تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كيف تدرك أجر خمسين صحابيا؟؟



بشرى
10-27-2003, 10:28 AM
بقلم: عبداللطيف هاجس

أجر خمسين صحابياً ممن أكرمهم مولاهم بصحبة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم! أيعقل هذا؟ وكأنك تقول لي في لهفة: أنا الذي أسرفت على نفسي بالذنوب، ودسست نفسي بالعيوب أدرك أجر صحابيّ واحد، فكيف بخمسين منهم؟ ومن هم؟

إنهم خير خلق الله بعد الأنبياء، وأفضل أصحابٍ لأفضل نبي درج على الأرض، فإن الله اصطفاهم من بين الخلق ليكونوا أنصار سيد الخلق صلى الله عليه وسلم، فهم أبر هذه الأمة قلوباً، وأصدق الناس لهجة، وأبذل الناس مهجة، وأقل العِبَاد تكلفاً، وأكثر العُبَّاد تنسُّكاً، وأرسخ الناس إيماناً، وأكرم الخلق عطاء، وأشجع الناس قتالاً، وأمضاهم عزيمة، وأعمقهم علماً، وأرسخهم فهماً، فقد جمع الله لهم من الكرامات ما سموا به فوق الخلائق دون الأنبياء، وحوى لهم الخير من أطرافه، وأسبغ عليهم وافر نعمه بالدين والإيمان ونصرة سيد ولد عدنان -صلى الله عليه وسلم-.

فهم منابر الهدى، ومصابيح الدجى، ومنائر الصلاح، ومفاتيح الخير والفلاح، ربَّاهم من ربَّاه ربُّه، فدرجوا في محضن النبوة، واقتبسوا من وحي الرسالة، ودرسوا على عين المعلم الأول: محمد صلى الله عليه وسلم. تنزل الوحي بين ظهرانيهم على قلب نبيهم، فحولوا رايته، وقاتلوا تحت لوائه، فأعز الله بهم الدين، ونشر بهم الخير، فرضي الله عنهم، وجمعنا بهم، وحشرنا في زمرتهم.

فهل يمكن لنا، ونحن في أعقاب الزمان أن ندرك أجرهم وفضلهم؟ أما الفضل، فذلك محال، فشرف الصحبة حازوه دون غيرهم، وأدركوه دون سواهم، وإنما ميدان الأجر والثواب يمكن أن يكون فيه السباق، وعليه تدور رحى المنافسة، وهذا عسير تحصيله، صعب وقوعه، لكنه غير مستحيل، بل هو مبذول لكل صادق في الاستمساك بدينه، والمستقيم على شرع ربه، والذي أخذ دينه بقوة في زمن الضعف، والتزم بالشرع في وقت منابذة الشرع، فغدا من النُّزاع من القبائل، فصلح يوم فسد الناس، واستقام يوم انعوج الخلق. فعن أبي ثعلبة الخشني -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ".. فإن وراءكم أيامَ الصبر، الصبرُ فيهن مثلُ القبض على الجمر، للعامل فيهن مثلُ أجر خمسين رجلاً يعملون مثلَ عمله". قيل: يا رسول الله! أجرُ خمسين رجلاً منا أو منهم؟! قال: "بل أجر خمسين منكم" (رواه أبو داود، والترمذي، وابن ماجه، انظر: صحيح الترغيب والترهيب ج2 ص 233 رقم 3172) فالصبر على طريق الخير، حتى تلقى الله وهو راض عنك غير ساخط عليك! قال تعالى: [يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون]