تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إعلام الأنام بشروط وضوابط الدخول في طاعة الحكام



أبو يونس العباسي
05-08-2010, 12:01 PM
من المدونة
http://33er44ty55f.maktoobblog.com/200/
إعلام الأنام بشروط وضوابط الدخول في طاعة الحكام
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , واهتدى بهديه واستن بسنته , إلى يوم الدين .
[من هو ولي أمر المسلمين الذي تجب طاعته ؟]
من هو ولي الأمر الذي يجب على المسلمين التزام طاعته ، وماالجواب على من يستدل بحديث الرسول – صلى الله عليه وسلم -:
{اسمع وأطع وإن أخذ مالك وجلد ظهرك}
الجواب:
ولي أمر المسلمين الذي تجب طاعته هو الذي يتولى أمر دين المسلمين , لأنهذا هو أمر المسلمين ، فليس لهم أمر غير دينهم ، فبه صاروا أمة ، وبهتحققت شخصية أمتهم الحضارية ، وبه وُجــد كيانهم السياسي ، أما من يتولىأمرًا آخر ، كالذي يحكم بالنظام الدستوري العلماني أيا كان ، أو بالنظامالديمقراطي الليبرالي الغربي ، أو الفكر القومي الاشتراكي ، أو غير ذلكمما هو سوى النظام الإسلامي المحتكم إلى غير شريعة الله تعالى ، فهو ولي أمــرما تولاه ، ليس هو ولي أمر للمسلمين ، وهو يدخل في قوله تعالى:
{ وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)}[النساء]
فكيف يُولى إنسان ما أمر أمة الإسلام ، وقد تولى هو أمر غيرها ؟!!
[صفة الحكومة الواجب طاعتها]
وقدأجمع المسلمون على أنه يشترط في الإمام الذي يجب له السمع والطاعة :الإسلاموالعدالة
كما أجمعوا على وجوب طاعة الإمام العدل ـ وهو من تولى الأمر بالرضىوالشورى ـ فيما كان من طاعة الله ورسوله كما إذا أمر بالجهاد ، وإقامة الحدود ،والفصل بين الناس ….الخ.
والمقصود أن السمعوالطاعة ـ المجمع عليها بين الأئمة وسلف الأمة ـ إنما تكون للإمام المسلم العدل
كما أنه مجمع على أنه لا سمع ولا طاعة للكافر ، أو لمن طرأ عليه الكفر ، ولا خلاف بينالأمة في ذلك
وأما الإمام الجائر أو الفاسق فقد اختلف الأئمة وسلف الأمة في السمعوالطاعة له اختلافا كبيرا.
وهذا كله في الإمام الذي يصدق عليه أنه ولي أمر ليس فوقهمن هو أعلى منه سلطة وسيادة ، وهو من يطلق عليه في الفقه الإمام العام أو الإمامالأعظم وهو الخليفة
أما من يأتي به العدو الكافر الغازي وينصبه على المسلمين أو من يسير على قوانين الكافرين في إدارة شؤون المسلمين فإنهخارج عن محل الخلاف بلا خلاف
إذ الحاكم في واقع الأمر هو العدو الكافر الذي نصبهإماما ، وهو ولي أمره
فمن أوجب له السمع والطاعة فإنما يوجبها للعدو الغازي ، ويرىأنه يدخل في عموم الآية :
{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}[النساء]
ومن يرىمثل هذا الرأي الباطل ، إنما يرد على الله ورسوله حكمهما ، وينقض إجماع الأمة على أنالسمع والطاعة لا تكون إلا للإمام المسلم وليس لكل إمام
إذ الكافر أو المنافق الذييحارب الله ورسوله ويسعى في الأرض فسادا واجب على الأمة جهاده ، لا طاعته أو السمعله ، وقد قال الله:
{فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)}[النساء]
وإذا كان الله سبحانهلم يجعل للكافر على ابنته إذا أسلمت ولاية ولا سبيلا ، فلا يعقد نكاحها ، ولا يحل لهميراثها ، ولا يتصرف في مالها
فكيف يكون له ذلك على الأمة كلها يتصرف في دمائهاوأرضها وشئونها؟!!
