوية محترفة. هذا ما يؤكده عدد الموظفين الكبير في الجمعية، وكمية المساعدات التي توزعها، ونوعيتها.


جمعية الإرشاد والإصلاح

تأسست هذه الجمعية العام 1984، في ظروف يقول عنها رئيسها المهندس وسيم مغربل، إن الناس والشباب تكاثروا في صفوفها، بعدما وصلوا إلى حال من "القرف من الأحزاب والتنظيمات التي تجاوزت في ممارساتها المنطق والمعقول". فهي اثبتت بالدليل القاطع فشلها في تقديم الحلول للمسائل السياسية والإجتماعية، وفي ظل ما آلت إليه الأوضاع من تدهور.
هكذا وجدت مجموعة من الشبان في منطقة تلة الخياط، أن المسؤولية تدعوهم الى التوجه نحو الناس بالإرشاد الديني - الدعوي، وبث قيم الأخلاق الإسلامية في التعاون والتكافل، وإحلال منطق "الإصلاح"، بديلا من منطق "الثورة" التي أورثتنا هذا الحجم الهائل من الدمار والخراب والإنهيار. وإلى جانب النشاط الإرشادي - الدعوي، دخل الشبان انفسهم ميدان العمل الخيري، من أجل تلبية حاجات المجتمع المنهك من الحروب والصراعات. وكم كانت المفاجأة كبيرة في ان ابناء المنطقة الموسرين، لم يبخلوا على الناشطين بالتبرع، وتقديم الزكاة والصدقات التي تشكل المصدر الأساسي لتمويل الجمعية، بعد تخلي الاهالي عن تقديمها في ظروف الحرب وتفشي أسلوب فرض الخوات. وهكذا عادوا إلى التبرع لإغاثة المحتاجين، بعد ووثوقهم بالجمعية الناشئة، التي سعت الى استقطاب العشرات من فتيان الحي، عن طريق إقامة مكتبة للمطالعة أصبحت تضم الآن ما يقارب 20 ألف عنوان. وشملت النشاطات الشبابية، إقامة مخيمات هادفة للطلاب والطالبات، للحوار والإسعافات الأولية ومناقشة الكتب، اضافة الى النشاطات النسائية لكل الأعمار. والعمل النسائي ناشط في "ملتقى النور" للطالبات في الجامعات والمدارس. ثم ان الجمعية في صدد إقامة رالي لسباق الدراجات تخصص فيه جوائز للفائزين.
أما المراكز التابعة للجمعية، فان تسمياتها تعود إلى ما ترمز إليه من قيم اسلامية، مثل السلطان محمد الفاتح الذي سمي المركز الرئيسي في تلة الخياط والمسجد باسمه، وذلك إعجابا بدور السلطان العثماني وشخصيته. فهو فاتح القسطنطينية، حينما كان لا يزال في الثالثة والعشرين من عمره. وهناك ايضا مسجد حمزة بن عبد المطلب، وهو قيد البناء في منطقة الكولا. والإسم للدلالة الى روح التضحية والجهاد اللذين كان يتمتع بهما "أسد الله"، وصولا الى مسجد الحسن بن علي في دوحة عرمون. وهناك ايضاً "مركز مريم بنت عمران" في منطقة الكولا، للدلالة إلى أهمية العذراء في الإيمان الإسلامي، وتأكيدا لدور المرأة الاجتماعي. ثم "مركز سلطان العلماء" العز بن عبد السلام في عكار، لإبراز الدور الذي لعبه هذا العالم في الدعوة إلى مواجهة المغول ودحرهم بعد جمع صفوف المسلمين. أما مسجد الناصر صلاح الدين، فهو في طور التأسيس، في مدينة عرسال البقاعية، لما يرمز إليه صلاح الدين في العمل لتحرير بيت المقدس.
كان علي أن أسأل بعد هذا العرض، عما لفتني من النمط العمراني العثماني للمآذن، وإن كان هنالك حنين مبطن لدولة الخلافة، كما هي الحال عند "حزب التحريرالإسلامي" مثلا . لكن المهندس مغربل نفى هذا الأمر، وقال أن كل ما في الأمر هو مجرد الإعجاب بهذا النمط من الفن المعماري. ثم دعاني محدثي لأجول برفقته في البناء المؤلف من 6 طبقات، الخامسة للإدارة، والسادسة خالية، أما الرابعة فتحوي المكتبة، والثالثة داراً للحضانة والنشاط النسائي، والأولى والثانية فارغتان، فيما الطبقة الارضية مخصصة للمسجد.

