تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : جناية المفاوضات على البلاد والعباد والمقدسات



أبو يونس العباسي
05-01-2010, 06:52 PM
http://33er44ty55f.maktoobblog.com/192/ (http://33er44ty55f.maktoobblog.com/192/جناية-المفاوضات-على-البلاد-والعباد-وا/)
جناية المفاوضات على البلاد والعباد والمقدسات
أبو يونس العباسي
الحمد لله الذي بين الدليل وأوضح المحجة , وأرسل رسله مبشرين ومنذرين لأن لا يكون للناس على الله حجة , فكم أولى من نعمة وكم رفع من بلية وضجة , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمد عبده ورسوله , كساه من حلل النبوة ما زاده جمالا وبهجة , اللهم صل عليه وعلى آله وصحبه وآل بيته ومن سار على دربه واقتفى أثره ما حمل السحاب ماء ومجه.
[مفهوم المفاوضات]
المفاوضات هي عبارة عن:
محادثات تجري بين طرفين أو أكثر بغية الوصول إلى الاتفاق على أمر ما , ليكون في حيز التفيذ فيما بعد.
[هل مارس النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ المفاوضات]
لقد فاوض الكفار النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بغية الوصول إلى حل وسط في قضية العبادة , فعرضوا عليه أن يعبدوا الله عاما ويعبد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن معه من المؤمنين آلهتهم عاما , فكان الرد من رب السموات والأرض:
{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)}[الكافرون]
وجاء الكفار إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يساومونه على دينه فعرضوا عليه أمتعة دنيوية مقابل أن يترك الدعوة إلى دينه , وأن يترك أيضا تسفيه المشركين وآلهتهم , فكان رد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ:
{والله لو وضعتم المس على يميني والقمر على شمالي على أن أترك هذا الدين ما تركته أو أهلك دونه}
وفي العام السادس تفاوض النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمشركين فيما يعرف بصلح الحديبية …
أخرج الإمام البخاريعَنْ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ وَمَرْوَانَ يُصَدِّقُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدِيثَ صَاحِبِهِ قَالَا:
قَالَ مَعْمَرٌ فَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ
قَالَ مَعْمَرٌ قَالَ الزُّهْرِيُّ فِي حَدِيثِهِ فَجَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو فَقَالَ:
هَاتِ اكْتُبْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ كِتَابًا فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَاتِبَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ سُهَيْلٌ أَمَّا الرَّحْمَنُ فَوَاللَّهِ مَا أَدْرِي مَا هُوَ وَلَكِنْ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ كَمَا كُنْتَ تَكْتُبُ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ وَاللَّهِ لَا نَكْتُبُهَا إِلَّا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اكْتُبْ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ
ثُمَّ قَالَ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللَّهِ لَوْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ مَا صَدَدْنَاكَ عَنْ الْبَيْتِ وَلَا قَاتَلْنَاكَ وَلَكِنْ اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللَّهِ إِنِّي لَرَسُولُ اللَّهِ وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي اكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ
قَالَ الزُّهْرِيُّ وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ لَا يَسْأَلُونِي خُطَّةً يُعَظِّمُونَ فِيهَا حُرُمَاتِ اللَّهِ إِلَّا أَعْطَيْتُهُمْ إِيَّاهَا
فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ تُخَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْبَيْتِ فَنَطُوفَ بِهِ فَقَالَ سُهَيْلٌ وَاللَّهِ لَا تَتَحَدَّثُ الْعَرَبُ أَنَّا أُخِذْنَا ضُغْطَةً وَلَكِنْ ذَلِكَ مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ فَكَتَبَ
