تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تهافت "الحق التاريخي" أمام حقائق الإسلام



أبو عقاب الشامي
05-10-2010, 01:02 PM
نص الكلمة التي ألقيت في ندوة بعنوان: نظرة في "الحق التاريخي" و "حق العودة" في مدينة غزة 26-4-2010م





بسم الله الرحمن الرحيم



تهافت "الحق التاريخي" أمام حقائق الإسلام



إن أعظم ثروةٍ نالتها الأمةُ الإسلامية هي ثروةُ المبدأِ الإسلاميِّ الذي جعل منها أمةً سادت العالمَ بعد أن كانت قبائلَ مشتتةً لا وزن لها، وأهلّها للصمود في وجه أعتى الحملاتِ الفكريةِ والسياسيةِ والعسكريةِ التي استهدفت كينونتها وهويتها الإسلامية، وإن من أهم المحطاتِ على طريق نهضة هذه الأمةِ وعودةِ مكانتها وهيبتها على الساحة الدولية هي محطةُ تغييرِ طريقةِ التفكيرِ وتغيير القاعدةِ الفكرية التي تُبنى عليها الأفكارُ؛ لأنه لا تأثيرَ سياسياً عملياً للعقيدة الإسلامية ما لم تكن هي القاعدةُ الفكريةُ لجميعِ الأفكار وما لم تكن الأحكامُ الشرعية هي المسيرةُ للأعمال وليس العكس.



وفي موضوع الحق التاريخي في فلسطين مثالٌ صارخٌ على اختلال طريقة التفكير عند البعض وعلى أثره الخطير على قضايا المسلمين، والحقُ التاريخي في فلسطين فكرةٌ ابتدعها اليهود لمحاولة إثبات أحقيتهم المزعومةِ في فلسطين المباركة فقالوا أن اليهود كانت لهم مملكةٌ في فلسطين قبل آلافِ السنين وكان لهم معبدٌ يسمى الهيكل أيامَ سليمانَ عليه السلام ويزعمون أنه تحت المسجد الأقصى رغم أنهم لم يجدوا له أي أثرٍ حتى الآن، فانبرى لهم كثيرٌ من المسلمين يسردون التاريخ ويثبتون أن الكنعانيينَ الوثنيينَ الذين أتوا من جزيرة العرب كانوا يقطنون فلسطين قبل دخول اليهود إليها بما يزيد عن 1000 عام من أجل أن يثبتوا أن أهل فلسطين أحقُ بها من اليهود، وهكذا يكونون قد نسبونا للكفار، والرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول: (من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزاً وكرماً كان عاشرَهم في النار) وجعلوا فلسطين من حق الوثنيين ومن حق العرب أو الفلسطينيين خاصة دون سائر المسلمين، ويكونون على نفس الطريقة في التفكير قد جعلوا خيبر من حق يهود ولا حق للمسلمين فيها، وجعلوا كذلك لا حق للمسلمين بالأندلس واليونان وقبرص وصقلية وغيرها من البلاد التي كان قد فتحها المسلمون، وذلك بحجة أن المسلمين ليسوا أول من سكنها، وهذا مخالف لفرض استرجاع كلِّ أرض إسلاميةٍ غصبها الكفار.


ومع أن اليهود يروجون لفكرة الحق التاريخي إلا أنك إذا تمعنت جيدًا تجدْهم إذا خاطبوا شعبهم أو كان كلامُهم ليس للعامة يُرجعون الأمر إلى توراتهم المحرّفة وليس إلى مجرد التاريخ، فقد كان شعارُ (حزب مزراحي) خلال فترة الانتداب هو <<أرض إسرائيل لشعب إسرائيل وفقاً لتوراة إسرائيل[/b]>>، وحتى العلمانيين منهم كمناحيم بيغن فقد دعا إلى >>إعادة أرض إسرائيل بكاملها إلى أصحابها الذين منحهم الرب إياها<<، وكذلك صرّح حاييم وايزمن أمام اللجنة الملكية البريطانية أن >>صك ملكيتنا هو وعد إلهي<<، وأعلن بن - غوريون غيرِ المتدين أن >>التوراة هي (وثيقة) انتدابنا<<، وعندما سُئلت تسيبي ليفني لماذا لا تطبق "إسرائيل" قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقدس قالت:>> إن التوراة موجودة قبل قرارات الأمم المتحدة<<.