[توجيه النصوص الشرعية الآمرة بطاعة ولاة الأمر]
ولهذا وردت النصوص الآمرة بطاعة ولاة الأمر بقيد إقامة الدين كما في حديث مسلم عن أم الحصين أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:
{إِنْ أُمِّرَ عَلَيْكُمْ عَبْدٌ مُجَدَّعٌ حَسِبْتُهَا قَالَتْ أَسْوَدُ يَقُودُكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا}
أخرج البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
{ لَا يَزَالُ هَذَا الْأَمْرُ فِي قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ اثْنَانِ.}
فذكر أن الحكمبكتاب الله ، أي تحكيم الشريعة ، وإقامة الدين كذلك ، شرط في صحة ولايتهمالتي توجب طاعتهم.
وقد وردت أحاديث تبين أنه إن وقع من ولي الأمر الشرعي ظلم في الرعيةلا يبلغ الكفر البواح , أي لم يبلغ مبلغ التنكر للشريعة ، ولا نبذ التحاكمإليها ، ولا ترك إقامة الدين ، وإنما هو ظلم في دنياهم ، أو كما ورد في بعضالأحاديث " أثرة " ، أنه لا يجوز منازعتــه الأمر ، لئلا يؤدي ذلك إلى ضربوحدة الأمة ، فالحفاظ على وحدتها أولى من إزالة ظلم السلطة ، كما في صحيحمسلم من حديث جنادة بن أبي أمية قال:
دخلنا على عبادة بن الصامت وهو مريض ،فقلنا حدثنا أصلحك الله بحديث ينفع الله به سمعته من رسول الله صلى اللهعليه وسلم فقال:
{دعَانَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ فَكَانَ فِيمَا أَخَذَ عَلَيْنَا أَنْ بَايَعَنَا عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي مَنْشَطِنَا وَمَكْرَهِنَا وَعُسْرِنَا وَيُسْرِنَا وَأَثَرَةٍ عَلَيْنَا وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ قَالَ إِلَّا أَنْ تَرَوْا كُفْرًا بَوَاحًا عِنْدَكُمْ مِنْ اللَّهِ فِيهِ بُرْهَانٌ.}
[معنى حديث حذيفة:تسمع وتطيع وإن جلد ظهرك وأخذ مالك]
وحديث حذيفة ذاك أخرجه مسلم في صحيحه عن حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ:
{كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ قَالَ نَعَمْ فَقُلْتُ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ قَوْمٌ يَسْتَنُّونَ بِغَيْرِ سُنَّتِي وَيَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ فَقُلْتُ هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا قَالَ نَعَمْ قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا تَرَى إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ فَقُلْتُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ قَالَ فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ عَلَى أَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ.}
وإنك إذا جمعت الروايات تبين معناه ، وأن معناه إنه سيكون في زمن فرقة بين المسلمين ، وظهورأناس لهم صفات معينة ذكرها الحديث ، فسأله حذيفة فإن كان زمنالفرقة هذا ، فما أصنع ، فقال تمسك بإمام المسلمين ، كما قال في رواية أخرى:
{تلزم جماعة المسلمين وإمامهم قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام قال:فاعتزل تلك الفرق كلها ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.}
وإمام المسلمين لا يجوز أن يكون محكما للقوانين أو مرتكبا لناقض من نواقض الدين حتى يُستدل بحديث حذيفة لصالح حكامنا المرتدين في هذا الزمان
والمقصود بالجماعة , ما فسرها به رسول الله :
{ما أنا عليه اليوم وأصحابي }
وليس المقصود جماعة الحاكم الذي تلبس بالكفر , وهذه الجماعة قد تكون واحدا , كما قال ابن مسعود:
{الجماعة هي الحق ولو كنت وحدك }
والسمع والطاعة واجب في المعروف ما لم يحصل كفر , وإن جلد الظهر وأخذ المال وظلم , ولكنه إذا كفر فلا نصبر عليه ففرق بين ما هو معصية وما هو كفر , والأحاديث دلت على الصبر على الإمام العاصي لا الكافر , وأما الكافر فدلتالأحاديث على وجوب الخروج عليه عند القدرة وتوفر المصلحة، فهذا التفصيل يفسر الحديث ويوضح معناه .