فَقَالَ سُهَيْلٌ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَأْتِيكَ مِنَّا رَجُلٌ وَإِنْ كَانَ عَلَى دِينِكَ إِلَّا رَدَدْتَهُ إِلَيْنَا قَالَ الْمُسْلِمُونَ سُبْحَانَ اللَّهِ كَيْفَ يُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جَاءَ مُسْلِمًا فَبَيْنَمَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ دَخَلَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو يَرْسُفُ فِي قُيُودِهِ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ أَسْفَلِ مَكَّةَ حَتَّى رَمَى بِنَفْسِهِ بَيْنَ أَظْهُرِ الْمُسْلِمِينَ
فَقَالَ سُهَيْلٌ هَذَا يَا مُحَمَّدُ أَوَّلُ مَا أُقَاضِيكَ عَلَيْهِ أَنْ تَرُدَّهُ إِلَيَّ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا لَمْ نَقْضِ الْكِتَابَ بَعْدُ
قَالَ فَوَاللَّهِ إِذًا لَمْ أُصَالِحْكَ عَلَى شَيْءٍ أَبَدًا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَجِزْهُ لِي قَالَ مَا أَنَا بِمُجِيزِهِ لَكَ قَالَ بَلَى فَافْعَلْ قَالَ مَا أَنَا بِفَاعِلٍ قَالَ مِكْرَزٌ بَلْ قَدْ أَجَزْنَاهُ لَكَ
قَالَ أَبُو جَنْدَلٍ أَيْ مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ جِئْتُ مُسْلِمًا أَلَا تَرَوْنَ مَا قَدْ لَقِيتُ وَكَانَ قَدْ عُذِّبَ عَذَابًا شَدِيدًا فِي اللَّهِ
قَالَ فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ أَلَسْتَ نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا قَالَ بَلَى قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا
قَالَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ وَلَسْتُ أَعْصِيهِ وَهُوَ نَاصِرِي قُلْتُ أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ قَالَ بَلَى فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ الْعَامَ قَالَ قُلْتُ لَا قَالَ فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ قَالَ فَأَتَيْتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَيْسَ هَذَا نَبِيَّ اللَّهِ حَقًّا قَالَ بَلَى قُلْتُ أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ قَالَ بَلَى قُلْتُ فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا قَالَ أَيُّهَا الرَّجُلُ إِنَّهُ لَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَيْسَ يَعْصِي رَبَّهُ وَهُوَ نَاصِرُهُ فَاسْتَمْسِكْ بِغَرْزِهِ فَوَاللَّهِ إِنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قُلْتُ أَلَيْسَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي الْبَيْتَ وَنَطُوفُ بِهِ قَالَ بَلَى أَفَأَخْبَرَكَ أَنَّكَ تَأْتِيهِ الْعَامَ قُلْتُ لَا قَالَ فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ."
[الفرق بين مفاضاوت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومفاوضات غيره]
ويمكن اختصار الفروقات بين مفاضاوت النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومفاوضات غيره فيما يلي:
1ـ كانت مرجعية النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في المفاوضات القرآن والسنة , بينما مرجعية غيره أهواؤهم ومزاجاتهم , ومعلوم أن الأصل في كل مسلم أن تكون الشريعة هي مرجعيته التي يرجع لها في كل حال…
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا (59)}[النساء]
وقال أيضا:
{وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)}[النساء]
وقال أيضا:
{ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7)}[الحجرات]
أخرج البخاري في صحيحه من حديث عائشة أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال:{مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّوَشَرْطُ اللَّهِ أَوْثَقُ.}
ومما يدل على خطورة كون الهوى والمزاج مرجعا أن الله سمى من جعل الهوى مرجعيته ضالا …
قال الله تعالى:

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)}[الجاثية]

وقال أيضا:
{ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (50)}[القصص]
2ـ وكان الهدف من مفاوضات النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحفاظ على المصالح والمقاصد الكلية وهي ما تسمى بالضروريات الخمس وهي:الدين والنفس والعرض والنسل والعقل والمال , بينما المفاوضون في زماننا لا يقصدون من المفاوضات إلا الهروب من مشاق التكاليف وتحقيق مصالحهم الخصية والذاتية ولا غير.
[صاحب الحق في التحليل والتحريم]
من المقررات في العقيدة أن صاحب الحق الأوحد في التحليل والتحريم هو الله والله وحده , وصاحب الحق في الحكم على الأقوال والأفعال والأشخاص هو الله والله وحده.
قال الله تعالى:
{ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116) مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (117)}[النحل]
وقال أيضا:
{ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (40)}[يوسف]
وعليه:
فالضوء الأخضر من حكومات العرب لحكومة فتح لا تجعل المفاوضات المحرمة حلالا ولا تلزم المسلمين بنتائجها , ولا ولن تجعل شيئا من أرض فلسطين من حق اليهود , لأن أرض فلسطين أرض وقف إسلامي , والذي أوقفها هو عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ والأرض لله يورثها من يشاء من عباده …
قال الله تعالى:
{ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128)}[الأعراف]
ويوم عرض التحالف الصهيوصليبي على السلطان عبد الحميد أموالا باهظة مقابل التنازل عن فلسطين كان جوابه:
"إن أرض فلسطين ليست ملكي , وإنما لكل المسلمين , وإن عمل المبضع في جسدي خير لي من أن أتنازل عن ذرة تراب تراب من أرض فلسطين."
ولله در ذلكم المقدسي الذي راوده وساومه اليهود على بيته وعرضوا عليه شيك مفتوح يكتب فيه المبلغ الذي يريده فكان منه أن قال لليهود:
"سأعطيكم داري وبدون مقابل ولكن بشرط أن تأتوا لي بتوقيع كل مسلم حتى الجنين في بطن أمه على ورقة يتنازل فيها عن هذا البيت."
ولعل قائلا يقول:
هل من المعقول أن تكون حكومات العرب جميعها على خطأ فيما يتعلق بفرار الاستمرار بالمفاوضات وأنت على صواب؟!!!
والجواب:إن الأمور يحكم عليها بالصحة من عدمها بإرجاعها للكتاب والسنة لا بكثرة الموافقين من قلتهم.
قال الله تعالى:
{وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)}[الأنعام]
وقال أيضا:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (105)}[المائدة]
وقال أيضا:
{إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىبِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (10)}[الفتح]
ولا بد من أن نعلم هنا بأن الحكومات العربية ومؤسساتهم ما هم إلا مناديب للتحالف الصهيوصليبي.
[ماذا استفدنا من المفاوضات؟]
استمرت حكومة فتح في المفاوضات أكثر من 17 عاما ومع ذلك لم نحصد شيئا وهذا ما أنبأنا الله به في القرآن الكريم , ولكن بني جلدتي لا يعيرون القرآن أي أهمية أو انتباه.
قال الله تعالى:
{ أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (100) وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101)}[البقرة]
ويا ليت بني جلدتي يتعلموا من دروس التاريخ مع أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول كما في صحيح البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:{ لَا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ.}
إن المفاوضات التي تمارسها حكومة فتح يمكننا وصفها بالمفاوضات من أجل المفاوضات.
قلت في مثل هذه المفاوضات:
قالوا لي مفاوضات
قلت بل مهاترات
يخضون لبنا مغشوشا
لن يجلب للشعب الخيرات
مفاوضات مع من تعقد؟
مع أعداء المعاهدات
ما احترموا يوما وعدا
ما احترموا يوما عهدا
هذي تجربة التاريخ
وبهذا نطقت آيات
مفاوضات تعقد تترا
وقبلات تتلوها قبلات
مفاوضات من جانبنا
وصهيون يبني مغتصبات
مفاوضات من جانبنا
وصهيون يصادر حريات
وصهيون يجعلنا أموات
وصهيون يقتل ويدمر
ويخرب مزروعات
مفاوضات .. مفاوضات
وحظ الشعب من قادته
شعارات تتلوها شعارت
[كيف سنسترجع حقوقنا؟]
وهذا تساؤل له كبير العلاقة بموضوعنا الذي نتحدث فيه …
ففريق يقول: سنسترجع حقوقنا بالجهاد ومعه التزام بمنهج الله رب العباد …
وفريق آخر يقول: المفاوضات
وبعد 17 عاما من المفاوضات نتساءل:
ماذا فعلت المفاوضات للقدس وأهل القدس؟!!!
ماذا فعلت المفاوضات للاجئين؟!!!