مداخيل ضخمة

أثناء جولتي في المبنى أزف موعد صلاة الجمعة، فرأيت المسجد مزدحماً بالمصلين، وكان الخطيب قد بدأ خطبته، فجلسنا في ركن نستمع الى الخطبة التي تمحور موضوعها حول التبرع للأعمال الخيرية التي تقوم بها الجمعية. وشكر الخطيب المؤمنين لتبرعهم في الجمعة الماضية بمبلغ خمسة آلاف دولار، بينما كانت التقديرات ترجح ألفي دولار فقط. ثم دعا الخطيب الحضور الى التبرع من أجل غزة والصامدين فيها. بعد الصلاة شهدت ازدحاما على صناديق التبرع لم أكن لأتوقعه. فمنطقة تلة الخياط تضم العديد من العائلات الميسورة القادرة على التبرع والعطاء. ثم ان أعضاء الجمعية وهيأتها الإدارية هم إما مهندسون أو أطباء، وبينهم تجار ناشطون في العمل الدعوي والخيري. وعندما سألت رئيس الجمعية عن التنسيق ما بين الجمعيات وعلاقتها بدار الفتوى، أجاب بأنه كانت هناك محاولات عدة لإقامة رابطة بين الجمعيات الإسلامية ولكنها لم تنجح. غير أن هناك تنسيقاً مع "جماعة عباد الرحمن" في ما يخص أضاحي العيد التي يجري شراؤها على نحو مشترك، للحصول على سعر أرخص للكمية الأكبر.
اما مصادر تمويل الجمعية فتقتصر على تبرعات أهل الخير المحليين، كأن رئيس الجمعية في توضيحه هذا، استبق سؤالي عن مصادر التمويل. لكن ما سمعته ورأيته من ضخامة المشاريع المنجزة والتي قيد الانجاز - وتتجاوز كلفتها ملايين الدولارات - لا يمكن أن يغطيها قط هذا النمط من التبرعات. وإذ اجتهدت لمعرفة مصادر التمويل الفعلي لشراء العقارات وبناء المساجد والمدارس والمؤسسات الإجتماعية، لم أحصل على جواب، سوى القول ان الجمعية ملزمة اصدار بيان سنوي عن انفاقها. اما الدخل فلا بيانات فيه قط، رغم أن الجمعية ملزمة أن تتقدم من وزارة الداخلية بنسخة عن موازنتها في بداية كل سنة. وهذا ما جعلني أذهب في تقديراتي إلى مشروعين استثماريين، يمكن أن يشكلا مصدرا جزئيا للدخل، وهما "المدرسة اللبنانية العالمية" على طريق المطار، والتي تتسع لـ550 طالبا، وهي وفق رئيس الجمعية، غير مجانية. وهناك ايضاً "حملة السلطان محمد الفاتح للحج والعمرة"، وهي من أكبر حملات الحج وأنجحها.
وفي العام 2008 تقدمت الجمعية من وزارة الداخلية بطلب تعديل الغاية من تأسيسها، والتي كانت مقتصرة على أربعة بنود هي: الأعمال الخيرية، مساعدة الفقراء، إنشاء مكاتب ثقافية، إنشاء مدارس غير مجانية، فأصبحت تشمل ستة عشر بند، شملت المساعدات الصحية والإنمائية والإغاثة بالتعاون مع الهيئات الدولية والداخلية، وإقامة مراكز التدريب المهني للفتيات والشبان، وحماية البيئة ومكافحة التدخين والمخدرات، والإهتمام بشؤون المساجين، وأعمال الدفاع المدني.

محمد صالح أبو الحمايل

أم ورقة
06-19-2010, 12:15 PM
و لكن ما فائدة هذا التساؤل؟

هل هم يشككون أن تكون هذه الأموال قادمة حقاً من تبرعات؟

هل يشككون أن هناك في زماننا هذا من يتبرع بأكثر من زكاة أمواله؟

هل يشككون أن هناك من يتبرع بعقارات؟


أنا أعلم من تبرّع بعقار لكي يبنى عليه مسجد...


فما الفائدة من التشكيك بمصدر هذه الأموال.... لست أدري


ولو افترضنا أن الأمر عكس ذلك

أي لو افترضنا ان هذه الجمعيات تشكو من شح التبرعات

فماذا سيقال؟

سيقال ان المسلمين مقصرون في دفع التبرعات - و تحديداً الزكاة


و لكني أظن أنه بزمننا هذا، على الرغم من فساده،
و لكن ما زال هناك أشخاص " عم يطلّعوا الفرق"
يعني... ما زال هناك أشخاص على قلّتهم يدفعون أكثر من باقي المسلمين على كثرتهم........

هذا موجود في زماننا....

من هناك
06-19-2010, 01:55 PM
هناك الكثير من المشككين الذين لا يرون إلا المراكز الإسلامية. تمنيت لو ان هذا الرجل كتب عن نشاطات الأحباش ومصادر تمويلهم او انه كتب عن الأوقاف غير الإسلامية.

لكن هؤلاء مثل البوم لا يملكون إلا النعيق ولذلك لا اظن انه يجب علينا ان نستغرب منهم هذا.