[الرد على تنابلة السلطان وأحباره وأنصاره]
أما الذين يقولون: على المسلمين أنيكونوا خاضعين مطيعين لكل من تغلب عليهم ، حتى لو كانوا شياطين في جثامينإنس ، فإنما يريدون هدم الإسلام بالكلية ، وقد غلطوا في فهم حديث واحد ،وتركوا قطعيات الدين المدلول عليها بنصوص كثيرة لا تحصى ، من أن الله تعالىأوجب على هذه الأمة أن تنصب الإمامة لتحكم بالشريعة , وتجاهد لإعلاء كلمةالله تعالى ، فكيف تؤمر بطاعة الشياطين !!
وهي إنما صارت خير أمة أخرجتللناس لأنها تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، وتجاهد في الله حق جهاده ،وإنما يقام هذا كله في إمامة شرعية ، تحقق بها الأمة شخصيتها الحضارية ،وتقود الأمم إلى سعادة البشرية
نقول هذا إن أحسنا الظن بهؤلاء الذينيدندنون هذه الأيام ، حول الرضا بسلطان الطاغوت ، ويفتون الناس بأن الرضابذلك هو دين الإسلام ، حتى نادوا بالخضوع لسلطان بريمر الصليبي في العراققاتلهم الله ، بل بمشروع أمريكا الصليبي على أمتنا هداهم الله …
أقول هذاإذا أحسنا الظن بهم ، وإلا فلا أخالهم إلا قد خرجوا من عباءة الاستخباراتالأمريكية نفسها ، لأنهم يؤدون نفس دور القاديانية أيام الاحتلال البريطاني!!
ومن أوضح الأحاديث التي تدل على أن سلطة الحاكم في الإسلام مقيدة بما أخرجه أحمد في مسنده عَنْ أَنَسٍ قَالَ كُنَّا فِي بَيْتِ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ فَجَاءَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى وَقَفَ فَأَخَذَ بِعِضَادَةِ الْبَابِ فَقَالَ:
{ الْأَئِمَّةُ مِنْ قُرَيْشٍ وَلَهُمْ عَلَيْكُمْ حَقٌّ وَلَكُمْ مِثْلُ ذَلِكَ مَا إِذَا اسْتُرْحِمُوا رَحِمُوا وَإِذَا حَكَمُوا عَدَلُوا وَإِذَا عَاهَدُوا وَفَّوْا فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ مِنْهُمْ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.}
[بين الطاعة المطلقة والطاعة المقيدة]
الواقع الآن ينطق بما لا يحتمل الشك فيه , أنه لا يوجد على وجه الكرة الأرضية دولة إسلامية تطبق الإسلام ، ولا يوجد حاكم يطبق الإسلام , ويجعل السيادة والسلطان للشرع ، فالله سبحانه وتعالى لم يفرد طاعة لأولي الأمر مستقلة عن طاعة الله ورسوله ، انظر وتفكر وتدبر ماذا قال الله سبحانه وتعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}[النساء]
إذن: فطاعة أولي الأمر ليست مطلقة كطاعة الله فإن الآية الكريمة الآنفة الذكر جاءت بأسلوب بديع معجز ، حيث وضعت هذه الطاعة في مكانها اللائق بها ، كما قاله الألوسي في روح المعاني:
(وأعاد الفعل وإن كانت طاعة الرسول مقترنة بطاعة الله اعتناء بشأنه عليه الصلاة والسلام ، وقطعاً لتوهم أنه لا يجب امتثال ما ليس في القرآن الكريم وإيذاناً بأنه له ــ صلى الله عليه وسلم ــ استقلالا بالطاعة لم يثبت لغيره، ومن ثم لم يعد في قوله سبحانه : {وأولي الأمر منكم} إيذاناً بأنهم لا استقلال لهم فيها كاستقلال الرسول، صلى الله عليه وسلم)
إذن: فطاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله، وليست مستقلة ، أما الطاعة في المعصية فقد اتفق أهل العلم على أن الطاعة في المعصية لا تجوز كما ذكر النووي في صحيح مسلم.