هل حمت المفاوضات أهل الضفة ناهيك عن أهل غزة؟!!!
أين الدولة التي وعدت بها حكومة فتح في مفاوضاتها مع الصهاينة؟!!!
هل حمت المفاوضات القدس والأقصى والمقدسات؟!!!
ولا بد علينا أن نعلم أن المفاوضات لا تقدم ولا تؤخر , ولا تحل ولا تربط
نعم : إنه لا يفل الحديد إلا الحديد , وما انتزع بالقوة لا يسترد إلا بالقوة
ورحم الله القائل :
وألف قذيفة من كلام لا تساوي قذيفة من حديد
ولقد صدق أبو تمام لما قال :
السيف أصدق إنباء من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب
ورحم الله شيخ الإسلام إذ يقول :
قوام هذا الدين بكتاب يهدي وسيف ينصر
وفي غزة يقول الناس :
بالإسلام والبندقية تحل القضية
والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول :
" بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده , وجعل رزقي تحت ظل رمحي , وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري "
الجهاد هو السبيل:
لأن الله أنزل الكتاب وأنزل الحديد ليذود الحديد عن الكتاب , فحق بدون قوة هو حق ضائع
قال الله تعالى :
"لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"(الحديد
الجهاد هو السبيل :
لأن الله يذهب به الهم والغم والحصار والمضايقات , لا بعقود التهدئة الذليلة المذلة
أخرج أحمد في مسنده من حديث عبادة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم قال:
" عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم "
قال الله تعالى :
" وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ "الأنفال :[
والله غالب على أمره , ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
[استحقاقات المفاوضات]
وللكلام عن استحقاقات المفاوضات لا بد أن نتكلم في شقين:
الشق الأول: استحقاقات المفاوضات بالنسبة لليهود وهي تتمثل في حث اليهود للعالم على توفير الواتب الشهرية لحكومة فتح , وإدخال ما يحتاجه الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع من طعام وشراب وحاجيات حياتية.
الشق الثاني: استحقاقات المفاوضات بالنسبة لحكومة فتح وهي تتمثل في التالي:
1ـ حفاظ حكومة فتح على أمن اليهود.
2ـ التنسيق الأمني مع اليهود.
3ـ محاربة الفصائل المسلحة وخاصة الإسلامية منها.
ويعتبر الالتزام بهذه الاستحقاقات ممارسة للخيانة وبصورة علنية …
قال الله تعالى:
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)}[الأنفال]
أخرج البخاري في صحيحه من حديث ابن عمر أن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول:
{ إِنَّ الْغَادِرَ يُرْفَعُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُقَالُ هَذِهِ غَدْرَة فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ}ُ
[لماذا هذا الإصرار العجيب على المفاوضات؟}
والمتابع لقضية المفاوضات يرى إصرار عجيبا من حكومات العرب وحكومة فتح خاصة فيما يتعلق بخيار بالمفاوضات وذلك فيما أرى للأسباب التالية:
1ـ إيثار الحياة الدنيا على الآخرة ...
قال الله تعالى:
{ بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (16) وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17) إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى (18) صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى (19)}[الأعلى]
أخرج أبو داوود عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
{ إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمْ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ ذُلًّا لَا يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ.}
2ـ الهروب من التكاليف
3ـ استمراء للذل
فالسلام من شروط جوازه أن يطلبه العدو منا …
قال الله تعالى:
{ وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (61)}[الأنفال]
والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وآله وصحبه وسلم
أبو يونس العباسي
غزة المحاصرة
الخميس
15 جمادى الأولى
1431هـ

صرخة حق
05-01-2010, 10:01 PM
حياك الله أبا يونس وحرسكم أهل الجهاد

سائر في رحاب الله
05-01-2010, 11:24 PM
أسلوبك في الكتابة سهل ورائع جداً.....


أسأل الله تعالى أن يحفظك بحفظه .... وكل أهل غزة الشماء .....

مقاوم
05-02-2010, 07:11 AM
للمعلومية ... الأخ الفاضل صاحب معرف "أبو يونس العباسي" ينقل لنا خطب ومقالات الشيخ أبو يونس العباسي الغزاوي وليس هو الشيخ كما أخبرنا هو بنفسه.

صرخة حق
05-02-2010, 10:10 AM
بارك الله فيهما