تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : [واجباتنا العظام في زمن المذلة والانهزام]



أبو يونس العباسي
06-09-2010, 07:38 AM
[واجباتنا العظام في زمن المذلة والانهزام]
أبو يونس العباسي

http://33er44ty55f.maktoobblog.com/
الحمد لله الذي جعل نصرة المسلم لأخيه المسلم فرض وواجب , ورتب عليه في الجنة أعلى المنازل والمراتب , وحث عليها الناس من أمي وكاتب , وأشهد أن لا إله إلا الله , وحده لاشريك له , رب المشارق والمغارب , والصلاة والسلام على سيدنا محمد , الذي أمر بالمكرمات ونهى عن المعائب , ورضي الله عن الآل والصحب , ذوو الخوارق والعجائب … ثم أما بعد :
[الواجب الأول: واجب التوحد على التوحيد]
إن من أهم الواجبات في زمن المذلة والانهزام أن نتوحد على التوحيد , فإن التفرق ضعف والتوحد قوة …
قال الله تعالى:
{ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)}[الأنفال]
وإن التوحد على التوحيد واجب يثاب فاعله ويأثم ويذم تاركه …
قال الله تعالى:
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (103)}[آل عمران]
وقال أيضا:
{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ (4)}[الصف]
وقال أيضا:
{ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (36)}[التوبة]
وقال أيضا:
{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73)}[الأنفال]
قال الشاعر:
تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسرا *** وإذا افترقن تكسرت آحادا
وليعلم الجميع أن العرب والمسلمين لن ينجحوا في التوحد أبدا إلا يوم يجتمعوا ويتوحدوا على التوحيد ومنهج الله الكريم المجيد …
قال الله تعالى:
{ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (63)}[الأنفال]
[الواجب الثاني:البعد عن الإشاعات وعن كل ما يوهن المسلمين]
إن من أهم الواجبات في زمن المذلة والانهزام البعد عن الإشاعات , ويعلم كل عاقل ما للإشاعات من آثار سيئة في إضعاف نفوس المسلمين ومعنوياتهم …
قال الله تعالى:
{لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (60) مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61) سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)}[الأحزاب]
[الواجب الثالث: حسن الظن بالله تعالى]
إن من أهم الواجبات في زمن المذلة والانهزام حسن الظن بالله , نقول هذا في زمن يتحدث الكثيرون من أبناء جلدتنا عن الأمة الإسلامية أنها ومن غير الممكن أن ننتصر على التحالف الصهيوصليبي , وكثير من الناس سمعته يقول:
معقول نهزم اليهود معقول نهزم النصارى …. أين نحن منهم؟ أين نحن وأين هم؟
وإن الناس يوم تنشب المعارك مع أعداء الله على صنفين …
1ـ صنف واثق بالله ونصره وأن المستقبل لهذا الدين …
قال الله تعالى:
{ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا (22)}[الأحزاب]
2ـ والصنف الآخر صنف يشك في نصر الله ويسيء الظن به ويرى بينه وبين النصر حجرا محجورا …
قال الله تعالى:
{ وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا (12)}[الأحزاب]
[الواجب الرابع:إعداد العدة سواء أكانت إيمانية أو عسكرية]
ولنعلم جميعا أن من أهم الواجبات في زمن المذلة والانهزام أعداد العدة بنوعيها , وإن العدو الكافر ما تجرأ علينا إلا يوم فرطنا بالجهاد ثقافة وممارسة , فالعالم وخاصة اليهود لا يحترمون إلا القوي , وحق بدون قوة حق ضائع , ولذلك أمرنا الله بامتلاك القوة والسعي في تحصيلها …
ودليل وجوب إعداد العدة الإيمانية قوله تعالى:
{ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (55)}[النور]
أما دليل وجوب إعداد العدة العسكرية فقوله تعالى:
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)}[الأنفال]
ولقد جعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أهم أسباب الذل والهزيمة الركون إلى الدنيا وترك الجهاد في سبيل الله تعالى …
أخرج أبو داوود في سننه عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
<< إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ.>>
قال الشاعر:
أخي جاوز الظالمون المدى *** فحق الجهاد وحق الفدا
وليسوا بغير صليل السيوف *** يجيبون لنا صوتا أو صدى
فجرد حسامك من غمده *** فليس له بعد أن يغمدا
أخي أيها العربي الأبي *** أرى اليوم موعدنا لا الغدى
[الواجب السادس:التحلي بشعور بالأمل واجتناب اليأس والقنوط والانهزام النفسي]
ولنعلم جميعا أن من أهم الواجبات في زمن المذلة والانهزام: التحلي بشعور بالأمل واجتناب اليأس والقنوط والانهزام النفسي , وإننا نرى كثيرين من المسلمين تظهر عليهم ملامح اليأس والقنوط والانهزام النفسي وهذا أمر محرم في دين الله , لأن التحلي بالأمل واجب والعور بالانهزام النفسي حرام …
قال الله تعالى:
{ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6)}[الشرح]
قال ابن مسعود:
والله لو كان العسر في جحر ضب لدخل إليه اليسر.