[عندما تتعارض أوامر وتوجيهات الجهة العليا مع الجهة السفلى]
والضرورة الشرعية والعقلية تقتضي ضرورة اندراج أوامر الجهة السفلى الفرعية والتي تتمثل في كل مخلوق أيا كان تحت أوامر الجهة العليا الأصلية وتتمثل في الخالق المعبود – جل جلاله –
فإن حصل تناقض بين توجيهات الخالق وتوجيهات المخلوق , نُفذ أمر الجهة العليا الأصلية حتما ً، وبطل أمر الجهة السفلى الفرعية، وإلا حصل التناقض، وهو محال.
فإذا جوّزنا أن يأمر الله بطاعة غيره ، حتى ولو أمر هذا الغير بمعصية الله، وقعنا في التناقض والتناقض في الريعة مستحيل الوقوع .
قال الله تعالى:
{ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82)}[النساء]
وقال تعالى:
{ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (166)}[النساء]
ثم جاءت السنة الصحيحة الصريحة مؤيدة لذلك، مذكرة به:
أخرج ابن ماجه في سننه عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
{سَيَلِي أُمُورَكُمْ بَعْدِي رِجَالٌ يُطْفِئُونَ السُّنَّةَ وَيَعْمَلُونَ بِالْبِدْعَةِ وَيُؤَخِّرُونَ الصَّلَاةَ عَنْ مَوَاقِيتِهَا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُهُمْ كَيْفَ أَفْعَلُ قَالَ تَسْأَلُنِي يَا ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ كَيْفَ تَفْعَلُ لَا طَاعَةَ لِمَنْ عَصَى اللَّهَ.}
[المفسدة العظمى في تقديم طاعة الورى على طاعة المولى]
فطاعة المخلوق في معصية الله جريمة كبرى ومنكر عظيم , لما في ذلك من المفسدة الموبقة في الدارين أو أحدهما , والمطيع هنا له حكم الآمر , فهما شريكان في الإثم ، الذي ربما يصل إلى حد الردة والكفر ، عياذاً بالله.
وهل فشا الضلال والفساد في الأرض إلا بمتابعة الضعفاء للكبراء والسادة؟
وسيذكر هؤلاء الأتباع في الآخرة فساد هذه المتابعة العمياء ، وأنهم ضالون مجرمون ،كما روى الله حوارهم اليائس الأخير:
{وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ (31)قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ (32) وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (33)}[سبأ]
وحكى عنهم الله أيضا وهم يتقلبون بعد ذلك في الجحيم:
{ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (66) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67) رَبَّنَا آَتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا (68)}[الأحزاب]
قال الشوكاني في فتح القدير:
(والمراد بالسادة والكبراء: الرؤساء والقادة الذين كانوا يمتثلون أمرهم في الدنيا ويقتدون بهم، وفي هذا زجر عن التقليد شديد).
[أنواع المعصية التي تمارسها وتأمر بها الحكومات]
والمقصود بالمعصية هنا: المعصية ثلاثة أنواع:
أ ــ الشرك أو الكفر
ب ــ كبائر الذنوب
جــ ــ صغائر الذنوب
وكلها داخلة في عموم المعصية المنهى عن الطاعة فيها في أحاديث النبي – صلى الله عليه وسلم -.
وما يخرجهم من الملة ويخلع من عنقنا وجوب طاعتهم هو النوع الأول من المعاصي ألا وهو الكفر والشرك بالله العلي العظيم.
[لا طاعة لمن ارتكب الكفر وحكم قوانين البشر]
فإذا أمر الحاكم بإلغاء حكم شرعي ثابت كالحدود ، أو أمر بالحكم بالقوانين المخالفة للشرع ، أو أباح الزنا واللواط ، فلا تجوز طاعته ، بل تجب معصيته ، والخروج المسلح عليه حالة القدرة ، لأن هذا كفر بواح.
وكذلك لو أمر بأخذ المكوس والضرائب المحرمة وأذن بأخذ الربا ، أو نهى العمال عن صيام شهر رمضان أو أداء صلاة الجمعة ، أو نهى عن رفع الأذان في المساجد , وكذلك لو أمر بتعليم اللغات الأجنبية مع إهمال اللغة العربية ، أو نهى عن عقد الدروس والمحاضرات في المساجد ، فلا تجوز طاعته بل تحرم تحريماً باتاً مطلقاً , ودليل هذا ما أخرجه البخاري ومسلم عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ:
«بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ وَأَنْ لَا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ وَأَنْ نَقُومَ أَوْ نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ».
