تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الرفق زينة الأقوال والأفعال



مقاوم
05-06-2010, 11:15 AM
الرفق زينة الأقوال والأفعال

د. بسام طراس

قال الدكتور محمد علي الهاشمي: "المسلم الحق لطيف متأن رفيق بالناس، حين يحسُنُ اللطف، ويُستحب الرفق، وتُحمد الأناة، ذلك أن اللطف والرفق والأناة خصال حميدة، يحبها الهه في عباده المؤمنين، لأنها تُكسب من تحلى بها دماثة الخلق، ورقة الجانب، وحسن العشرة وتجعله قريبا من نفوس الناس محببا إلى قلوبهم: "ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسنُ فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي ٌّ حميم، وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم" فصلت 34-35.

ولقد جاءت النصوص متضافرة متتابعة، تحبب في الرفق وتحض عليه، وتؤكد أنه خُلُق عالٍ ينبغي أن يسود مجتمع المسلمين، ويتصف به كل مسلم عاش في هذا المجتمع، ووعى أحكام دينه، واستنار بهديه اللألاء، وحسب المسلم أن يعلم أن الرفق من صفات الله تعالى العليا التي أحبها لعباده في الأمور كلها: ففي الحديث: "إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله". متفق عليه.

وإنه لخلق عظيم يثيب الله عليه من عطائه الجزل ما لا يثيبه على خلق آخر: "إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف وما لا يعطي على ما سواه" رواه الإمام مسلم.

ويشيد الهدي النبوي العالي بالرفق، فيجعله زينة كل شيء، ما حل في شيء إلا زانه وحببه إلى النفوس والأبصار، وما نزع من شيء إلا شانه ونفر منه القلوب والأوراح: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه" رواه مسلم.

وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم المسلمين الرفق في معاملة الناس، ويسددهم إلى التصرف اللبق الأمثل الذي يليق بالمسلم الداعية إلى دين الله الرحيم الرفيق بالعباد، مهما كان الموقف مثيراً للحفائظ، داعياً للغضب والاشمئزاز. كما في حديث أبي هريرة عن الأعرابي الذي بال في المسجد.

فبالرفق والتسير واللين والسماحة تُفتح مغاليق القلوب، ويدعى الناس إلى الحق، لا بالعنف والتعسير والشدة والمؤاخذة والزجر، ومن كان من هدي الرسول الكريم : "بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا" وعنه قال الله تعالى: "ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك" آل عمران 159. وهذا ما زود الله تعالى به نبيه موسى عليه السلام وأخاه هارون حين أرسلهما إلى فرعون: "اذهبا إلى فرعون إنه طغى، فقولا له قولا ليناً لعله يتذكر أو يخشى" طه 43.

وفي وصية النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة رضي الله عنها: "يا عائشة ارفقي فإن الله إذا أراد بأهل بيت خيراً دلَّهم على الرفق".

ويسمو الهدي النبوي الكريم بالإنسان، وهو يغرس فيه خلق الرفق، فيطالبه بالرفق حتى بالحيوان الذبيح، ويعد ذلك من الإحسان، أعلى المراتب التي يرقى إليها الأتقياء الصالحون: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وغذا ذبحتم فأحسنوا الذبح، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته" رواه مسلم.


شخصية المسلم ، الدكتور محمد علي الهاشمي، دار البشائر الإسلامية، ص 178.