والسبب في اختلاف الخطاب عندما يكون عامًا للعالم عنه عندما يكون خاصًا أو داخليًا هو أن اليهود والعالم الغربي يريدون إظهار قضيةِ فلسطينَ على أنها مجرد قضيةِ قطعةِ أرض مختلفٌ عليها بين شعبين عاشوا فيها وكلٌ يدعي أحقيته فيها والفاصل في ذلك هي روايات التاريخ وما تدل عليه الآثار فتصبح المعركة حينئذ من جهة المسلمين معركةَ تاريخ وقطعَ آثارٍ تخضع للتفاسير المتغيرة بينما هي في حقيقتها معركةُ عقيدة، ومؤخرًا هنأ أوباما في حفلٍ علني قادة الكيان البغيض بمرور اثنين وستين عامًا على تأسيس كيانهم وتفاخر باعتراف أميركا به بعد 11دقيقة فقط من إعلانه وقال: >>[B]أرض فلسطين التاريخية هي الوطن التاريخي لليهود<<، وبذلك يعملون على حرف القضية عن مسارها الحقيقي ويؤخرون إلى أبعد مدىً يستطيعونه الحربَ العقائديةَ التي يتخوفون منها والتي إذا نشبت ستزيل سيطرة اليهود على فلسطين من جذورها، فهم ينطلقون حقيقةً من عقيدتهم الزائفة ويروجون فينا فكرة الحق التاريخي. ونحن أولى بأن ننطلق من عقيدتنا.


أيها الحضور الكريم:
إن الله هو الحق المبين، وهو مصدر الحقوق، والأرضُ لله حقيقةٌ يقررها الله تعالى في قرآننا المحفوظ في سورة الأعراف: (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) فالحق في الأرض كما أخبر موسى عليه السلام قومَه من بني إسرائيل ليست لمن يسكن أولاً وإنما لمن يورثّهم الله إياها بإيمانهم حتى ولو غلبهم عليها قومٌ آخرونَ لفترة معينة فإنها في النهاية من حق المتقين.


إن الحقيقةَ الشرعيةَ الثابتةَ أن الإسلامَ بيّنَ القاعدةَ التي تصبح على أساسها البلادُ بلادًا إسلاميةً، ويثبت لنا هذا الحقُ بإحدى طريقتين: أن يسلم أهلُ البلادِ من تلقاء أنفسهم فتصبح البلادُ إسلاميةً بإسلام أهلِها عليها كما حصل في اندونيسيا، أو عن طريق الفتوحاتِ الإسلاميةِ سواءً فُتحت عَنْوةً أو صلحاً، فالأرضُ التي نزلها المسلمون فتحاً أو صلحاً فهي أرضٌ إسلامية، كمصر والعراق وبيت المقدس وسائر بلاد الشام.
هذا هو المقياسُ الرباني على مر العصور في ظل الإسلام وهو حقيقةٌ شرعيةٌ قطعيةٌ لا تتغير، ولا يصمدُ أمامها أي مقياسٍ بشريٍ آخرَ لا الحقّ التاريخي ولا غيرِه، فالحقُ في الأراضي حقٌ شرعيٌ وليس حقًا تاريخيًا.



وبنو إسرائيل أمرهم الله تعالى بدخول الأرضِ المقدسةِ فلسطين بعدما شهدوا عدةَ معجزاتٍ بأعينهم منها انشقاقُ البحر ورفعُ جبل الطور فقال لهم موسى عليه السلام: (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) ولكنهم كعادتهم عصوا وردوا ردًا منكرًا (قالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُون) ثم وبعدَ عصيانهم للعديد من الأنبياء حكم فيهم داوود وخلفه ابنه سليمان عليهما السلام الذي يقول اليهود بأنه بنى معبدًا سموه الهيكل، والحقيقةُ أن السنةَ تقول أن سليمان عليه السلام بنى لله مسجدًا وكان بمثابة إعادةِ بناءٍ للمسجد الأقصى الذي بُني بعد الكعبة بأربعين عامًا، فقد روى البخاري عن أبي ذر رضي الله عنه قال: (قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال صلى الله عليه وسلم : " المسجد الحرام " قال قلت ثم أي قال : " المسجد الأقصى " قلت كم كان بينهما قال : " أربعون سنة) ، وروى الإمام أحمد في مسنده عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَمَّا فَرَغَ سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ مِنْ بِنَاءِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، سَأَلَ اللَّهَ ثَلَاثًا حُكْمًا يُصَادِفُ حُكْمَهُ وَمُلْكًا لَا يَنْبَغِي لَأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وَأَلَّا يَأْتِيَ هَذَا الْمَسْجِدَ أَحَدٌ لَا يُرِيدُ إِلَّا الصَّلَاةَ فِيهِ إِلَّا خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ" فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا اثْنَتَانِ فَقَدْ أُعْطِيَهُمَا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ قَدْ أُعْطِيَ الثَّالِثَةَ.". وعندما بعث الله محمدًا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم رسولاً للعالمين أورثه وأمتَه هذه الأرضَ المقدسةَ بإيمانهم وإتباعهم أمر ربهم لا بأسبقيتهم في سكنى الأرض وهم أولى الناسِ بإبراهيم وموسى وعيسى وداود وسليمان، فجعل قبلةَ المسلمين الأولى بيتَ المقدس وأُسرى بالرسول صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم إلى المسجد الأقصى وصلى الرسولُ بالأنبياء فيه وعرج منه إلى السماء، ثم بعد ذلك سلّم النصارى مفاتيحَ بيتِ المقدس للخليفة عمرَ بن الخطاب، فصارت بذلك بلدًا إسلاميًا مباركًا خالصًا للمسلمين من دون العالمين.