والبواح هو:
الظاهر البادي الذي لا خفاء فيه وهو آت من قولهم: باح بالشيء يبوح به بوحاً وبواحاً إذا أظهره وأذاعه وجاهر به.
ووقع في رواية للطبراني:
«كفراً صراحاً»… وهو بنفس المعنى.
ووقع في روايات أخرى صحاح:
«إلا أن يكون معصية الله بواحاً»، «ما لم يأمروك بإثم بواحاً».
[عندما يظهر الكفر البواح في السلطة هذا هو موقفنا]
وإذا ظهر في السلطة الكفر البواح ، فهي سلطة كافرة ليس لها طاعة ، ويجبإزالتها مع القدرة ، فإن كان المسلمون عاجزين وجب عليهم إن يعدوا العدة
قال الله تعالى:
{ وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46)}[التوبة]
ومن إعداد العدة:
إرجاع المسلمين إلى دينهم بالدعوة الإسلامية ، وتأهيل القيادات الإسلاميةالتي تقود الأمة إلى إيجاد كيانها السياسي الذي يتحقق به ظهور دينها فيالأرض ، وتقيم به شريعة الإسلام ، وتحمله إلى العالم بالجهاد .
ومن إعدادالعدة:
توجيه الأمة إلى ميادين الجهاد ، حيث يصبغ الله تعالى جنوده بصبغةالحق مع القوة ويضرب بهم أعداء الأمة ، عندما يحشد الإسلام أجناده.
قال الله تعالى:
{ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآَخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)}[الأنفال]

أبو يونس العباسي
05-08-2010, 12:15 PM
[الموقف من القوانين التي تحقق مصلحة الجماعة]
وما كان من الأحكام والقوانين التي بها تتحقق مصلحة الجماعة جماعةالمسلمين فعلى جماعة المسلمين التقيد بها ، حتى لو كان الحاكم كافرا ، منأجل تحقق مصلحة الجماعة ، وعود نفعها عليهم ، لا من أجل طاعة الكافرالمتغلب ، فلا طاعة له ولا كرامة ولا نعمة عين ، بل له السيف إن قدر عليه ،وذلك كما ذكر من ذكر من العلماء أن المسلمين تحت سلطة الكفار يولون قاضيايقضي بينهم ويكون نائبا عن الجماعة ، وليس نائبا عن السلطان.
[العلاقة بين مبدأ السمع والطاعة ومفهوم الولاء والبراء]
فمن المعلوم بالأدلة القطعية أن السمع والطاعة إنما هما فرع من فروع أصل المولاة، وهي ـ أي المولاة ـ أصل من أصول الإسلام ، وركن من أركان الإيمان ، وقد نص القرآن على هذا الأصل العظيم في آيات كثيرة، ورتب عليه أحكام خطيرة، ومن ذلك :
1ـ أن الله جعل نفسه ولي المؤمنين ، وجعل الطاغوت ولي الكافرين
قال الله تعالى:
{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (257) }[البقرة]
والولي هو النصير والظهير , فكيف ندخل في طاعة من حكم الطاغوت المتمثل بالقوانين الوضعية , أليس في هذا موالاة للطاغوت؟!!!
2ـ وحصر الولاية وقيدها فقال سبحانه:
{ إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (55) وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آَمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ (56) }[المائدة ]
فكيف نزعم موالاتنا لله وحده , وفي نفس الوقت ندخل في موالاة من حكم الطاغوت وتحاكم إلى القانون وحكم به؟!!!
3ـ وحرم مولاة غير المؤمنين تحريما قاطعا فقال سبحانه:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ } [الممتحنة]
وقال أيضا:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (144)}[النساء]
وقال أيضا:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)}[الممتحنة]
وهنا نتساءل: أفلا يكون من دخل في طاعة الحكومات المبدلة للشرع قد وقع فى موالاة الكافرين والذي تحدثت عنه الآيات آنفة الذكر؟
4ـ وجعل حكم من تولاهم كحكمهم فقال في شأنهم :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) } [المائدة ]
فالحذر الحذر أيها الموحدون من الدخول في طاعة هذه الحكومات المبدلة للشرع , وإلا كنا منهم عياذا بالله تعالى.