وإن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان متحليا بروح الأمل في أوقات البلاءات والصعوبات والضغوطات …
أخرج البخاري في صحيحه عَنْ خَبَّابِ بْنِ الْأَرَتِّ قَالَ:
<< شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ بُرْدَةً لَهُ فِي ظِلِّ الْكَعْبَةِ قُلْنَا لَهُ أَلَا تَسْتَنْصِرُ لَنَا أَلَا تَدْعُو اللَّهَ لَنَا قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ يُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهِ فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُشَقُّ بِاثْنَتَيْنِ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ مَا دُونَ لَحْمِهِ مِنْ عَظْمٍ أَوْ عَصَبٍ وَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ وَاللَّهِ لَيُتِمَّنَّ هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى يَسِيرَ الرَّاكِبُ مِنْ صَنْعَاءَ إِلَى حَضْرَمَوْتَ لَا يَخَافُ إِلَّا اللَّهَ أَوْ الذِّئْبَ عَلَى غَنَمِهِ وَلَكِنَّكُمْ تَسْتَعْجِلُونَ. >>
والعرب تقول:
اشتدي أزمة تنفرجي , وإن أشد أوقات الليل ظلاما هي اللحظة التي تسبق الفجر.
واليأس في الدين حرام والقنوط كذلك حرام …
قال الله تعالى:
{ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)}[يوسف]
وقال أيضا على لسان إبراهيم لما بشر بغلام عليم:
{ قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ (56)}
وأن يستولي على المسلم روح العجز والهزيمة النفسية فإن ذلك حرام أيضا …
أخرج مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
<< الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَزْ وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا وَلَكِنْ قُلْ قَدَرُ اللَّهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ.>>
[الواجب السابع: الصبر على الدين والثبات عليه وعدم التراجع أو التنازل]
ومن الواجب معرفته أيضا أن من أهم الواجبات في زمن المذلة والانهزام الصبر على الدين والثبات عليه وعدم التنازل عنه مهما كانت الضغوطات…
قال الله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)}[آل عمران}
وإن من أهم أسباب النجاة من كيد الأعداء الصبر على أذاهم وعدم الاكتراث بأفعالهم فالقافلة تسير والكلاب تنبح ...
قال الله تعالى:
{إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (120)}[آل عمران]
قال الشاعر:
لو كل كلب عوى ألقمته حجراً لأصبح الصخر مثقال بدينار
والصبر على تكاليف الدين رغم الصعوبات والمشاق ديدن أتباع الرسل وأنصارهم في كل زمان ومكان …
قال الله تعالى:
{ وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (147) فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)}[آل عمران]
[الواجب الثامن الاهتمام بالإعلام لما له من أهمية في إحراز النصر ]
قال الله تعالى:
{وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (3)}[التوبة]
[الواجب التاسع: الاستعانة على النصر بفعل الطاعات واجتناب المنكرات]
إن من أهم الواجبات في ومن الانهزام الاستعانة على النصر بفعل الطاعات واجتناب المنكرات , ومن أهم الطاعات التي لابد من ممارستها عبادة وطاعة الدعاء …
قال الله تعالى معلقا على معركة بدر الكبرى:
{إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ (9)}[الأنفال]
ومن المعلوم أن من أهم أسباب الهزيمة الانحراف عن منهج الله ـ سبحانه وتعالى …
أخرج ابن ماجه في سننه من حديث ابن عمر أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
<< وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَّا جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ.>>
وأخرج البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:
<< جُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِي وَجُعِلَ الذِّلَّةُ وَالصَّغَارُ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرِي.>>
إن الوقوف عند هذه الأسباب والعمل على معالجة الخلل الذي عم وطم في مجتمعاتنا هو السبيل الوحيد للتحرر من الذل والهوان …
قال الله تعالى:
{ … إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ (11)}[الرعد]
[الواجب العاشر: العمل على إعادة دولة الإسلام التي تحكم بالشريعة]
إن من أهم الواجبات في ومن الانهزام العمل على إعادة دولة الإسلام التي تحكم بالشريعة لما للدولة من كبير الأثر في حفظ ورعاية حقوق وكرامة رعاياها , ولعل من أهم أسباب ذل المسلمين وهوانهم أنه لا توجد لهم دولة ذات مرجعية دينية تدافع عن حقوقهم وكرامتهم كمسلمين , والإمام كما جاء وصفه في الأحاديث بأنه وقاية وحماية وسندا لرعيته ومواطنيه …
أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
<< مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي وَإِنَّمَا الْإِمَامُ جُنَّةٌ يُقَاتَلُ مِنْ وَرَائِهِ وَيُتَّقَى بِهِ فَإِنْ أَمَرَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَعَدَلَ فَإِنَّ لَهُ بِذَلِكَ أَجْرًا وَإِنْ قَالَ بِغَيْرِهِ فَإِنَّ عَلَيْهِ مِنْهُ.>>
ودعونا نستذكر بعض الأمثلة من سيرة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتي توضح هذا المعنى وتجليه وهي كالتالي:
1ـ لقد كان السبب الرئيس في غزو النبي الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ لبني قينقاع أنهم أرادوا امرأة مسلمة أن تكشف لهم عن وجهها فأبت حتى أرغموها على ذلك فثار مسلم لها فقتل من أرغمها فاجتمعت عليه يهود فقتلوه , فكان حكم الله فيهم أن يقتلوا لولا أن ابن سلول تشفع لهم وألح وأثقل على الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى وافق على شفاعته.
2ـ قبيل صلح الحديبية لما بعث النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بعثمان بن عفان ليفاوض المشركين حول رغبة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحبه الكرام في الاعتمار , وبعيد ذهابه وصل الخبر للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأن عثمان قد قتل , فماذا كان رده ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؟
ألم يطلب من المسلمين مبايعته على الموت ثأرا وانتقاما لدم مسلم واحد؟!!
قال الله تعالى:
{ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا (18) وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (19)}[الفتح]
وأضرب بمثال من واقعنا المعاصر ألا وهو ما يتعلق بالأسرى , فالمسلمون لهم من الأسرى عند أعداءهم الآلاف فهل تسمع المؤسسة الرسمية في الدول التي تقطنها غالبية مسلمة تهتم بهم ….
قارن ذلك مع اهتمام اليهود بأسيرهم شاليط أو باهتمام المشركين بأسراهم لتعرف كم نحن بحاجة إلى دولة مسلمة تنشغل وتهتم لقضايانا الأممية الإسلامية العادلة…
إن من الجدير الذي لا بد من التنبيه إليه أن الكون يحتوي على مسلمين ومجتمعات إسلامية ولكن الدول وحكامها لا يمتون للإسلام بصلة فتوصيفهم الحقيقي بأنهم مناديب التحالف الصهيوصليبي أو خدام الأجندة الصهيوصليبية أو عملاء الصليب أو غير ذلك من الأوصاف.
وانظروا إلى وضع المسلمين يوم كانت لهم دولة ذات شوكة وأقرأ على مسامعكم وثيقه وهي عبارة عن رسالة بعثها الملك جورج الثاني ملك إنجلتراوالتي أرسلها مع ابنة أخيه الأميرة دوبانت ورئيس ديوانه على رأس بعثة مكونة منثماني عشرة فتاة من بنات الأمراء, وهذا نصها:
( من جورج الثاني ملك إنجلتراوالغال والسويد والنرويج إلى الخليفة ملك المسلمين في مملكة الأندلس صاحب العظمةهشام الثالث الجليل المقام , وبعد التعظيم والتوقير…
فقد سمعنا عن الرقي العظيم الذيتتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة فأردنا لأبنائنااقتباس نماذج هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم فيبلادنا التي يسودها الجهل من أربعة أركان …
ولقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة دوبانتعلى رأس بعثة من بنات أشراف الإنجليز تتشرف بلثم أهداب العرش والتماس العطف لتكونمع زميلاتها موضع عناية عظمتكم ، وحماية الحاشية الكريمة وحدب من اللواتي سيتوافرونعلى تعليمهن .
ولقد أرفقت مع الأميرة الصغيرة هدية متواضعة لمقامكم الجليل أرجوالتكرم بقبولها مع التعظيم والحب الخالص .
من خادمكم المطيعجورج م . أ
وها هو ملك فرنسا تأسره ألمانيا فيبعث رسالة إلى خليفة المسلمين يستجديهفيخلصه من الأسر.
وها هي أمريكا تدفع الأتاوه أو الضريبة لوالي الجزائرمقابل المرور بسفنها من البحر …
وها هو آخر خليفة عثماني يصدر فرمانا "منع اليهودمن دخول فلسطين" 13ربيع أول 1301هـ ـ 22يناير 1883مجاء فيه:
<< بمنع أي يهوديروسي أو روماني أو بلغاري أن يطأ قدمه أرض فلسطين
وقولته المشهورة بعد عرض هرتسليقول فيها " ولان يبتر عضوا من جسدي اهون علي من أرى فلسطين قد بترت عن دولةالخلافة.>>
[الواجب الحادي عشر: ضرورة التفاعل مع قضايا الأمة وحرمة الحياد]
فالكثيرون من المسلمين لو راجعته فيما يتعلق بقضية نصرة قضايا الأمة أجابك بأنه لا يتدخل في مثل هذه الأمور لأنها لا تعنيه ولا تخصه لا من قريب ولا من بعيد …
وإن الحياد عن قضايا الأمة وهمومها صفة المنافقين وهذا ما بينه الله في كتابه الكريم …
قال الله تعالى:
{ وَطَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ مَا لَا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (154)}[آل عمران]
إن تفاعل المسلم ونصرته لقضايا أمته واجب شرعي ديني …
قال الله تعالى:
{ وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72)}[الأنفال]
وأخرج مسلم في صحيحه عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
<< مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى.>>
قال الشاعر:
وكل يوم نرى للدين نازلة *** يا أمة الحق لا سمع ولا بصر
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
أبو يونس العباسي
غزة المحاصرة
الأحد
23 جمادى الآخرة 1431هـ
الموافق لـ 6|6 |2010م