فالله تعالى يورث أرضه ويستخلفُ فيها المؤمنين مهما طال مكوثُ غيرِهم عليها، أما اليهود فقد كفروا وباءوا بغضب على غضب من الله بنص القرآن الكريم فلا حق لهم في فلسطين ولا في أي أرض إسلامية أخرى قال تعالى: (وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) وقال تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ)، أما أنبياء الله إبراهيمَ وموسى وداوود وسليمان وجميعُ من أرسلهم الله لهم فالمسلمون أحقُ بهم من اليهود والنصارى، قال تعالى : (مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلا نَصْرَانِيّاً وَلَكِنْ كَانَ حَنِيفاً مُسْلِماً وَمَا كَانَ مِنْ الْمُشْرِكِينَ (67) إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ) فصلة الأمم بالأنبياء ليست صلة نسب، ولا عرق ولا لغة، إنما هي صلة عقيدة، وقد روى البخاري عن ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قال : (( قدم النبي صلى الله عليه وسلم ، واليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال ما هذا اليومُ الذي تصومونه، فقالوا هذا يوم ظهر فيه موسى على فرعون، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أنتم أحق بموسى منهم فصوموا)) فمهما كان البناءُ الذي بناه سليمان عليه السلام فنحن أولى بسليمانَ وداود وإبراهيم وموسى وعيسى ويحيى و زكريا وسائرِ الأنبياء عليهم السلام من يهود ونحن ورثتهم بإيماننا بهم وبمحمد صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الذي قال: (لو كان أخي موسى حيًّا ما وسعه إلاَّ إتباعي)



أيها الحضور الكريم:
إننا إذا تركنا طريقة التفكير التي ارتضاها لنا ربنا ضعنا وأضعنا قضايانا، فإذا أخذنا بالحق التاريخي صارت أحقيةُ المسلمينَ في فلسطين محلَ نظر، وصارت فلسطين للفلسطينيين أو للعرب وصار لا حق لبلالِ الحبشي وصهيبِ الرومي وسلمانَ الفارسي و أبناءهم في فلسطين لأنهم ليسوا من أصل عربي أو كنعاني، وهذا مناقض لأحكام الإسلام القاضيةِ بأن العالم الإسلامي كله موطن لكل المسلمين أياً كان لونَهم وجنسَهم، فلا وطنية ولا قومية في الإسلام.

وأما إذا تمسكنا بإسلامنا كمصدرٍ للحقوق فإن حقنا يثبتُ كالجبالِ الراسيات ويصير تحرير فلسطين واجبًا على جميع الأمة حكامًا ومحكومين ولا يطول الأمرُ حتى تستعيدَ الأمةُ زمامَ المبادرةِ وتُجمّع طاقاتِها فتخوضَ حربَها العقائديةِ وتحررَ فلسطين تحريرًا حقيقيًا كاملاً تحقيقًا لبشرى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بانتصار المسلمين على اليهود ونزولِ الخلافة الراشدة أرضَ بيت المقدس وفتحِ روما معقلَ الصليبِ اليومَ. (وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِنْ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنْ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ)

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إبراهيم الشريف عضو المكتب الإعلامي لحزب التحرير في فلسطين



http://pal-tahrir.info/index.php?option=co...46&Itemid=7 (http://pal-tahrir.info/index.php?option=com_content&view=article&id=1579:2010-04-30-21-38-52&catid=24:2009-02-26-18-54-46&Itemid=7)

أبو عقاب الشامي
05-10-2010, 01:03 PM
http://www.youtube.com/watch?v=RkiRt...layer_embedded (http://www.youtube.com/watch?v=RkiRtpogPtU&feature=player_embedded)