6ـ وشرط لتحقق الإيمان عدم المولاة لهم فقال سبحانه:
{ وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (81) }[المائدة 81]
فدل على أن من اتخذهم أولياء لم يتحقق له الإيمان بالله والرسول والكتاب , وبينا آنفا أن السمع والطاعة للحكومات المبدلة من أنواع الولاء لهم.
7ـ وأوجب المولاة بين المؤمنين، كما جعل الظالمين والمشركين أولياء للظالمين والشياطين فقال جلا وعلا:
{ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71) }[التوبة]
وقال في شأن الظالمين:
{ إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19) }[الجاثية]
وقال أيضا:
{ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ (73) }[الأنفال]
وقال أيضا:
{ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (27) }[الأعراف]
وعليه فبدل الدخول في طاعة الحكومات المبدلة الدخول في طاعة الله والتوحد على أمره , وهذا موجه لعموم الموحدين , وللموحدين في غزة العزة على وجه الخصوص.
8 ـ وحرم على المؤمنين طاعتهم واتباعهم وجعل طاعتهم من الشرك به …
قال الله تعالى:
{ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ (121)}[الأنعام ]
وقال أيضا:
{ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (3)}[الأعراف] .
10ـ وأجب على المؤمنين البراءة منهم وعداوتهم حتى يؤمنوا بالله وحده فقال سبحانه:
{ قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآَءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (4)}[ الممتحنة]
وعليه نقول:
فوالله لن نظهر لهم طاعة , بل سنظهر لهم بغضاء وعداوة وبراءة , حتى يحكموا الشرع ويلتزموا بالإيمان الذي جاء به ولد عدنان -صلى الله عليه وسلم-
11_ وجعل الله سلطان الشياطين والكافرين على أوليائهم ولم يجعل لهم على المؤمنين سلطانا ولا سبيلا فقال سبحانه:
{ فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآَنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100)}[النحل]
وقال أيضا:
{ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (141)}[النساء ]
وهنا أتساءل مجددا: أليس من دخل في طاعة الحكومات المبدلة , قد جعل للكافرين سبيلا عليه , أليس الكافرون للشيطان مجندون , والداخل في تطبيق قوانينهم داخل في سلطانهم ومن ثم داخل في سلطان الشيطان , الذي ليس له على المؤمنين سبيل , وهذه سنة كونية , فإن كان للشيطان سبيل عليك , خاصة في مسائل الكفر والإيمان , فلست بمؤمن أيها الإنسان.
[كيف يسوغ القول بمشروعية السمع والطاعة للحكومات المبدلة؟]
فإذا كان أمر الولاية على النحو المذكور , فكيف يسوغ في دين الله القول بمشروعية السمع والطاعة للحكومات المبدلة للشرع والتي تقتضي النصرة , مع أن الولاية والنصرة محرمة بينهم وبين المسلمين، بل وتقتضي الردة عن الدين، والخروج عن سبيل المؤمنين؟!
وكيف يستقيم القول بوجوب السمع والطاعة لمن هو عدو لله ورسوله ممن أوجب الله على المؤمنين جهاده من الكفار والمنافقين كما قال تعالى:
{ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ }[التوبة 73]؟!!!
وكيف يسعى المؤمن في نصرة من يريدون أن يطفئوا نور الله ، ويعطلوا شريعته ، يبطلوا أحكامه ، في الوقت الذي أوجب الله عليه الجهاد في سبيله حتى يكون الدين كله لله؟!!!
وكيف يبرأ المؤمن من المشركين والكافرين ويعاديهم ويبغضهم ولو كانوا عشيرته وفي الوقت نفسه يجب عليه طاعتهم وتوليهم ونصرتهم ؟!
والمقصود أن أصل الولاية لله ولرسوله وللمؤمنين ، وأصل البراءة من المشركين والظالمين ، يتناقضان كلية مع القول بوجوب السمع والطاعة للمشركين وأولياء المشركين أو لمن يوليه العدو على المؤمنين ، إذ الولاية ـ التي تعني النصرة والتي هي خاصة لله ولرسوله وللمؤمنين ـ تتناقض مع الطاعة ـ التي تقتضي النصرة ـ .
[هل يجب طاعة حكومة فيها ظلم وفسق لا يخرجها من الملة؟]
فإن طرأ عليه فسق أو ظلم يخرجه من حد العدالة ،فقد اختلف السلف في وجوب طاعته على النحو التالي:
1ـ فمنهم من لا يرى إمامته أصلا ، ولا يرى له طاعة ،ويوجب الخروج عليه كالحسين بن علي ، وعبدالله بن الزبير ، وكل من خرج على الحجاج منعلماء العراق كسعيد بن جبير ، وحجتهم في ذلك قوله تعالى:
{ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (124) }[البقرة]
قال العلماء استنادا إلى هذه الآية: الظالم لا يكون إماماأبدا.
2ـ ومنهم من لا يرى إمامته ، ولا يرى طاعته ، ولا يوجب الخروج عليه ، ولايمنع منه ، كمالك بن أنس ، وأبي حنيفة ، وسفيان الثوري ، وحجته قوله تعالى:
{ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ (113)}[هود]
فحرموا الركون والميل إليهم ، وإن لم يوجبوا الخروجعليهم ، ولم يحرموه أيضا، وقد سئل مالك عن القتال مع الأئمة لمن خرج عليهم ، فقال إنكان الإمام كمثل عمر بن عبد العزيز فقاتل معه ، أما إن كان مثل هؤلاء الظلمة فلا ،دع الله ينتقم من الظالم بمثله.
3ـ ومنهم من يرى إمامته ، وطاعته في طاعة اللهورسوله فقط ، ويرى الصبر ، ويحرم الخروج عليه كأحمد ، كما هو مفصل في كتب الفقه ،وهؤلاء إنما راعوا المصالح الكلية التي قد تتعطل بالخروج عليه كوحدة الأمة ، وإقامةأمر الجهاد ، وحماية البيضة من العدو ، وإقامة مصالح الناس ….الخ.
[هل تجب طاعة من بالله كفر وند وعن الإسلام ارتد ؟]
أما إذا كفر الإمام ، وارتد عن الإسلام ، فقدأجمعوا على سقوط إمامته وطاعته ، بل ووجوب الخروج عليه وخلعه ، إذ المقصود من الإمامةأصلا إقامة الدين ، وسياسة الأمة , وإقامة الجهاد في سبيل الله ، وتحكيم شرعه….الخ.
وقد نقل هذا الإجماع كثير من العلماء كالقاضي عياض ـ كما في شرح النووي علىمسلم (12/229) ـ وعبارته:
( أجمع العلماء على أنه لو طرأ عليه كفر أو تغيير للشرع أوبدعة ـ أي مكفرة ـ خرج عن حكم الولاية ، وسقطت طاعته ، ووجب على المسلمين القيام عليهوخلعه ، ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك ، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة منهم وجب عليهمالقيام بخلع الكافر).
وكذا نقل الإجماع على ذلك الحافظ ابن حجر كما في الفتح (3/123).
فالقول بوجوب السمع والطاعة لمن تلبس بكفر بواح يصطدم بالنصوص القطعية ، والإجماع القطعي على وجوب الخروج على الإمام إذاطرأ عليه كفر، أو كان كافرا أصليا ، للحديث الصحيح والذي مر بنا آنفا:
(إلا أن تروا كفرا بواحا عندكممن الله فيه برهان)
أي فنابذوا الأمراء حينئذ بالسيف.
حكم من أطاع الحكومة المبدلة لدين الله
ولا تجب عليه طاعةسلطان كافر ، بل يجب على المسلم البراءة منه ومن طاعته ، ولو اعتقد طاعتهمن أجل سلطانه أثم ، وإن تدين بذلك فقد يكفر والله اعلم
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جمع وترتيب
أبو يونس العباسي
مدينة العزة غزة
13 رجب
1430هـ

سائر في رحاب الله
05-09-2010, 08:24 PM
مواضيع الشيخ مميزة جداً .....


جزى الله خير الجزاء الكاتب والناقل .... بارك الله بهما ....

أبو عقاب الشامي
05-10-2010, 07:49 AM
ولي أمر المسلمين الذي تجب طاعته هو الذي يتولى أمر دين المسلمين , لأنهذا هو أمر المسلمين ، فليس لهم أمر غير دينهم


لو قلت فقط هذه اخي الكريم لكفت

بارك الله بك